وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الوقف و الصدقة .
أما الوقف فالكلام فيه في مواضع : في بيان جواز الوقف و كيفيته و في بيان شرائط الجواز و في بيان حكم الوقف الجائز و ما يتصل به .
أما الأول فنقول و بالله التوفيق : لا خلاف بين العلماء في جواز الوقف في حق و جوب التصدق بالفرع ما دام الواقف حيا حتى إن من و قف داره أو أرضه يلزمه التصدق بغلة الدار و الأرض و يكون ذلك بمنزلة النذر بالتصدق بالغة و لا خلاف أيضا في جوازه في حق زوال ملك الرقبة إذا اتصل به قضاء القاضي أو أضافه إلى ما بعد الموت بأن قال : إذا مت فقد جعلت داري أو أرضي و قفا على كذا أو قال : هو و قف في حياتي صدقة بعد وفاتي و اختلفوا في جوازه مزيلا لملك الرقبة إذا لم توجد الإضافة إلى ما بعد الموت و لا اتصل به حكم حاكم .
قال أبي حنيفة عليه الرحمة : لا يجوز حتى كان للواقف بيع الموقوف و هبته و إذا مات يصير ميراثا لورثته .
و قال أبي يوسف و محمد و عامة العلماء رضي الله تعالى عنهم : يجوز حتى لا يباع و لا يوهب و لا يورث .
ثم في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة لا فرق بين ما إذا وقف في حاله الصحة و بين ما إذا وقف في حالة المرض حتى لا يجوز عنده في الحالين جميعا إذا لم توجد الإضافة و لا حكم الحاكم و روى الطحاوي عنه أنه إذا وقف في حالة المرض جاز عنده و يعتبر من الثلث و يكون بمنزلة الوصية بعد وفاته و أما عندهما فهو جائز في الصحة و العرض .
و على هذا الخلاف إذا بنى رباطا أو خانا للمجتازين أو سقاية المسلمين أو جعل أرضه مقبرة لا تزول رقبة هذه الأشياء عن ملكه عند أبي حنيفة إلا إذا أضافه إلى مابعد الموت أو حكم به حاكم و عندهما يزول بدون ذلك لكن عند أبي يوسف بنفس القول و عند محمد بواسطة التسليم و ذلك بسكنى المجتازين في الرباط و الخان و سقاية الناس من السقاية في المقبرة .
و أجمعوا على أن من جعل داره أو أرضه مسجدا يجوز و تزول الرقبة عن ملكه لكن عزل الطريق و إفرازه و الإذن للناس بالصلاة فيه و الصلاة شرط عند أبي حنيفة و محمد حتى كان له أن يرجع قبل ذلك و عند أبي يوسف تزول الرقبة عن ملكه بنفس قوله جعلته مسجدا و ليس له أن يرجع عنه على ما نذكره وجه قول العامة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم و الخلفاء الراشدين و عامة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فإنه روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم و وقف سيدنا أبو بكر و سيدنا عمر و سيدنا عثمان و سيدنا علي و غيرهم Bهم و أكثر الصحابة و قفوا و لأن الوقف ليس إلا إزالة الملك عن الموقوف و جعله الله تعالى خالصا فأشبه الإعتاق و جعل الأرض أو الدار مسجدا .
و الدليل عليه أنه يصح مضافا إلى ما بعد الموت فيصح منجزا و كذا لم اتصل به قضاء القاضي يجوز و غير الجائز لا يحتمل الجواز لقضاء القاضي .
و لأبي حنيفة عليه الرحمة ما روى [ عن عبد الله بن عباس Bهما أنه قال : لما نزلت سورة النساء و فرضت فيها الفرائض قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا حبس عن فرائض الله تعالى ] أي لا مال يحبس بعدم موت صاحبه عن القسمة بين ورثته و الوقف حبس عن فرائض الله تعالى عز شأنه فكان منفيا شرعا .
و عن شريح أنه قال : جاء محمد ببيع الحبيس وهذا منه رواية عن النبي E أنه يجوز بيع الموقرف لأن الحبيس هو الموقوف فعيل بمعنى المفعول إذ الوقف حبس لغة فكان الموقوف محبوسا فيجوز بيعه و به تبين أن الوقوف لا يوجب زوال الرقبة عن ملك الواقف .
و أما و قف رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنما جاز لأن المانع من وقوعه حبسا عن فرائض الله D و دفعه صلى الله عليه و سلم لم يقع حبسا عن قرائض الله تعالى لقوله صلى الله عليه و سلم : [ إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ] .
و أما أوقاف الصحابة Bه ما كان منها في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم احتمل أنها كانت قبل نزول سورة النساء فلم تقع حبسا عن فرائض الله تعالى و ما كان بعد و فاته E فاحتمل أن ورثتهم أمضوها بالإجازة و هذا هو الظاهر و لا كلام فيه و إنما جاز مضافا إلى ما بعد الموت لأنه لما أضافه إلى ما بعد الموت فقد أخرجه مخرج الوصية فيجوز كسائر الوصايا لكن جوازه بطريق الوصية لا يدل على جوازه لا بطريق الوصية .
ألا ترى لو أوصى بثلث ماله للفقراء جاز و لو تصدق بثلث ماله على الفقراء لا يجوز و أما إذا حكم به حاكم فإنما جاز لأن حكمه صدف محل الاجتهاد و أفضى اجتهاده إليه و قضاء القاضي في موضع الاجتهاد بما أفضى إليه اجتهاده جائز كما في سائر المجتهدات