وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل : { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قال غير واحد عن ابن عباس Bهما ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك : يضحكون أي أعجبوا بذلك وقال قتادة : يجزعون ويضحكون وقال إبراهيم النخعي : يعرضون وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال : وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أفحمه ثم تلا عليه { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } الايات .
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم فقال عبد الله الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته سلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح عيسى بن مريم فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسوله الله صلى الله عليه وسلّم فقال : [ كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته ] فأنزل الله D : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } أي عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله D فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ونزل فيما يذكر من أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } الايات ونزل فيما يذكر من أمر عيسى E وأنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضر من حجته وخصومته { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } أي يصدون أمرك بذلك من قوله ثم ذكر عيسى E فقال : { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون * وإنه لعلم للساعة } أي ما وضع على يديه من الايات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول : { فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم } .
وذكر ابن جرير من رواية العوفي عن ابن عباس Bهما قوله : { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قال : يعني قريشا لما قيل لهم : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } إلى آخر الايات فقالت له قريش : فما ابن مريم ؟ قال [ ذاك عبد الله ورسوله ] فقالوا : والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى بن مريم ربا فقال الله D : { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاري قال : قال ابن عباس Bهما : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ولا أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أو لم يفطنوا لها فيسألوا عنها ثم طفق يحدثنا فلما قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها فقلت : أنا لها إذا راح غدا فلما راح الغد قلت : يا ابن عباس ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط فلا تدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها فقلت : أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها .
قال Bه : نعم إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لقريش [ يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير ] وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام وما تقول في محمد صلى الله عليه وسلّم فقالوا : يا محمد ألست تزعم أن عيسى E كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا فإن كنت صادقا كان آلهتهم كما يقولون قال : فأنزل الله D : { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قلت : ما يصدون ؟ قال : يضحكون { وإنه لعلم للساعة } قال : هو خروج عيسى بن مريم E قبل يوم القيامة وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي حدثنا آدم حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي أحمد مولى الأنصار عن ابن عباس Bهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير ] فقالوا له : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا فقد كان يعبد من دون الله ؟ فأنزل الله D : { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } وقال مجاهد في قوله تعالى : { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قالت قريش إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى عليه السلام ونحو هذا قال قتادة وقوله : { وقالوا أآلهتنا خير أم هو } قال قتادة : يقولون آلهتنا خير منه وقال قتادة : قرأ ابن مسعود Bه وقالوا أآلهتنا خير أم هذا يعنون محمدا صلى الله عليه وسلّم .
وقوله تبارك وتعالى : { ما ضربوه لك إلا جدلا } أي مراء وهم يعلمون أنه بوارد على الاية لأنها لما لا يعقل وهي قوله تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } ثم هي خطاب لقريش وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلا منهم ليسوا يعتقدون صحتها وقد قال الإمام أحمد C تعالى : حدثنا ابن نمير حدثنا حجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أورثوا الجدل ] ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه الاية { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } وقد رواه الترمذي وابن ماجة وابن جرير من حديث حجاج بن دينار به ثم قال الترمذي : حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة Bه بزيادة فقال ابن أبي حاتم : حدثنا حميد بن عياش الرملي حدثنا مؤمل حدثنا حماد أخبرنا ابن مخزوم عن القاسم أبي عبد الرحمن الشامي عن أبي أمامة Bه قال حماد : لا أدري رفعه أم لا ؟ قال : ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضلالها التكذيب بالقدر وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ثم قرأ { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } .
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا أبو كريب حدثنا أحمد بن عبد الرحمن عن عبادة بن عباد عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة Bه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ثم قال صلى الله عليه وسلّم : [ لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل ] ثم تلا صلى الله عليه وسلّم { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } وقوله تعالى : { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه } يعني عيسى E ما هو إلا عبد من عباد الله D أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة { وجعلناه مثلا لبني إسرائيل } أي دلالة وحجة وبرهانا على قدرتنا على ما نشاء وقوله D : { ولو نشاء لجعلنا منكم } أي بدلكم { ملائكة في الأرض يخلفون } قال السدي : يخلفونكم فيها وقال ابن عباس Bهما وقتادة : يخلف بعضهم بعضا كما يخلف بعضكم بعضا وهذا القول يستلزم الأول قال مجاهد : يعمرون الأرض بدلكم .
وقوله سبحانه وتعالى : { وإنه لعلم للساعة } تقدم تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث به عيسى E من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الأسقام وفي هذا نظر وأبعد منه ما حكاه قتادة عن الحسن البصري وسعيد بن جبير أن الضمير في وأنه عائد على القرآن بل الصحيح أنه عائد على عيسى E فإن السياق في ذكره ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } أي قبل موت عيسى E { ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا } ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى { وإنه لعلم للساعة } أي أمارة ودليل على وقوع الساعة قال مجاهد { وإنه لعلم للساعة } أي آية للساعة خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله A أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا .
وقوله تعالى : { فلا تمترن بها } أي لا تشكوا فيها أنها واقعة وكائنة لا محالة { واتبعون } أي فيما أخبركم به { هذا صراط مستقيم * ولا يصدنكم الشيطان } أي عن اتباع الحق { إنه لكم عدو مبين * ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة } أي بالنبوة { ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه } قال ابن جرير يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية وهذا الذي قاله حسن جيد ثم رد قول من زعم أن بعض ههنا بمعنى كل واستشهد بقول لبيد الشاعر حيث قال : .
نزال أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النفوس حمامها .
وأولوه على أنه أراد جميع النفوس قال ابن جرير إنما أراد نفسه فقط وعبر بالبعض عنها وهذا الذي قاله محتمل وقوله D : { فاتقوا الله } أي فيما أمركم به { وأطيعون } فيما جئتكم به { إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم } أي أنا وأنتم عبيد له فقراء مشتركون في عبادته وحده لا شريك له { هذا صراط مستقيم } أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم وهو عبادة الرب جل وعلا وحده وقوله سبحانه وتعالى : { فاختلف الأحزاب من بينهم } أي اختلفت الفرق وصاروا شيعا فيه منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله وهو الحق ومنهم من يدعي أنه ولد الله ومنهم من يقول إنه الله تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ولهذا قال تعالى : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم }