وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الكلام في الأوطان .
ثم الأوطان ثلاثة : .
وطن أصلي : وهو وطن الإنسان في بلدته أو بلدة أخرى اتخذها دارا و توطن بها مع أهله و ولده و ليس من قصده الارتحال عنها بل التعيش بها .
و وطن الإقامة : و هو أن يقصد الإنسان أن يمكث في موضع صالح للإقامة خمسة عشر يوما أو أكثر .
و وطن السكنى : و هو أن يقصد الإنسان المقام في غير بلدته أقل من خمسة عشر يوما .
و الفقيه الجليل أبو أحمد العياضي قسم الوطن إلى قسمين : و سمى أحدهما وطن قرار و الآخر : مستعارا فالوطن الأصلي ينتقض بمثله لا غير .
و هو أن يتوطن الإنسان في بلدة أخرى و ينفل الأهل إليها من بلدته فيخرج الأول من أن يكون وطنا أصليا له حتى لو دخل فيه مسافرا لا تصير صلاته أربعا .
و أصله أن رسول الله و المهاجرين من الصحابة Bهم كانوا من أهل مكة و كان لهم بها أوطان أصلية ثم لما هاجروا و توطنوا بالمدينة و جعلوها دارا لأنفسهم انتقض وطنهم الأصلي بمكة حتى كانوا إذا أتوا مكة يصلون صلاة المسافرين حتى قال النبي حين صلى بهم : [ أتموا يا أهل مكة صلاتكم فإنا قوم سفر ] و لأن الشيء جاز أن ينسخ بمثله .
ثم الوطن الأصلي يجوز أن يكون واحدا أو أكثر من ذلك بأن كان له أهل و دار في بلدتين أو أكثر و لم يكن من نية أهله الخروج منها و إن كان هو ينتقل من أهل إلى أهل في السنة حتى إنه لو خرج مسافرا من بلدة فيها أهله و دخل في أي بلدة من البلاد التي فيها أهله فيصير مقيما من غير نية الإقامة و لا ينتقض الوطن الأصلي بوطن الإقامة ولا بوطن السكنى لأنهما دونه و الشيء لا ينسخ بما هو دونه و كذا لا ينتقض بنية السفر و الخروج من وطنه حتى يصير مقيما بالعود إليه من غير نية الإقامة لما ذكرنا [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخرج من المدينة مسافرا و كان وطنه بها باقيا حتى يعود مقيما فيها من غير تجديد النية ] .
و وطن الإقامة : ينتقض بالوطن الأصلي لأنه فوقه وبوطن الإقامة أيضا لأنه مثله و الشيء يجوز أن ينسخ بمثله و ينتقض بالسفر أيضا لأن توطنه في هذا المقام ليس للقرار و لكن لحاجة فإذا سافر منه يستدل به على قضاء حاجته فصار معرضا عن التوطن به فصار ناقضا له دلالة و لا ينتقض وطن الإقامة بوطن السكنى لأنه دونه فلا ينسخه .
و وطن السكنى : ينتقض بالوطن الأصلي و بوطن الإقامة لأنهما فوقه و بوطن السكنى لأنه مثله .
و بالسفر لما بينا ثم ما ذكرنا من تفسير وطن الإقامة جواب ظاهر الرواية .
و ذكر الكرخي في جامعه عن محمد روايتين في رواية إنما يصير الوطن وطن إقامة بشرطين : .
أحدهما : أن يتقدمه سفر .
و الثاني : أن يكون بين وطنه الأصلي و بين هذا الموضع الذي توطن فيه بنية الإقامة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فأما بدون هذين الشرطين لا يصير وطن إقامة و إن نوى الإقامة خمسة عشر يوما في مكان صالح للإقامة حتى إن الرجل المقيم إذا خرج من مصره إلى قرية من قراها لا لقصد السفر و نوى أن يتوطن بها .
خمسة عشر يوما لا تصير تلك القرية وطن إقامة له و إن كان بينهما مسيرة سفر لانعدام تقدم السفر و كذا إذا قصد مسيرة سفر و خرج حتى وصل إلى قرية بينها و بين وطنه الأصلي مسيرة ما دون السفر و نوى أن يقيم بها خمسة عشر يوما لا يصير مقيما و لا تصير تلك القرية وطن إقامة له .
و في رواية ابن سماعة عنه يصير مقيما من غير هذين الشرطين كما هو ظاهر الرواية .
