وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أسباب و جوب الحدود .
فصل : و أما بيان أسباب و جوبها فلا يمكن الوصول إليه إلا بعد معرفة أنواعها لأن سبب و جوب كل نوع يختلف باختلاف النوع فنقول : الحدود خمسة أنواع : حد السرقة و حد الزنا و حد الشرب و حد السكر و حد القذف .
أما حد السرقة فسبب و جوبه السرقة و سنذكر ركن السرقة و شرائط الركن في كتاب السرقة .
و أما حد الزنا فنوعان : جلد و رجم و سبب وجوب كل واحد منهما و هو الزنا و إنما يختلفان في الشرط و هو الإحصان فالإحصان شرط لوجوب الرجم و ليس بشرط لوجوب الجلد فلا بد من معرفة الزنا و الإحصان في عرف الشرع .
أما الزنا فهو اسم للوطء الحرام في قبل المرأة الحية في حالة الاختيار في دار العدل ممن التزم أحكام الإسلام العاري عن حقيقة الملك و عن شبهته و عن حق الملك و عن حقيقة النكاح و شبهته و عن شبهة الاشتباه في موضع الاشتباه في الملك و النكاح جميعا .
و الاصل في اعتبار الشبهة في هذا الباب الحديث المشهور و في قوله E : ادرءوا الحدود بالشبهات و لأن الحد عقوبة متكاملة فستدعي حناية متكاملة و الوطء في القبال في غير ملك و لا نكاح لا يتكامل جناية إلا عند انتفاء الشبهة كلها .
إذا عرف الزنا في عرف الشرع فنخرج عليه بعض المسائل فنقول : الصبي أو مجنون إذا و طىء امرأة أجنبية لا حد عليه لأن فعلها لا يوصف بالحرية فلا يكون الوطء منهما زنا فلا حد على المرأة إذا طاوعته عند أصحابنا الثلاثة Bهم .
و قال زفر و الشافعي Bهم : عليها الحد و لا خلاف في أن العاقل البالغ إذا زنا بصبيحة أو مجنونة أنه يجب عليه الحد و لا حد عليها لهما : أن المانع من و قوع الفعل زنا خص أحد الجانبين فيختص به المنع كالعاقل البالغ إذا زنا بصبية أو مجنونة أنه يجب عليه الحد و إن كان لا يجب عليها لما قلنا كذا هذا .
و لنا : أن و جوب الحد على المرأة في باب الزنا ليس لكونها زانية لأن فعل الزنا لا يتحقق منها و هو الوطء لأنها موطوءة و ليست بواطئة و تسميتها في الكتاب العزيز زانية مجاز لا حقيقة و إنما و جب عليها لكونها مزنيا بها و فعل الصبي و المجنون ليس بزنا فلا تكون هي مزنيا بها فلا يجب عليها الحد وفعل الزنا يتحقق من العاقل البالغ فكانت الصبية او المجنونة مزنيا بها إلا أن الحد لم يجب عليها لعدم الأهلية و الأهلية ثابتة في جانب الرجل فيجب و كذلك الوطء في الدبر في الأنثى أو الذكر لا يوجب الحد عند أبي حنيفة و إن كان حراما لعدم الوطء في القبل فلم يكن زنا و عندهما و الشافعي يوجب الحد و هو الرجم إن كان محصنا و الجلد إن كان غير محصن لا لأنه زنا بل لأنه في معنى الزنا لمشاركة الزنا في المعنى المستدعي لوجوب الحد و هو الوطء الحرام على وجه التمحض فكان معنى الزنا فورود النص بإيجاب الحد هناك يكون ورودا ههنا دلالة .
