وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يرجع إلى المشهود به .
و أما الذي يرجع إلى المشهود به : فمنها أن تكون الشهادة بمعلوم فإن كانت بمجهول لم تقبل لأن علم القاضي بالمشهود به شرط صحة قضائه فما لم يعلم لا يمكنه القضاء به .
و على هذا يخرج ما إذا شهد رجلان عن القاضي أن فلانا وارث هذا الميت لا وارث له غيره أنه لا تقبل شهادتهما لأنها شهدا بمجهول لجهالة الوارث أسباب الوراثة واختلاف أحكامها فلا بد أن يقولو : ابنه و وارثه لا يعلمون له وارثا غيره أو أخوه لأبيه و أمه لا يعلمون له وارثا غيره و قوله لا يعلمون له وارثا غيره لئلا يتلوم القاضي لا لأنه من الشهادة عند محمد C لجنس هذه المسائل بابا في الزيادات يعرف ثمنه إن شاء الله تعالى .
و منها : أن يكون المشهود به معلوما عند آداء الشهادة حتى لو ظن لا تحل له الشهادة و إن راى خطه و ختمه و أخبره الناس بما يتذكر بنفسه و هذا عند أبي حنيفة Bه و عندهما إن رأى خطه وختمه له يشهد نحو ماتقدم من الخلاف و الحجج من الجانبين .
و أما الذي يخص المكان فواحد و هو مجلس القاضي لأن الشهادة لا تصير حجة ملزمة إلا بقضاء القاضي فتختص بمجلس القضاء و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و أما الشرائط التي تخص بعض الشهاداة دون البعض فأنواع أيضا : .
منها : الدعوى في الشهادة القائمة على حقوق العبادة من المدعي بنفسه أو نائبه لأن الشهادة في هذا الباب شرعت لتحقيق قول المدعي و لا يتحقق قوله إلا بدعواه إما بنفسه و إما بنائبه .
و أما حقوق الله تبارك و تعالى : فلا يشترط فيها الدعوى كأسباب الحرمات من الطلاق و غيره و أسباب الحدود الخالصة حقا لله تعالى إلا أنه شرطت الدعوى في باب السرقة لأن كون المسروق ملكا لغير السارق شرط كون الفعل سرقة شرعا و لا يظهر ذلك إلا بالدعوى فشرطت الدعوى لهذا و اختلف في عتق العبد أنه حق للعبد فتشترط فيه الدعوى أو حق الله تعالى فلا تشترط فيه الدعوى مع الاتفاق على أن عتق الأمة حق الله تعالى لما علم من الخلاف في كتاب العتاق و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و منها : العدد في الشهادة بما يطلع عليه الرجال لقوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } .
و قوله سبحانه و تعالى : { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } و لأن الواجب على الشاهد إقامة الشهادة لله D الآية و هو قوله تعالى { و أقيموا الشهادة لله } تعالى و قوله تعالى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } و لا تقع الشهادة لله إلا وأن تكون خالصة عن جر النفع و معلوم أن في الشهادة منفعة للشاهد من حيث التصديق لأن من صدق قوله يتلذذ به فلو قبل قول الفرد لم تخل شهادته عن جر النفع إلى نفسه فلا يخلص لله D .
فشرط العدد في الشهادة ليكون كل واحد مضافا إلى قول صاحبه فتصفو الشهادة لله عز شأنه و لأنه إذا كان فردا يخاف عليه السهو و النسيان لأن الإنسان مطبوع على السهو و الغفلة فشرط العدد في الشهادة ليذكر البعض البعض عند اعتراض السهو و الغفلة كما قال الله تعالى في إقامة امرأتين مقام رجل في الشهادة : { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } ثم الشرط عدد المثنى في عموم الشهادات القائمة على ما يطلع عليه الرجال إلا في الشهادة بالزنا فإنه يشترط فيها عدد الأربعة لقوله تعالى : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } و قوله تعالى : { فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } و لأن الشهادة في هذا الباب أحد نوعي الحجة فتعتبر بالنوع الآخر و هو الإقرار ثم عدد القارير الأربعة شرط ظهور الزنا عندنا فكذا عدد الشهود الأربعة بخلاف سائر الحدود فإنه لا يشترط العدد في الإقرار لظهورها فكذا في الشهادة و لأن عدد الأربعة في الزنا ثبت نصا بخلاف القياس لأن خبر من ليس بمعصوم من كذب لا يخلو عن احتمال الكذب و عدد الربعة في احتمال الكذب مثل عدد المثنى ما لم يدخل في حد التواتر لكنا عرفناه شرطا بنص خاص معدولا به عن القياس فبقي سائر الأبواب على أصل القياس .
و أما فيما لا يطلع عليه الرجال كالولادة و العيوب الباطنة في النساء فالعدد فيه ليس بشرط عندنا فتقبل فيه شهادة امرأة واحدة و الثنتان أحوط و عند مالك و الشافعي رحمهما الله إن العدد فيه شرط إلا أن عند مالك C يكتفي فيه بامرأتين و عند الشافعي C لا بد من الأربع .
وجه قول مالك : أن شهادة الرجال لما سقط اعتبارها في هذا الباب لمكان الضرورة و جب الاكتفاء بعددهم من النساء .
و وجه قول الشافعي C : أن الشرع أقام كل امرأتين في باب الشهادة مقام رجل واحد ثم لا يكتفي بأقل من رجلين فلا يكتفي بأقل من أربع نسوة .
و لنا : أن شرط العدد في الشهادة في الأصل ثبت تعبدا غير معقول المعنمى لأن خبر من ليس بمعصوم عن الكذب لا يفيد العلم قطعا و يقينا و إنما يفيد غالب الرأي و أكثر الظن و هذا ثبت بخبر الواحد العدل و لهذا لم يشترط العدد في رواية الخبار إلا أنا عرفنا العدد فيها شرطا بالنص و النص ورد بالعدد في شهادة النساء في حالة مخصوصة و هي أن يكون معهن رجل بقوله تعالى عز شأنه : { فرجل و امرأتان } فبقيت حالة الانفراد عن الرجال على أصل القياس و قد روى : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل شهادة القابلة على الولادة .
و لو شهد رجل واحد بالولادة يقبل لأنه لما قبل شهادة امرأة واحدة فشهادة رجل واحد أولى و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و منها : اتفاق الشهادتين فيما يشترط فيه العدد فإن اختلفا لم تقبل لأن اختلافهما يوجب اختلاف الدعوى و الشهادة و لأن عند اختلاف الشهادتين لم يوجد إلا أحد شطري الشهادة و لا يكتفي به فيما يشترط فيه العدد ثم نقول : الاختلاف قد يكون في جنس المشهود به و قد يكون في قدره و قد يكون في الزمان و قد يكون في المكان و غير ذلك .
أما اختلافهما في الجنس فقد يكون في العقد و قد يكون في المال أما في العقد أن فهو يشهد أحدهما بالبيع و الآخر بالميراث أو بالهبة أو غير ذلك فلا تقبل لاختلاف العقدين صورة و معنى فقد شهد كل واحد منهما بعقد غير ما شهد به الآخر و ليس على أحدهما على أحدهما شهادة شاهدين .
و أما في المال فهو أن يشهد أحدهما بمكيل و الآخر بموزون فلا تقبل لأنهما جنسان مختلفان و ليس على أحدهما شهادة شاهدين .
و أما اختلاف الشهادة في قدر المشهود به فنحو : ما إذا ادعى رجل على ألفي درهم و أقام شاهدين شهد أحدهما بألفين و الآخر بألف لا تقبل عند أبي حنيفة C أصلا و عندهما تقبل على الألف .
و لو كان المدعي يدعي ألفا و خمسمائة فشهد أحدهما بألف و خمسمائة و الآخر بألف تقبل على الألف بالإجماع .
و جه قولهما : أن الشهادة لم تخالف الدعوى في قدر الألف بل وافقتها بقدرها إلا أن المدعي يدعى زيادة مال لا شهادة لهم عليه فيثبت قدر ما وقع الاتفاق عليه كما إذا ادعى ألفا و خمسمائة فشهد أحدهما بذلك و الآخر بألف تقبل على الألف لما قلنا كذا هذا .
و لأبي حنيفة C : أن شطر الشهادة خالف الدعوى لأن المدعي يدعى ألفين و إنه اسم وضع دلالة على عدد معلوم و الاسم الموضوع دلالة على عدد لا يقع على ما دون ذلك العدد كسائر أسماء الأعداد كالمتروك لألف من الإبل و الهنيدة لمائة منها و نحو ذلك فلم تكن الألف المفردة مدعى فلم تكن الشهادة شاهدة على مادخل تخت الدعوى فانفردت الشهادة عن الدعوى فيما يشترط فيه الدعوى فلا تقبل بخلاف ما إذا ادعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بذلك و الآخر بألف أنه يقبل على الألف لأن الألف و الخمسمائة أسم لعددين ألا ترى أنه يعطف أحدهما على الآخر فيقال : ألف و خمسمائة فكان كل واحد منهما بانفراده داخلا تحت الدعوى فللشاهدة القائمة عليها تكون قائمة عليها تكون قائمة على كل واحد منهما مقصودا فإذا شهد أحدهما بألف فقد شهد بأحد العددين الداخلين تحت الدعوى فكانت الشهادة موافقة للدعوى في عدد الألف فيقضى به للمدعي لقيام الحجة عليه بخلاف الألف و الأفين لأن اسم لعدد واحد لا تصح على مادونه بحال فلم تكن الألف المفردة داخلة تحت الدعوى فكانت الشهادة القائمة عليها شهادة على ما لم يدخل تحت الدعوى فلا تقبل فهو الفرق بينهما .
و لو ادعى ألفا فشهد أحدهما بالألف و الآخر بألفين لا تقبل على الألف بالإجماع لأن المدعي كذب أحد شاهديه في بعض ما شهد به فأوجب ذلك تهمة في الباقي فلا تقبل إلا إذا وفق فقال : كان لي عليه ألفان إلا أنه كان قد قضاني ألفا و لم يعلم به الشاهد فيقبل .
و كذا لو ادعى ألفا فشهد أحدهما بها و الآخر بألف و خمسمائة لا تقبل لما قلنا إلا إذا وفق فقال : كان لي عليه ألف و خمسمائة إلا أنه قضاني خمسمائة و لم يعلم بها الشاهد فتقبل لأنه إذا وفق فقد زال الاختلاف المانع من القبول و لو ادعى على رجل أنه باع عبده بألفي درهم و هو ينكر فشهد شاهد بألفين و آخر بألف أو ادعى أنه باعه بألف و خمسمائة فشهد أحدهما بألف و خمسمائة و الآخر بألف لا تقبل بالإجماع لأن الشاهدين اختلفا في البدل و اختلاف البدلين يوجب اختلاف العقدين فصار كل واحد منهما شاهدا بعقد غير عقد صاحبه و ليس على أحدهما شهادة شاهدين فلا تقبل و لا يثبت العقد .
و كذا لو كان المشتري مدعيا و البائع مدعى عليه لما قلنا فإن كان هذا في الإجارة ينظر إن كانت الدعوى من المؤاجرة في مدة الإجارة لا تقبل لأن هذا يكون دعوى العقد و ليس على أحد العاقدين شهادة شاهدين فلا تقبل كما في باب البيع و إن كانت الدعوى بعد انقضاء مدة الإجازة فهذا دعوى المال لا دعوى العقد فكان حكمه حكم سائر الديون و قد ذكرناه على الاتفاق و الاختلاف .
هذا إذا كانت الدعوى من المؤاجر فإن كانت من المستأجر لا تقبل سواء كانت الدعوى في المدة بعد انقضائها لأن هذا دعوى العقد .
و لو كان هذا في النكاح فإن كانت الدعوى من المرأة فهذا دعوى المال عند أبي حنيفة عليه الرحمة حتى إنها لو ادعت على رجل أنه تزوجها على ألف و خمسمائة فشهد لها شاهدان أحدهما بألف و خمسمائة و الآخر بألف تقبل النكاح جائز بألف درهم و عندهما لا تقبل و لا يجوز النكاح لأن هذا دعوى العقد .
و لو كانت الدعوى من الرجل و المرأة تنكر لا قتبل بالإجماع لأن هذا دعوى العقد و لو كانت الدعوى في الخلع أو في الطلاق على مال أو في العتاق أو في الصلح عن دم العمد على مال فإن كانت الدعوى من الزوج أو من المولى أو ولي القصاص تقبل لأن هذا دعوى المال و إن كانت الدعوى من المرأة أو العبد أو القاتل لا تقبل لأن هذا الدعوى العقد .
و لو كان هذا في الكتابة فإن كانت الدعوى من المكاتب لا تقبل لأن هذا دعوى العقد فلا تقبل و لا تصح الكتابة و إن كانت من المولى فلا تصح لأن للمكاتب أن يعجز نفسه متى شاء .
و أما اختلاف الشهادة في الزمان و المكان فإنه ينظر إن كان ذفك في الأقارير لا يمنع القبول و إن كان في الأفاعيل من القتل و القطع و الغصب و إنشاء البيع و الطلاق و العتاق و النكاح و نحوها يمنع القبول .
و وجه الفرق : أن الإقرار مما يحتمل التكرار فيمكن التوفيق بين الشهادتين لسماعه عن الإقرار في زمانين أو مكانين فلا يتحقق الاختلاف بين الشهادتين بخلاف القتل و القطع و إنشاء البيع و غيره من العقود و الفسوخ لأن هذا لا يحتمل التكرار فاختلاف الزمان و المكان فيها فيوجب اختلاف الشهادتين فيمنع القبول و بالله التوفيق .
و لو ادعى رجل على رجل قرض ألف درهم فشهد شاهدان أحدهما على القرض و الآخر على القرض و القضاء يقضى بشهادتهما على القرض و لا يقضى بالقضاء في ظاهر الرواية .
و روي عن أبي يوسف C أنه لا يقضي بشهادتهما بالقرض أيضا لأنهما و إن اجتمعا على الشهادة بالقرض لكن الذي شهد بالقضاء فسخ شهادته بالقرض فبقي على القرض شاهد واحد فلا يقتضي بالشهادة و الصحيح جواب الظاهر الرواية لأن الشهادتان اختلفا في القضاء لا في القرض بل اتفقا على القرض فيقضي به .
و قوله : شاهد القضاء فسخ شهادته بالقرض : قلنا : ممنوع بل قرر شهادته على القرض لأن قضاء القرض بعد الفرض يكون .
و أما الذي يرجع إلى المكان فواحد و هو : مجلس القضاء .
و منها : الذكورة في الشهادة بالحدود و القصاص فلا تقبل منها شهادة النساء لما روي عن الزهرة C أنه قال : مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم و الخليفتين من بعدهما رضوان الله تعالى عليهما أنه لا تقبل شهادة النساء في الحدود و القصاص و لأن الحدود و القصاص مبناهما على الدرء و الإسقاط بالشبهات و شهادة النساء لا تخلو عن شبهة لأنهن جبلن على السهو و الغفلة و نقصان العقل و الدين فيورث ذلك شبهة بخلاف سائر الأحكام لأنها تجب مع الشبهة و لأن جواز شهادة النساء على البدل من شهادة الرجال والأبدال في باب الحدود و غير مقبولة كالفالات و الوكالات .
و أم الشهادة على الأموال فالذكورة ليست فيها بشرط و الأنوثة ليست بمانعة بالإجماع فتقبل شهادة النساء مع الرجال لقول الله تبارك و تعالى في باب المدانية : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } و اختلف في اشتراطها في بالحقوق التي ليس بمال كالنكاح و الطلاق و النسب قال أصحابنا Bهم : ليست بشرط و قال الشافعي Bه شرط .
وجه قول الشافعي C : أن شهادة النساء حجة ضرورة لأنها جعلت حجة في باب الديانات عند عدم الرجال و لا ضرورة في الحقوق التي ليست بمال الاندفاع الحاجة فيها بشهادة الرجال و لهذا لم تجعل حجة في باب الحدود و القصاص و كذا لم تجعل حجة بانفرادهن فيما لا يطلع عليه الرجال .
و لتا قوله تبارك و تعالى : { و استشهدوا } الآية جعل الله سبحانه و تعالى لرجل وامرأتين شهادة على الإطلاق لأنه سبحانه و تعالى جعلهم من الشهداء و الشاهد المطلق من له شهادة على الإطلاق فاقتضى أن يكون لهم شهادة في سائر الأحكام إلا ما قيد بدليل .
و روى عن سيدنا عمر Bه : [ أنه جاز شهادة النساء مع الرجال في النكاح و الفرقة ] و لم ينقل أنه أنكر عليه منكر من الصحابة فكان إجماعا منهم على الجواز و لأن شهادة رجل و امرأتين في إظهار الشهود به مثل شهادة رجلين لرجحان جانب الصدق فيها على جانب الكذب بالعدالة لا أنها لم تجعل حجة فيما يدرأ بالشبهات لنوع قصور و شبهة فيها لما ذكرنا و هذه الحقوق تثبت بدليل فيه شبهة .
و أما قوله : بأنها ضرورة فلا تسلم فإنها مع القدرة على شهادة الرجال في باب الأموال مقبولة فدل أنها شهادة مطلقة لا ضرورة .
