وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم اختلاف المضارب و رأس المال .
فصل : و أما حكم اختلاف المضارب و رب المال فإن اختلفا في العموم و الخصوص فالقول قول من يدعي العموم بأن ادعى أحدهما المضاربة في عموم التجارات أو في عموم الأمكنة أو مع عموم من الأشخاص و ادعى الآخر نوعا دون نوع و مكانا دون مكان و شخصا دون شخص لأن قول من يدعى العموم موافق للمقصود بالعقد إذ المقصود في العموم أوفر و كذلك لو اختلفا في الإطلاق و التقيد فالقول قول من يدعى الإطلاق حتى لو قال رب المال : اذنت لك أن تتجر في الحنطة دون ما سواها و قال المضارب : ما سميت لي تجارة بعينها فالقول قول المضارب مع يمينه لأن الإطلاق أقرب إلى المقصود بالعقد على ما بينا .
و قال الحسن بن زياد : إن القول قول رب المال في الفصلين جميعا و قيل : إنه قول زفر .
و وجهه : أن الإذن يستفاد من رب المال فكان القول في ذلك قوله فإن قامت لهما بينة فالبينة بينة مدعي العموم في دعوى العموم و الخصوص لأنها تثبت زيادة في دعوى التقييد و الأطلاق البينة بينة مدعي التقييد لأنها تثبت زيادة فيه و بينة الإطلاق ساكتة .
ولو اتفقا على الخصوص لكنها اختلفا في ذلك الخاص فقال رب المال : دفعت المال إليك مضاربة في البز .
و قال المضارب : في الطعام .
فالقول قول رب المال في قولهم جميعا لأن لا يمكن الترجيح هنا بالمقصود من العقد لا ستوائهما في ذلك فترجع بالأذن و إنه يستفاد من رب المال فإن أقاما البينة بينة المضارب لأن بينتة مثبتة و بينة رب المال نافية لأن لا يحتاج إلى الإثبات و المضارب يحتاج إلى الإثبات لدفع الضمان عن نفسه فالبينة المثبتة للزيادة أولى و قد قالوا في البينتين : إذا تعارضتا في صفة الإذن و قد وقتتا : إن الوقت الأخير أولى لأن الشرط الثاني ينقض الأول فكان الرجوع إليه أولى .
و إن اختلفا في رأس المال و الربح فقال رب المال : كان رأس مالي ألفين و شرطت لك ثلث الربح و قال المضارب : رأس المال ألف و شرطت لي نصف الربح فإن كان في يد المضارب ألف درهم يقر أنها مال المضاربة فالقول قول المضارب في أن رأس المال ألف .
و القول قول رب المال أنه شرط ثلث الربح و هذا قول أبي حنيفة الأخر و هو قول أبي يوسف و محمد و كان قوله الأول أن القول قول رب المال في الأمرين جميعا و هو قول زفر .
و جه قوله الأول : أن الربح يستفاد من أصل المال و قد اتفقا على أن جملة المال مضاربة و ادعى المضارب استحقاقا فيها و رب المال ينكر ذلك فكان القول قوله بخلاف ما إذا قال المضارب : بعض هذه الألفين خلطته بها أو بضاعة في يدي لأنها ما اتفقا على أن الجميع مال المضاربة و من كان في يده شيء فالقول قوله .
و جه قوله الآخر : أن القول في مقدار رأس المال قول المضارب لأنهما اختلفا في مقدار المقبوض فكان القول قول القابض ألا ترى أنه لو أنكر القبضأصلا و قال : لم أقبض منك شيئا كان القول قوله فكذا إذا أنكر البعض دون البعض و إنما كان القول قول رب المال في مقدار الربح لأن شرط الربح يستفاد من قبله فكان القول في مقدار المشروط قوله .
ألا ترى أنه لو أنكر الشرط رأسا فقال : لم أشرط ربحا و إنما دفعت بضاعة كان القول قوله فكذا إذا أقر بالقبض دون البعض و إذا كان القول قول المضارب في قدر رأس المال في قوله الأخير فالقول قول رب المال في مقدار الربح في قولهم يجعل رأس المال ألف درهم و يجعل للمضارب ثلث الألف الأخرى فلا يقبل قول رب المال في زيادة رأس المال و لا يقبل قول المضارب في زيادة شرط الربح و على قوله الأول يأخذ رب المال الألفين جميعا وإن كان في يده ثلاثة آلاف درهم و المسألة بحالها أخذ رب المال ألف درهم على قوله الأخير واقتسما ما بقي من المال أثلاثا و على قوله الأول يأخذ رب المال ألفي درهم و يأخذ ثلثي الألف الأخرى لما بينا .