و لأبي حنيفة : ماذكرنا أن اللواطة ليست بزنا لما ذكرنا أن الزنا اسم للوطء في قبل المرأة ألا ترى أنه يستقيم أن يقال : لاط و ما زنا و زنا وما لاط ويقال : فلان لوطي و فلان زاني فكذا يختلفان اسما واختلاف الأسامي دليل اختلاف المعاني في الأصل و لهذا اختلف الصحابة Bهم في حد هذا الفعل و لو كان هذا زنا لم يكن لاختلافهم معنى لأن موجب الزنا كان معلوما لهم بالنص فثبت أنه ليس بزنا و لا في معنى الزنا أيضا لما في الزنا من اشتباه الأنساب و تضييع الولد و لم يوجد ذلك في هذا الفعل إنما فيه تضييع الماء المهين الذي يباح مثله الذي بالعزل و كذا ليس في معناه فيما شرع له الحد و هو الزجر لأن الحاجة إلى شرع الزاجر فيما يغلب و جوده هذا الفعل لأن و جوده يتعلق باختيار شخصبن و لا اختيار إلا لداع يدعو إليه و لا داعي في جانب المحل اصلا و في الزنا و جد الداعي من الجانبين جميعا و هو الشهوة المركبة فيهما جميعا فلم يكن في معنى الزنا فورود النص هناك ليس ورودا ههنا و كذا اختلاف اجتهاد الصحابة Bهم دليل على أن الواجب بهذا الفعل هو التعزير لوجهين : أحدهما أن التعزير هو الذي يحتمل الاختلاف في القدر و الصفة لا الحد و الثاني أنه لا مجال للاجتهاد في الحد بل لا يعرف إلا بالتوفيق و الاجتهاد مجال في التعزير .
و كذا وطء المرأة الميتة لا يوجب الحد و يوجب التعزير لعدم وطء المرأة الحية و كذا وطء البهيمة و إن كان حراما لانعدام الوطء في قبل المرأة فلم يكن زنا ثم إن كانت البهيمة ملك الوطىء قيل : إنها تذبح و لا تؤكل و لا رواية فيه عن أصحابنا رحمهم الله لكن روى محمد عن سيدنا عمر Bه : أنه لم يحد واطء البهيمة و أمر بالبهيمة حتى احرقت بالنار .
وكذلك الوطء عن إكراه لا يوجب الحد و كذلك الوطء في دار الحرب و في دار البغي لا يوجب الحد حتى إن من زنا في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد لأن الزنا لم ينعقد سببا لوجوب الحد حين و جوده لعدم الولاية فلا يستوفي بعد ذلك .
و كذلك الحربي المستأمن إذا زنا بمسلمة أو ذمية أو ذمي زنا بحربية مستأمنة لا حد على الحربي و الحربية عندهما .
و عند أبي يوسف : يحدان وجه قوله : أنه لما دخل دار الإسلام فقد التزم أحكام الإسلام مدة إقامته فيها فصار كالذمي و لهذا يقام عليه حد القذف كما يقام على الذمي و لهما : أنه لم يدخل دار الإسلام على سبيل الإقامة و التوطن بل على سبيل العارية ليعاملنا و نعامله ثم يعود فلم يكن دخوله دار الإسلام دلالة التزامه حق الله سبحانه و تعالى خالصا بخلاف حد القذف لأنه لما طلب الأمانة من المسلمين فقد التزم أمانهم عن الإيذاء بنفسه و ظهر حكم الإسلام في حقه ثم يحد المسلمة و الذمية عند أبي حنيفة C و عند محمد C : لا يحد و يحد الذمي بلا خلاف .
وحه قول محمد C : أن الأصل فعل الرجل و فعلها يقع تبعا فلما لم يجب على الأصل لا يجب على التبع كالمطاوعة للصبي و المجنون .
وجه قول محمد C : أن الأصل فعل الرجل و فعلها يقع تبعا فلما لم يجب على الأصل لا يجب على التبع كالمطاوعة للصبي و المجنون .
وجه قول أبي يوسف C : أن فعل الحربي حرام محض ألا ترى أنه يؤاجذ فكان زنا فكانت هي مزنبا بها إلا أن الحد لم يجب على الرجل لعدم التزامه أحكامنا و هذا أمر يخصه .
