وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما يبطل به عقد المضاربة .
فصل : و أما بيان ما يبطل به عقد المضاربة به فعقد المضاربة يبطل بالفسخ و بالنهي عن التصرف لكن عند وجود شرط الفسخ و النهي و هو علم صاحبه بالفسخ و النهي و أن يكون رأس المال عينا وقت الفسخ و النهي فإن كان متاعا لم يصح و له أن يبيعه بالدراهم و الدنانير حتى ينض كما ذكرنا فيما تقدم و إن كان عينا صح لكن له صرف الدراهم إلى الدنانير و الدنانير إلى الدراهم بالبيع لما ذكرنا أن ذلك لا يعد بيعا لتجانسهما في معنى الثمينة و تبطل بموت أحدهما لأن المضاربة تشتمل على الوكالة و الوكالة تبطل بموت الموكل و الوكيل و سواء علم المضارب بموت رب المال أو لم يعلم لأنه عزل حكمي فلا يقف على العلم كما في الوكالة إلا أن رأس المال إذا صار متاعا فللوكيل أن يبيع حتى يصير ناضا لما بيننا و تبطل بجنون أحدهما إذا كان مطبقا لأنه يبطل أهلية الأمر للآمر و أهلية التصرف للمأمور و كل ما تبطل به الوكالة تبطل به المضاربة و قد تقدم في كتاب الوكالة تفصيله .
و لو ارتد رب المال فباع المضارب و اشترى بالمال بعد الردة فذلك كله موقوف في قول أبي حنيفة عليه الرحمة إن رجع إلى الإسلام بعد ذلك نفذ كله و التحقت ردته بالعدم في جميع أحكام المضاربة و صار كأنه لم يرتد أصلا و كذلك إن لحق بدار الحرب ثم عاد مسلما قبل أن يحكم بلحاقه بدار الحرب على الرواية التي يشترط حكم الحاكم بلحاقه للحكم بموته و صيرورة أمواله ميراثا لورثته فإن مات أو قتل على الردة أو لحق بدار الحرب و قضى القاضي بلحاقه بطلت المضاربة من يوم ارتد على اصل أبي حنيفة عليه الرحمة أن ملك المرتد موقوف إن مات أو قتل او لحق فحكم باللحوق يزول ملكه من وقت الردة إلى ورثته و يصير كأنه مات في ذلك الوقت فيبطل تصرف المضارب بأمر لبطلان أهليه الأمر و يصير كأنه تصرف في ملك الورثة فإن كان رأس المال يومئذ قائما في يده لم يتصرف فيه ثم اشترى بعد ذلك فالمشتري و ربحه يكون له لأنه زال ملك رب المال عن المال فينعزل المضارب عن المضاربة فصار متصرفا في ملك الورثة بغير أمرهم .
و إن كان صار رأس المال متاعا فبيع المضارب فيه و شراؤه جائز حتى ينض راس المال لما ذكرنا في هذه الحالة لا ينعزل بالعزل و النهي و لا بموت رب المال فكذلك ردته فإن حصل في يد المضارب دنانير و رأس المال دراهم و رأس المال دنانير فالقياس : أن لا يجوز له التصرف لأنه الذي حصل في يده من جنس رأس المال معنى لا تحادهما في الثمنية فيصير كأنه عين المال قائم في يده إلا أنهم استحسنوا فقالوا : إن باعه بجنس رأس المال جاز لأن على المضارب أن يرد مثل رأس المال فكان له أن يبيع ما في يده كالعروض .
و أما على أصل أبي يوسف و محمد فالردة لا تقدح في ملك المرتد فيجوز تصرف المضارب بعد رده رب المال كما يجوز تصرف رب المال بنفسه عندهما فإن مات رب المال أو قتل كان موته كموت المسلم في بطلان عقد المضاربة و كذلك إن لحق بدار الحرب و حكم بلحاقه لأن ذلك بمنزلة الموت بدليل أن ماله يصير ميراثا لورثته فبطل أمره في المال فإن لم يرتد رب المال و لكن المضاربة ارتد فالمضاربة على حالها في قولهم جميعا لأن وقوف تصرف رب المال بنفسه لوقوف ملكه و لا ملك للمضارب فيما يتصرف فيه بل الملك لرب المال و لم توجد منه الردة فبقيت المضاربة إلا أنه لا عهدة على المضارب و إنما العهدة على رب المال في قياس قول أبي حنيفة C لأن العهدة تلزم بسبب المال فتكون على رب المال و صار كما لو وكل صبيا محجورا أو عبدا محجورا فأما على قولهما : فالعهدة عليه لأن تصرفه كتصرف المسلم .