و إن كان في يد المضارب قدر ما ذكر أنه قبض من رأس المال أو أقل و لم يكن في يده أكثر مما أقر فالقول قول المضارب عندهم جميعا لأنه لا سبيل إلى قبول قول رب المال في إيجاب الضمان على المضارب فإن جاء المضارب بثلاثة آلاف فقال : ألف رأس المال و ألف ربح و ألف و ديعة لآخر أو مضاربة لآخر أو بضاعة لآخر أو شركة لآخر أو على ألف دين فالقول في الوديعة و الشركة و البضاعة و الدين قول المضارب في الأقاويل كلها لأن من في يده شيء فالظاهر أنه له إلا أن يعترف به لغيره و لم يعترف لرب المال بهذه الألف فكان القول قوله فيها و كل من جعلنا القول قوله في هذا الباب فهو مع يمينه و من اقام منهما بينه على ما يدعي من فضل فالبينة بينة كل واحد منهما تثبت زيادة فبينة رب المال تثبت زيادة في رأس المال و بينه المضارب تثبت زيادة في الربح .
و قال محمد C : إذا قال رب المال : شرطت لك ثلث الربح و زيادة عشرة دراهم .
و قال المضارب : بل شرطت لي الثلث فالقول قول المضارب لأنهما اتفقا على شرط الثلث وادعى رب المال زيادة لا منفعة له فيها إلا فساد العقد فلا يقبل قوله و إن قامت لهما بينة فالبينة بينة رب المال لأنها تثبت زيادة شرط و لو قال رب المال : شرطت لك الثلث إلا عشرة .
و قال المضارب : بل شرطت لي الثلث فالقول قول رب المال لأنه أقر له ببعض الثلث و المضارب يدعى تمام الثلث فلا يقبل قوله في زيادة شرط الربح و في نوع إشكال و هو أن المضارب يدعى صحة العقد و رب المال يدعى فساده فينبغي أن يكون القول قول المضارب .
و الجواب : أن دعوى رب المال و إن تعلق به فساد العقد لكنه منكر لزيادة يدعيها المضارب فيعتبر إنكاره لأنه مفيد في الجملة .
و لو قال رب المال : شرطت لك نصف الربح و قال المضارب : شرطت لي مائة درهم أو لم تشترط لي شيئا و لي أجر المثل فالقول قول رب المال لأنه المضارب يدعي أجرا واجبا في ذمة رب المال و رب المال ينكر ذلك فيكون القول قوله فإن أقام رب المال السنة على شرط النصف و أقام المضارب البينة على أنه لم يشترط له شيئا فالبينة بينة رب المال لأنها مثبتة للشرط و بينة المضارب نافية و المثبتة أولى .
و لو أقام المضارب البينة أنه شرط له مائة درهم فبينته أولى لأن البينتين استويا في إثبات الشرط و بينة المضارب أوجبت حكما زائدا و هو إيجاب الأجر على رب المال فكانت أولى .
و ذكر الكرخي C : أنهم جعلوا حكم المزارعة في هذا الباب حكم المضاربة إلا في هذا الفصل خاصة و هو أنه إذا أقام رب الأرض و البذر البينة على أنه شرط للعامل نصف الخارج و قال العامل : شرطت لي مائة قفيز فالبينة بينة الدافع و في المضاربة البينة بينة المضارب و الفرق بينهما : أن المزارعة عقد لازم في جانب العامل بدليل أن من لا بذر له من جهته لو امتنع من العمل يجبر عليه فرجحنا بينة من يدعى الصحة و المضاربة ليست بلازمة فإن المضارب لو امتنع من العمل لا يجبر عليه فلم يقع الترجيح بالتصحيح فرجحنا بإيجاب الضمان و هو الأجر .
و لو قال رب المال : دفعت إليك بضاعة و قال المضارب : مضاربة بالنصف أو مائة درهم فالقول قول رب المال لأن المضارب يستفيد الربح بشرطه و هو منكر فكان القول قوله إنه لم يشترط و لأن المضارب يدعي استحقاقا في مال الغير فالقول قول صاحب المال .
