وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يخبر تعالى عن ابن آدم أنه كلما طال عمره رد إلى الضعف بعد القوة والعجز بعد النشاط كما قال تبارك وتعالى : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } وقال D : { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا } والمراد من هذا ـ والله أعلم الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال لا دار دوام واسقرار ولهذا قال D : { أفلا يعقلون } أي يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم ثم صيرورتهم إلى سن الشيبة ثم إلى الشيخوخة ليعلموا أنهم خلقوا لدار أخرى لا زوال لها ولا انتقال منها ولا محيد عنها وهي الدار الاخرة .
وقوله تبارك وتعالى : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } يقول D مخبرا عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم أنه ما علمه الشعر { وما ينبغي له } أي ما هو في طبعه فلا يحسنه ولا يحبه ولا تقتضيه جبلته ولهذا ورد [ أنه صلى الله عليه وسلّم كان لا يحفظ بيتا على وزن منتظم بل إن أنشده زحفه أو لم يتمه ] وقال أبو زرعة الرازي : حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي أنه قال : ما ولد عبد المطلب ذكرا ولا أنثى إلا يقول الشعر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذكره ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد بالزرقاء .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن هو البصري قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يتمثل بهذا البيت : .
( كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا ... ) .
فقال أبو بكر Bه : يا رسول الله .
( كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا ... ) .
قال أبو بكر أو عمر Bهما : أشهد أنك رسول الله يقول تعالى : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } وهكذا روى البيهقي في الدلائل [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال للعباس بن مرداس السلمي Bه أنت القائل : .
( أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة ... ) .
فقال : إنما هو عيينة والأقرع فقال صلى الله عليه وسلّم : الكل سواء يعني في المعنى صلوات الله وسلامه عليه ] والله أعلم .
وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف لهذا التقديم والتأخير الذي وقع في كلامه صلى الله عليه وسلّم في هذا البيت مناسبة أغرب فيها حاصلها شرف الأقرع بن حابس على عيينة بن بدر الفزاري لأنه ارتد أيام الصديق Bه بخلاف ذاك والله أعلم وهكذا روى الأموي في مغازيه [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جعل يمشي بين القتلى يوم بدر وهو يقول نفلق هاما ] فيقول الصديق Bه متمما للبيت : .
( من رجال أعزة علينا ... وهم كانوا أعق وأظلما ) .
وهذا لبعض الشعراء العرب في قصيدة له وهي في الحماسة وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم : حدثنا مغيرة عن الشعبي عن عائشة Bها قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا استراث الخبر تمثل فيه ببيت طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود ] ـ وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة من طريق إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عنها ورواه الترمذي والنسائي أيضا من حديث المقدام بن شريح بن هانىء عن أبيه عن عائشة Bها كذلك ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أسامة عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس Bهما قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتمثل من الأشعار : * ويأتك بالأخبار من لم تزود * ] ثم قال ورواه غير زائدة عن سماك عن عطية عن عائشة Bها هذا في شعر طرفة بن العبد في معلقته المشهورة وهذا المذكور منها أوله : .
( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) .
( ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتا ولم تضرب له وقت موعد ) .
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة : قيل لعائشة Bها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت Bها : كان أبغض الحديث إليه غير أنه صلى الله عليه وسلّم كان يتمثل ببيت أخي بني قيس فيجعل أوله آخره وآخره أوله فقال أبو بكر Bه : ليس هذا هكذا يا رسول الله [ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي ] رواه ابن أبي حاتم وابن جرير وهذا لفظه وقال معمر عن قتادة : بلغني أن عائشة Bها سئلت : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتمثل بشيء من الشعر ؟ فقالت Bها : لا إلا بيت طرفة .
( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) .
[ فجعل A يقول : من لم تزود بالأخبار فقال أبو بكر : ليس هذا هكذا فقال A : إني لست بشاعر ولا ينبغي لي ] وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم وكيل المتقي ببغداد حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير حدثنا علي بن عمرو الأنصاري حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة Bها قالت : ما جمع رسول الله A بيت شعر قط إلا بيتا واحدا .
( تفاءل بما تهوى يكن فلقلما ... يقال لشيء كان إلا تحققا ) .
