وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تعريف الإحصان .
فصل : و أما الإحصان : فالأحصان نوعان : إحصان الرجم و إحصان القذف .
أما إحصان الرجم : فهو عبارة في الشرع عن اجتماع صفات اعتبراها الشرع لوجوب الرجم و هي سبعة : العقل و البلوغ و الحرية و الإسلام و النكاح الصحيح و كون الزوجين جميعا على هذه الصفات و هو أن يكونا جميعا عاقلين بالغين حرين مسلمين فوجود هذه الصفات جميعا فيهما شرط لكون كل واحد منهما محصنا و الدخول في النكاح الصحيح بعد سائر الشرائط متأخرا عنها فإن تقدمها لم يعتبر ما لم يوجد دخول آخر بعدها فلا إحصان الصبي و المجنون و العبد و الكافر و لا بالنكاح الفاسد و لا بنفس النكاح ما لم يوجد الدخول و ما لم يكن الزوجان جميعا وقت الدخول على صفة الإحصان حتى إن الزوج العاقل البالغ الحر المسلم إذ دخل بزوجته و هي صبية أو مجنونة أو أمة أو كتابية ثم أدركت الصبية و أفاقت المجنونة و أعتقت الأمة و أسلمت الكافرة لا يصير محصنا ما لم يوجد دخول آخر بعد زوال هذه العوارض حتى لو زنى قبل دخول الآخر لا يرجم فإذا وجدت هذه الصفات صار الشخص محصنا لأن الإحصان في اللغة عبارة عن الدخول في الحصن يقال : أحصن أي دخل الحصن كما يقال : أعرق أي دخل العراق و أشأم أي دخل الشام و أحصن أي دخل في الحصن و معناه دخل حصنا عن الزنا إذا دخل فيه و إنما يصير الإنسان داخلا في الحصن عن الزنا عند توفر الموانع و كل واحد من هذه الجملة مانع عن الزنا فعند اجتماعها تتوفر الموانع .
أما العقل فلأن للزنا عاقبة ذميمة و العقل يمنع عن ارتكاب ماله عاقبة ذميمة و أما البلوغ فإن الصبي لنقصان عقله و لقلة تأمله لاشتغاله باللهو و اللعب لا يقف على عواقب الأمور فلا يعرف الحميدة منها و الذميمة .
و أما الحرية فلأن الحر يستنكف عن الزنا و كذا الحرة و لهذا : [ لما قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم آية المبايعة على النساء و بلغ إلى قوله الله تعالى { ولا يزنين } قالت هند امرأة أبي سفيان : أو تزني الحرة يا رسول الله ] .
و أما الإسلام فلأنه نعمة كاملة موجبة للشكر فيمنع من الزنا الذي هو وضع الكفر في موضع الشكر .
و أما اعتبار اجتماع هذه صفات في الزوجين جميعا فلأن اجتماعها فيهما يشعر بكمال حالهما و ذا يشعر بكمال اقتضاء الشهوة من الجانبين لأن اقتضاء الشهوة بالصبية و المجنونة قاصر و كذا بالرقيق لكون الرق من نتائج الكفر فينفر عنه الطبع و كذا بالكافرة لأن طبع المسلم ينفر عن الاستمتاع بالكافرة و لهذا [ قال النبي عليه عليه الصلاة و السلام لحذيفة Bه حين أراد أن يتزوج يهودية : دعها فإنها لا تحصنك ] .
و أما الدخول بالنكاح الصحيح فلأنه اقتضاء الشهوة بطريق حلال فيقع به الاستغناء عن الحرام و النكاح الفاسد لا يفيد فلا يقع به الاستغناء و أما كون الدخول آخر الشرائط فلأن الدخول قبل استيفاء سائر الشرائط لا يقع اقتضاء الشهوة على سبيل الكمال فلا تقع الغنية به عن الحرام على التمام و بعد استيفائها تقع به الغنية على الكمال و التمام فثبت أن هذه الجملة موانع عن الزنا فيحصل بها معنى الإحصان و هو الدخول في الحصن عن الزنا و لا خلاف في هذه الجملة إلا في الإسلام فإنه روي عن أبي يوسف أنه ليس من شرائط الإحصان حتى لا يصير المسلم محصنا بنكاح الكتابية و الدخول بها في ظاهر الرواية و كذلك الذمي العاقل البالغ الحر الثيب إذا زنا لا يرجم في ظاهر الرواية بل يجلد .
و على ما روي عن أبي يوسف يصير المسلم محصنا بنكاح الكتابية و يرجم الذمي به و به أخذ الشافعي C تعالى و احتجا بما روي : [ أنه عليه الصلاة و السلام رجم يهوديين ] و لو كان الإسلام شرطا لما رجم و لأن اشتراط الإسلام للزجر عن الزنا و الدين المطلق يصلح للزجر عن الزنا لأن الزنا حرام في الأديان كلها .
و لنا : في زنا الذمي قوله تعالى : { الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } أوجب سبحانه و تعالى الجلد على كل زان و زانية أو على مطلق الزاني و الزانية من غير فصل بين المؤمن و الكافر و متى وجب الجلد انتفى وجوب الرجم ضرورة و لأن زنا الكافر لا يساوي زنا المسلم في كونه جناية فلا يساويه في استدعاء العقوبة كزنا البكر مع زنا الثيب .
