وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في بيان ما يصير به المقيم مسافرا .
فصل : وأما بيان ما يصير المسافر به مقيما فالمسافر يصير مقيما بوجود الإقامة و الإقامة تثبت بأربعة أشياء : .
أحدها : صريح نية الإقامة و هو أن ينوي الإقامة خمسة عشر يوما في مكان واحد صالح للإقامة فلا بد من أربعة أشياء : نية الإقامة و نية مدة الإقامة و اتحاد المكان و صلاحيته للإقامة أما نية الإقامة فأمر لا بد منه عندنا حتى لو دخل مصر أو مكث فيه شهرا أو أكثر لانتظار القافلة أو لحاجة أخرى يقول أخرج اليوم أو غدا ولم ينو الإقامة لا يصير مقيما و للشافعي فيه قولان : في قول إذا أقام أكثر مما أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بتبوك كان مقيما و إن لم ينو الإقامة و رسول الله صلى الله عليه و سلم أقام بتبوك تسعة عشر يوما أو عشرين يوما .
و في قول : إذا أقام أربعة أيام كان مقيما و لا يباح له القصر احتج لقوله الأول إن الإقامة متى وجدت حقيقة ينبغي أن تكمل الصلاة قلت : الإقامة أو كثرت لأنها ضد السفر و الشيء يبطل بما يضاد إلا [ أن النبي صلى الله عليه و سلم أقام بتبوك تسعة عشر يوما و قصر الصلاة ] فتركنا هذا القدر بالنص فنأخذ بالقياس فجما وراءه .
و وجه قوله الآخر على النحو الذي ذكرنا أن القياس يبطل السفر بقليل الإقامة .
لأن الإقامة قرار والسفر انتقال و الشيء ينعدم بما يضاده فينعدم حكمه ضرورة إلا أن قليل الإقامة لا يمكن اعتباره لأن المسافر لا يخلو عن ذلك عادة فسقط اعتبار القليل لمكان الضرورة ولا ضرورة في الكثير .
و الأربعة في حد الكثرة لأن أدنى درجات الكثير أن يكون جمعا و الثلاثة و إن كانت جمعا لكنها أقل الجمع فكانت في حد القلة من وجه فلم تثبت الكثرة المطلقة فإذا صارت أربعة صارت في حد الكثرة على الإطلاق لزوال معنى القلة من جميع الوجوه و لنا : إجماع الصحابة Bهم فإنه روي عن سعد بن أبي وقاص Bه أنه أقام بقرية من قرى نيسابور شهرين و كان يقصر الصلاة .
و عن ابن عمر Bهما أنه أقام بأذربيجان شهرا و كان يصلي ركعتين و عن علقمة أنه أقام بخوارزم سنتين و كان يقصر .
و روي عن عمران بن حصين Bه أنه قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عام فتح مكة فأقام بمكة .
ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا الركعتين ثم قال لأهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر و القياس بمقابلة النص و الإجماع باطل .
و أما مدة الإقامة فأقلها خمسة عشر يوما عندنا .
و قال مالك و الشافعي : أقلها أربعة أيام و حجتهما ما ذكرنا .
و روي أن صلى الله عليه و سلم رخص للمهاجرين المقام بمكة بعد قضاء النسك ثلاثة أيام فهذه إشارة إلى أن الزيادة على الثلاث توجب حكم الإقامة .
و لنا ما روي عن ابن عباس و ابن عمر Bهم أنهما قالا : إذا دخلت بلدة و أنت مسافر و في عزمك أن تقيم بها خمسة عثر يوما فأكمل الصلاة و إن كنت لا تدري متى تظعن فاقصر له .
و هذا باب لا يوصل إليه بالاجتهاد لأنه من جملة المقادير و لا يظن بهما التكلم جزافا فالظاهر إنهما قالاه سماعا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و روى عبد الله بن عباس و جابر و أنس Bهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أصحابه دخلوا مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة و مكثوا ذلك اليوم و اليوم الخامس و اليوم السادس و اليوم السابع فلما كان صبيحة اليوم الثامن و هو يوم التروية خرجوا إلى منى و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بأصحابه ركعتين و قد وطنوا أنفسهم على إقامة أربعة أيام دل أن التقدير بالأربعة غير صحيح .
و ما روي من الحديث فليس فيه ما يشير إلى تقدير أدنى مدة الإقامة بالأربعة لأنه يحتمل أنه علم أن حاجتهم ترتفع في تلك المدة فرخص بالمقام ثلاثا لهذا لا لتقدير الإقامة .
و أما اتحاد المكان فالشرط نية مدة الإقامة في مكان واحد لأن الإقامة قرار و الانتقال يضاده و لا بد من الانتقال في مكانين و إذا عرف هذا فنقول إذا نوى المسافر الإقامة خمسة عشر يوما في موضعين فإن كانا مصرا واحدا أو قرية واحدة صار مقيما لأنهما متحدان حكما .
ألا ترى أنه لو خرج إليه مسافرا لم يقصر فقد وجد الشرط و هو نية كمال مدة الإقامة في مكان واحد فصار مقيما و إن كانا مصرين نحو مكة و منى أو الكوفة و الحيرة أو قريتين أو أحدهما : مصر و الآخر : قرية لا يصير مقيما لأنهما مكانان متباينان حقيقة و حكما .
ألا ترى أنه لو خرج إليه المسافر يقصر فلم يوجد الشرط و هو نية الإقامة في موضع واحد خمسة عشر يوما فلغت نيته فإن نوى المسافر أن يقيم بالليالي في أحد الموضعين و يخرج بالنهار إلى الموضع الآخر فإن دخل أولا الموضع الذي نوى المقام فيه بالنهار لا يصير مقيما و إن دخل الموضع الذي نوى الإقامة فيه بالليالي يصير مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا لأن موضع إقامة الرجل حيث يبيت فيه .
ألا ترى إنه إذا قيل للسوقي : أين تسكن ؟ يقول : في محلة كذا و هو بالنهار يكون بالسوق .
و ذكر في كتاب المناسك : أن الحاج إذا دخل مكة في أيام العشر و نوى الإقامة خمسة عشر يوما أو دخل قبل أيام العشر لكن بقي إلى يوم التروية أقل من خمسة عشر يوما و نوى الإقامة لا يصح لأنه لا بد له من الخروج إلى عرفات فلا تتحقق نية إقامته خمسة عشر يوما فلا يصح .
و قيل : كان سبب تفقه عيسى بن أبان هذه المسألة و ذلك أنه كان مشغولا بطلب الحديث قال : فدخلت مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي و عزمت على الإقامة شهرا فجعلت أتم الصلاة فلقيني بعض أصحاب أبي حنيفة فقال : أخطأت فإنك تخرج إلى منى و عرفات فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج و عزمت على أن أصاحبه و جعلت أقصر الصلاة فقال لي صاحب أبي .
حنيفة : أخطأت فإنك مقيم بمكة فما لم تخرج منها لا تصير مسافرا فقلت أخطأت في مسألة في موضعين فدخلت مجلس محمد و اشتغلت بالفقه و إنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم مبلغ علم الفقه فيصير مبعثه للطلبة على طلبه