و يحد الذمي لأنه بالذمة و العهد التزم أحكام الإسلام مطلقا إلا في قدر ما وقع الاستثناء فيه و لم يوجد ههنا و كذلك وطء الحائض و النفسا و الصائمة و المحرمة و المجنونة و الموطوءة بشبهة و التي ظاهر منها أو آلى منها لا يوجب الحد و إن كان حراما لقيام الملك و النكاح فلم يكن زنا .
و كذلك و طء الجارية المشتركة و المجوسية و المرتدة و المكاتبة و المحرمة برضاع أو صهرية أو جمع لقيام الملك و إن كان حراما و علم بالحرمة و كذلك وطء الأب جارية الابن لا يوجب الحد و إن علم بالحرية لأن له في مال ابنه شبهة الملك و هو الملك من وجه أو حق الملك لقوله E : [ أنت و مالك لأبيك ] فظاهر إضافة مال الابن إلى الأب بحرف اللام يقتضي حقيقة الملك فلئن تقاعد عن إفادة الحقيقة فلا يتعاقد على إيراث الشبهة أوحق الملك .
و كذلك وطء جارية المكاتب لأن المكاتب عندنا عبد ما بقي عليه درهم فكان مملوك المولى رقبة و ملك الرقبة يقتضي ملك الكسب فإن لم يثبت مقتضاه حقيقة فلا أقل من الشبهة و كذلك وطء جارية العبد المأذون سواء كان عليه دين أو لم يكن .
أما إذا لم يكن عليه دين فظاهر لأنها ملك المولى و كذلك إن كان عليه دين لأن رقبة المأذون ملك المولى و ملك الرقبة يقتضي ملك الكسب كما في جارية المكاتب بل أولى لأن كسب المأذون أقرب إلى المولى من كسب المكاتب فلما لم يجب الحد هناك فههنا أولى لأن هذا الملك محل الاجتهاد لأن العلماء اختلفوا فيه و اختلافهم يورث سبهة فاشبه وطا حصل في نكاح و هو محل الاجتهاد و ذا يوجب الحد كذا هذا .
و كذلك وطء الجد أب الأب و إن علا عند عدم الأب بمنزلة وطء الأب لأن له و لادا فنزل منزلة الأب .
و كذلك الرجل من الغانمين إذا وطىء جارية من المغنم قبل القسمة بعد الإحراز بدار الإسلام أو قبله لا حد عليه و إن علم أن وطأها عليه حرام لثبوت الحق له بالاستيلاء لانعقاد سبب الثبوت فإن لم يثبت فلا أقل من ثبوت الحق فيورث شبهة .
و لو جاءت هذه الجارية بولد فادعاه لا يثبت نسبة منه لأن ثبوت النسب يعتمد الملك في المحل إما من كل وجه أو من وجه و لم يوجد قبل القسمة بل الموجود حق عام وأنه يكفي لسقوط الحد و لا يكفي لثبوت النسب .
و كذلك وطء امرأة تزوجها بغير شهود أو بغير ولي عند من لا يجيزه لا يوجب الحد لأن العلماء اختلفوا منهم من قال : يجوز النكاح بدون الشهادة و الولاية فاختلافهم يورث شبهة .
و كذلك إذا تزوج الغير أو مجوسية أومدبرة أو أمة على حرة أو أمة بغير إذن مولاها أو العبد تزوج امرأة بغير إذن مولاها فوطئها لا حد عليه لوجود لفظ النكاح من الأهل في المحل و أنه يوجب شبهة و كذلك إذا نكح محارمه أو الخامسة أو أخت امرأته فوطئها لا حد عليه عند أبي حنيفة و إن علم بالحرية و عليه التعزير و عندهما و الشافعي رحمهم الله تعالى عليه الحد .
و الأصل عند أبي حنيفة عليه الرحمة : أن النكاح إذا وجد من الأهل مضافا إلى محل قابل لمقاصد النكاح يمنع وجوب الحد سواء كان حلالا أو حراما سواء كان التحريم مختلفا فيه أو مجمعا عليه و سواء ظن الحل فادعى الاشتباه أو علم بالحرمة و الأصل عندهما أن النكاح إذا كان محرما على التأبيد أو كان تحريمه مجمعا عليه يجب الحد و إن لم يكن محرما على التأبيد أو كان تحريمه مختلفا فيه لا يجب عليه .