و بيان ذلك : أن زنا المسلم اختص بمزيد قبح انتفى في زنا و بيان ذلك : أم زنا المسلم اختص بمزيد قبح انتفى ذلك في زنا الكافر و هو كون زناه وضع الفران في موضع الشكر لأن دين الإسلام نعمة و دين الكفر ليس بنعمة و في زنا المسلم بالكتابية [ قوله عليه الصلاة و السلام لحذيفة Bه حين أراد أن يتزوج يهودية : دعها فإنها لا تحصنك ] و [ قوله عليه الصلاة و السلام : من أشرك بالله فليس بمحصن ] و الذمي مشرك على الحقيقة فلم يكن محصنا و ما ذكرنا أن في اقتضاء الشهوة بالكافرة قصورا فلا يتكامل معنى النعمة فلا يتكامل الزاجر .
و قوله : الزجر يحصل بأصل الدين قلنا : نعم لكنه لا يتكامل إلا بدين الإسلام لأنه نعمة فيكون الزنا من المسلم وضع الكفران في موضع الشكر و دين الكفر ليس بنعمة فلا يكون في كونه زاجرا مثله .
و أما حديث رجم اليهوديين فيحتمل أنه كان قبل نزول آية الجلد فانتسخ بها و يحتمل أنه كان بعد نزولها و نسخ خبر الواحد أهون من نسخ الكتاب العزيز و إحصان كل واحد من الزانيين ليس بشرط لوجوب الرجم على أحدهما حتى لو كان أحدهما محصنا و الآخر غير محصن فالمحصن منهما يرجم و غير المحصن يجلد ثم إذا ظهر إحصان الزاني بالبينة أو بالإقرار يرجم بالنص و المعقول .
أما النص فالحديث المشهور و هو قوله عليه الصلاة و السلام : [ لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى معان ثلاث : كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان و قتل نفس بغير حق ] و روي : [ أنه عليه الصلاة و السلام رجم ماعزا و كان محصنا ] .
و أنا المعقول : فهو أن المحصن إذا توفرت عليه الموانع من الزنا فإذا أقدم عليه مع توفر الموانع صار زناه غاية في القبح فيجازى بما هو غاية في العقوبات الدنيوية و هو الرجم لأن الجزاء على قدر الجناية ألا ترى أن الله سبحانه و تعالى توعد نساء النبي عليه الصلاة و السلام بمضاعفة العذاب إذا أتين بفاحشة لعظم جنايتهن لحصولها مع توفر الموانع فيهن لعظم نعم الله سبحانه و تعالى عليهن لنيلهن صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم و مضاجعته فكانت جنايتهن على تقدير الإتيان غاية في القبح فأوعدن بالغاية من الجزاء كذا ههنا .
و لا يجمع بين الجلد و الرجم عند عامة العلماء و قيل بعض الناس : يجمع بينهما لظاهر قوله عليه الصلاة و السلام : [ و الثيب بالثيب جلد مائة و رجم بالحجارة ] .
و لنا : [ أنه عليه الصلاة و السلام رجم ماعزا و لم يجلده ] و لو وجب الجمع بينهما لجمع و لأن الزنا جناية واحدة فلا يوجب إلا عقوبة واحدة و الجلد و الرجم كل واحد منهما عقوبة على حدة فلا يجبان لجناية واحدة و الحديث محمول على الجمع بينهما في الجلد و الرجم لكن في حالين فيكون عملا بالحديث .
و إذا فقد شرط من شرائط الإحصان لا يرجم بل يجلد لأن الواجب بنفس الزنا هو الجلد بآية الجلد و لأن زنا غير المحصن لا يبلغ غاية في القبح فلا يبلغ غاية في القبح فلا تبلغ عقوبته النهاية فيكتفي بالجلد و هل يجمع بين الجلد و التغريب ؟ اختلف فيه قيل أصحابنا : لا يجمع إلا إذا رأى الإمام المصلحة في الجمع بينهما فيجمع و قال الشافعي C : يجمع بينهما احتج بما روي أنه E : [ البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام ] .
و روي عن سيدنا عمر Bه : [ أنه جلد و غرب ] و كذا روي عن سيدنا علي Bه : [ أنه فعل كذا و لم ينكر عليهما أحد من الصحابة فيكون إجماعا ] ولنا قوله D : { الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } و الاستدلال به من وجهين : .
أحدهما : أنه D أمر بجلد الزانية و الزاني و لم يذكر التغريب فمن أوجبه فقد زاد على كتاب الله D و الزيادة عليه نسخ و لا يجوز نسخ النص بخبر الواحد .
و الثاني : أنه سبحانه و تعالى جعل الجلد جزاء و الجزاء اسم لما تقع به الكفاية مأخوذ من الاجتزاء و هو الاكتفاء فلو أوجبنا التغريب لا تقع الكفاية بالجلد و هذا خلاف النص و لأن التغريب تعريض للمغرب على الزنا لأنه ما دام في بلده يمتنع عن العشائر و المعارف حياء منهم و بالتغريب يزول هذا المعنى فيعرى الداعي عن الموانع فيقدم عليه و الزنا قبيح فما أفضى إليه مثله و فعل الصحابة محمول على أنهم رأوا ذلك مصلحة على طريق التعزيز ألا يرى أنه روي عن سيدنا عمر Bه : [ أنه نفى رجلا فلحق بالروم فقال : لا أنفي بعدها أبدا ] .
و عن سيدنا علي Bه أنه قيل : [ كفى بالنفي فتنة ] فدل أن فعلهم كان على طريق التعزيز و نحن به نقول : إن للإمام أن ينفي إن رأى المصلحة في التغريب و يكون النفي تعزيرا لا حدا و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و أما إحصان القذف فنذكره في حد القذف إن شاء الله تعالى