وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( من ) اسم شرط وهي من صيغ العموم : أي كل من يوق شح نفسه والعموم يدل على أن ( من ) مراد بها جنس لا شخص معين ولا طائفة وهذا حب اقتضاه حرص أكثر الناس على حفظ المال وادخاره والإقلال من نفع الغير به وذلك الحرص يسمى الشح .
والمعنى : أن الإنفاق يقي صاحبه من الشح المنهي عنه فإذا يسر على المرء الإنفاق فيما أمر الله به فقد وقي شح نفسه وذلك من الفلاح .
ولما كان ذلك فلاحا عظيما جيء في جانبه بصيغة الحصر بطريقة تعريف المسند وهو قصر جنس المفلحين على جنس الذين وقوا شح أنفسهم وهو قصر ادعائي للمبالغة في تحقق وصف المفلحين الذين وقوا شح أنفسهم نزل الآن فلاح غيرهم بمنزلة العدم .
وإضافة ( شح ) إلى النفس للإشارة إلى أن الشح من طباع النفس فإن النفوس شحيحة بالأشياء المحببة إليها قال تعالى ( وأحضرت الأنفس الشح ) .
وفي الحديث لما سئل رسول الله A عن أفضل الصدقة قال : " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى . وأن لا تدع حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان " وتقدم نظير ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) في سورة الحشر .
( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم [ 17 ] عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم [ 18 ] ) استئناف بياني ناشئ عن قوله ( وأنفقوا خيرا لأنفسكم ) فإن مضاعفة الجزاء على الإنفاق مع المغفرة خير عظيم وبهذا الموقع يعلم السامع أن القرض أطلق على الإنفاق المأمور به إطلاقا بالاستعارة والمقصود الاعتناء بفضل الإنفاق المأمور به .
اهتماما مكررا فيعد أن جعل خيرا جعل سبب الفلاح وعرف بأنه قرض من العبد لربه وكفى بهذا ترغيبا وتلطفا في الطلب إذ جعل المنفق كأنه يعطي الله تعالى مالا وذلك من معنى الإحسان في معاملة العبد ربه وقد بينه النبي A في حديث جبريل إذ قال جبريل للنبي عليهما الصلاة والسلام : " أخبرني عن الإحسان فقال النبي A : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " فمما ينضوي تحت معنى عبادة الله عبادة من يراه أن يستشعر العبد أن امتثال أمر ربه بالإنفاق المأمور به منه كأنه معاملة بين مقرض ومستقرض .
وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) في سورة البقرة .
A E وقرأ الجمهور ( يضاعفه ) بألف بعد الضاد وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب ( يضعفه ) بتشديد العين مضارع ضعف وهما بمعنى واحد وهو لفظي الضعف .
والمضاعفة : إعطاء الضعف بكسر الضاد وهو مثل الشيء في الذات أو الصفة . وتصدق بمثل وبعده أمثال كما قال تعالى ( أضعافا كثيرة ) .
وجعل الإنفاق سبب للغفران كما قال النبي A " الصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار " .
والشكور : فعول بمعنى فاعل مبالغة أي كثير الشكر وأطلق الشكر فيه على الجزاء بالخير على فعل الصالحات تشبيها لفعل المتفضل بالجزاء بشكر المنعم عليه على نعمة ولا نعمة على الله فيما يفعله عباده من الصالحات . فإنما نفعها لأنفسهم ولكن الله تفضل بذلك حثا على صلاحهم فرتب لهم الثواب بالنعيم على تزكية أنفسهم وتلطف لهم فسمي ذلك الثواب شكرا وجعل نفسه شاكرا .
وقد أومأ إلى هذا المقصد إتباع صفة ( شكور ) بصفة ( حليم ) تنبيها على أن ذلك من حلمه بعبادة دون حق لهم عليه سبحانه .
وأما وصف ب ( عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم ) فتتميم للتذكير بعظمة الله تعالى مع مناسبتها للترغيب والترهيب الذين اشتملت عليهما الآيات السابقة كلها لأن العالم بالأفعال ظاهرها وخفيها لا يفيت شيئا من الجزاء عليها بما رتب لها ولأن العزيز لا يعجزه شيء .
و ( الحكيم ) : الموصوف بالحكمة لا يدع معاملة الناس بما يقتضيه الحكمة من وضع الأشياء مواضعها ونوط الأمور بما يناسب حقائقها .
والحكيم فعيل بمعنى : المحكم أي المتقن في صنعه ومعاملته وهما معا من صفاته تعالى فهو وصف جامع للمعنيين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة الطلاق