وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما ذكر تعالى في الاية الأولى التوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه عطف بالوصية بالوالدين كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن كقوله D : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } وقوله جل جلاله : { أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير } إلى غير ذلك من الايات الكثيرة وقال D ههنا { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا } أي أمرناه بالإحسان إليهما والحنو عليهما وقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة أخبرني سماك بن حرب قال : سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد Bه قال : قالت أم سعد لسعد : أليس قد أمر الله بطاعة الوالدين فلا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى تكفر بالله تعالى فامتنعت من الطعام والشراب حتى جعلوا يفتحون فاها بالعصا ونزلت هذه الاية { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا } الاية ورواه مسلم وأهل السنن إلا ابن ماجه من حديث شعبة بإسناده نحوه وأطول منه { حملته أمه كرها } أي قاست بسببه في حمله مشقة وتعبا من وحام وغثيان وثقل وكرب إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة { ووضعته كرها } أي بمشقة أيضا من الطلق وشدته { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } .
وقد استدل علي Bه بهذه الاية مع التي في لقمان { وفصاله في عامين } وقوله تبارك وتعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهو استنباط قوي وصحيح ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة Bهم قال محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن عبيد الله بن قسيط عن معمر بن عبد الله الجهني قال : تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له لتمام ستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان Bه فذكر ذلك له فبعث إليها فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها فقالت : وما يبكيك ؟ فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله تعالى غيره قط فيقضي الله سبحانه وتعالى في ما شاء فلما أتى بها عثمان Bه أمر برجمها فبلغ ذلك عليا Bه : فأتاه فقال له ما تصنع قال : ولدت تماما لستة أشهر وهل يكون ذلك فقال له علي Bه : أما تقرأ القرآن : قال : بلى قال : أما سمعت الله D يقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } وقال { حولين كاملين } فلم نجده بقي إلا ستة أشهر قال : فقال عثمان Bه والله ما فطنت بهذا علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها قال : فقال معمر : فوالله ما الغراب بالغراب ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه فلما رآه أبوه قال : ابني والله لا أشك فيه قال : وابتلاه الله تعالى بهذه القرحة بوجهه الاكلة فما زالت تأكله حتى مات رواه ابن أبي حاتم وقد أوردناه من وجه آخر عند قوله D : { فأنا أول العابدين } .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس Bهما : قال : إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع أحد وعشرين شهرا وإذا وضعته لسبعة أشهر كفاه من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا وإذا وضعته لستة أشهر فحولين كاملين لأن الله تعالى يقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده } أي قوي وشب وارتجل { وبلغ أربعين سنة } أي تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه ويقال إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين قال أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قلت لمسروق : متى يؤخذ الرجل بذنوبه ؟ قال إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو عبد الله القواريري حدثنا عروة بن قيس الأزدي وكان قد بلغ مائة سنة حدثنا أبو الحسن السلولي عمر بن أوس قال : قال محمد بن عمرو بن عثمان عن عثمان Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنة خفف الله تعالى حسابه وإذا بلغ الستين سنة رزقه الله تعالى الإنابة إليه وإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء وإذا بلغ ثمانين سنة ثبت الله تعالى حسناته ومحا سيئاته وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفعه الله تعالى في أهل بيته وكتب في السماء أسير الله في أرضه ] وقد روي هذا من غير وجه وهو في مسند الإمام أحمد وقد قال الحجاج بن عبد الله الحكمي أحد أمراء بني أمية بدمشق تركت المعاصي والذنوب أربعين سنة حياء من الناس ثم تركتها حياء من الله D وما أحسن قول الشاعر : .
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل : ابعد ! .
{ قال رب أوزعني } أي ألهمني { أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه } أي في المستقبل { وأصلح لي في ذريتي } أي نسلي وعقبي { إني تبت إليك وإني من المسلمين } وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله D ويعزم عليها وقد روى أبو داود في سننه عن ابن مسعود Bه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد [ اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتممها علينا ] قال الله D : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة } أي هؤلاء المتصفون بما ذكرنا التائبون إلى الله تعالى المنيبون إليه المستدركون ما فات بالتوبة والاستغفار هم الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فيغفر لهم الكثير من الزلل ونتقبل منهم اليسير من العمل .
{ في أصحاب الجنة } أي هم في جملة أصحاب الجنة وهذا حكمهم عند الله كما وعد الله D من تاب إليه وأناب ولهذا قال تعالى : { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } قال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا المعتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس Bهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الروح الأمين E قال : [ يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها ببعض فإن بقيت حسنة وسع الله تعالى له في الجنة ] قال : فدخلت على يزداد فحدث بمثل هذا قال : قلت فإن ذهبت الحسنة ؟ قال { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني عن المعتمر بن سليمان بإسناده مثله وزاد عن الروح الأمين قال : قال الرب جل جلاله : يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فذكره وهو حديث غريب وإسناده جيد ولا بأس به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا سليمان بن معبد حدثنا عمرو بن عاصم الكلائي حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن ابي وحشية عن يوسف بن سعد عن محمد بن حاطب قال : ونزل في داري حيث ظهر علي Bه على أهل البصرة فقال له يوما : لقد شهدت أمير المؤمنين عليا Bه وعنده عمار وصعصعة والأشتر ومحمد بن أبي بكر Bهم فذكروا عثمان Bه فنالوا منه فكان علي Bه على السرير ومعه عود في يده فقال قائل منهم : إن عندكم من يفصل بينكم فسألوه فقال علي Bه : كان عثمان Bه من الذين قال الله تعالى : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } قال : والله عثمان وأصحاب عثمان Bهم قالها ثلاثا قال يوسف فقلت لمحمد بن حاطب : آلله لسمعت هذا عن علي Bه ؟ قال : آلله لسمعت هذا عن علي Bه