وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان كيفية اليمين .
فصل : و أما بيان كيفية اليمين فالكلام فيه يتعلق بموضعين : .
أحدهما : في بيان صفة التحليف نفسه أنه كيف يحلف ؟ .
و الثاني : في بيان صفة المحلوف عليه أنه على ماذا يحلف ؟ .
أما الأول : فالأمر لا يخلو إما إن كان الحالف مسلما و إما إن كان كافرا فإن كان مسلما فيحلفه القاضي بالله تعالى إن شاء من غير تغليظ لما روي : [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلف يزيد بن ركانة أو ركانة بن عبد يزيد بالله عز و جل ما أردت بالبتة ثلاثا ] و إن شاء غلظ لأن الشرع ورد بتغليظ اليمين في الجملة فإنه روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلف ابن صوريا الأعور و غلظ فقال عليه عليه الصلاة و السلام : [ الذي أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام إن حد الزنا في كتابكم هذا ] .
و قال مشايخنا : ينظر إلى حال الحالف إن كان ممن لا يخاف منه الاجتراء على الله تعالى باليمين الكاذبة و يكتفى فيه بالله عز و جل من غير تغليظ و إن كان ممن يخاف منه ذلك تغلظ لأن من العوام من لا يبالي عن الحلف بالله عز و جل كاذبا فإذا غلظ عليه اليمين يمتنع و قال بعضهم : إن كان المال المدعى يسيرا يكتفى فيه بالله عز و جل و إن كان كثيرا يغلظ و صفة التغليظ أن يقول : و الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية و نحو ذلك مما يعد تغلظا في اليمين و إن كان الحالف كافرا فإنه يحلف بالله عز و جل أيضا ذميا كان أو مشركا لأن المشركين لا ينكرون الصانع قال الله تبارك و تعالى جل شأنه : { و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولن الله } فيعظمون اسم الله تعالى عز شأنه و يعتقدون حرمة الاله إلا الدهرية و الزنادقة و أهل الإباحة و هؤلاء أقوام لم يتجاسروا على إظهار نحلتهم في عصر من الأعصار إلى يومنا هذا و نرجو من فضل الله عز و جل على أمة حبيبه صلى الله عليه و سلم أن لا يقدرهم على إظهار ما انتحلوه إلى انقضاء الدنيا و إن رأى القاضي ما يكون تغليظا في دينه فعل لما روينا [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم غلظ على ابن صوريا ] دل أن كل ذلك سائغ فيغلظ على اليهودي باله تعالى عز و جل الذي أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام و على النصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام و على المجوسي بالله الذي خلق النار و لا يحلف على الإشارة إلى مصحف معين بأن يقول : بالله الذي أنزل هذا الإنجيل أو هذه التوراة لأنه قد ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى المحرف فيكون التحليف به تعظيما لما ليس بكلام الله عز و جل و لا يبعث هؤلاء إلى بيوت عبادتهم من البيعة و الكنيسة و بيت النار لأن فيه تعظيم هذه المواضع و كذا لا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان و لا مكان عندنا .
و قال الشافعي C : إن كان بالمدينة يحلف عنه المنبر و إن كان بمكة يحلف عند الميزاب و يحلف بعد العصر .
و الصحيح قولنا لما روينا من الحديث المشهور و هو قوله عليه الصلاة و السلام [ البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه ] مطلقا عن الزمان و المكان و روي أنه اختصم زيد بن ثابت و ابن مطيع في دار إلى مروان بن الحكم فقضى على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر فقال له زيد : أحلف له مكاني فقال له مروان : لا و الله إلا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف أن حقه لحق و أبى أن يحلف عند المنبر فجعل مروان يعجب من ذلك و لو كان ذلك لازما لما احتمل أن يأباه زيد بن ثابت و لأن تخصيص التحليف بمكان و زمان تعظيم غير اسم الله تبارك و تعالى و فيه معنى الإشراك في التعظيم و الله عز و جل أعلم .