و به تبين أن نقصان الأنوثة يصير مجبورا بالعدد فكانت شهادة مطلقة و اختلف في اشتراطها في الشهادة على الإحصان قال علماؤنا الثلاثة Bهم : ليست بشرط و قال زفر : حتى يظهر الإحصان بشهادة رجل و امرأتين عندنا و عنده لا يظهر .
وجه قول زفر C : أن الذكورة شرط في علة العقوبات بالإجماع حتى لا يظهر بشهادة رجل و امرأتين و الإحصان من جملة أوصاف العلة لأن علة وجوب الرجم ليس هو الزنا المطلق بل الزنا الموصوف بالتغليظ و لا يتغلظ إلا بالإحصان فكان الإحصان من جملة العلة لا يثبت بشهادة النساء و لهذا لو أقر بالإحصان جاز رجوعه كما أنه لو أقر بالزنا رجع و كذا الشهادة القائمة على الإحصان من غير دعوى كالشهادة القائمة على الزنا و لنا قوله D : { فاستشهدوا } الآية و دلالتها على نحو ما تقدم مع الشافعي C تعالى .
و أما قوله من جملة العلة الإحصان قلنا : لا ممنوع بل هو شرط العلة فيصير الزنا عنده علة و الحكم يضاف إلى العلة لا إلى الشرط لما عرف في أصول الفقه .
و أما الرجوع بعد الإقرار فلا نسلم أنه لا يصح الرجوع في قول أبي يوسف C و لا يصح في قول زفر C و هذا حجة على زفر و لا رواية فيه عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله قلنا : أن نمنع و عدم اشتراط الدعوى يدل على أنه حق الله سبحانه و تعالى على أنه تضاف إليه العقوبة ألا ترى أن الدعوى ليست بشرط في عتق الأمة إجماعا ولافي عتق العبد عند أبي يوسف و محمد و إن كان لا يتقرر تعلق عقوبة به و نحن نسلم أن الإحصان حق الله تعالى في هذا الوقت على ما عرف في الخلافيات .
و منها : إسلام الشاهد إذا كان الشمهود عليه مسلما حتى لا تقبل شهادة الكافر على المسلم لأن الشهادة فيها معنى الولاية و هو تنفيذ القول على الغير و لا ولاية للكافر فلا شهادة له عليه و تقبل شهادة المسلم على الكافر لأنه من أهل أن يثبت له الولاية على المسلم فعلى الكافر أولى .
و أما إذا كان المشهود عليه كافرا فإسلام الشاهد هل هو شرط لقبول شهادته عليه ؟ فقد اختلف فيه قال أصحابنا Bهم : ليس بشرط حتى تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض سواء اتفقت مللهم أو اختلفت بعد أن كانوا عدولا في دينهم .
و قال الشافعي C : شرط حتى لا تقبل شهادتهم أصلا و احتج بقوله سبحانه و تعالى : { و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } نفى الله سبحانه و تعالى أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل و في قبول شهادة بعضهم إثبات السبيل للكافرين على المؤمنين لأنه يجب على القاضي القضاء بشهادتهم و أنه منفي و لأن العدالة شرط قبول الشهادة و الفسق مانع و الكفر رأس الفسق فكان أولى بالمنع من القبول و لنا قول النبي عليه الصلاة و السلام في ذلك الحديث : [ فإذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين ] و للمسلم على المسلم شهادة فكذا للذمي على الذمي فظاهره يقتضي أن يكون للذمي على المسلم شهادة كالمسلم إلا أن ذلك صار مخصوصا من عموم النص و لأن الحاجة مست إلى صيانة حقوق أهل الذمة و لا تحصل الصيانة إلا و أن يكون لبعضهم على بعض شهادة و لا شك أن الحاجة إلى صيانة حقوقهم ماسة لأنهم إنما قبلوا عقد الذمة لتكون دماؤهم كدمائنا و أموالهم كأموالنا و الدليل على أن الصيانة لا تحصل إلا و أن يكون لبعضهم على بعض شهادة لأن هذه المعاملات تكثر فيما بينهم و المسلمون لا يحضرون معاقدهم ليتحملوا حوادثهم فلو لم يكن لبعضهم على بعض شهادة لضاعت حقوقهم عند الجحود و الإنكار فدعت الحاجة إلى الصيانة بالشهادة .
