وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

دعوى النسب .
و أما دعوى النسب فالكلام في النسب في الأصل في ثلاثة مواضع : في بيان ما يثبت به النسب و في بيان ما يظهر به النسب و في بيان النسب الثابت أما ما يثبت به النسب فالكلام فيه في موضعين : .
أحدهما : في بيان ما يثبت به نسب الولد من الرجل .
و الثاني : في بيان ما يثبت به نسبه من المرأة .
أما الأول : فنسب الولد من الرجل لا يثبت إلا بالفراش و هو أن تصير المرأة فراشا له لقوله عليه الصلاة و السلام : [ الولد للفراش و للعاهر الحجر ] و قوله عليه الصلاة و السلام : [ الولد للفراش ] أي لصاحب الفراش إلا أنه أضمر المضاف فيه اختصارا كما في قوله D : { و اسأل القرية } و نحوه و المراد من الفراش هو المرأة فإنها تسمى فراش الرجل و إزاره و لحافه و في التفسير في قوله عز شأنه : { و فرش مرفوعة } أنها نساء أهل الجنة فسميت المرأة فراشا لما أنها تفرش و تبسط بالوطء عادة و دلالة الحديث من وجوه ثلاثة : .
أحدها : أن النبي عليه السلام أخرج الكلام مخرج القسمة فجعل الولد لصاحب الفراش و الحجر للزاني فاقتضى أن لا يكون الولد لمن لا فراش له كما لا يكون الحجر لمن لا زنا منه إذ القسمة تنفي الشركة .
و الثاني : أنه عليه الصلاة و السلام جعل الولد لصاحب الفراش و نفاه عن الزاني بقوله عليه السلام : و للعاهر الحجر لأن مثل هذا الكلام يستعمل في النفي .
و الثالث : أنه جعل كل جنس الولد لصاحب الفراش فلو ثبت نسب ولد لمن ليس بصاحب الفراش لم يكن كل جنس الولد لصاحب الفراش و هذا خلاف النص .
فعلى هذا إذا زنى رجل بامرأة فجاءت بولد فادعاه الزاني لم يثبت نسبه منه لانعدام الفراش و أما المرأة فيثبت نسبه منها لأن الحكم في جانبها يتبع الولادة على ما نذكر إن شاء الله تعالى و قد وجدت .
و كذلك لو ادعى رجل عبدا صبيا في يد رجل أنه ابنه من الزنا لم يثبت منه كذبه المولى فيه أو صدقه لما قلنا .
و لو هلك الولد بوجه من الوجوه عتق عليه لأنه أقر أنه مخلوق من مائة و إن ملك أمه لم تصر أم ولد له لأن أمومية الولد تتبع ثبات النسب و لم يثبت و كذلك لو كان هذا العبد لأب المدعي أو عمه لما ذكرنا .
و لو كان لابن المدعي فقال : هو ابني من الزنا يثبت نسبه منه و هو مخطىء في قوله من الزنا لأنه يصير متملكا الجارية عندنا قبيل الاستيلاد أو مقارنا له و لا يتحقق الوطء زنا مع ثبوت الملك و لو كان المدعي غير الأب فقال : هو ابني منها و لم يقل من الزنا فإن صدقه المولى ثبت نسبه منه و يكون عبدا لمولى الأم و إن كذبه لا يثبت النسب للحال و إذا ملكه المدعي يثبت النسب و يعتق عليه لأن الإقرار بالبنوة مطلقا عن الجهة محمول على جهة مصححة للنسب و هي الفراش إلا أنه لم يظهر نفاذه للحال لقيام ملك المولى فإذا ملكه زال المانع و كذلك لو قال : هو ابني من نكاح فاسد أو شراء فاسد و ادعى شبهة بوجه من الوجوه أو قال : أحلها لي الله إن صدقه المولى يثبت النسب و إن كذبه لم يثبت النسب ما دام عبدا فإذا ملكه يثبت النسب و يعتق عليه لأن العقد الفاسد ملحق بالصحيح في ثبات النسب و كذلك الشبهة فيه ملحقة بالحقيقة فكان هذا إقرار بالنسب بجهة مصححة للنسب شرعا إلا أنه امتنع ظهوره للحال لحق المولى فإذا زال ظهر و عتق لأنه ملك ابنه و إن ملك أمها كانت أم و لد له لأنه و جد سبب أمومية الولد و هو ثبوت النسب بناء على و جود سبب الثبوت و هو الإقرار بالنسب بجهة مصححة له شرعا إلا أنها توفقت على شرطها و هو الملك و قد و جد بخلاف الفصل الأول لأن هناك لم يوجد سبب أمومية الولد أصلا لانعدام سبب ثبوت النسب و هو الإقرار بجهة مصححة شرعا .
