وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يقول تعالى ومن الدلالة لهم على قدرته تبارك وتعالى العظيمة خلق الليل والنهار هذا بظلامه وهذا بضيائه وجعلهما يتعاقبان يجيء هذا فيذهب هذا ويذهب هذا فيجيء هذا كما قال تعالى : { يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا } ولهذا قال D ههنا : { وآية لهم الليل نسلخ منه النهار } أي نصرمه منه فيذهب فيقبل الليل ولهذا قال تبارك وتعالى : { فإذا هم مظلمون } كما جاء في الحديث [ إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ] هذا هو الظاهر من الاية وزعم قتادة أنها كقوله تعالى : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } وقد ضعف ابن جرير قول قتادة ههنا وقال : إنما معنى الإيلاج الأخذ من هذا في هذا وليس هذا مرادا في هذه الاية وهذا الذي قاله ابن جرير حق .
وقوله جل جلاله : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } في معنى قوله : { لمستقر لها } قولان ( أحدهما ) أن المراد مستقرها المكاني وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب وهي أينما كانت فهي تحت العرش هي وجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة وإنما هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة وهو فوق العالم مما يلي رؤوس الناس فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب ما تكون إلى العرش فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما تكون إلى العرش فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع كما جاءت بذلك الأحاديث .
قال البخاري : حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر Bه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم : في المسجد عند غروب الشمس فقال صلى الله عليه وسلّم [ يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلّم : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } ] .
حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر Bه : قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن قوله تبارك وتعالى : { والشمس تجري لمستقر لها } قال صلى الله عليه وسلّم : مستقرها تحت العرش ] هكذا أورده ههنا وقد أخرجه في أماكن متعددة ورواه بقية الجماعة إلا ابن ماجه من طرق عن الأعمش به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المسجد حين غربت الشمس فقال صلى الله عليه وسلّم : يا أبا ذر أتدري أين تذهب الشمس ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلّم : فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها D فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فترجع إلى مطلعها وذلك مستقرها ـ ثم قرأ ـ { والشمس تجري لمستقر لها } ] وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر Bه قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأبي ذر حين غربت الشمس : أتدري أين تذهب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلّم : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ؟ وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } ] .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو Bهما قال في قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها } قال : إن الشمس تطلع فتردها ذنوب بني آدم حتى إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت يؤذن لها حتى إذا كان يوم غربت فسلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إن المسير بعيد وإني إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ماشاء الله أن تحبس ثم يقال لها اطلعي من حيث غربت قال : فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا وقيل : المراد بمستقرها هو انتهاء سيرها وهو غاية ارتفاعها في السماء في الصيف وهو أوجها ثم غاية انخفاضها في الشتاء وهو الحضيض .
( والقول الثاني ) أن المراد بمستقرها هو منتهى سيرها وهو يوم القيامة يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكور وينتهي هذا العالم إلى غايته وهذا هو مستقرها الزماني قال قتادة { لمستقر لها } أي لوقتها ولأجل لا تعدوه وقيل : المراد أنها لا تزال تنتقل في مطالعها الصيفية إلى مدة لا تزيد عليها ثم تنتقل في مطالع الشتاء إلى مدة لا تزيد عليها يروى هذا عن عبد الله بن عمرو Bهما وقرأ ابن مسعود وابن عباس Bهم { والشمس تجري لمستقر لها } أي لا قرار لها ولا سكون بل هي سائرة ليلا ونهارا لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى : { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين } أي لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة { ذلك تقدير العزيز } أي الذي لا يخالف ولا يمانع { العليم } بجميع الحركات والسكنات وقد قدر ذلك ووقته على منوال لا اختلاف فيه ولا تعاكس كما قال D : { فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم } وهكذا ختم آية حم السجدة بقوله تعالى : { ذلك تقدير العزيز العليم } .
ثم قال جل وعلا : { والقمر قدرناه منازل } أي جعلناه يسير سيرا آخر يستدل به على مضي الشهور كما أن الشمس يعرف بها الليل والنهار كما قال D : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } وقال تعالى : { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب } الاية وقال تبارك وتعالى : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا } فجعل الشمس لها ضوء يخصها والقمر له نور يخصه وفاوت بين سير هذه وهذا فالشمس تطلع كل يوم وتغرب في آخره على ضوء واحد ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفا وشتاء يطول بسبب ذلك النهار ويقصر الليل ثم يطول الليل ويقصر النهار وجعل سلطانها بالنهار فهي كوكب نهاري وأما القمر فقدره منازل يطلع في أول ليلة من الشهر ضئيلا قليل النور ثم يزداد نورا في الليلة الثانية ويرتفع منزلة ثم كلما ارتفع ازداد ضياء وإن كان مقتبسا من الشمس حتى يتكامل نوره في الليلة الرابعة عشرة ثم يشرع في النقص إلى آخر الشهر حتى يصير كالعرجون القديم قال ابن عباس Bهما : وهو أصل العذق وقال مجاهد : العرجون القديم أي العذق اليابس يعني ابن عباس Bهما أصل العنقود من الرطب إذا عتق ويبس وانحنى وكذا قال غيرهما ثم بعد هذا يبديه الله تعالى جديدا أول الشهر الاخر والعرب تسمي كل ثلاث ليال من الشهر باسم باعتبار القمر فيسمون الثلاث الأول غرر واللواتي بعدها نقل واللواتي بعدها تسع لأن أخراهن التاسعة واللواتي بعهدها عشر لأن أولاهن العشرة واللواتي بعدها البيض لأن ضوء القمر فيهن إلى آخرهن واللواتي بعدهن درع جمع درعاء لأن أولهن أسود لتأخر القمر في أولهن منه ومنه الشاة الدرعاء وهي التي رأسها أسود وبعدهن ثلاث ظلم ثم ثلاث حنادس وثلاث دآدى وثلاث محاق لانمحاق القمر أو الشهر فيهن وكان أبو عبيدة Bه ينكر التسع والعشر كذا قال في كتاب غريب المصنف .
وقوله تبارك وتعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } قال مجاهد : لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الحسن في قوله تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } قال : ذلك ليلة الهلال وروى ابن أبي حاتم ههنا عن عبد الله بن المبارك أنه قال : إن للريح جناحا وإن القمر يأوي إلى غلاف من الماء وقال الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح : لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا وقال عكرمة في قوله D : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر } يعني أن لكل منهما سلطانا ! فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل .
وقوله تعالى : { ولا الليل سابق النهار } يقول : لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار فسلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل وقال الضحاك : لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق وقال مجاهد { ولا الليل سابق النهار } يطلبان حثيثين يسلخ أحدهما من الاخر والمعنى في هذا أنه لا فترة بين الليل والنهار بل كان منهما يعقب الاخر بلا مهلة ولا تراخ لأنهما مسخران دائبين يتطالبان طلبا حثيثا .
وقوله تبارك وتعالى : { وكل في فلك يسبحون } يعني الليل والنهار والشمس والقمر كلهم يسبحون أي يدورون في فلك السماء قاله ابن عباس وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة وعطاء الخراساني وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في فلك بين السماء والأرض ورواه ابن أبي حاتم وهو غريب جدا بل منكر قال ابن عباس Bهما وغير واحد من السلف : في فلكة كفلكة المغزل وقال مجاهد : الفلك كحديدة الرحى أو كفلكة المغزل لا يدور المغزل إلا بها ولا تدور إلا به