وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان مايصنع باللقطة .
فصل : و أما بيان مايصنع بها فنقول و با الله التوفيق : إذا أخذ اللقطة فإنه يعرفها لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ عرفها حولا ] حين سئل عن اللقطة .
و روى أن رجلا جاء إلى عبد الله بن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنهما فقال : إني وجدت لقطة فما تأمرني فيها فقال : عرفها سنة .
و روينا عن سيدنا عمر Bه أنه أمر بتعريف البعير الضال ثم نقول : الكلام في التعريف في موضعين .
أحدهما : في مدة التعريف .
و الثاني : في بيان مكان التعريف أما مدة التعريف فيختلف قدر المدة لاختلاف قدر اللقطة إن كان شيئا له قيمة تبلغ عشرة دراهم فصاعدا يعرفه حولا و إن كان شيئا قيمة أقل من عشرة يعرفه أياما على قدر ما يرى .
و روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال : التعريف على خطر المال إن كان مائة و نحوها عرفها سنة و إن كان عشرة و نحوها عرفها شهرا و إن كان ثلاثة و نحوها جمعة أو قال : عشرة و إن كان درهما و نحوه عرفه ثلاثة أيام و إن كان دانقا و نحوه عرفه يوما و إن كان تمرة أو أكثر تصدق بها و إنما تكمل مدة التعريف إذا كان مما لا يتسارع إليه الفساد فإن خاف الفساد لم تكمل و يتصدق بها .
و أما مكان التعريف فالأسواق و أبواب المساجد لأنها مجمع الناس و ممرهم فكان التعريف فيها أسرع إلى تشهير الخبر ثم إذا عرفها فإن جاء صاحبها و أقام البينة أنها ملكه أخذها لقوله عليه الصلاة و السلام : من و جد عين ماله فهو أحق به و إن لم يقم البينة و لكنه ذكر العلامة بأن وصف عفاصها و وكاءها و وزنها و عددها يحل للملتقط أن يدفع إليه و إن شاء أخذ منه كفيلا لأن الدفع بالعلامة مما قد ورد به الشرع في الجملة كما في اللقيط إلا أن هناك يجبر على الدفع و هنا لا يجبر لأن هناك يجبر على الدفع بمجرد الدعوى فمع العلامة أولى رهنا لا عبرة بمجرد الدعوى بالإجماع فجاز أن يجبر على الدفع مع العلامة و لكن يحل له الدفع رواية له أن يأخذ كفيلا لجواز مجيء آخر فيدفعها و يقيم البينة ثم إذا عرفها و لم يحضر صاحبها مدة التعريف فهو بالخيار إن شاء أمسكها إلى أن يحضر صاحبها و إن شاء تصدق بها على الفقراء و لو أراد أن ينفع بها فإن كان غنيا لا يجوز أن ينتفع بها عندها و عند الشافعي C إذا عرفها حولا و لم يحضر صاحبها كان له أن ينتفع بها و إن كان غنيا و تكون قرضا عليه .
واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لمن سأله عن اللقطة : عرفها حولا فإن جاء صاحبها و إلا فشأنك بها و هذا إطلاق الانتفاع للملتقط من غير السؤال عن حاله أنه فقير أو غني بل إن الحكم لا يختلف .
و لنا : ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحل اللقطة فمن التقط شيئا فليعرفه سنة ] فإن جاءه صاحبها فليردها عليه و إن لم يأت فليتصدق و الاستدلال به من و جهين : .
أحدهما : أنه نفى الحل مطلقا و حالة الفقر غير مرادة بالإجماع فتعين حالة الغنى .
و الثاني : أنه أمر بالتصدق و مصرف الصدقة الفقير دون الغني و إن الانتفاع بمال المسلم بغير إذنه لا يجوز إلا لضرورة و لا ضرورة إذا كان غنيا وأما الحديث فلا حجة له فيه لأن قوله عليه الصلاة و السلام فشأنك بها إرشاد إلى الاشتغال بالحفظ لأن ذلك كان شأنه المعهود باللقطة إلى هذه الغاية أو يحمله على هذا توفيقا بين الحديثين صيانة لهما عن التناقض و إذا تصدق بها على الفقراء فإذا جاء صاحبها كان له الخيار إن شاء أمضى الصدقة و له ثوابها و إن شاء ضمن الملتقط أو الفقير إن وجده لأن التصدق كان موقوفا على إجازته و أيهما ضمن لم يرجع على صاحبه كما في غاصب الغاصب و إن كان فقيرا فإن شاء تصدق بها على الفقراء و إن شاء أنفقها على نفسه فإذا جاء صاحبها خيره بين الأجر و بين أن يضمنها له على ما ذكرنا .
و كذلك إذا كان غنيا جاز له أن يتصدق بها على أبيه و ابنه و زوجته إذا كانوا فقراء و كل جواب عرفته في لقطة الحل فهو الجواب في لقطة الحرم يصنع بها ما يصنع يلقطه الحل من التعريف و غيره و هذا عندنا و عند الشافعي C لقطة الحرم تعرف أبدا و لا يجوز الانقطاع بها بحال واحتج بما روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال في صفة مكة : [ و لا تحل لقطتها إلا لمنشد ] أي لمعرف فالمنشد المعرف و الناشد الطالب و هو المالك و معنى الحديث : أنه لا يحل لقطة الحرم إلا للتعريف .
و لنا : ما ذكرنا من الدلائل من غير فصل بين لقطة الحل و الحرم و لا حجة له في الحديث لأنا نقول بموجبه أنه لا يحل التقاطها إلا للتعريف و هذا حال كل لقطة إلا أنه خص عليه الصلاة و السلام لقطة الحرم بذلك لما لا يوجد صاحبها عادة فتبين أن ذا لا يسقط التعريف و كذلك حكم الضالة في جميع ما وصفنا و تنفرد بحكم آخر و هو النفقة فإن أنفق عليها بأمر القاضي يكون دينا على مالكها و إن أنفق بغير إذنه يكون متطوعا فينبغي أن يرفع الأمر إلى القاضي ينظر في ذلك فإن كانت بهيمة يحتمل الانتفاع بها بطريق إجارة أمره بأن يؤاجرها و ينفق عليها من لأجرتها نظرا للمالك .
و إن كانت مما لا يحتل الارتفاع بها بطريق الإجار و خشي أن لو أنفق عليها أن تستغرق النفقة قيمتها أمره ببيعها و حفظ ثمنها مقامها في حكم الهلاك و إن رأى الإصلاح أن لا يبعها بل ينفق عليها أمره بأن ينفق عليها لكن نفقه لا تزيد على قيمتها و يكون ذلك دينا على صاحبها حتى إذا حضر يأخذ منه النفقة و له أن يحبس اللقطة بالنفقة كما يحبس المبيع بالثمن و إن أبى أن يؤدي النفقة باعها القاضي و دفع إليه قدر ما أنفق و الله سبحانه و تعالى أعلم