و على هذا إذا تصادق الزوجان على أن الولد من الزنا من فلان لا يثبت النسب منه و يثبت من الزوج لأن الفراش له .
و على هذا ادعى رجل صبيا في يد امرأة فقال : هو ابني من الزنا و قالت المرأة : هو من النكاح لا يثبت نسبه من الرجل و لا من المرأة لأن الرجل أقر أنه ابنه من الزنا و الزنا لا يوجب النسب و المرأة تدعى النكاح و النكاح لا بد له من حجة D و كذلك لو كان الأمر على العكس بأن ادعى الرجل أنه الرجل أنه ابنه من النكاح و ادعت المرأة أنه من الزنا لما قلنا .
و لو قال الرجل بعد ذلك في الفصل الأول : هو من النكاح أو قالت المرأة بعد ذلك في الفصل الثاني : هو من النكاح يثبت النسب و إن كان ذلك منهما تناقضا لأن التناقض ساقط الاعتبار شرعا في باب النسب كما هو ساقط الاعتبار شرعا في باب العتق لما ذكرنا و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و أما الثاني : فنسب الولد من المرأة يثبت بالولادة سواء كان بالنكاح أو السفاح لأن اعتبار الفراش إنما عرفناه بالحديث و هو قوله عليه الصلاة و السلام : [ الولد للفراش ] أي لمالك الفراش و لا فراش للمرأة لأنها مملوكة و ليست بمالكه فبقي الحكم في جانبها متعلقا بالولادة .
و إذا عرفت أن نسب الولد من الرجل لا يثبت إلا إذا صارت المرأة فراشا بأحد أمرين : أحدهما عقد النكاح و الثاني ملك اليمين إلا أن عقد النكاح يوجب الفراش بنفسه لكونه عقدا موضوعا لحصول الولد شرعا قال النبي عليه الصلاة و السلام : [ تناكحوا توالدوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة و لو بالسقط ] و كذا الناس يقدمون على النكاح لغرض التوالد عادة فكان النكاح سببا مفضيا إلى حصول الولد فكان سببا لثبات النسب بنفسه و يستوي فيه النكاح الصحيح و الفاسد إذا اتصل به الوطء لأن النكاح الفاسد ينعقد في حق الحكم عند بعض مشايخنا لوجود ركن العقد من أهله في محله و الفاسد ما فاته شرط من شرائط الصحة و هذا لا يمنع انعقاده في حق الحكم كالبيع الفاسد إلا أنه يمنع من الوطء لغيره و هذا لا يمنع ثبات النسب كالوطء في حالة الحيض و النفاس سواء كانت المنكوحة حرة أو أمة لأن المقصود من فراش الزوجية لا يختلف .
