وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم الرهن .
فصل : و أما حكم الرهن فنقول و بالله التوفيق : الرهن نوعان صحيح و فاسد أما الأول : فله أحكام بعضها يتعلق بحال قيام المرهون و بعضها يتعلق بحال هلاكه أما الذي يتعلق بحال قيامه فعندنا ثلاثة الأول ملك حبس المرهون على سبيل الدوام إلى و قت الفكاك أو ملك العين في حق الحبس على سبيل الدوام إلى وقت الفكاك و كون المرتهن أحق بحبس المرهون على سبيل اللزوم إلى و قت الفكاك و العبارات متفقة المعاني في متعارف الفقهاء .
و الثاني : اختصاص المرتهن ببيع المرهون أو اختصاصه بثمنه و هذان الحكمان أصليان للرهن عندنا .
و الثالث : وجوب تسليم المرهون عند الافتكاك وقال الشافعي C : الحكم الأصلي للرهن واحد و هو كون المرتهن أحق ببيع المرهون و أخص بثمنه من بين سائر الغرماء فأما حق حبس المرهون فليس بحكم لازم حتى إن المرهون إن كان شيئا يمكن الانتفاع به بدون استهلاكه كان للراهن أن يسترده من يد المرتهن فينتفع به فإذا فرغ من الانتفاع رده إليه و إن كان شيئا لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه كالمكيل و الموزون فليس للراهن أن يسترده من يده احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا يغلق الرهن لا يغلق الرهن لا يغلق الرهن هو لصاحبه الذي رهنه له غنمه و عليه غرمه ] .
أخبر عليه الصلاة و السلام أن الرهن لا يغلق أي لا يحبس و عندكم يحبس فكان حجة عليكم و كذا أضاف عليه الصلاة و السلام الرهن إلى الراهن بلام التمليك و سماه صاحبا له على الإطلاق فيقتضي أن يكون هو المالك للرهن مطلقا رقبة و انتفاعا و حبسا و لأن الرهن شرع توثيقا للدين و ملك الحبس على سبيل الدوام يضاد معنى الوثيقة لأنه يكون في يده دائما و عسى يهلك فيسقط الدين فكان توهينا للدين لا توثيقا له و لأن فيما قلتم تعطيل العين المنتفع بها في نفسها من الانتفاع لأن المرتهن لا يجوز له الانتفاع بالرهن أصلا و الراهن لا يملك الانتفاع به عندكم فكان تعطيلا و التعطيل تسييب و أنه من أعمال الجاهلية و قد نفاه الله تبارك و تعالى بقوله : { ما جعل الله من بحيرة و لا سائبة } .
و لنا : قوله تعالى : { و إن كنتم على سفر و لم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } أخبر الله تعالى بكون الرهن مقبوضا و إخباره سبحانه و تعالى لا يحتمل الخلل فاقتضى أن يكون المرهون مقبوضا ما دام مرهونا و لو لم يثبت ملك الحبس على الدوام لم يكن محبوسا على الدوام فلم يكن مرهونا و لأن الرهن في اللغة عبارة عن الحبس قال الله D : { كل امرئ بما كسب رهين } أي حبيس فيقتضي أن يكون المرهون محبوسا ما دام مرهونا و لأن الله تعالى لما سمى العين التي ورد العقد عليها رهنا و أنه ينبىء عن الحبس لغة كان ما دل عليه اللفظ لغة حكما له شرعا لأن للأسماء الشرعية دلالات على أحكامها كلفظ الطلاق و العتاق و الحوالة و الكفالة و نحوها و لأن الرهن شرع وثيقة بالدين فيلزم أن يكون حكمه ما يقع به التوثيق للدين كالكفالة و إنما يحصل التوثيق إذا كان يملك حبسه على الدوام لأنه يمنعه عن الانتفاع فيحمله ذلك على قضاء الدين في أسرع الأوقات و كذا يقع الأمن عن تواء حقه بالجحود و الإنكار على ما عرف و لا حجة له في الحديث لأن معنى قوله عليه الصلاة و السلام : [ لا يغلق الرهن ] أي لا يملك بالدين و كذا قاله أهل اللغة : غلق الرهن أي ملك بالدين و هذا كان حكما جاهليا فرده رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و قوله عليه الصلاة و السلام : [ هو لصاحبه الذي رهنه ] تفسير لقوله لا يغلق الرهن .
و قوله عليه الصلاة و السلام : [ له غنمه ] أي زوائده و [ عليه غرمه ] أي نفقته و كنفه .