و إذا عرف هذا الأصل يخرج بعض المسائل عليه حتى يسهل تخريج الباقي خراساني قدم الكوفة و نوى المقام بها شهرا ثم خرج منها إلى الحيرة و نوى المقام بها خمسة عشر يوما ثم خرج من الحيرة يريد العود إلى خراسان و مر بالكوفة فإنه يصلي ركعتين لأن وطنه بالكوفة كان وطن إقامة و قد انتقض بوطنه بالحيرة لأنه وطن إقامة أيضا و قد بينا أن وطن الإقامة ينتقض بمثله و كذا وطنه بالحيرة انتقض بالسفر لأنه وطن إقامة فكما خرج من الحجرة على قصد .
خراسان صار مسافرا و لا وطن له في موضع فيصلي ركعتين حتى يدخل بلدته بخراسان و إن لم يكن نوى المقام بالحيرة خمسة عشر يوما أتم الصلاة بالكوفة لأن وطنه بالكوفة لم يبطل بالخروج إلى الحيرة لأنه ليس بوطن مثله و لا سفر و يبقى وطنه بالكوفة كما كان .
و لو أن خراسانيا قدم الكوفة و نوى المقام بها خمسة عشر يوما ثم ارتحل منها يريد مكة فقبل أن يسير ثلاثة أيام ذكر حاجة له بالكوفة فعاد فإنه يقصر لأن وطنه بالكوفة قد بطل بالسفر كما يبطل بوطن مثله .
و لو أن كوفيا خرج إلى القادسية ثم خرج منها إلى الحيرة ثم عاد من الحيرة يريد الشام فمر بالقادسية قصر لأن وطنه بالقادسية و الحيرة ) سواء فيبطل الأول بالثاني و لو بدا له أن يرجع إلى القادسية قبل أن يصل إلى الحيرة ثم يرتحل إلى الشام صلى بالقادسية أربعا لأن وطنه بالقادسية لا يبطل .
إلا بمثله ولم يوجد و على هذا الأصل مسائل في الزيادات .
و أما الرابع : فهو العزم على العود للوطن و هو أن الرجل إذا خرج من مصره بنية السفر ثم عزم على الرجوع إلى وطنه و ليس بين هذا الموضع الذي بلغ و بين مصره مسيرة سفر يصير مقيما حين عزم عليه لأن العزم على العود إلى مصره قصد ترك السفر بمنزلة نية الإقامة فصح و إن كان بينه و بين مصره مدة سفر لا يصير مقيما لأنه بالعزم على العود قصد ترك السفر إلى جهة و قصد السفر إلى جهة فلم يكمل العزم على العود إلى السفر لوقوع التعارض فبقي مسافرا كما كان .
و ذكر في نوادر الصلاة أن من خرج من مصره مسافرا فحضرت الصلاة فافتتحها ثم أحدث فلم يجد الماء هناك فنرى أن يدخل مصره و هو قريب فحين نوى ذلك صار مقيما من ساعته دخل مصره أو لم يدخل لما ذكرنا أنه قصد الدخول في المصر بنية ترك السفر فحصلت االنية مقارنة للفعل فصحت فإذ دخله صلى أربعا لأن تلك صلاة المقيمين فإن علم قبل أن يدخل المصر أن الماء أمامه فمشى إليه فتوضأ صلى أربعا أيضا لأنه بالنية صار مقيما فبالمشي بعد ذلك في الصلاة أمامه لا يصير مسافرا في حق تلك الصلاة و إن حصلت النية مقارنة لفعل السفر حقيقة لأنه لو جعل مسافرا لفسدت صلاته لأن السفر عمل فحرمة الصلاة منعته عن مباشرة العمل شرعا بخلاف الإقامة لأنها ترك السفر و حرمة الصلاة لا تمنعه عن ذلك فلو تكلم حين علم بالماء أمامه أو أحدث متعمدا حتى فسدت صلاته ثم وجد الماء في مكانه يتوضأ و يصلي أربعا لأنه صار مقيما و لو مشى أمامه ثم وجد الماء يصلي ركعتين لأنه صار مسافرا ثانيا بالمشي .
إلى الماء بنية السفر خارج الصلاة فيصلي صلاة المسافرين بخلاف المشي في الصلاة لأن حرمة الصلاة أخرجته من أن يكون سفرا و الله أعلم