و أما ملك اليمين ففي أم الولد يوجب الفراش بنفسه أيضا لأنه ملك يقصد به حصول الولد عادة كملك النكاح فكان مفضيا إلى حصول الولد كملك النكاح إلا أنه أضعف منه لأنه لا يقصد به ذلك مثل ما يقصد بملك النكاح و كذا يحتمل النقل إلى غيره بالتزويج و ينتفي بمجرد النفي من غير لعان بخلاف ملك النكاح و أما في الأمة فلا يوجب الفراش بنفسه بالإجماع حتى لا تصير الأمة فراشا بنفس الملك بلا خلاف و هل تصير فراشا بالوطء ؟ اختلف فيه قال أصحابنا رضي الله تعالى عنهم : لا تصير فراشا إلا بقرينة الدعوة و قال الشافعي عليه الرحمة : تصير فراشا بنفس الوطء من غير دعوة و عبارة مشايخنا رحمهم الله في هذا الباب أن الفراش ثلاثة : فراش قوي و فراش ضعيف و فراش قوي و فراش وسط فالقوي فراش المنكوحة حتى يثبت النسب من غير دعوة و لا ينتفي إلا باللعان و الوسط فراش أم الولد حتى يثبت النسب من غير دعوة و ينتفي بمجرد النفي من غير لعان و الضعيف فراش الأمة حتى لا يثبت النسب فيه إلا بالدعوة عندنا خلافا للشافعي .
وجه قوله : أن ثبات النسب منه لحصول الولد من مائه و هذا يحصل بالوطء من غير دعوة لأن الوطء سبب لحصول الولد قصد منه ذلك أو لا .
و لنا : أن وطء الأمة لا يقصد به حصول الولد عادة لأنها لا تشترى للوطء عادة بل للاستخدام و الاسترباح و لو وطئت فلا يقصد به حصول الولد عادة لأن الولد لا يحصل إلا بترك العزل و الظاهر في الإماء هو العزل و العزل و العزل بدون رضاهن مشروع فلا يكون وطؤها سببا لحصول الولد إلا بقرينة الدعوة و لأنه لما ادعى علم بقرينة الدعوة أنه وطئها و لم يعزل عنها و الوطء من غير عزل سبب لحصول الولد فيثبت النسب حتى لو كان المولى وطئها و حصنها و لم يعزل عنها لا يحل له النفي فيما بينه و بين الله تعالى عز شأنه بل تلزمه الدعوى و الإقرار به لأنه إذا كان كذلك فالظاهر أنه ولده فلا يحل له نفيه فيما بينه و بين الله تعالى بلا خلاف بين أصحابنا رضي الله تعالى عنهم .
و اختلفوا فيما إذا وطئها و حصنها و لكن عزل عنها أو لم يعزل عنها و لكنه لم يحصنها قال أبو حنيفة Bه : يحل له النفي و قال أبو يوسف C : أحب إلى أن يدعو إذا كان وطئها و لم يعزل عنها و إن لم يحصنها .
و قال محمد عليه الرحمة : أحب إلى أن يعتق ولدها و يستمتع بأمه إلى أن يقرب موته فيعتقها .
وجه قول أبي يوسف : أنه إذا وطئها و لم يعزل عنها احتمل كون الولد منه فلا يحل له النفي بالشك و الاحتمال .
وجه قول أبي حنيفة : أنه إذا لم يحصنها احتمل كونه من غيره فلا يلزمه الإقرار به بالشك لأن غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك كما أن الثابت بيقين لا يزول بالشك .
وجه قول محمد : أنه إذا احتمل كونه من غيره لا يلزمه الإقرار به كما قاله أبو حنيفة C و لما احتمل كونه منه لا يجوز له النفي أيضا كما قاله أبو يوسف لكن يسلك فيه مسلك الاحتياط فيعتق الولد صيانة عن استرقاق الحر عسى و يستمتع بأمه لأن الاستمتاع بالأمة و أم الولد مباح و يعتقها عند موته صيانة عن استرقاق الحرة بعد موته عسى و يستوي في فراش الملك ملك كل المحل و بعضه و ملك الذات و ملك اليد في ثبوت النسب .
و بيان ذلك في مسائل : إذا حملت الجارية في ملك رجلين فجاءت بولد فادعاه أحدهما يثبت نسب الولد منه لأن ما له من الملك أوجب النسب بقدره إلا أن النسب لا يتجزأ فمتى ثبت في البعض يتعدى إلى الكل و تصير الجارية أم ولد له و عليه نصف قيمتها لشريكه و نصف العقر و لا يضمن قيمة الولد و هي من مسائل كتاب العتق .
و لو ادعياه جميعا معا فهو ابنهما و الجارية أم ولد لهما و هذا عندنا و عند الشافعي C هو ابن أحدهما و يتعين بقول القائف وجه قوله : أن خلق ولد واحد من ماء فحلين مستحيل عادة ما أجرى الله سبحانه و تعالى العادة بذلك إلا في الكلاب على ما قيل فلا يكون الولد إلا من أحدهما و يعرف ذلك بقول القائف فإن الشرع ورد بقبول قول القائف في النسب فإنه [ روى أن قائفا مر بأسامة و زيد و هما تحت قطيفة واحدة قد غطى وجوههما و أرجلهما بادية فقال : إن هذه الأقدام يشبه بعضها بعضا فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم ففرح بذلك حتى كادت تبرق أسارير وجهه عليه الصلاة و السلام قول القائف حيث لم يرد عليه بل قرره بإظهار الفرح ] .
و لنا : إجماع الصحابة Bهم فإنه روي أنه وقعت هذه الحادثة في زمن سيدنا عمر Bه فكتب إلى شريح لبسا عليهما و لو بينا لبين لهما هو ابنهما يرثهما و يرثانه و كان ذلك بمحضر من الصحابة و لم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون إجماعا لأن سبب استحقاق النسب بأصل الملك و قد وجد لكل واحد منهما فيثبت بقدر الملك حصة للنسب ثم يتعدى لضرورة عدم التجزي فيثبت نسبه من كل واحد منهما على الكمال .
و أما فرح النبي عليه الصلاة و السلام و ترك الرد و النكر فاحتمل أنه لم يكن لاعتباره قول القائف حجة بل لوجه آخر و هو أن الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة Bه و كانوا يعتقدون القيافة فلما قال القائف : ذلك فرح رسول الله صلى الله عليه و سلم لظهور بطلان قولهم بما هو حجة عندهم فكان فرحه في الحقيقة بزوال الطعن بما هو دليل الزوال عندهم و المحتمل لا يصلح حجة .
و كذلك لو كانت الجارية بين ثلاثة أو أربعة أو خمسة فادعوه جميعا معا فهو ابنهم جميعا ثابت نسبه منهم و الجارية أم ولد لهم عند أبي حنيفة و قال أبو يوسف : لا يثبت من أكثر من اثنين و قال محمد : لايثبت من أكثر من ثلاثة .
وجه قول أبي يوسف : أن القياس يأبى ثبوت النسب من أكثر من رجل واحد لما ذكرنا للشافعي إلا أنا تركنا القياس في رجلين بأثر سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه فبقي حكم الزيادة مردودا إلى أصل القياس .
وجه قول محمد : أن الحمل الواحد يجوز أن يكون ثلاثة أولاد و كل واحد منهم يجوز أن يخلق من ماء على حدة و قد جاء عن إبراهيم النخعي C أنه أثبت النسب من ثلاثة فأما الزيادة على الثلاثة في بطن واحد فنادر غاية الندرة فالشرع الوارد في الاثنين يكون واردا في الثلاثة .
و لأبي حنيفة : أن الموجب لثبات النسب لا يفصل بين عدد الاثنين و الخمسة فالفصل بين عدد و عدد يكون تحكما من غير دليل و سواء كانت الأنصباء متفقة أو مختلفة بأن كان لأحدهم السدس وللآخر الربع و للآخر الثلث و ما بقي فالولد ابنهم جميعا فحكم النسب لا يختلف لأن سبب ثبات النسب هو أصل الملك لا صفة المالك و الله سبحانه و تعالى أعلم