وجه قولهم : أن هذا نكاح أضيف إلى غير محله فليغو و دليل عدم المحلية أن محل النكاح هي المرأة المحللة لقوله سبحانه و تعالى : { و أحل لكم ما وراء ذلكم } و المحارم محرمات على التأبيد لقوله الله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم } إلا أنه ادعى اشتباه و قال : ظننت أنها تحل لي سقط الحد لأنه ظن أن صيغة لفظ النكاح من الأهل في المحل دليل الحل فاعتبر هذا الظن في حقه و إن لم يكن معتبرا حقيقة إسقاطا لما يدرا بالشبهات و إذا لم يدع خلا الوطء عن الشبهة فيجب الحد .
وجه قول أبي حنيفة C : أن لفظ النكاح صدر من أهله مضافا إلى محله فيمنع وجوب الحد كالنكاح بغير شهود و نكاح المتعة و نحو ذلك و لا شك في وجود لفظ لنكاح و الأهلية و الدليل على المحلية أن محل النكاح هو الأثنى من بنات سيدنا آدم عليه الصلاة و السلام النصوص و المعقول و أما النصوص فقوله سبحانه : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } و قوله سبحانه و تعالى هو الذي : { خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها } و قوله سبحانه و تعالى : { و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى } جعل سبحانه و تعالى النساء على العموم و الإطلاق محل النكاح و الزوجية .
و أما العقول : فلأن الأثنى من بنات آدم عليه الصلاة و السلام محل صالح لمقاصد النكاح من السكنى و الولد و التحصين و غيرها فكانت محلا لحكم النكاح لأن حكم التصرف وسيلة إلى ما هو المقصود من التصرف فلو لم يجعل محل المقصود محل الوسيلة لم يثبت معنى التوسل إلا أن الشرع أخرجها من أن تكون محلا للنكاح شرعا مع القيام المحلية حقيقة فقيام صورة العقد و المحلية يورث شبهة إذ الشبهة اسم لما يشبه الثابت و ليس بثابت أو نقول : و جد ركن النكاح و الأهلية و المحلية على ما بينا إلا أنه فات شرط الصحة فكان نكاحا فاسدا و الوطء في النكاح الفاسد لا يكون رنا بالإجماع و على هذا ينبغي أن يعلل فيقال : هذا الوطء ليس بزنا فلا يوجب حد الزنا قياسا على النكاح بغير شهود و سائر الأنكحة الفاسدة .
و لو وطىء جارية الأب أو الأم فإن ادعى الاشتباه بأن قال : ظننت أنها تحل لي لم يجب الحد و إن لم يدع يجب و هو تفسير شبهة الاشتباه و أنها تعتبر في سبعة مواضع : في جارية الأب و جارية الأم و جارية المنكوحة و جارية المطلقة ثلاثا ما دامت في العدة و أم الولد ما دامت تعتد منه و العبد إذا وطىء جارية مولاه و الجارية المرهونة إذا وطئها المرتهن في رواية كتاب الرهن و في رواية كتاب الحدود يجب الحد و لا يعتبر ظنه و أما إذا وطىء جارية أبيه أو أمه أو زوجته فلأن الرجل ينبسط في مال أبويه و زوجته و ينتفع به من غير استئذان و حشمة عادة ألا ترى أنه يستخدم جارية أبويه و منكوحته من غير استئذان فظن أن هذا النوع من الانتفاع مطلق له شرعا أيضا و هذا و إن لم يصلح دليلا على الحقيقة لكنه لما ظنه دليلا اعتبر في حقه لإسقاط ما يندرىء بالشبهات و إذا لم يدع ذلك فقد عري الوطء عن الشبهة فتحض حراما فيجب الحد و لا يثبت نسب الولد سواء ادعى الاشتباه أو لأن ثبات النسب يعتمد قيام معنى في المحل و هو الملك من كل وجه أو من وجه و لم يوجد .