و قوله : أن ما شرع له الرهن لا يحصل بما قلتم لأنه يتوي حقه بهلكل الرهن قلنا : على أحد الطريقين لا يتوي بل يصبر مستوفيا و الاستيفاء ليس بهلاك الدين .
و أما على الطريق الآخر فالهلاك ليس بغالب بل قد يكون و قد لا يكون و إذا هلك فالهلاك ليس يضاف إلى حكم الرهن لأن حكمه ملك الحبس لا نفس الحبس و قوله : فيه نسييب ممنوع فإن بعقد الرهن مع التسليم يصير الراهن موفيا دينا في حق الحبس و المرتهن يصير مستوفيا في حق الحبس و الإيفاء و الاستيفاء من منافع الرهن و إذا عرف حكم الرهن في حال قيامه فيخرج عليه المسائل المتعلقة به .
أما على الحكم الول و هو ملك الحبس فالمسائل المتعلقة بهذا الحكم بعضها يتعلق بنفس الحكم و بعضها يتعلق بكيفيته أما الذي يتعلق بنفس الحكم فنقول و بالله التوفيق : .
ليس للراهن أن ينتفع بالمرهون استخداما و ركوبا و لبسا و سكنى و غير ذلك لأن حق الحبس ثابت للمرتهن على سبيل الدوام و هذا يمنع الاسترداد و الانتفاع و ليس له أن يبيعه من غير المرتهن بغير إذنه لما فيه من إبطال حقه من غير رضاه و لو باعه توقف نفاذ البيع على إجازة المرتهن إن المرتهن إن أجاز جاز لأن عدم النفاذ لمكان حقه فإذا رضي ببطلان حقه زال المانع فنفذ و كان الثمن رهنا سواء شرط المرتهن عند الإجازة كونه رهنا أو في جواب ظاهر الرواية .
و روى عن أبي يوسف : أنه لا يكون رهنا إلا بالشرط لأن الثمن ليس بمرهون حقيقة بل المرهون هو المبيع و قد زال حقه عنه بالبيع إلا أنه إذا شرط عند الإجازة أن يكون مرهونا فلم يرض بزوال حقه عنه إلا ببدل و إذا لم يوجد الشرط زال حقه أصلا .
وجه ظاهر الرواية : أن الثمن بدل المرهون فيقوم مقامه و به تبين أنه مازال حقه بالبيع لأنه زال إلى خلف و الزائل إلى خلف قائم معنى فيقام الخلف مقام الأصل و سواء قبض الثمن من المشتري أو لم يقبضه لأنه يقوم مقام ما كان مقبوضا و إن رده بطل لما قلنا ليس له أن يهبه من غيره أو يتصدق به على غيره بغير إذنه لما ذكرنا و لو فعل توقف على إجازة المرتهن إن رده بطل وله أن يعيد رهنا و أن أجازه جازت الإجازة لما قلنا و بطل عقد الرهن لأنه زال عن ملكه لا إلى حلف بخلاف البيع و ليس له أن يؤاخره من أجنبي بغير إذن المرتهن لأن قيام ملك الحبس له يمنع الإجازة و لأن الأجازة بعقد الانتفاع و هو لا يملك الانتفاع به بنفسه فكيف يملكه غيره و لو فعل وقف على إجازته فإن رده بطل و إن أجاز جازت الإجازة لما قلنا و بطل عقد الرهن لأن الإجازة إذا جازت و إنها عقد لازم لا يبقى الرهن ضرورة و الأجرة للراهن لأنها بدل منفعة مملوكة له و ولاية قبض الأخرة له أيضا لأنه هو العاقد و لا تكون الجرة رهنا لأن الأجرة بدل المنفعة و المنفعة ليست بمرهونة فلا يكون بدلها مرهونا .
فأما الثمن في باب البيع فبدل المبيع و أنه مرهون فجاز أن يكون بدله مرهونا و كذلك لو آجره من المرتهن صحت الإجارة و بطل الرهن إذا جدد المرتهن القبض للإجارة أما صحة الإجارة و بطلان الرهن فلما ذكرنا و أما الحاجة إلى تجديد القبض فلأن قبض الرهن دون قبض الإجارة فلا ينوب عنه .