و لو قال المضارب : أقرضتني المال و الربح لي .
و قال رب المال : دفعت إليك مضاربة أو بضاعة فالقول قول رب المال لأن المضارب يدعي عليه التمليك و هو منكر فإن أقاما البينة فالبينة بينة المضارب لأنها تثبت التمليك و لأنه لا تنافي بين البينتين لجواز أن يكون أعطاه بضاعة أو مضاربة ثم أقرضه و لو قال المضارب : دفعت إلي مضاربة و قال رب المال : أقرضتك فالقول قول المضارب لأنهما اتفقا على أن الأخذ كان بإذن رب المال و رب المال يدعي على المضارب الضمان و هو ينكر فكان القول قوله فإن قامت لهما بينة فالبينة بينة رب المال لأنها تثبت أصل الضمان .
و لو جحد المضارب المضاربة أصلا و رب المال يدعي دفع المال إليه مضاربة فالقول قول المضارب لأن رب المال يدعي عليه قبض ماله و هو ينكر فكان القول قوله .
و لو جحد ثم أقر فقد قال ابن سماعة في نوادره : سمعت أبا يوسف قال في رجل دفع إلى رجل مالا مضاربة ثم طلبه منه فقال : لم تدفع إلي شيئا ثم قال : بلى أستغفر الله العظيم قد دفعت إلي ألف درهم مضاربة : فهو ضامن للمال لأنه أمين و الأمين إذا جحد الأمانة ضمن كالمودع و هذا لأن عقد المضاربة ليس بعقد لازم بل هو عقد جائز محتمل للفسخ فكان جحوده فسخا له أو رفعا له و إذا ارتفع العقد صار المال مضمونا عليه كالوديعة فإن اشترى بها مع الجحود كان مشتريا لنفسه لأنه ضامن للمال فلا يبقى حكم المضاربة لأن من حكم المضارب أن يكون المال أمانة في يده فإذا صار ضمنيا لم يبق أمينا فإن أقر بعد الجحود لا يرتفع الضمان لأن العقد قد ارتفع بالجحود فلا يعود إلا بسبب جديد فإن اشترى بها بعد الإقرار .
فالقياس : أن يكون ما اشتراه لنفسه لأنه قد ضمن المال بجحوده فلا يبرأ منه بفعله و في الاستحسان يكون ما اشتراه على المضاربة و يبرأ من الضمان لأن الأمر بالشراء لم يرتفع بالجحود بل هو قائم مع الجحود لأن الضمان لا ينافي الأمر بالشراء بدليل أن من غضب من آخر شيئا فأمر المغصوب منه الغاصب ببيع المغصوب أو بالشراء به صح الأمر و إن كان المغصوب مضمونا على الغاصب وإذا بقي الأمر بعد الجحود فإذا اشترى بموجب الأمر وقع الشراء للآمر و لن يقع الشراء له إلا بعد انتقاء الضمان و صار كالغاصب إذا باع المغصوب بأمر المالك و سلم أنه يبرأ من الضمان كذا هذا .
و قوله : المال صار مضمونا عليه فلا يبرأ من الضمان بفعله قلنا : العين المضمونة يجوز أن يبرأ الضامن منها بفعله كالمغصوب منه إذا أمر الغاصب أن يجعل المغصوب في موضع كذا أو يسلمه إلى فلان أنه يبرأ بذلك من الضمان و كذلك رجل دفع إلى رجل ألف درهم فأمر أن يشتري بها عبدا فجحده الألف ثم أقر بها ثم اشترى جاز الشراء و يكون للآمر و برئ الجاحد من الضمان و لو اشترى بها عبدا ثم أقر لم يبرأ عن الضمان و كان الشراء له لما ذكرنا في المضارب .
و لو دفع إليه ألفا و أمره أن يشتري بها عبدا بعينه ثم جحد الألف ثم اشترى بها العبد ثم أقر بالألف فإن العبد للآمر لأن الوكيل بشراء العبد بعينه لا يملك أن يشتريه لنفسه فتعين أن يكون الشراء للآمر فصار كأنه أقر ثم اشترى بخلاف المضارب لأنه يملك أن يشتري لنفسه فلا يحمل على الشراء لرب المال إلا أن يقر بالمال قبل الشراء .
