وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم القسمة .
فصل : و أما بيان حكم القسمة فنقول و بالله التوفيق : حكم القسمة ثبوت اختصاص بالمقسوم عينا تصرفا فيه تمليك المقسوم له في المقسوم جميع التصرفات المختصة بالملك حتى لو وقع في نصيب أحد الشريكين ساحة لا بناء فيها ووقع البناء في نصيب الآخر فلصاحب الساحة أن يبني في ساحته و له أن يرفع بناءه و ليس لصاحب البناء أن يمنعه و إن كان يفسد عليه الريح و الشمس لأنه يصرف في ملك نفسه فلا يمنع عنه .
و كذا له أن يبني في ساحته مخرجا أو تنور أو حماما أو رحى لما قلنا و كذا له أن يقعد في بنائه حدادا أو قصارا و إن كان يتأذى به جاره لما قلنا و له أن يفتح بابا أو كوة لما ذكرنا ألا ترى له أن يرفع الجدار أصلا ففتح الباب و الكوة أولى و له أن يحفر في ملكه بئرا أو بالوعة أو كرباسا و إن كان بها بذلك حائط جاره و لو طلب جاره تحويل ذلك لم يجبر على التحويل و لو سقط الحائط من ذلك لا يضمن لأنه لا صنع منه في ملك الغير و الأصل أن لا يمنع الإنسان من التصرف في ملك نفسه إلا أن الكف عما يؤذي الجار أحسن قال الله تبارك و تعالى : { اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين إحسانا } إلى قوله تعالى : { و الجار الجنب } خصه سبحانه و تعالى بالأمر بالإحسان إليه فلئن لا يحسن إليه فلا أقل من أن يكف عنه أذاه .
و على هذا دار بين رجلين و لرجل فيها طريق فأراد أن يقتسماها ليس لصاحب الطريق منعهما عن القسمة لأنهما بالقسمة متصرفان في ملك أنفسهما فلا يمنعان عنه فيقتسمان ما وراء الطريق و يتركان الطريق على حاله على سعة عرض باب الدار كما ذكرنا من قبل و لو باعوا الدار و الطريق فإن كانت رقبة مشتركة بينهم قسموا ممر الطريق بينهم أثلاثا و إن كانت الرقبة لشريكي الدار و لصاحب الطريق حق المرور حكى القدوري عن الكرخي رحمهما الله أن لا شيء لصاحب الطريق من الثمن و يكون الثمن كله للشريكين .
وروى محمد أن كل واحد من الشريكين يضرب بحقه من المنفعة و يضرب صاحب الطريق بحق المرور و طريق معرفة ذلك أن ينظر إلى قيمة العرصة بغير طريق و ينظر إلى قيمتها و فيها طريق فيكون لصاحب الطريق فضل ما بينهما و لكل واحد من الشريكين نصف قيمة المنفعة إذا كان فيها طريق .
وجه ما حكي عن الكرخي C : أن حق المرور لا يحتمل البيع مقصودا بل يحتمله تبعا للرقبة ألا ترى أنه لو باعه وحده لم يجز فإذا بيع الطريق بإذنه فقد أسقط حقه أصلا فلا يقابله ثمن وج ما روي عن محم أن حق المرور لا يحتمل البيع مقصودا بل يحتمله تبعا للرقبة و ههنا ما يبع مقصودا بل تبعا للرقبة فيقابله الثمن لكن ثمن الحق لا ثمن الملك على ما ذكرنا .