و لو هلك في يده قبل انقضاء مدة الإجار أو بعد انقضائها يهلك أمانة إن لم يوجد منع من الراهن و إن منعه الراهن ثم هلك بعد انقضاء مدة الإجازة ضمن كل قيمته لأنه صار غاضبا بالمنع و ليس له أن يعيره من أجنبي بغير إذن المرتهن لما ذكرنا فلو أعار و سلم فللمرتهن أن يبطل الإعارة و يعيده رهنا و إن أجاز جاز و لا يبطل الرهن و لكن يبطل ضمانه و كذا إذا أعاره بإذن المرتهن بخلاف ما إذا آجره فأجاز المرتهن أو آجره بإذنه أنه يبطل الرهن لأن الإجارة عقد لازم ألا ترى أن أحد العاقدين لا ينفرد بالفسخ من غير عذر فكان من ضرورة جوازها بطلان الرهن .
فأما الإعارة فليست بلازمة لأن للمعير ولاية الاسترداد في أي وقت شاء فجوازها لا يوجب بطلان عقد الرهن إلا أنه يبطل ضمان الرهن لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى .
و كذا ليس للمرتهن أن ينتفع بالمرهون حتى لو كان الرهن عبدا ليس له أن يستخدمه و إن كان دابة ليس له أن يركبها و إن كان ثوبا ليس له أن يلبسه و إن كان دارا ليس له أن يسكنها و إن كان مصحفا ليس له أن يقرأ فيه لأن عقد الرهن يفيد ملك الحبس لا ملك الانتفاع فإن انتفع به فهلك في حال الاستعمال يضمن كل قيمته لأنه صار غاضبا و ليس له أن يبيع الرهن بغير إذن الراهن لأنه الثابت له ليس إلا ملك الحبس فاما ملك العين فللراهن و البيع تمليك العين فلا يملكه المرتهن من غير إذن الراهن و لو باع من غير إذنه وقف على إجازته فإن أجازه جاز و كان الثمن رهنا و كذا إذا باع بإذنه جاز و كان ثمنه جاز ثمنه رهنا سواء قبضه من المشتري أو لم يقبضه و لو هلك كان الهلاك على المرتهن و هذا يشكل على الشرط الذي ذكرنا لجواز الرهن و هو أن لا يكون المرهون دينا و الثمن دينا في ذمة المشتري فكيف يصلح رهنا .
و الجواب : أن الدين يصلح رهنا في حال البقاء و إن كان لا يصلح ابتداء لأنه في حاله البقاء بدل المرهون و بدل المرهون لأنه قائم مقام المرهون كأنه هو بخلاف حاله الابتداء و إن رد بطل و عاد المبيع رهنا كما كان و لو هلك في يد المشتري قبل الإجازة لم يجز الإجازة لأن قيام المعقود عليه شرط صحة الإجازة و الراهن بالخيار إن شاء ضمن المرتهن و إن شاء ضمن المشتري لأن كل واحد منهما صار غاصبا للمرتهن بالتسليم و المشتري بالقبض فإن ضمن المرتهن جاز البيع و الثمن للمرتهن و كان الضمان رهنا لأنه ملكه بالضمان فتبين أنه باع ملك نفسه فجاز و كان الثمن له لأنه بدل ملكه و الضمان يكون رهنا لأنه بدل المرهون فيكون مرهونا .
و قيل : إنما يجوز البيع بتضمين المرتهن إذا سلم الرهن إلى المشتري أولا ثم باعه منه فأما إذا باعه ثم سلمه فإن لا يجوز لأن سبب ثبوت الملك هو التسليم لأنه سبب وجوب الضمان و ملك المضمون بملك الضمان و التسليم وجد بعد البيع فلا يجوز البيع كما إذا باع مال غيره بغير إذنه ثم اشتراه منه أنه لا يجوز بيعه كذا هذا و ليس في ظاهر الرواية هذا التفصيل .
و لو ضمن المشتري بطل البيع لأن بتضمين المشتري لم يتبين أن المرتهن باع مال نفسه و الضمان يكون رهنا لأنه بدل المرهون و يرجع المشتري على البائع بالثمن لأن البيع لم يصح و ليس له أن يرجع بالضمان عليه و ليس له أن يهبه أو يتصدق به بغير إذن الراهن لأن الهبة و التصدق تمليك العين و الثابت للمرتهن ملك الحبس لا ملك العين فلا يملكها كما لا يملك البيع فإن فعل و قف على إجازة الراهن إن إجاز جاز و بطل الرهن و إن رد عاد رهنا كما كان و لو هلك في يد الموهوب له أو المتصدق عليه قبل الإجازة فالراهن بالخيار إن شاء ضمن المرتهن و إن شاء ضمن الموهوب له والمتصدق عليه لما ذكرنا وأيهما ضمن لا يرجع بالضمان على صاحبه .
أما المرتهن : فلا شك فيه لأنه ملك المرهون بالضمان فتبين أنه و هب أو تصدق بملك نفسه .
