وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد كني باتباع الغاوين إياهم عن كونهم غاوين وأفيد بتفظيع تمثيلهم بالإبل الهائمة تشويه حالتهم وأن ذلك من أجل الشعر كما يؤذن به إناطة الخبر بالمشتق فاقتضى ذلك أن الشعر منظور إليه في الدين بعين الغض منه واستثناء ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) الخ... من عموم الشعراء أي من حكم ذمهم . وبهذا الاستثناء تعين أن المذمومين هم شعراء المشركين الذين شغلهم الشعر عن سماع القرآن والدخول في الإسلام .
ومعنى ( وذكروا الله كثيرا ) أي كان إقبالهم على القرآن والعباد أكثر من إقبالهم الشعر . ( وانتصروا من بعد ما ظلموا ) وهم من أسلموا من الشعراء وقالوا : الشعر في هجاء المشركين والانتصار للنبي A مثل الذين أسلموا وهاجروا إلى الحبشة فقد قالوا شعرا كثيرا في ذم المشركين . وكذلك من أسلموا من الأنصار كعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت ومن أسلم من بعد من العرب مثل لبيد وكعب بن زهير وسحيم عبد بني الحسحاس وليس ذكر المؤمنين من الشعراء بمقتضي كون بعض السورة مدنيا كما تقدم في الكلام على ذلك أول السورة .
وقد دلت الآية على أن للشعر حالتين : حالة مذمومة وحالة مأذونة فتعين أن ذمه ليس لكونه شعرا ولكن لما حف به من معان وأحوال اقتضت المذمة فانفتح بالآية للشعر باب قبول ومدح فحق على أهل النظر ضبط الأحوال التي تأوي إلى جانب قبوله أو إلى جانب مدحه والتي تأوي إلى جانب رفضه . وقد أومأ إلى الحالة الممدوحة قوله ( وانتصروا من بعد ما ظلموا ) وإلى الحالة المأذونة قوله ( وعملوا الصالحات ) . وكيف وقد أثنى النبي A على بعض الشعر مما فيه محامد الخصال واستنصت أصحابه كعب بن زهير مما فيه دقة صفات الرواحل الفارهة على أن أذن لحسان في مهاجاة المشركين وقال له : كلامك أشد عليهم من وقع النبل . . وقال له ( قل ومعك روح القدس ) . وسيأتي شيء من هذا عند قوله تعالى ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) في سورة يس . وأجاز عليه كما أجاز كعب بن زهير فخلع عليه بردته فتلك حالة مقبولة لأنه جاء مؤمنا .
وقال أبو هريرة سمعت رسول الله A يقول على المنبر ( أصدق كلمة أو أشعر كلمة قالتها العرب كلمة لبيد : .
" ألا كل شيء ما خلا الله باطلا وكان يستنشد شعر أمية بن أبي الصلت لما فيه من الحكمة وقال : ( كاد أمية أن يسلم ) وأمر حسانا بهجاء المشركين وقال له : ( قل ومعك روح القدس ) . وقال لكعب بن مالك ( لكلامك أشد عليهم من وقع النبل ) .
A E روى أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن بسنده إلى خريم بن أوس بن حارثة أنه قال : هاجرت إلى رسول الله بالمدينة منصرفه من تبوك فسمعت العباس قال : يا رسول الله إني أريد أن امتدحك . فقال : قل لا يفضض الله فاك . فقال العباس : .
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق الأبيات السبعة . فقال النبي A " لا يفضض الله فاك " .
وروى الترمذي عن أنس أن النبي A دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله ابن رواحة يمشي بين يديه يقول : .
خلوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله .
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله فقال له عمر : يا ابن رواحة في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر ! فقال له النبي A : ( خل عنه يا عمر فإنه أسرع فيهم من نضح النبل ) .
وعن الزهري أن كعب بن مالك قال : يا رسول الله ما تقول في الشعر ؟ قال : ( إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل ) .
ولعلي بن أبي طالب كثير وكثير منه غير صحيح النسبة إليه .
وقد بين القرطبي في تفسيره في هذه السورة وفي سورة النور القول في التفرقة بين حالي الشعر وكذلك الشيخ عبد القاهر الجرجاني في أول كتاب دلائل الإعجاز .
ووجب أن يكون النظر في معاني الشعر وحال الشاعر ولم يزل العلماء يعنون بشعر العرب ومن بعدهم وفي ذلك الشعر تحبيب لفصاحة العربية وبلاغتها وهو آيل إلى غرض شرعي من إدراك بلاغة القرآن .
ومعنى ( من بعد ما ظلموا ) أي من بعد ما ظلمهم المشركون بالشتم والهجاء