و ذلك دار بين رجلين فيها مسيل الماء فأراد أن يقسماها ليس لصاحب المسيل منعهما من القسمة لما قلنا بل يقسم الدار و يترك المسيل على حالة كما في الطريق و كذلك لو كان في الدار منزل لرجل و طريقه في الدار فأراد أن يقتسما الدار لا يمنعان من القسمة و لكن يتركان طريق المنزل على حاله على سعة عرض باب الدار لا على سعة باب المنزل على ما ذكرنا و لو أراد صاحب المنزل أن يفتح إلى هذا الطريق بابا آخر له ذلك لأنه متصرف في ملك نفسه ألا ترى أن له أن يرفع الحائط كله لهذا أولى و لو اشترى صاحب المنزل دارا من وراء المنزل و فتح بابه إلى المنزل فإن كان ساكن الدار و المنزل واحدا فله أن يمر من الدار إلى المنزل و من المنزل إلى الطريق الذي في الدار الأولى لأن له حق المرور في هذا الطريق و إن كان ساكن الدار غير ساكن المنزل فليس لساكن الدار أن يمر في الطريق الذي في الدار الأولى لأنه لا حق له في هذا الطريق فيمنع من المرور فيه .
دار بين رجلين في سكة غير نافذة اقتسماها و أخذ كل واحد منهما طائفة منها فأراد كل واحد منهما أن يفتح بابا أو كوة إلى السكة له ذلك و لا يسع لأهل السكة منعهما لأن كل واحد منهما متصرف في ملك نفيه فيملكه ألا ترى أن له رفع الحائط أصلا فالباب و الكوة أولى .
و على هذا الحائط بين قسمين و لأحد القسمين عليه جذوع الحائط الآخر فإن شرط قطع الجذوع في القسمة قطعت لقول النبي عليه الصلاة و السلام : [ المسلمون عند شروطهم ] و إن لم يشترطوا ترك على حالها لأن الترك و إن كان ضررا لكنهم لما لم يشترطوا القطع في القسمة فقد التزم الضرر و كذلك لو كان وقع على هذا الحائط درجة أو أسطوانة جمع عليها جذوع لما قلنا و كذلك روشنا وقع لصاحب العلو شرفا على نصيب الآخر لم يكن لصاحب نصيب الآخر لم يكن لصاحب السفل أن يقلع الروشن من غير شرط القلع لما قلنا .
و لو كان لأحدهما اطراف خشب على حائط صاحبه فإن كان مما يمكن أن يجعل عليها سقف لم يكلف قلعها و إن كان لا يمكن كلف القلع لأن إذا أمكن أن يجعل عليه سقف أمكنه الانتفاع به فيلتحق بالحقوق فأشبه الروشن و إذا لم يمكن تعذر إلحاقها بالحقوق فبقي شاغلا هو لصاحبه بغير حق فيكلف قطعها و لو كان لأحدهما شجرة أغصانها مظلة على نصيب الآخر فهل تقطع ؟ ذكر ابن سماعة C أنه لا تقطع لأن في القطع ضررا لصاحبها و ذكر ابن رستم C أنه تقطع أطراف الخشب الذي لا يمكن تسقيفها .
و لو اختلف أهل طريق في الطريق و ادعى كل واحد منهم أنه له فهو بينهم بالتسوية على عدد الرؤوس لا على ذرعان الدور و المنازل لأنهم استووا في اليد لاستوائهم في المرور فيه إلا أن يقوم لأحدهم بينة فيسقط اعتبار اليد بالبينة .
دار لرجل و فيها طريق بينه و بين رجل فمات صاحب الدار فاقتسمت الورثة الدار بينهم و تركوا الطريق كان الطريق بينه و بين الرجل نصفين لا على عدد الرؤوس حتى لو باعوا الدار يقسم الثمن بين الورثة و بينه نصفين لا على عدد الرؤوس لأن الورثة قاموا مقام المورث وقد كان الطريق بينهما نصفين فكذا بينه و بينهم و لو لم يعرف أن الدار ميراث بينهم و جحدوا ذلك فالطريق بينهم بالسوية على عدد الرؤوس لاستوائهم في اليد على ما مر و الله تعالى أعلم .
