وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يقول تعالى موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها : { أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد } أي إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا كما قال تعالى : { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب } ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال : { كمثل غيث } وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس كما قال تعالى : { وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا } .
وقوله تعالى : { أعجب الكفار نباته } أي يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث وكما يعجب الزراع ذلك كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها { ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما } أي يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعد ما كان خضرا نضرا ثم يكون بعد ذلك كله حطاما أي يصير يبسا متحطما هكذا الحياة الدنيا تكون أولا شابة ثم تكتهل ثم تكون عجوزا شوهاء والإنسان يكون كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف بهي المنظر ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه ويفقد بعض قواه ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة يعجزه الشيء اليسير كما قال تعالى : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } ولما كان هذا المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة وأن الاخرة كائنة لا محالة حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير فقال : { وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } أي وليس في الاخرة الاتية القريبة إلا إما هذا وإما هذا : إما عذاب شديد وإما مغفرة من الله ورضوان .
وقوله تعالى : { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } أي هي متاع فان غار لمن ركن إليه فإنه يغتر بها وتعجبه حتى يعتقد أنه لا دار سواها ولا معاد وراءها وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى دار الاخرة قال ابن جرير : حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا المحاربي حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرءوا { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ] وهذا الحديث ثابت في الصحيح بدون هذه الزيادة والله أعلم وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ووكيع كلاهما عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ] انفرد بإخراجه البخاري في الرقاق من حديث الثوري عن الأعمش به ففي هذا الحديث دليل على اقتراب الخير والشر من الإنسان وإذا كان الأمر كذلك فلهذا حثه الله تعالى على المبادرة إلى الخيرات من فعل الطاعات وترك المحرمات التي تكفر عنه الذنوب والزلات وتحصل له الثواب والدرجات فقال تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض } والمراد جنس السماء والأرض كما قال تعالى في الاية الأخرى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } وقال ههنا : { أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } أي هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم كما قدمناه في الصحيح أن فقراء المهاجرين قالوا : يارسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور بالدرجات العلى والنعيم المقيم قال [ وما ذاك ؟ ] قالوا : يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق قال : [ أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ] قال : فرجعوا فقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال مافعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ]