وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك .
فصل : و أما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك فهو كاختلاف المتبايعين في قدر الثمن أو المبيع فنقول جملة الكلام فيه أن المتبايعين إذ اختلفا فلا يخلو إما إن اختلفا في الثمن و إما إن اختلفا في المبيع فإن اختلفا في الثمن فلا يخلو إما إن اختلفا في قدر الثمن و إما إن اختلفا في وقته و هوالأجل فإن اختلفا في قدره بأن قال البائع : بعت منك هذا العبد بألفي درهم و قال المشتري : اشتريت بألف فهذا لا يخلو إما إن كانت السلعة قائمة و إما إن كانت هالكة فإن كانت قائمة فأما إن كانت قائمة على حالها لم تتغير و أما إن تغيرت إلى الزيادة أو إلى النقصان فإن كانت قائمة على حالها لم تتغير تحالفا و ترادا سواء كان قبل القبض أو بعده أما قبل القبض فلأن كل واحد منهما مدعي و مدعى عليه من وجه .
لأن البائع يدعي على المشتري زيادة ثمن و هو ينكر و المشتري يدعي على البائع تسليم المبيع إليه عند أداء الألف و هو ينكر فيتحالفان لقوله عليه الصلاة و السلام : [ و اليمين على من أنكر ] و أما بعد القبض فكان ينبغي أن لا يحلف البائع و يكون القول قول المشتري مع يمينه لأن المشتري لا يدعي على البائع شيئا لسلامة المبيع له و البائع يدعي على المشتري زيادة ثمن و هو ينكر فكان القول قوله مع يمينه إلا أنا عرفنا التحالف و هو الحلف من الجانبين بنص خاص و هو قوله عليه الصلاة و السلام : [ إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا ] و يبدأ بيمين المشتري في ظاهر الرواية و هو قول محمد و أبي يوسف الآخر .
و في قوله : الأول يبدأ بيمين البائع و يقال : إنه قول أبي حنيفة C .
و الصحيح جواب ظاهر الرواية لأن اليمين وظيفة المنكر و المشتري أشد إنكارا من البائع لأنه منكر في الحالين جميعا قبل القبض و بعده و البائع بعد القبض ليس بمنكر لأن المشتري لا يدعي عليه شيئا فكان أشد إنكارا منه و قبل القبض إن كان منكرا لكن المشتري أسبق إنكارا منه لأنه يطالب أولا بتسليم الثمن حتى يصير عينا و هو ينكر فكان أسبق إنكارا من البائع فيبدأ بيمينه فإن نكل لزمه دعوى البائع لأن النكول بذل أو إقرار و إن حلف يحلف البائع ثم إذا تحالفا هل ينفسخ البيع بنفس التحالف أو يحتاج فيه إلى فسخ القاضي .
اختلف المشايخ رحمهم الله فيه قال بعضهم : ينفسخ ينفس التحالف لأنهما إذا تحالفا لم يكن في بقاء العقد فائدة فينفسخ .
و قال بعضهم : لا ينفسخ إلا بفسخ القاضي عند طلبهما أو طلب أحدهما و هو الصحيح حتى لو أراد أحدهما إمضاء البيع بما يقوله صاحبه فله ذلك من غير تجديد العقد لأن احتمال الفائدة ثابت لاحتمال التصديق من أحدهما لصاحبه و العقد المنعقد لفائدة محتملة الوجود و العدم لأنه انعقد بيقين فلا يزول لاحتمال عدم الفائدة على الأصل المعهود في الثابت بيقين لأنه لا يزول بالاحتمال فلا ينفسخ إلا بفسخ القاضي و له أن يفسخ لانعدام الفائدة للحال و لأن المنازعة لا تندفع إلا بفسخ القاضي لأنهما تحالفا صار الثمن مجهولا فيتنازعان فلا بد من قطع المنازعة و لا تنقطع إلا بالقضاء بالفسخ .
هذا إذا كانت السلعة قائمة بعينها من غير تغير فأما إذا كانت تغيرت ثم اختلفا في قدر الثمن فلا يخلو أما إن تغيرت إلى الزيادة و إما إن تغيرت إلى النقصان فإن كان التغيير إلى الزيادة فإن كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالسمن و الجمال منعت التحالف عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله و عند محمد C : لا تمنع و يرد المشتري العين بناء على أن هذه الزيادة تمنع الفسخ عندهما في عقود المعاوضات فتمنع التحالف و عنده لا تمنع الفسخ فلا تمنع التحالف .
و إن كانت الزيادة متصلة غير متولدة من الأصل كالصبغ في الثوب و البناء و الغرس في الأرض فكذلك تمنع التحالف عندهما و عنده لا تمنع و يرد المشتري القيمة لمن هما عنده لأن هذا النوع من الزيادة بمنزلة الهلاك و هلاك السلعة يمنع التحالف عندهما و عنده لا يمنع و يرد المشتري الزيادة و إن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد و الأرش و العقر فهو على هذا الاختلاف .
و إن كانت الزيادة متصلة غير متولدة من الأصل كالموهوب في المكسوب لا تمنع التحالف إجماعا فيتحالفان و يرد المشتري العين لأن هذه الزيادة لا تمنع الفسخ في عقود المعاوضات فلا تمنع التحالف .
و كذا هي ليست في معنى هلاك العين فلا تمنع التحالف و إذا تحالفا يرد المشتري دون الزيادة و كانت الزيادة له لأنها حدثت على ملكه و تطيب له لعدم تمكن الحنث فيها .
هذا إذا تغيرت السلعة إلى الزيادة فأما إذا تغيرت إلى النقصان في يد المشتري فنذكر حكمه إن شاء الله تعالى .
هذا إذا كانت السلعة قائمة فأما إذا كانت هالكة فلا يتحالفان عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله و القول قول المشتري مع يمينه في مقدار الثمن فإن حلف لزمه ما أقر به و إن نكل لزمه دعوى صاحبه و عند محمد C يتحالفان و يرد المشتري القيمة فإن اختلفا في مقدار القيمة على قوله كان القول قول المشتري مع يمينه في مقدار القيمة و لقب المسألة : أن هلاك السلعة هل يمنع التحالف ؟ .
عندهما يمنع و عنده لا يمنع و احتج بقوله عليه الصلاة و السلام : [ إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا ] .
أثبت عليه الصلاة و السلام التحالف مطلقا عن شرط قيام السلعة و لا يقال : ورد هنا نص خاص مقيد بحال قيام السلعة و هو قوله عليه الصلاة و السلام : [ إذا اختلف المتبايعان و السلعة قائمة بعينها تحالفا و ترادا ] لأن المذهب عندنا أن المطلق لا يحمل على المقيد لما في الحمل من ضرب النصوص بعضها في بعض بل يجري المطلق على إطلاقه و المقيد على تقييده فكان جريان التحالف حال قيام السلعة ثابتا بنصين و حال هلاكها ثابتا بنص واحد و هو النص المطلق و لا تنافي بينهما فيجب العمل بهما جميعا .
و لهما : الحديث المشهور و هو قوله عليه الصلاة و السلام : [ و اليمين على من أنكر ] فبقي التحالف و هو الحلف من الجانبين بعد قبض المعقود عليه لأنه عليه الصلاة و السلام أوجب جنس اليمين على جنس المنكرين فلو وجبت يمين لا على منكر لم يكن جنس اليمين على جنس المنكرين و هذا خلاف النص و المنكر بعد قبض المعقود عليه هو المشتري لأن البائع يدعي عليه زيادة ثمن و هو ينكر .
فأما الإنكار من قبل البائع فلأن المشتري لا يدعي عليه شيئا فكان ينبغي أن لا يجب التحالف حال قيام السلعة أيضا إلا أنا عرفنا ذلك بنص خاص مقيد و هو قوله عليه السلام : إذا اختلف المتبايعان و السلعة قائمة بعينها تحالفا و ترادا .
و هذا القيد ثابت في النص الآخر أيضا دلالة لأنه قال عليه الصلاة و السلام : [ و ترادا ] و التراد لا يكون إلا حال قيام السلعة فبقي التحالف حال هلاك السلعة منبتا بالخبر المشهور و يستوي هلاك كل السلعة و بعضها في المنع من التحالف أصلا عند أبي حنيفة .
و عند أبي يوسف هلاك السلعة يمنع التحالف في قدر الهالك لا غير و عند محمد لا يمنع أصلا حتى لو اشترى عبدين فقبضهما ثم هلك أحدهما ثم اختلفا في مقدار الثمن فالقول قول المشتري عند أبي حنيفة و لا يتحالفان إلا أن يرضي البائع أن يأخذ القائم و لا يأخذ من ثمن الهالك شيئا فحينئذ يتحالفان .
و عند أبي يوسف لا يتحالفان على الهالك و القول قول المشتري في حصة الهالك و يتحالفان على القائم و يترادان و عند محمد يتحالفان عليهما و يرد قيمة الهالك أما محمد C فقد مر على أصله لأن هلاك كل السلعة عنده لا يمنع التحالف فهلاك البعض أولى .
و كذلك لأبي يوسف لأن المانع من التحالف هو الهلاك فيتقدر المنع بقدره تقديرا للحكم بقدر العلة و لأبي حنيفة .
: أن الحديث ينفي التحالف بعد قبض السلعة لما ذكرنا إلا أنا عرفنا ذلك بنص خاص و النص ورد في حال قيام كل السلعة فبقي التحالف حال هلاك بعضها منفيا بالحديث المشهور و لأن قدر الثمن الذي يقابل القائم مجهول لا يعرف إلا بالحرز و الظن فلا يجوز التحالف عليه إلا إذا شاء البائع أن يأخذ الحي و لا يأخذ من ثمن الهالك شيئا فحينئذ يتحالفان لأنه رضي أن يكون الثمن كله بمقابلة القائم فيخرج الهالك عن العقد كأنه ما وقع العقد عليه و إنما وقع على القيام فيتحالفان عليه و سواء كان هلاك المبيع حقيقة أو حكما بأن خرج عن ملك المشتري بسبب من الأسباب لأن الهالك حكما يلحق بالهالك حقيقة و قد مر الاختلاف فيه و سواء خرج كله أو بعضه عند أبي حنيفة و أبي يوسف فخروج البعض في المنع من التحالف بمنزلة خروج الكل عندهما لأن التحالف هنا يؤدي إلى تفريق الفقة على البائع و هذا لا يجوز إلا أن يرضى البائع أن يأخذ القائم و حصة الخارج من الثمن بقول المشتري فحينئذ يتحالفان على القائم و يرد المشتري ما بقي في ملكه و عليه حصة بقوله و هذا عند أبي يوسف فأما عند أبي حنيفة فلا يتحالفان في الأحوال كلها و أما عند محمد فيتحالفان لأن الحقيقي لا يمنع التحالف عنده فالحكمي أولى ثم هلاك الكل بأن خرج كله عن ملكه لا يمنع التحالف فهلاك البعض أولى و إذا تحالفا عنده فإن هلك كل المبيع بأن خرج كله عن ملكه يرد المشتري القيمة إن لم يكن مثليا و المثل إن كان مثليا .
و إن هلك بعضه بأن خرج البعض عن ملكه دون البعض ينظر إن كان المبيع مما في تبعيضه ضرر أو في تشقيصه عيب البائع بعد التحالف بالخيار إن شاء أخذ الباقي و قيمته الهالك و إن شاء ترك الباقي و أخذ قيمته الكل و أن كان المبيع مما لا ضررفي تبعيضه و لا عيب في تشقيصه فللبائع أن يأخذ الباقي و مثل الفائت إن كان مثليا وقيمته إن لم يكن مثليا .
ولو خرجت السلعة عن ملك المشتري ثم عادت إله ثم اختلفا في مقدار الثمن نظر في ذلك إن كان العود فسخا بأن و جد به عيبا فرده بقضاء القاضي يتحالفان و يرد العين لأن الفسخ رفع من الأصل فجعل كأنه لم يكن و إذا لم يكن العود فسخا بأن كان ملكا جديدا لا يتحالفان عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله لأن العود إذا لم يكن فسخا لا يتبين أن الهلاك لم يكن و الهلاك يمنع التحالف عندهما و عند محمد يتحالفان و يرد المشتري القيمة لا العين .
و كذلك لو لم يخرج المبيع عن ملكه لكنه صار بحال يمنع الرد بالعيب كان إما بالزيادة و إما بالنقصان أما حكم الزيادة فقد مر تفصيل الكلام فيه و أما حكم النقصان فيخرج على هذا الأصل لأن النقصان من باب الهلاك فنقول : إذا انتقص المبيع في يد المشتري ثم اختلفا في مقدار الثمن لم يتحالفا عندهما سواء كان النقصان بآفة سماوية أو يفعل المبيع أو يفعل المشتري أو بفعل الأجنبي او بفعل البائع لأن نقصان المبيع هلاك جزء و هلاك الجزء في المنع من التحالف كهلاك الكل على أصل أبي حنيفة Bه فلا يتحالفان و القول قول المشتري إلا إذا كان النقصان بآفة سماوية او بفعل المبيع أو بفعل المشتري و رضي البائع أن يأخذ المبيع ناقصا و لا يأخذ لأجل النقصان شيئا فحينئذ يتحالفان و يترادان و عند محمد يتحالفان ثم البائع بعد التحالف بالخيار إن شاء أخذ المبيع ناقصا و لا يأخذ لأجل النقصان شيئا رواية إن شاء ترك و أخذ القيمة .
و قال بعضهم : على قول محمد إن اختار أخذ العين يأخذ معهاالنقصان كالمقبوض بالبيع الفاسد و إن كان النقصان بفعل الأجنبي أو بفعل البائع يتحالفان و يرد المشتري القيمة عنده و عندهما لا يتحالفان و القول قول المشتري مع يمينه هذا إذا اختلفا في قدر الثمن فأما إذا اختلفا في جنسه بأن قال أحدهما : الثمن عين و قال الآخر : هو دين فإن كان مدعي العين هو البائع بأن قال للمشتري : بعت منك جاريتي بعبدك هذا .
و قال المشتري للبائع : اشتريتها منك بألف درهم فإن كانت الجارية قائمة تحالفا و تردا لقوله عليه الصلاة و السلام : [ إذا اختلف المتبايعان و السلعة قائمة تحالفا و ترادا ] من غير فصل بين ما إذا كان الاختلاف في قدر الثمن أو في جنسه .
و إن كانت هالكة عند المشتري لا يتحالفان عند أبي حنيفة و أبي يوسف و القول قول المشتري في الثمن مع يمينه و عند محمد يتحالفان و هي مسألة هلاك السلعة و قد مرت و إن كان مدعي العين هو المشتري بأن قال : اشتريت جاريتك بعبدي هذا .
و قال البائع : بعتها منك بألف درهم أو بمائة دينار فإن كانت الجارية قائمة يتحالفان بالنص و إن كانت هالكة يتحالفان أيضا إجماعا و يرد المشتري القيمة أما على أصل محمد فظاهر لأن هلاك السلعة عنده لا يمنع التحالف و أما على أصلهما فلأن وجوب اليمين على المشتري ظاهر أيضا لأن البائع يدعي عليه ثمن الجارية ألف درهم و هو ينكر .
و أما وجوب اليمين على البائع فلأن المشتري يدعي عليه إلزم العين و هو ينكر فكان كل واحد منهما مدعيا من وجه منكرا من وجه فيتحالفان و لو كان البائع يدعي عينا و البعض دينا و المشتري يدعي الكل دينا بأن قال البائع : بعت منك جاريتي بعبدك هذا و بألف درهم .
و قال المشتري : اشتريت جاريتك بألف درهم فإن كان المبيع و هو الجارية قائما تحالفا بالنص و إن كان هالكا فهو على الاختلاف و لو كان الأمر على العكس من ذلك كأن يدعي البعض عينا و البعض دينا و البائع يدعي الكل دينا بأن قال المشتري : اشتريت منك جاريتك بعبدي هذا و بألف درهم و قيمة العبد خمسمائة .
و قال البائع : بعتك جاريتي هذه بألف درهم فإن كانت الجارية قائمة تحالفا و ترادا بالنص و إن كانت هالكة يتحالفان أيضا إجماعا إلا أن عندهما تقسم الجارية على قيمة العبد و على ألف درهم فما كان بإزاء العين و هو العبد و ذلك ثلث الجارية يرد المشتري القيمة و ما كان بإزاء الدين و هو الألف و ذلك ثلثا الجارية يرد ألف درهم و لا يرد القيمة و إنما كان بذلك لأن المشتري لو كان يدعي كل الثمن عينا كانا يتحالفان و يرد المشتري القيمة على ما ذكرنا .
و لو كان الثمن دينا لكان القول قوله و لا يتحالفان على ما مر فإذا كان يدعي بعض الثمن عينا و بعضه دينا يرد القيمة بإزاء العين فالقول قوله بإزاء الدين اعتبارا للبعض بالكل و عند محمد يتحالفان و يرد المشتري جميع الثمن .
هذا إذا اختلفا في جنس الثمن فأما إذا اختلفا في وقته و هو الأجل مع اتفاقهما على قدره و جنسه فنقول : هذا لا يخلو من أربعة أوجه : إما إن اختلفا في أصل الأجل و إما إن اختلفا في قدره و إما إن اختلفا في مضيه و إما إن اختلفا في قدره و مضيه جميعا فإن اختلفا في أصله لا يتحالفان و القول قول البائع مع يمينه لأن الأجل أمر يستفاد من قبله و هو منكر لوجوده و لأن الأصل في الثمن هو الحلول و التأجيل عارض فكان القول قول من يدعي الأصل و إن اختلفا في قدره فالقول قوله أيضا لما قلنا .
و إن اختلفا في مضيه مع اتفاقهما على اصله و قدره فالقول قول المشتري أنه لم يمض لأن الأجل صار حقا له بتصادقهما فكان القول فيه قوله و إن اختلفا في القدر و المضي جميعا فقال البائع : الأجل شهر و قد مضى و قال المشتري : شهران و لم يمضيا فالقول قول البائع في القدر و القول قول المشتري في المضي فيجعل الأجل شهرا لم يمض لأن الظاهر يشهد للبائع في القدر و للمشتري في المضي على ما مر .
هذا إذا هلك كله أو بعضه حقيقة أو حكما فأما إذا هلك العاقدان أو أحدهما و المبيع قائم فاختلف ورثتهما أو الحي منهما و ورثة الميت فإن كانت السلعة غير مقبوضة تحالفا و ترادا لأن للقبض شبها بالعقد فكان قبض المعقود عليه من الوارث بمنزلة ابتداء العقد منه فيجري بينهما التحالف إلا أن الوارث يحلف على العلم لا على البتات لأنه يحلف على فعل الغير و لاعلم له به و إن كانت السلعة مقبوضة فلا تحالف عندهما و القول قول المشتري أو ورثته بعد موته و عند محمد يتحالفان .
و الأصل أن هلاك العاقد بعد قبض المعقود عليه كهلاك المعقود عليه و هلاك المعقود عليه يمنع التحالف عندهما فكذا هلاك العاقد و عند محمد ذلك لايمنع من التحالف كذا هذا .
و الصحيح قولهما لأن الخبر المشهور يمنع من التحالف لكنا عرفناه بنص خاص حال قيام العاقدين لأنه يوجب تحالف المتبايعين و المتبايع من وجد منه فعل البيع و لم يوجد من الوارث حقيقة فبقي التحالف بعد هلاكهما أو هلاك أحدهما منفيا بالخبر المشهور .
هذا إذا اختلفا في الثمن : أما إذا اختلفا في المبيع فنقول : لا يخلو المبيع من أن يكون عينا أو دينا و هو المسلم فيه فإن كان عينا فاختلفا في جنسه أو في قدره بأن قال البائع : بعت منك هذا العبد بألف درهم و قال المشتري : اشتريت منك هذه الجارية بألف درهم أو قال البائع : بعت منك هذا العبد بألف درهم و قال المشتري : اشتريت منك هذا العبد مع هذه الجارية بألف درهم تحالفا و ترادا لقوله عليه الصلاة و السلام : [ إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا ] .
و إن كان دينا و هو مسلم فيه فاختلفا فنقول : اختلافهما في الأصل لا يخلو من ثلاثة أوجه : إما إن اختلفا في المسلم فيه مع اتفاقهما على رأس المال و إما إن اختلفا في رأس المال مع اتفاقهما في مسلم فيه .
و إما إن اختلفا فيهما جميعا فإن اختلفا في المسلم فيه مع اتفاقهما على رأس المال فأما إن اختلفا في جنس المسلم فيه و أما إن اختلفا في قدره و أما إن اختلفا في صفته و أما إن اختلفا في مكان إيفائه و أما إن اختلفا في و قته و هو الأجل فإن اختلفا في جنسه أو قدره أو صفته تحالفا و ترادا لأن هذا اختلاف في المعقود عليه و أنه يوجب التحالف بالنص و الذي يبدأ باليمين هو المسلم إليه في قول أبي حنيفة و هو قول أبي يوسف الأول و في قوله الآخر و هو قول محمد هو رب السلم .
وجه قولهما : أن الابتداء باليمين من المشتري كما في بيع ورب السلم هو المشتري فكانت البداية به .
و لأبي حنيفة C : أن اليمين على المنكر و المنكر هو المسلم إليه و لا إنكار مع رب السلم فكان ينبغي أن لا يحلف أصلا إلا أن التحليف في جانبه ثبت بالنص .
و قد روى عن أبي يوسف أيضا أنه قال : أيهما بدأ بالدعوى يستحلف الآخر لأنه صار مدعيا عليه و هو منكر و قال بعضهم : التعيين إلى القاضي يبدأ بأيهما شاء و إن شاء أقرع بينهما فيبدأ بالذي خرجت قرعته و لو اختلفا في مكان إيفاء المسلم فيه فقال رب السلم : شرطت عليك الإيفاء في مكان كذا و قال المسلم إليه : بل شرطت لك الايفاء في مكان كذا فالقول قول المسلم إليه و لا يتحالفان عند أبي حنيفة و عندهما يتحالفان بناء على أن مكان الاالعقد لا يتعين مكان الإيفاء عنده حتى كان ترك بيان مكان الايفاء مفسدا للسلم عنده فلم يدخل مكان الايفاء في العقد بنفسه بل بالشرط و الاختلاف فيما لا يدخل في العقد إلا بالشرط لا يوجب التحالف كالأجل و عندهما مكان العقد يتعين مكانا الإيفاء حتى لا يفسد السلم بترك بيان مكان الإيفاء عندهم فكان المكان داخلا في العقد من غير شرط فيوجب التحالف .
و إن اختلفا في و قت المسلم فيه و هو الأجل فنقول : لا يخلو إما إن اختلفا في أصل الأجل و إما إن اختلفا في قدره وإما إن اختلفا في مضيه و إما إن اختلفا في قدره و مضيه جميعا فإن اختلفا في أصل الأجل لم يختلفا عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر تحالفا و ترادا و احتج بإطلاق قوله E : [ إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا ] و لأن الاختلاف في أصل المسلم فيه كالاختلاف في صفته ألا ترى أنه لا صحة للسلم بدون الأجل كما لا صحة له بدون الوصف فصار الأجل و صفا للمعقود عليه شرعا فيوجب التحالف .
و لنا : أن الأجل ليس بمعقود عليه و الاختلاف فيما ليس بمعقود عليه لا يوجب التحالف بخلاف الاختلاف في الصفة لأن الصفة في الدين معقود عليه كالأجل و الاختلاف في الأجل يوجب التحالف فكذا في الصفة و إذا لم يتحالفا فإن كان مدعي الأجل هو رب السلم فالقول قوله و يجوز السلم لأنه يدعى صحة العقد و السلم إليه يدعى الفساد و القول قول مدعي الصحة و لأن المسلم إليه متعنت في إنكار الأجل لأنه ينفعه و المتعنت لا قول له و إن كان هو المسلم إليه فالقول قوله عند أبي حنيفة و يجوز السلم استحسانا و القياس أن يكون القول قول رب السلم و يفسد السلم وهو قولهما .
وجه القياس : أن الأجل أمر يستفاد من قبل رب السلم حقا عليه شرعا و أنه منكر ثبوته و القول قول المنكر في الشرع .
وجه الاستحسان : أن المسلم إليه بدعوى الأجل يدعى صحة العقد و رب السلم بالإنكار يدعى فساده فكان القول قول من يدعى الصحة لأن الظاهر شاهد له إذ الظاهر من حال المسلم اجتناب المعصية و مباشرة العقد الفاسد معصية و إذا كان القول قوله في أصل الأجل كان القول قوله في مقدار الأجل أيضا .
و قال بعضهم : القول قوله إلى شهر لأن أدنى الآجال فأما الزيادة على شهر فلا تثبت إلا بالبينة و إن اختلفا في قدره لم يتحالفا عندنا خلافا لزفر و القول قول قول رب السلم : لما ذكرنا أن الأجل أمر يستفاد من قبله فيرجع في بيان القدر إليه و إن اختلفا في مضيه فالقول قول المسلم إليه : و صورته إذا قال رب السلم : كان الأجل شهرا و قد مضى و قال المسلم إليه : كان شهرا و لم يمض و إن أخذت السلم الساعة كان القول قول المسلم إليه لأنهما لما تصادقا على أصل الأجل و قدره فقد صار الأجل حقا للمسلم إليه فكان القول في المضي قوله و إن اختلفا في قدره و مضيه جميعا فالقول قول رب السلم في القدر و قول المسلم إليه في المضي لأن الظاهر يشهد لرب السلم في القدر و للسلم إليه في المضي .
هذا إذا اختلفا في المسلم فيه مع اتفاقهما على رأس المال فأما إذا اختلفا في رأس المال مع اتفاقهما في المسلم فيه تحالفا و ترادا أيضا سواء اختلفا في جنس رأس المال أو قدره أو صفته لما قلنا في الاختلاف في المسلم فيه إلا أن الذي يبدأ باليمين ههنا هو رب السلم في قولهم جميعا لأنه المشتري و هو المنكر أيضا و إن اختلفا فيهما جميعا فكذلك تحالفا و ترادا لأنهما اختلفا في المبيع و الثمن و الاختلاف في أحدهما يوجب التحالف ففيهما أولى و القاضي يبدأ باليمين بأيهما شاء و الله سبحانه و تعالى أعلم