و إن مات المضارب أو قتل على الردة بطلت المضاربة لأن موته في الردة قبل الردة و كذا إذا لحق بدار الحرب و قضى بلحوقه لأن ردته مع اللحاق و الحكم به بمنزلة في بطلان تصرفه .
فإن لحق المضارب بدار الحرب بعد ردته فباع و اشترى هناك ثم رجع مسلما فجميع ما اشترى و باع في دار الحرب يكون له و لا ضمان عليه في شيء من ذلك لأنه لما لحق بدار الحرب صار كالحربي إذا استولى على مال إنسان و لحق بدار الحرب أنه يملكه فكذا المرتد .
و أما ارتداد المرأة و عدم ارتدادها سواء في قولهم جميعا سواء كان المال لها أو كانت مضاربة لأن ردتها لا تؤثر في ملكها إلا أن تموت فتبطل المضاربة كما لو ماتت قبل الردة أو لحقت بدار الحرب و حكم بلحاقها لما ذكرنا أن ذلك بمنزلة الموت و تبطل بهلاك مال المضاربة في يد المضارب قبل أن يشتري به شيئا في قول أصحابنا لأنه تعين لعقد المضاربة بالقبض فيبطل العقد بهلاكه كالوديعة .
و كذلك لو استهلكه المضارب أو أنفقه أو دفعه إلى غيره فاستهلكه لما قلنا حتى لا يملك أن يشتري به شيئا للمضاربة فإن أخذ مثله من الذي استهلكه كان له أن يشتري به المضاربة كذا روى الحسن عن أبي حنيفة لأنه أخذ عوض رأس المال فكان أخذ عوضه بمنزلة أخذ ثمنه فيكون على المضاربة و روى ابن رستم عن محمد أنه لو اقرضها المضارب رجلا فإن رجع إليه الدراهم بعينها رجعت على المضاربة لأنه و إن تعدى يضمن لكن زال التعدي فيزول الضمان المتعلق به و إن أخذ مثلها لم يرجع في المضاربة لأن الضمان قد استقر بهلاك العين و حكم المضاربة مع الضمان لا يجتمعان و لهذا يخالف ما رواه الحسن بن زياد عن أبي حنيفة في الاستهلاك هذا إذا هلك مال المضاربة قبل أن يشتري المضارب شيئا فإن هلك بعد الشراء بأن كان مال المضاربة ألفا فاشترى بها جارية و لم ينقد الثمن البائع حتى هلكت الألف فقد قال أصحابنا : الجارية على المضاربة و يرجع على رب المال بالألف فيسلمها إلى البائع و كذلك إن هلكت الثانية التي قبض يرجع بمثلها على رب المال و كذلك سبيل الثالثة و الرابعة و ما بعد ذلك أبدا حتى يسلم إلى البائع و يكون ما دفعه أولا رب المال و ما غرم كله من رأس المال و إنما كان كذلك لأن المضارب متصرف لرب المال فيرجع بما لحقه من الضمان بتصرفه له كالوكيل .
غير أن الفرق بين الوكيل و المضارب أن الوكيل إذا هلك الثمن في يده فرجع بمثله إلى الموكل ثم هلك الثاني لم يرجع على الموكل و المضارب يرجع في كل مرة و وجه الفرق : أن الوكالة قد انتهت بشراء الوكيل لأن المقصود من الوكالة بالشراء استفادة ملك المبيع لا الربح فإذا اشترى فقد حصل المقصود فانتهى عقد الوكالة بانتهائه و وجب على الوكيل الثمن للبائع فإذا هلك في يده قبل أن ينقده البائع وجب للوكيل على الموكل مثل ما وجب للبائع عليه فإذا قبضه مرة فقد استوفى حقه فلا يجب له عليه شيء آخر .