و لو ادعى أحدهما الظن و لم يدع الاخر لا حد عليهما ما لم يقر جميعا أنهما علما بالحرمة لأن الوطء يقوم بهما جميعا فإذا تمكنت فيه الشبهة من أحد الجانبين فقد تمكنت من الجانب الآخر ضرورة و أما من سوى الأب و الأم من سائر ذوي الرحم المحرم كالأخ و الأخت و نحوهما إذا وطىء جاريته يجب الحد .
و إن قال : ظننت أنها تحل لي لأن هذا دعوى الاشتباه في غير موضع الاشتباه لأن الإنسان لا ينبسط بالانتفاع بمال أخيه و أخته عادة فلم يكن هذا ظنا مستندا إلى دليل فلا يعتبر و كذلك إذا وطىء جارية ذات رحم محرم من امرأته لما قلنا .
أما إذا وطىء المطلقة ثلاثا في العدة فلأن النكاح قد زال في حق الحل أصلا لوجود المبطل لحل المحلية و هو الطلقات الثلاث و إنما بقي في حق الفراش و الحرمة على الأزواج فقط فتمحض الوطء حراما فكان زنا فيوجب الحد إلا إذا ادعى الاشتباه وظن الحل لأنه بنى ظنه على نوع دليل و هو بقاء في حق الفراش و حرمة الأزواج فظن أنه بقي في حق الحل أيضا و هذا و إن لم يصلح دليلا على الحقيقة لكنه لما ظنه دليلا اعتبر في حقه درءا لما يندرىء بالشبهات و إن كان طلاقها واحدة بائنة لم يجب الحد إن قال : علمت أنها علي حرام لأن زوال الملك بالإبانة و سائر الكنايات مجتهد فيه لاختلاف الصحابة Bهم فإن مثل سيدنا عمر Bه يقول : في الكنايات إنها رواجع و طلاق الرجعي لا يزيل الملك فاختلافهم يورث شبهة .
و لو خالعها أو طلقها على مال فوطئها في العدة ذكر الكرخي أنه ينبغي أن يكون الحكم فيه كالحكم في المطلقة ثلاثا و هو الصحيح لأنه زوال الملك بالخلع و الطلاق على مال مجمع عليه فلم تتحقق الشبهة فيجب الحد إلا إذا ادعى الاشتباه لما ذكرنا في المطلقة الثلاث .
و كذلك إذا وطىء أم ولده و هي تعتد منه بأن أعتقها لأن زوال الملك بالإعتاق مجمع عليه فلم تثبت الشبهة .
و أما العبد إذا وطىء جارية مولاه فإن العبد ينبسط في مال مولاه عادة بالانتفاع فكان وطؤه مستندا إلى ما هو دليل في حقه فاعتبر في حقه لإسقاط الحد و إذا لم يدع يحد لعراء الوطء عن الشبهة و أما المرتهن إذا وطىء الجارية المرهونة فوجه رواية كتاب الرهن أن يد المرتهن يد استيفاء الدين فصار المرتهن مستوفيا الدين من الجارية يدا فقد وطىء جارية هي مملوكة له يدا فلا يجب الحد كالجارية المبيعة إذا وطئها البائع قبل التسليم إلا إذا ادعى الاشتباه و قال : ظننت أنها تحل لي لأنه استند ظنه إلى نوع دليل و هو ملك اليد فيعتبر في حقه دراء للحد و إذا لم يدع فلا شبهة فلا يجب الحد .
وجه رواية كتاب الحدود : أن الاستيفاء في باب الرهن إنما يتحقق من مالية الرهن لا من عينه لأن الاستيفاء لا يتحقق إلا في الجنس ولا مجانسة بين التوثيق و بين عين الجارية فلا يتصور الاستيفاء من عينها فلا يعتبر ظنه و لو وطىء البائع الجارية المبيعة قبل التسليم لا حد عليه و كذلك الزوج إذا وطىء الجارية التي تزوج عليها قبل التسليم لأن ملك الرقبة و إن زال بالبيع و النكاح فملك اليد قائم فيورث شبهة .