فصل : و أما بيان ما يوجب نقص القسمة بعد وجودها فنقول و بالله التوفيق : الذي يوجب نقص القسمة بعد وجودها أنواع : منها : ظهور دين على الميت إذا طلب الغرماء ديونهم و لا مال للميت سواء ولا قضاء الورثة من مال أنفسهم .
و بيان ذلك : أن الورثة إذا اقتسموا التركة ثم ظهر الميت دين فهذا لا يخلو من أحد وجهين : إما أن يكون للميت مال آخر سواه و إما إن لم يكن فإن لم يكن له مال و لا قضاء الورثة من مال أنفسهم تنقص القسمة سواء كان الذين محيطا بالتركة أو لم يكن لأن الذين مقدم على الإرث قليلا كان أو كبيرا قال الله تبارك و تعالى : { من بعد وصية يوصى بها أو دين } قدم سبحانه و تعالى الدين على الوصية من غير فصل بين القليل و الكثير لأن الدين إذا كان محيطا بالتركة تبين أنه لا ملك للورثة فيها إلا من حيث الصورة بل هي ملك للميت يتعلق بها بحق الغرماء و قيام ملك الغير في المحل يمنع صحة القسمة فقيام الملك و الحق أولى و إذا لم يكن محيطا بالتركة فملك الميت وحق الغرماء و هو حق الاستيفاء ثابت في قدر الدين من التركة على الشيوع فيمنع جواز القسمة فإن لم يكن للميت مال آخر سواء يجعل الدين فيه و تمضي القسمة لأن القسمة تصان عن النقص ما أمكن و قد أمكن صيانتها يجعل الدين فيه و كذا الورثة إذا قضوا الدين من مال أنفسهم لا تنقص لأن حق الورثة كان متعلقا بصورة التركة و حق الغرماء بمعناها و هو المالية فإذا قضوا الدين من مال أنفسهم فقد استخلصوا التركة لأنفسهم صورة و معنى فتبين أنهم في الحقيقة اقتسموا مال أنفسهم صورة و معنى فتبين أنها وقعت صحيحة فلا تنقص .
و كذلك إذا أبرأه الغرماء من ديونهم لا تنقص القسمة لأن النقص لحقهم و فد أسقطوه بالإبراء و كذلك إذا ظهر ليعض المقتسمين دين على الميت بأن ادعى دينا على الميت و أقام البينة عليها فله أن ينقص القسمة لما قلنا ولا تكون قسمته إبراء من الدين لأن حق الغريم يتعلق بمعنى التركة و هو ماليتها إلا بالصورة و لهذا كان للورثة حق الاستخلاص و إذا كان كذلك فلا يكون إقدامه على القسمة إقرارا منه لأنه لا دين له على الميت فلم يكن مناقصا في دعواه فسمعت .
و منها : ظهور الوصية حتى لو اقتسموا ثم ظهر ثم موصى له بالثلث نقضت قسمتهم لأن الموصى له شريك الورثة ألا ترى أنه لو هلك الترك شيء قبل القسمة يهلك من الورثة و الموصى له جميعا و الباقي على الشركة بينهما و لو اقتسموا وثمة وارث آخر غائب تنقص فكذا هذا .
و هذا إذا كانت القسمة بالتراضي فإن كانت بقضاء القاضي لا تنقص لأن الموصى له و إن كان كواحد من الورثة لكن القاضي إذا قسم عند غيبة أحد الورثة لا تنقص قسمته لأن القسمة في هذا الموضع محل الاجتهاد و قضاء القاضي إذ صادف محل الاجتهاد ينفذ و لا ينقص و منها ظهور الوارث حتى لو اقتسموا ثم أن ثمة وارث آخر نقضت قسمتهم و لو كانت القسمة بقضاء لا تنقص لما ذكرنا و لو ادعى وارث وصية لابن له صغير بعد القسمة لا تصح دعواه حتى لا تسمع منه البينة لكونه مناقصا في الدعوى إذ لا تصح قسمتهم الميراث و ثم موصى له فكان إقدامه على القسمة إقرارا منه بانعدام الوصية فكان دعوى وجود الوصية مناقصة فلا يسمع و لكن لا يبطل حق الصغيربقسمة الأب لأنه لا يملك إبطال حقه .