و أما الموهوب له و المتصدق عليه فلأن الرجوع بالضمان بحكم الضرر و أنه لا يتحقق في الهبة و الصدقة بخلاف البيع و الإجازة و ليس له ان يؤاجره من غير الراهن بغير إذنه لأن الإجارة تمليك المنفعة و الثابت له ملك الحبس لا ملك المنفعة فكيف يمكلها من غيره فإن فعل وقف على إجازة الراهن فإن أجاز جاز و بطل الراهن لما ذكرنا فيها تقدم و كانت الأجرة للراهن و لا تكون رهنا لما مر و ولاية قبضها للمرتهن لأن القبض من حقوق العقد و العاقد هو المرتهن و لا يعود رهنا إذا انقضت مدة الإجارة لأن العقد قد بطل فلا يعود إلا بالاستئناف و إن رد بطل و أعاده رهنا كما كان .
و لو أجره بغير إذن الراهن و سلمه إلى المستأجر فهلك في يده فالراهن بالخيار إن شاء ضمن المرتهن قيمته و قت التسليم إلى المستأجر و إن شاء ضمن المستأجر لوجوب سبب وجوب الضمان من كل واحد منهما و هو التسليم و القبض و غير أنه إن ضمن المرتهن لا يرجع بالضمان على المستأجر لكنه يرجع عليه بأجرة قدر المستوفي من المنافع إلى وقت الهلاك لأنه ملكه بالضمان فتبين أنه آجر ملك نفسه فصح و كانت الأجرة له لأنها بدل منفعة مملوكة له إلا أنها لا تطيب له و إن ضمن المستأجر فالمستأجر يرجع بما ضمن على المرتهن لأنه صار مغرورا من جهته فيرجع عليه بضمان الغرور و هو ضمان الكفالة و لا أجرة عليه لأن الأجرة و الضمان لا يجتمعان .
و لو سلم و استرده المرتهن عاد رهنا كما كان لأنه لما استرده فقد عاد إلى الوفاق بعدما خالف فأشبه المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق و الأجر للمرتهن لكن لا يطيب له كالغاضب إذا آجر المغصوب و ليس له أن يعير الرهن من غير الراهن بغير إذنه لما ذكرنا في الإجارة فإن أعاره و سلمه إلى المستعير فللراهن أن يبطل الإعارة فإن هلك في يد المستعير فالراهن بالخيار إن شاء ضمن المرتهن و إن شاء ضمن المستعير و أيهما ضمن لا يرجع على صاحبه و يكون الضمان رهنا .
أما عدم الرجوع على المرتهن فلأنه ملكه بالضمان فتبين أنه أعار ملكه و أما المستعير فلأن الرجوع بالغرر و لم يوجد بخلاف الإجارة و أما كون الضمان رهنا فلأنه بدل المرهون فيكون مرهونا و إن سلم و استرده من المستعير عاد رهنا كما كان لأنه عاد إلى الوفاق فالتحق الخلاف فيه بالعدم و لو أعاره بإذن الراهن أو بغير إذنه و أجاز جاز و لا يبطل الرهن لكن يبطل ضمان الرهن لما نذكر بخلاف الإجارة فإنها تبطل الرهن و قد مر الفرق و ليس له أن يرهنه بغير إذن الراهن لأنه لم يرض بحبس غيره فإن فعل فللراهن الأول أن يبطل الرهن الثاني و يعيد إلى يد المرتهن الأول لأن الرهن الثاني لم يصح فلو هلك في يد المرتهن الثاني قبل الإعادة إلى الأول فالراهن الأول بالخيار إن شاء ضمن المرتهن الأول و إن شاء ضمن المرتهن الثاني فإن ضمن المرتهن الأول جاز الرهن الثاني لأنه ملكه المرتهن الأول بالضمان فتبين أنه رهن ملك نفسه .
و لو هلك في يد المرتهن الثاني يهلك بالدين فكان ضمانه رهنا لأنه بدل المرهون و إن ضمن المرتهن الثاني بطل الرهن الثاني و يكون الضمان رهنا على المرتهن الأول لكونه بدل المرهون و يرجع المرتهن الثاني على المرتهن الأول بما ضمن و بدينه .
أما الرجوع بالضمان فلأنه صار مغرورا من جهته فيرجع عليه و أما الرجوع بدينه فلأن الرهن الثاني لم يصح فيبقى دينه عليه كما كان و إن رهن عند الثاني بإذن الراهن الأول جاز الرهن الثاني و بطل الرهن الأول .