و أما الآية الكريمة : فوجوب القضاء لا يثبت بالشهادة و إنما يثبت بالتقليد السابق و الشهادة شرط الوجوب و الحكم لا يثبت بالشرط فلا يكون في قبل شهادة بعضهم على بعض إثبات السبيل للكافر على المؤمن سواء اتفقت مللهم أو اختلفت فتقبل شهادة النصراني على اليهودي و اليهودي على المجوسي .
و قال ابن أبي ليلى : إن اختلفت لا تقبل و هذا غير سديد لأن الكفر و إن اختلفت أنواعه صورة فهو ملة واحدة حقيقة فتقبل شهادة بعضهم على بعض كيف ما كان بعد أن يكون الشاهد من أهل دار الإسلام حتى لا تقبل شهادة المستأمن على الذمي لأنه ليس من أهل دار الإسلام حقيقة و إن كان فيها صورة لأنه ما دخل دارنا للسكنى فيها بل ليقضي حوائجه ثم يعود عن قريب فلم يكن من أهل دار الإسلام و الذمي من أهل دار الإسلام فاختلفت الداران فلم تقبل شهادة الذمي عليه بالنص الذي روينا حكم المستأمن مع الذمي في الشهادة كحكم الذمي مع المسلم و شهادة المستأمن تقبل على المستأمن إن اتفقت دارهم و مللعم و إن اختلفت لا تقبل و منها عدم التقادم في الشهادة على الحدود كلها إلا حد القذف حتى لا تقبل الشهادة عليها إذا تقادم العهد إلا على حد القذف بخلاف الإقرار لما عرف في كتاب الحدود و الله تعالى أعلم .
و منها : قيام الرائحة في الشهادة على شرب الخمر إذا لم يكن سكران و لم يحقق أنه من ميسره لا يبقى الريح من المجيء به من مثلها عادة عندهما و عند محمد ليس بشرط و هي من مسائل و هي من مسائل الحدود و تذكر هنالك إن شاء الله تعالى .
و منها : الأصالة في الشهادة على الحدود و القصاص حتى لا تقبل فيها الشهادة بطريق النيابة و هي الشهادة على الشهادة عندنا كذا لا يقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي لأنه في معنى الشهادة على الشهادة و عند الشافعي C : ليس بشرط حتى تقبل فيها الشهادة على الشهادة .
و أجمعوا على أنها ليست بشرط في الأموال و الحقوق المجرد عنها فتقبل فيها الشهادة على الشهادة و كتاب القاضي إلى القاضي إلا في العبد الآبق عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف تقبل فيه أيضا ما نذكر في كتاب أدب القاضي .
وجه قول الشافعي C : أن الفروع يؤدون الشهادة نيابة عن الأصول فكانت شهادتهم شهادة الأصول معنى و شهادة الأصول على الحدود و القصاص مقبولة .
و لنا أن الحدود و القصاص مما تدرأ بالشبهات و الشهادة على الشهادة لا تخلو عن شبهة و لهذا لا تقبل فيها شهادة النساء لتمكن الشبهة في شهادتين بسبب السهو و الغفلة بل أولى : لأن الشبهة هنا تمكنت في مجلس فكان فيها زيادة ليست في شهادة الأصول و لأن الحدود لما كانت مبنية على الدرء أوجب ذلك ذلك اختصاصها بحجج مخصوصة بل إيقاف إقامتها و لهذا شرط عدد الأربعة في الشهادة على الزنا لأن إطلاع أربعة من الرجال الأحرار على غيبوبة ذكره في فرجها كما يغيب الميل في المكحلة نادر غاية الندرة ثم نقول : الكلام في الشهادة على الشهادة يقع في مواضع : في صورة تحمل الشهادة على الشهادة و في شرائط التحمل و في صورة أداء الشهادة على الشهادة و في شرائط الأداء : أما صورة التحمل فلها عبارات مختصرة و مطولة .
أما اللفظ المختصر فهو : أن يقول شاهد الأصل : اشهد على شهادتي أني أشهد لفلان على فلان كذا أو يقول : أشهد أن لفلان على فلان كذا فاشهد على شهادتي بذلك .
و أما الطول فهو : أن يقول شاهد الأصل : أشهد أن لفلان على فلان كذا أشهدك على شهادتي هذه و آمرك أن تشهد على شهادتي هذه فاشهد و أما الشرائط تحمل هذه الشهادات فما ذكرنا في عموم الشهادات