فأما المضاربة فإنها لا تنتهي بالشراء لأن المقصود منها الربح و لا يحصل إلا بالبيع و الشراء مرة بعد أخرى فإذا بقي العقد فكان له أن يرجع ثانيا و ثالثا و ما غرم رب المال مع الأول يصير كله رأس المال لأنه غرم لرب المال بسبب المضاربة فيكون كله من مال المضاربة و لأن المقصود من هذا العقد هو الربح فلو لم يصر ما غرم رب المال من رأس المال و يهلك مجانا يتضرر به رب المال لأنه يخسر و يربح المضارب و هذا لا يجوز .
و لو قبض المضارب الألف الأولى فتصرف فيها حتى صارت ألفين ثم اشترى بها جارية قيمتها ألفان فهلكت الألفان قبل أن ينقدها البائع فإنه يرجع على رب المال بألف و خمسمائة و يغرم المضارب من ماله خمسماية و هي حصته من الربح فيكون ربع الجارية للمضارب خاصة و ثلاثة أرباعها على المضاربة و رأس المال في هذه الثلاثة الأرباع ألفان و خمسماية و إنما كان كذلك لأنه لما اشترى الجارية بألفين فقد اشتراها أرباعا ربعها للمضارب و ثلاثة أرباعها لرب المال لأنه اشتراها بعدما ظهر ملك المضارب في الربح لأنه اشتراها بألفين و رأس المال ألف فحصة رب المال من الربح خمسماية و حصة المضارب خمسماية فما اشتراه لرب المال رجع عليه و ما اشتراه لنفسه فضمانه عليه و إنما خرج ربع الجارية من المضاربة لأن القاضي لما ألزمه ضمان حصته من الربح فقد عينه و لا يتعين إلا بالقيمة فخرج الربح من المضاربة و بقي الباقي على ما كان عليه و قد لزم رب المال ألف و خمسماية بسبب المضاربة فصار ذلك زيادة في رأس المال فصار رأس المال ألفين و خمسماية فإن بيعت هذه الجارية بأربعة آلاف منها للمضارب ألف لأن ذلك حصته من الربح فكان ملكه و بقي ثلاثة آلاف على المضاربة لرب المال منها ألفان و خمسماية رأس ماله يبقى ربح خمسماية فيكون بينهما نصفين على الشرط .
و لو كانت الجارية تساوي ألفين و الشراء بألف و هي مال المضاربة فضاعت غرمها رب المال كلها لأن الشراء إذا وقع بألف فقد وقع بثمن كله رأس المال و إنما يظهر الربع في الثاني فيكون الضمان على رب المال بخلاف الفصل الأول فإن هناك الشراء وقع بألفين فظهر ربح المضارب و هلك ربع الجارية فيغرم حصة ذلك الربع من الثمن .
و روي عن محمد في المضارب : إذا اشترى جارية بألفي درهم ألف ربح و قيمتها ألف فضاعت الألفان قبل أن ينقدها البائع أنه على المضارب الربع و هو خمسماية و على رب المال ألف و خمسماية و هذا على ما بينا .
قال محمد : و لو اشترى جارية تساوي ألفين بأمة تساوي ألفا و قبض التي اشتراها و لم يدفع أمته حتى مائتا جميعا في يده فإنه يغرم قيمة التي اشترى و هي ألف يرجع بذلك على رب المال لأن المضمون عليه قيمة الجارية التي اشتراها و لا فضل في ذلك عن رأس المال و هذا إنما يجوز و هو أن يشتري المضارب جارية قيمتها ألف بألفين إذا كان رب المال قال له : اشتر بالقليل و الكثير و إلا فشراء المضارب على هذا الوجه لا يصح في قولهم جميعا .
و ذكر ابن سماعة عن محمد في موضع آخر في نوادره في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى المضارب و باع حتى صار المال ثلاثة آلاف فاشترى بثلاثة آلاف ثلاثة أعبد قيمة كل واحد ألف و لم ينقد المال حتى ضاع قال : يغرم ذلك كله على رب المال و يكون رأس المال أربعة آلاف لأن المضارب لم يتعين له ملك في واحد من العبيد لأن كل واحد منهم يجوز أن يكون رأس المال لهذا لا ينفذ عتقه فيهم فيرجع بجميع ثمنهم .
و قد علل محمد لهذا فقال : من قبل أن المضارب لم يكن يجوز عتقه في شيء من العبيد و هذا يخالف ما ذكره الكرخي فإنه قال : إن محمدا يعتبر المضمون على المضارب الذي يغرمه دون ما وجب عليه من الثمن .