أما جواز الرهن الثاني فلأن المانع من الجواز قد زال بإذن الراهن الأول فإذا أجاز الثاني بطل الأول ضرورة و صار كأن المرتهن الأول استعار مال الأول ليرهنه بدينه فرهنه و ليس له ان يودعه عند أجنبي ليس في عياله لأن الراهن لم يرض إلا بيده أو بيد من يده في معنى يده و يد الأجنبي الذي ليس في عياله ليست في معنى يده فإن فعل و هلك في يد المودع ضمن كل قيمته لأنه صار غاضبا بالإيداع و له أن يدفعه إلى من هو في عياله كزوجته و خادمه و أجيره الذي يتصرف في ماله لأن يد هؤلاء كيده ألا ترى أنه يحفظ مال نفسه بيدهم فكان الهالك في أيديهم كالهالك في يده و الأصل في هذا أن للمرتهن أن يفعل في الرهن مايعد حفظا له و ليس له أن يفعل مايعد استعمالا له و انتفاعا به .
و على هذا يخرج ما إذا ارتهن خاتما فجعله في خنصره فهلك ضمن كل قيمته لأن التختم بالخنصر مما يتجمل به عادة فكان استعمالا له و هو مأذون في الحفظ لا في الاستعمال و يستوي فيه اليمنى و اليسرى لأن الناس يختلفون في التجمل بهذا النوع منهم من يتجمل بالتختم في اليمنى و منهم من يتجمل به في اليسرى فكان كل ذلك استعمالا .
و لو جعله في بقية الأصابع فهلك هلاك الرهن لأن التختم بها غير معتاد فكان حفظا لا استعمالا .
و لو لبس خاتما فوق خاتم فهلك يرجع فيه إلى العرف و العادة فإن كان اللابس ممن يتحمل بخاتمين يضمن لأنه مستعمل له و إن كان ممن لا يتجمل به يهلك بما فيه لأنه حافظ إياه و لو رهنه سيفين فتقلد بهما يضمن و لو كانت السيوف ثلاثة فتقلد بها لم يضمن لأن التقلد بسيفين معتاد في الجملة فكان من باب الاستعمال .
فأنا بالثلاثة فليس بمعناه فكان حفظا لا استعمالا و إن كان الرهن طيلسانا أو قباء فلبسه لبسا معتادا يضمن و إن جعله على عاتقه فهلك يهلك رهنا لأن الأول استعمال و الثاني حفظ و له أن يبيع ما يخاف الفساد عليه بإذن القاضي لأن بيع ما يخاف عليه الفساد من باب الحفظ فله أن يبيعه لكن بإذن القاضي له لأن له ولاية في مال غيره في الجملة فإن باع بغير إذنه ضمن لأنه لا ولاية له عليه و إذا باع بأمر الحاكم كان ثمنه رهنا في يده لأنه بدل المرهون فيكون رهنا و له أن يطالب الراهن بإيفاء الدين مع قيام عقد الرهن إذا لم يكن الدين مؤجلا لأن الرهن شرع لتوثيق الدين و ليس من الوثيقة سقوط المطالبة بإيفاء الدين .
و لو طالب المرتهن الراهن بحقه فقال الراهن : بعه و استوف حقك فقال المرتهن لا أريد البيع و لكن أريد حقي فله ذلك لأن الرهن وثيقة و بالبيع يخرج عن كونه رهنا فيبطل معنى الوثيقة فله أن يتوثق باستيفائه إلى استيفاء الدين .
و لو قال الراهن للمترهن : إن جئتك بحقك إلى و قت كذا و إلا فهو لك بدينك أو بيع بحقك لم يجز و هو رهن على حاله لأن هذا تعليق التمليك بالشرط و أنه لا يتعلق بالشرط و ليس للقاضي أن يبيع الرهن بدين المرتهن من غير رضا الراهن لكنه يحبس الراهن حتى يبيعه بنفسه عند أبي حنيفة عليه الرحمة و عندهما له أن يبيعه عليه وهي مسألة الحجر على الحر و قد ذكرناها في كتاب الحجر و كذلك ليس للعدل أن يبيع الرهن كما ليس للراهن و لا للمرتهن ذلك و الكلام في العدل في ثلاثة مواضع : .
أحدهما : في بيان ما للعدل أن يفعله في الرهن و ما ليس له أن يفعله فيه .
و الثاني : في بيان من يصلح عدلا في الرهن و من لا يصلح .
و الثالث : في بيان ما ينعزل به العدل يخرج عن الوكالة و ما لا ينعزل