و أما بيان صفة المحلوف عليه أنه على ماذا يحلف فنقول : الدعوى لا تخلو إما إن كانت مطلقة عن سبب و إما إن كانت مقيدة بسبب فإن كانت مطلقة عن سبب بأن ادعى عبدا أو جارية أو أرضا و أنكر المدعى عليه فلا خلاف في أنه يحلف على الحكم و هو ما وقع فيه الدعوى فيقال : بالله ما هذا العبد أو الجارية أو الأرض لفلان هذا و لا شيء منه و إن كانت مقيدة بسبب بأن ادعى أنه أقرضه ألفا أو غصبه ألفا أو أودعه ألفا و أنكر المدعى عليه فقد اختلف أبو يوسف و محمد في أنه يحلف على السبب أو على الحكم .
قال أبي يوسف : يحلف على السبب بالله ما استقرضت منه الفا أو ما غصبته ألفا أو ما أودعني ألفا إلا أن يعرض المدعى عليه و لا يصرح فيقول : قد يستقرض الإنسان و قد يغصب و قد يودع و لا يكون عليه لما أنه أبرأه عن ذلك أو رد الوديعة و أنا لا أبين ذلك لئلا يلزمني شيء فحينئذ يحلف على الحكم .
و قال محمد : يحلف على الحكم من الإبتداء بالله ماله عليك هذه الألف التي ادعى وجه قول محمد : أن التحليف على السبب تحليف على ما لا يمكنه الحلف عليه عسى لجواز أنه وجد منه السبب ثم ارتفع بالإبراد أو الرد فلا يمكنه الحلف على نفي السبب و يمكنه الحلف على نفي الحكم على كل حال فكان التحليف على الحكم أولى .
وجه قول أبي يوسف : ما روي [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلف اليهود بالله ] و في باب القسامة على السبب فقال عليه الصلاة و السلام : [ بالله ما قتلتموه و لا علمتم له قاتلا فيجب الاقتداء به ] و لأن الداخل تحت الحلف ما هو الداخل تحت الدعوى و الداخل تحت الدعوى في هذه الصورة مقصودا هو السبب فيحلف عليه فبعد ذلك إن أمكنه الحلف على السبب حلف عليه و إن لم يمكنه و عرض فحينئذ يحلف على الحكم .
و على هذا الخلاف دعوى الشراء إذا أنكر المدعى عليه فعند أبي يوسف يحلف على السبب بالله عز و جل ما بعته هذا الشيء إلا أن يعرض الخصم و التعريض في هذا أن يقول : قد يبيع الرجل الشيء ثم يعود إليه بهبة أو فسخ أو إقالة أو رد بعيب أو خيار شرط أو خيار رؤية و أنا لا أبين ذلك كي لا يلزمني شيء فحينئذ يحلف على الحكم بالله تعالى ما بينكما بيع قائم أو شراء قائم بهذا السبب الذي يدعي و هكذا يحلف على قول محمد .
و على هذا دعوى الطلاق بأن ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا أو خالعها على كذا و أنكر الزوج ذلك يحلف على السبب عند أبي يوسف بالله عز و جل ما طلقها ثلاثا أو ما خالعها إلا أن يعرض الزوج فيقول : الإنسان قد يخالع امرأته ثم تعود إليه و قد يطلقها ثلاثا ثم تعود بعد زوج آخر فحينئذ يحلف بالله عز و جل ما هي حرام عليك بثلاث تطليقات أو بالله عز و جل ما هي مطلقة منك ثلاثا أو ما هي حرام عليك بالخلع أو هي بائن منك و نحو ذلك من العبارات و هكذا يحلف على قول محمد .