و قال أبو يوسف : في المأمور ببيع العبد إذا جحده إياه فادعاه لنفسه ثم أقر له به ! أن البيع جائز و هو بريء من ضمانه و كذلك لو دفع إليه عبدا فأمره أن يهبه لفلان فجحده و ادعاه لنفسه ثم أقر له به فباعه أن البيع جائز و هو بريء من ضمانه و كذلك أن أمره بعتقه فجحده و ادعاه لنفسه ثم أقر له به فأعتقه جاز عتقه لما ذكرنا أن الأمر بعد الجحود قائم فإذا جحد ثم أقر فقد تصرف بأمر رب المال فيبرأ من الضمان .
و لو باع العبد أو وهبه أو أعتقه ثم أقر بذلك بعد البيع قال ابن سماعة : ينبغي في قياس ما إذا دفع إليه ألفا و أمره أن يشتري بها عبدا بعينه أنه يجوز و يلزم الآمر لأنه لا يملك أن يبيع العبد لنفسه .
و قال هشام : سمعت محمدا قال في رجل دفع إلي رجل ألف درهم مضاربة فجاء بألف و خمسمائة فقال : هذه الألف رأس المال و هذه الخمسمائة ربح و سكت ثم قال : علي دين فيه لفلان كذا كذا قال محمد : القول قول المضارب .
و قال الحسن بن زياد : إذا أقر المضارب أنه عمل بالمال و إن في يده عشرة آلاف و علي فيها دين ألف أو ألفان فقال ذلك في كلام متصل كان القول قوله مع يمينه يدفع الدين منه سمى صاحبه أو لم يسمه و إن سكت سكتة ثم أقر بذلك و سمى صاحبه أو لم يسمه لم يصدق قال : و هذا قياس قول أبي حنيفة و هذا الذي ذكره الحسن يخالف ما قال محمد .
و وجهه : أنه إذا قال في يدي عشرة آلاف و سكت فقد أقر بالربح فإذا قال : علي دين ألف فقد رجع عما أقر به لأن الربح لا يكون إلا بعد قضاء الدين و الإقرار إذا صح لا يحتمل الرجوع عنه بخلاف ما إذا قال ذلك متصلا لأن الإقرار لم يستقر بعد و كان بمنزلة الاستثناء .
وجه قول محمد : أن أقر بالدين في حال يملك الإقرار به فينفذ إقراره كما إذا قال : هذا ربح و علي دين .
و قوله : أن قوله علي دين بعدما سكت يكون رجوعا عما أقر به من الربح ممنوع فإنه يجوز أنه ربح ثم لزمه الدين ألا ترى أن الرجل يقول قد ربحت و لزمني دين و هو يملك الإقرار بالدين فإذا أقر به صح .
و لو جاء المضارب بألفين فقال : ألف رأس المال و ألف ربح ثم قال : ما أربح إلا خمسمائة ثم هلك المال كله في يد المضارب فإن المضارب يضمن الخمسماية التي جحدها و لا ضمان عليه في باقي المال لأن الربح أمانة في يده فإذا جحده فقد صار غاصبا بالجحود فيضمن إذا هلك .
و لو قال المضارب لرب المال : قد دفعت إليك رأس مالك و الذي بقي في يدي ربح ثم رجع فقال : لم أدفعه إليك و لكن هلك فإنه يضمن ما ادعى دفعه إلى رب المال لأنه صار جاحدا بدعوى الدفع فيضمن بالجحود و كذلك لو اختلفا في الربح ثم رجع فقال : لم أدفعه إليك و لكنه هلك فإنه يضمن ما ادعى دفعه إلى رب المال لما بينا .
و لو اختلفا في الربح فقال رب المال : شرطت لك الثلث و قال المضارب : شرطت لي النصف ثم هلك المال في يد المضارب قال محمد : يضمن المضارب السدس من الربح يؤديه إلى رب المال من ماله خاصة و لا ضمان عليه فيما سوى ذلك لأنا قد بينا أن القول في شرط الربح قول رب المال و إذا كان كذلك فنصيب المضارب الثلث و قد ادعى النصف و من ادعى أمانة في يده ضمنها لذلك يضمن سدس الربح و الله D الموفق