و لو وطىء المستأجر جارية الإجارة و المستعير جارية الإعارة الوديعة يحد و إن قال : ظننت أنها تحل لي لأن هذا ظن عري عن دليل فكان في غير موضعه فلا يعتبر .
و لو زفت إليع غير امرأته و قلن النساء : إن هذه امرأتك فوطئها لا حد عليه منهم من قال : إنما لم يجب الحد لشبهة الاشتباه و هذا غير سديد فإنها إذا جاءت بولد يثبت النسب و لو كان امتناع الوجوب لشبهة الاشتباه ينبعي أن لا يثبت لإن النسب لا يثبت في شبهة الاشتباه كما فيما ذكرنا من المسائل و ههنا يثبت النسب دل أن الامتناع ليس لشبهة الاشتباه بل لمعنى آخر و هو أن وطأها بناء على دليل ظاهر يجوز بناء الوطء عليه و هو الاخبار بأنها امرأته بل لا دليل ههنا سواء فلئن تبين الامر بخلافه فقيام الدليل المبيح من حيث الظاره يورث شبهة .
و لو وطىء أجنبية و قال : ظننت أنها امرأتي أو جاريتي أو شبهتها بامرأتي أو جاريتي يجب الحد لأن هذا الظن غير معتبر لعدم استناده إلى دليل فكان ملحقا بالعدم فلا يحل الوطء بناء على هذا الظن ما لم يعرف أنها امرأته بدليل إما بكلامها أو بإخبار مخبر و لم يوجد مع ما أنا لو اعتبرنا هذا الظن في إسقاط الحد لم يقم حد الزنا في موضع ما إذ الزاني لا يعجز عن هذا القدر فيؤدي إلى سد باب الحد .
و هكذا روي عن إبراهيم النخعي C أنه قال : لو قيل هذا اقيم الحد على أحد و كذلك لو كان الرجل أعمى فوجد امرأة في بيته فوقع عليها و قال : ظننتها امرأتي عليه الحد لأن هذا ظن لم يستند إلى دليل إذ قد يكون في البيت من لا يجوز وطؤها من المحارم و الأجنبيات فلا يحل الوطء بناء على هذا الظن فلم تثبت الشبهة .
و روي عن محمد في رجل أعمى دعى امرأته فقال : يا فلانة فاجابت غيرها فوقع عليها أنه يحد و لو أجابته غيرها و قالت : أنا فلانة فوقع عليها لم يحد و يثبت النسب و هي كالمرأة المزفوفة إلى غير زوجها لأنه لا يحل له وطؤها بنفس الإجابة ما لم تقل : أنا فلانة لأن الإجابة قد تكون من التي ناداها و قد تكون من غيرها فلا يجوز بناء الوطء على نفس الإجابة فإذا فعل لم يعذر بخلاف ما إذا قالت : أنا فلانة فوطئها لأنه لا سبيل للأعمى إلى أن يعرف أنها امرأته إلا بذلك الطريق فكان معذورا فأشبه المرأة المزفوقة حتى لو كان الرجل بصيرا لا يصدق على ذلك لإمكان الوصول إلى أنها امرأته بالرؤية .
و روي عن زفر في رجل أعمى وجد على فراشه أو مجلسه امرأة نائمة فوقع عليها و قال : ظننت أنها امرأتي يدرا عنه الحد و عليه العقر و قال أبو يوسف : لا يدرا وجه قول زفر : أنه في موضع الظن إذ الظاهر أنه لا ينام على فراشه غير امرأته فكان ظنه مستندا إلى دليل ظاهر فيوجب درا الحد كما لو زفت إليه غير امرأته فوطئها .
وجه قول أبي يوسف : أن النوم على الفراش يدل على أنها امرأته لجواز أن ينام على فراشه غير امرأته فلا يجوز استحلال الوطء بهذا القدر فإذا استحل و ظهر الأمر بخلافه لم يكن معذورا و الله سبحانه و تعالى أعلم