و معنى هذا الكلام : أن المضارب إذا قبض و لم ينقد الثمن حتى هلك كان المعتبر ما يجب عليه ضمانه فإن كان ما يضمنه زائدا على رأس المال كان على المضارب حصة ذلك و إلا فلا و هذا بخلاف الأول لأنا إذا اعتبرنا الضمان فقد ضمن أكثر من رأس المال .
فإما أن يجعل عن محمد روايتان أو يكون الشرط فيما صار مضمونا على المضارب أن يتعين حقه فيه و هنا و إن ضمن فإنه لم يتعين حقه فيه و أما تعليله بعدم نفاذ العتق فلا يطرد لأنه لو اشترى بالألفين جارية تساوي ألفا يضمن و إن لم ينفذ عتقه فيه إلا أن يكون جعل نفوذ العتق في الجارية المشتراة بألفين و قيمتها ألفان عليه لوجوب الضمان عليه فما لا ينفذ عتقه فيه يكون عكس العلة فلا يلزمه طرده في جميع المواضع .
و قال محمد : إذا اشترى المضارب عبدا بألف درهم و هي مال المضاربة ففقد المال فقال رب المال : اشتريته على المضاربة ثم ضاع المال و قال المضارب : اشتريته بعدما ضاع و أنا أرى أن المال عندي فإذا قد ضاع قبل ذلك فالقول قول المضارب لأن الأصل في كل من يشتري شيئا أنه يعتبر مشتريا لنفسه و لأن الحال يشهد به أيضا و هو هلاك المال فكان الظاهر شاهدا للمضارب فكان القول قوله .
و ذكر محمد في المضاربة الكبيرة : إذا اختلفا و قال رب المال : ضاع قبل أن تشتري الجارية و إنما اشتريتها لنفسك و قال المضارب : ضاع المال بعد ما اشتريتها و أنا أريد أن آخذك بالثمن و لا أعلم متى ضاع فالقول قول رب المال مع يمينه و على المضارب البينة أنه اشترى و المال عنده إنما ضاع بعد الشراء لأن رب المال ينفي الضمان عن نفسه و المضارب يدعي عليه الضمان يدعي عليه الضمان ليرجع عليه بالثمن لأنه يدعي وقوع العقد له و رب المال ينكر ذلك فكان القول قوله و لأن الحال و هو الهلاك شهد لرب المال فإن أقاما البينة فالبينة بينة المضارب لأنها تثبت الضمان فكانت أولى .
و إذا انفسخت المضاربة و مال المضاربة ديون على الناس و امتنع عن التقاضي و القبض فإن كان في المال ربح أجبر على التقاضي و القبض و إن لم يكن فيه ربح لم يجبر عليهما و قيل له أحل رب المال بالمال على الغرماء لأنه إذا كان هناك ربح كان له فيه نصيب فيكون عمله عمل الأجير و الأجير مجبور على العمل فيما التزم و إن لم يكن هناك ربح لم تسلم له منفعة فكان عمله عمل الوكلاء فلا يجبر على إتمام العمل كما لا يجبر الوكيل على قبض الثمن غير أنه يؤمر المضارب أو الوكيل أن يحيل رب المال على الذي عليه الدين حتى يمكنه قبضه لأن حقوق العقد راجعة إلى العاقد فلا تثبت ولاية القبض للآمر إلا بالحوالة من العاقد فيلزمه أن يحيله بالمال حتى لا يتوي حقه .
و لو ضمن العاقد لرب المال هذا الدين الذي عليه لم يجز ضمانه لأن العاقد قد جعله أمينا فلا يملك أن يجعل نفسه ضمنيا فيما جعله العاقد أمينا .
و لو مات المضارب و لم يوجد مال المضاربة فيما خلف فإنه يعود دينا فيما خلف المضارب و كذا المودع و المستعير و المستبضع و كل من كان المال في يده أمانة إذا مات قبل البيان و لا تعرف الأمانة بعينها فإنه يكون عليه دينا في تركته لأنه صار بالتجهيل مستهلكا للوديعة و لا تصدق ورثته على الهلاك و التسليم إلى رب المال .
و لو عين الميت المال في حال حياته أو علم ذلك يكون ذلك أمانة في يد وصية أو في يد وارثه كما كان في يده و يصدقون على الهلاك و الدفع إلى صاحبه كما يصدق الميت في حال حياته و الله D أعلم