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث فقال : هو منكر ولم يعرف شيخ الحاكم و لا الضرير وثبت في الصحيح أنه A تمثل يوم حفر الخندق بأبيات عبد الله بن رواحة Bه ولكن تبعا لقول أصحابه Bهم فإنهم كانوا يرتجزون وهم يحفرون فيقولون : .
( لا هم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا ) .
( فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا ) .
( إن الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا ) .
ويرفع A صوته بقوله أبينا ويمدها وقد روى هذا بزحاف في الصحيحين أيضا وكذا ثبت [ أنه A قال يوم حنين وهو راكب البغلة يقدم بها في نحور العدو : .
( أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب ) ] .
لكن قالوا هذا وقع اتفاقا من غير قصد لوزن شعر بل جرى على اللسان من غير قصد إليه وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جندب بن عبد الله Bه قال : [ كنا مع رسول الله A في غار فنكبت أصبعه فقال A : .
( هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت ) ] .
وسيأتي عند قوله تعالى { إلا اللمم } إنشاد : .
( إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك ما ألما ) .
وكل هذا لا ينافي كونه A ما علم شعرا وما ينبغي له فإن الله تعالى إنما علمه القرآن العظيم الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } وليس هو بشعر كما زعمه طائفة من جهلة كفار قريش ولا كهانة ولا مفتعل ولا سحر يؤثر كما تنوعت فيه أقوال الضلال وآراء الجهال وقد كانت سجيته A تأبى صناعة الشعر طبعا وشرعا كما رواه أبو داود قال : حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا شرحبيل بن يزيد المعافري عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي قال : سمعت عبد الله بن عمرو Bهما يقول : [ سمعت رسول الله A يقول : ما أبالي ما أوتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي ] تفرد به أبو داود .
وقال الإمام أحمد C : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل قال : سألت عائشة Bها : هل كان رسول الله A بسائغ عنده الشعر ؟ فقالت : قد كان أبغض الحديث إليه وقال عن عائشة رضي عنها : كان رسول الله A يعجبه الجوامع من الدعاء ويدع ما بين ذلك : وقال أبو داود : حدثنا أبو الوليد الطيالسي : حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة Bه عن النبي A [ لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا ] انفرد به من هذا الوجه وإسناده على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا قزعة بن سويد الباهلي عن عاص بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني ( ح ) وحدثنا الأشيب فقال عن أبي عاصم عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس Bه قال : [ قال رسول الله A : من قرض بيت شعر بعد العشاء الاخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة ] وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة والمراد بذلك نظمه لا إنشاده والله أعلم على أن الشعر ما هو مشروع وهو هجاء المشركين الذي كان يتعاطاه شعراء الإسلام كحسان بن ثابت Bه وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وأمثالهم وأضرابهم Bهم أجمعين ومنه ما فيه حكم ومواعظ وآداب كما يوجد في شعر جماعة من الجاهلية ومنهم أمية بن أبي الصلت الذي قال فيه رسول الله A : [ آمن شعره وكفر قلبه ] وقد أنشد بعض الصحابة Bهم للنبي A مائة بيت يقول عقب كل بيت [ هيه ] يعني يستطعمه فيزيده من ذلك وقد روى أبو داود من حديث أبي بن كعب وبريده بن الحصيب وعبد الله بن عباس Bهم أن رسول الله A قال : [ إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكما ] ولهذا قال تعالى : { وما علمناه الشعر } يعني محمدا A ما علمه الله الشعر { وما ينبغي له } أي وما يصلح له { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } أي ما هذا الذي علمناه { إلا ذكر وقرآن مبين } أي بين واضح جلي لمن تأمله وتدبره ولهذا قال تعالى : { لينذر من كان حيا } أي لينذر هذا القرآن المبين كل حي على وجه الأرض كقوله : { لأنذركم به ومن بلغ } وقال جل وعلا : { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } وإنما ينتفع بنذارته من هو حي القلب مستنير البصيرة كما قال قتادة : حي القلب حي البصر وقال الضحاك يعني عاقلا { ويحق القول على الكافرين } أي هو رحمة للمؤمنين وحجة على الكافرين