وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام فيقضي عمرته فيه وحالوا بينه وبين ذلك ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب Bه كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع أنزل الله D هذه السورة من أمره وأمرهم وجعل ذلك الصلح فتحا باعتبار ما فيه من المصلحة وما آل الأمر إليه كما روى ابن مسعود Bه وغيره أنه قال : إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية وقال الأعمش عن أبي سفيان عن جابر Bه قال : ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبة وقال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء Bه قال : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأتانا فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نوح حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب Bه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في سفر قال : فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي قال فقلت في نفسي : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب ألححت كررت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاث مرات فلم يرد عليك ؟ قال : فركبت راحلتي فحركت بعيري فتقدمت مخافة أن يكون نزل في شيء قال : فإذا أنا بمناد يا عمر قال : فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلّم [ نزل علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها { إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } ] ورواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق عن مالك C وقال علي بن المديني هذا إسناد مدني جيد لم نجده إلا عندهم وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك Bه قال : نزلت على النبي صلى الله عليه وسلّم { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } مرجعه من الحديبية قال النبي صلى الله عليه وسلّم : [ لقد أنزلت علي الليلة آية أحب إلي مما على الأرض ] ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلّم فقالوا : هنيئا مريئا يا نبي الله لقد بين الله D ما يفعل بك فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت عليه صلى الله عليه وسلّم { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما } أخرجاه في الصحيحين من رواية قتادة به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا مجمع بن يعقوب قال : سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن حارثة الأنصاري Bه وكان أحد القراء الذين قرأوا القرآن قال : شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس ؟ قالوا : أوحي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فخرجنا مع الناس نوجف فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على راحلته عند كراع الغميم فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهم { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } قال : فقال : رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي رسول الله أو فتح هو ؟ قال صلى الله عليه وسلّم : [ إي والذي نفس محمد بيده إنه لفتح ] فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله A ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس أعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما ورواه أبو داود في الجهاد عن محمد بن عيسى عن مجمع بن يعقوب به .
وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا أبو بحر حدثنا شعبة حدثنا جامع بن شداد عن عبدالرحمن بن أبي علقمة قال : سمعت عبد الله بن مسعود Bه يقول : لما أقبلنا من الحديبية عرسنا فنمنا فلم نستيقظ إلا والشمس قد طلعت فاستيقظنا ورسول الله A نائم قال : فقلنا أيقظوه فاستيقظ رسول الله A فقال : [ افعلوا ما كنتم تفعلون وكذلك يفعل من نام أو نسي ] قال : وفقدنا ناقة رسول الله A فطلبناها فوجدناها قد تعلق خطامها بشجرة فأتيته بها فركبها فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي قال : وكان إذا أتاه الوحي اشتد عليه فلما سري عنه أخبرنا أنه أنزل عليه { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } وقد رواه أحمد وأبو داود والنسائي من غير وجه عن جامع بن شداد به وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة قال : سمعت المغيرة بن شعبة يقول : كان النبي A يصلي حتى ترم قدماه فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال A [ أفلا أكون عبدا شكورا ؟ ] أخرجاه وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث زياد به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب حدثني أبو صخر عن ابن قسيط عن ابن عروة بن الزبير عن عائشة Bها قالت : كان رسول الله A إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه فقالت له عائشة Bها : يا رسول الله A أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم لك من ذنبك وما تأخر ؟ فقال A : [ يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا ] أخرجه مسلم في الصحيح من رواية عبد الله بن وهب به وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن عوف الخراز وكان ثقة بمكة حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر عن قتادة عن أنس قال قام رسول الله A حتى تورمت قدماه ـ أو قال ساقاه ـ فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : [ أفلا أكون عبدا شكورا ] غريب من هذا الوجه فقوله : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } أي بينا وظاهرا والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض وتكلم المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع والإيمان .
وقوله تعالى : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } هذا من خصائصه A التي لا يشاركه فيها غيره وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله A وهو A في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه لا من الأولين ولا من الاخرين وهو A أكمل البشر على الإطلاق وسيدهم في الدنيا والاخرة ولما كان أطوع خلق الله تعالى لله وأشدهم تعظيما لأوامره ونواهيه قال حين بركت به الناقة : [ حبسها حابس الفيل ] ثم قال A : [ والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئا يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها ] فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله تعالى له : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك } أي في الدنيا والاخرة { ويهديك صراطا مستقيما } أي بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم { وينصرك الله نصرا عزيزا } أي بسبب خضوعك لأمر الله D يرفعك الله وينصرك على أعدائك كما جاء في الحديث الصحيح [ وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله D إلا رفعه الله تعالى ] وعن عمر بن الخطاب Bه أنه قال : ما عاقبت أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى فيه