و على هذا دعوى العتاق في الأمة بأن ادعت أمة على مولاها أنه أعتقها و هو منكر عند أبي يوسف يحلف المولى على السبب بالله عز و جل ما أعتقها إلا أن يعرض لأنه يتصور النقض في هذا و العود إليه بأن ارتدت المرأة و لحقت بدار الحرب ثم سباها أو سباها غيره فاشتراها فحينئذ يحلف كما قاله محمد و لو كان الذي يدعي العتق هو العبد فيحلف على السبب بلا خلاف بالله عز و جل ما أعتقه في الرق القائم للحال في ملكه لانعدام تصور التعريض لأن العبد المسلم لا يحتمل السبي بعد العتق حتى لو كان العبد لم يعرف مسلما أو كان كافرا يحلف عند محمد على الحكم لاحتمال العود إلى الرق لأن الذمي إذا نقض العهد و لحق بدار الحرب ثم سبي يسترق بخلاف المسلم فإنه يجبر على الإسلام و يقتل إن أبى و لا يسترق .
و على هذا دعوى النكاح و هو تفريغ على قولهما لأن أبا حنيفة لا يرى الاستحلاف فيه فيقول : الدعوى لا تخلو إما أن تكون من الرجل أو من المرأة فإن كانت من الرجل و أنكرت المرأة النكاح فعند أبي يوسف يحلف على السبب إلا أن يعرض لاحتمال الطلاق و الفرقة بسبب ما فحينئذ يحلف على الحكم بالله عز و جل ما بينكما نكاح قائم كما هو قول محمد .
و أما عند أبي حنيفة لو قال الزوج : أنا أريد أن أتزوج أختها أو أربعا سواها فإن القاضي لا يمكنه من ذلك لأنه إقرار لهذه المرأة أنها امرأته فيقول له إن كنت تريد ذلك فطلق هذه ثم تزوج أختها أو أربعا سواها و إن كان دعوى النكاح من المرأة على رجل فأنكر فعند أبي يوسف يحلف على السبب إلا أن يعرض فيحلف على الحكم كما قاله محمد فأما عند أبي حنيفة لو قالت المرأة : إني أريد أن أتزوج فإن القاضي لا يمكنها من ذلك لأنها قد أقرت أن لها زوجا فلا يمكنها من التزوج بزوج آخر فإن قالت : ما الخلاص عن هذا و قد بقيت في عهدته أبد الدهر و ليست لي بينة و هذه تسمى عهدة أبي حنيفة فإنه يقول القاضي للزوج : طلقها فإن أبى أجبره القاضي عليه فإن قال الزوج : لو طلقتها للزمني المهر فلا أفعل ذلك يقول له القاضي قل لها : إن كنت امرأتي فأنت طالق فتطلق لو كانت امرأتك و إن لم تكن فلا و لا يلزمك شيء لأن المهر لا يلزم بالشك فإن أبى يجبره على ذلك فإذا فعل تخلص عن تلك العهدة و لو كانت الدعوى على إجارة الدار أو عبد أو دابة أو معاملة مزارعة فعند أبي يوسف يحلف على السبب إلا إذا عرض .
و عند محمد : يحلف على الحكم على كل حال و عند أبي حنيفة ما كان صحيحا و هو الإجارة يحلف و ما كان فاسدا و هو المعاملة و المزارعة لا يحلف أصلا لأن الحلف بتاء على الدعوى الصحيحة و لم تصح عنده .
و لو كانت الدعوى في القتل الخطأ بأن ادعى على رجل أنه قتل أباه خطأ و أنه وجبت الدية فأنكر المدعي عليه يحلف على السبب عند أبي يوسف بالله ما قتلت إلا إذا عرض و عند محمد على الحكم بالله ليس عليك الدية و لا على عاقلتك و إنما يحلف على هذا الوجه لاختلاف المشايخ في الدية في فصله الخطأ أنها تجب على العاقلة ابتداء أو تجب على القاتل ثم تتحمل عنه العاقلة فإن حلف برىء و إن نكل يقضى عليه بالدية في ماله على ما نذكر إن شاء الله تعالى