و كذلك لو ادعى بعض الورثة أن أخا له من أبيه و أمه ورث أباه معهم و أنه مات بعد موت الأب و ورثه هذا المدعي و جحد الباقون ذلك فأقام المدعي البينة لا تقبل بينته لأنه هنا قضى في دعواه لدلالة إقراره بانعدام وارث آخر بإقدامهم على القسمة .
و كذلك كل ميراث يدعيه أو شراء أو هبة أو صدقة أو وصية بعد القسمة للتناقض بدلالة الإقدام على القسمة و الله تعالى أعلم .
دار بين رجلين أقر أحدهما ببيت منها لرجل و أنكر الآخر يصح إقراره لأن إقرار الإنسان حجة على نفسه لأن هذا الإقرار لم يوجب تعلق الحق بالعين لحق الشريك الآخر بل هو موقوف و إذا لم يتعلق بالعين لا يمنع جواز القسمة فتقسم الدار و يجبر على القسمة و متى قسمت فإن وقع البيت المقر به في نصيب المقر دفعه إلى المقر له لأن الإقرار قد صح و تسليم عين المقر به ممكن فيؤمر بالتسليم و إن وقع في نصيب شريكه يدفع ذرع المقر به من نصيب نفسه فيقسم ما أصابه بينه و بين المقر العلم فيضرب المقر له بذرع البيت و يضرب المقر بنصف ذرع الدار بعد البيت و هذا قول أبي حنيفة و أبي يوسف عليهما الرحمة .
و قال محمد C : يضرب المقر بنصف ذراع الدار كما قالا و لكن المقر له يضرب بنصف ذراع البييت لا بكله حتى لو كان ذرع الدار مائة و ذرع البيت عسرة فتقسم الدار بينهما نصفين يكون للمقر له عشرة أذرع عندهما لأنه جميع ذرع البيت و الباقي و هو خمسة و أربعون للمقر لأنه نصف الدار بعد ذروع البيت و عند محمد C : يكون للمقر له خمسة أذرع إذ هو مصف ذرع البيت المقر به .
وجه قول محمد C : أن الإقرار صادف محلا معينا مشتركا بينه و بين غيره لأن كل جزأين من الدار أحدهما و الآخر لصاحبه على الشيوع فيبطل في نصيب صاحبه و يصح في نصيبه و ذلك يوجب للمقر له نصف ذرع البيت وجه قولهما : أن الإقرار للمشترك لا يتعلق بالعين قبل القسمة بل هو موقوف و إنما يتعلق بها بعد القسمة ؟ ألا ترى أنه لم يمنع صحة القسمة و لو تعلق بالعين لمنع فإذا قسمت الدار الآن يتعلق بالعين فإن وقع المقر به في نصب المقر يؤمر بتسليم لأنه قادر على تسليم العين و إن وقع في نصيب صاحبه فقد عجز عن تسليم عينه فيؤمر بتسليم بدله من نصيبه و هو تمام ذرع المقر به .
هذا إذا كان المقر به شيئا يحتمل القسمة فإن كان مما لا يحتمل القسمة فإن كان مما لا يحتمل القسمة كبيت من حمام مشتركة بينه و بين غيره أقر أنه لرجل و أنكر صاحبه فيصبح إقراره و لكن يجبر على قسمته لأن قسمة الإضرار فيما لا يحتمل الجبر على ما ذكرناه في موضع و يلزمه نصف قيمة البيت لأنه عجز عن تسليم العين و الإقرار بعين معجوز التسليم يكون إقرارا ببدله تصحيحا لتصرفه و صيانة لحق الغير بالقدر الممكن كالإقرار بجذع في الدار و الله تعالى أعلم