وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : فيما يرجع إلى المقذوف .
أحدهما أن يكون محصنا رجلا كان أو امرأة و شرائط إحصان القذف و البلوغ و الحرية و الإسلام و العفة عن الزنا فلا يجب الحد بقذف الصبي و المجنون و الرقيق و الكافر ومن لا عفة له عن الزنا .
أما العقل و البلوغ فلأن الزنا لا يتصور من الصبي و المجنون فكان قذفهما بالزنا كذبا محضا فيوجب التعزير لا الحد .
و أما الحرية فلأن الله سبحانه و الله تعالى شرط الإحصان في آية القذف و هي قوله الله وتعالى : { و الذين يرمون المحصنات } و المراد من المحصنات ههنا الحرائر لا العفائف عن الزنا فدل أن الحرية شرط و لأنا لو أوجبنا على قاذف المملوك الجلد لأوجبنا ثمانين و هو لو أتى بحقيقة الزنا لا يجلد إلا خمسين و هذا لا يجوز لأن القذف نسبة إلى الزنا و أنه دون حقيقة الزنا .
و أما الإسلام و العفة عن الزنا فلقوله الله تعالى : { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } و المحصنات الحرائر و الغافلات و العفائف عن الزنا و المؤمنات معلومة فدل أن الإيمان و العفة عن الزنا و الحرية شرط و دلت هذه الآية على أن المراد من المحصنات في هذه الآية الحرائر لا العفائف لأنه سبحانه و تعالى جمع في هذه الآية بين المحصنات و الغافلات في الذكر و الغافلات العفائف فلو أريد بالمحصنات العفائف لكان تكرارا و لأن الحد إنما يجب لدفع العار عن المقذوف و من لا عفة له عن الزنا لا يلحقه العار بالقذف بالزنا و كذا قوله E : [ من أشرك با الله فليس بمحصن ] يدل على أن الإسلام شرط و لأن الحد إنما وجب بالقذف دفعا لعار الزنا عن المقذوف و ما في الكفار من عار الكفر أعظم و الله سبحانه و تعالى أعلم .
ثم تفسير العفة عن الزنا هو إن لم يكن المقذوف و طىء في عمره و طئ حراما في غير ملك و لا نكاح أصلا و لا في نكاح فاسد فسادا مجمعا عليه في السلف فإن كان فعل سقطت عفته سواء كان الوطء زنا موجبا للحد أو لم يكن بعد أن يكون على الوصف الذي ذكرنا و إن كان و طىء وطأ حراما لكن في الملك أو النكاح حقيقة أوفي نكاح فاسد لكن فسادا هو محل الاجتهاد لا تسقط عفتة .
و بيان هذه الجملة في مسائل : إذا وطىء امرأة بشبهة بأن زفت إليه غير امرأته فوطئها سقطت عفته لوجود الوطء الحرام في غير ملك و لا نكاح أصلا إلا أنه لم يجب الحد لقيام الدليل المبيح من حيث الظاهر على ما ذكرنا فيما تقدم و كذلك إذا وطىء جارية مشتركة بينه و بين غيره لأن الوطء يصادف كل الجارية و كلها ليس ملكه فيصادف ملك الغير لا محالة فكان الفعل زنا من و جه لكن درىء الحد للشبهة .
و كذلك إذا وطىء جارية أبوية أوزوجته أو جارية اشتراها و هو يعلم أنها لغير البائع ثم استحلف لما قلنا و كذلك لو وطىء جارية ابنه فأعقلها أو لم يعقلها لوجود الوطء المحرم في غير ملك حقيقة و لو و طىء الحائض أو النفساء أو الصائمة أو المحرمة أو الحرة التي ظاهر منها أو الأمة المزوجة لم تسقط عفته لقيام الملك أو النكاح و أنه منع من الوطء لغيره و كذا إذا وطىء مكاتبته في قولهما و إحدى الروايتين عن أبي يوسف و في رواية أخرى عنه و هو قول زفر تسقط عفته .
و جه قولهما : أن هذا وطء حصل في غير الملك لأن عقد الكتابة أوجب زوال الملك في حق الوطء ألا ترى أنه لا يباح له أن يطأها و كذا المهر يكون لها لا للمولى و هذا دليل زوال الملك في حق الوطء .
و لنا : أن الوطء يصادف الذات و ملك الذات قائم الكتابة فكان الملك فكان الملك المحلل قائما و إنما الزائل ملك اليد فمنع من الوطء لما فيه من استرداد يدها على نفسها فأشبهت الجارية المزوجة و لو تزوج معتد الغير أو منكوحة الغير أو مجوسية أو أخته من الرضاع سقطت عفته سواء علم أو لم يعلم في قول أبي حنيفة Bه و عندهما إذا كان لا يعلم لا تسقط .
و جه قولهما : أنه إذا لم يعلم لا يكون الوطء حراما بدليل أنه لا يأثم و لو كان حراما لأثم وإذا لم يكن حراما لم تسقط العفة و لأبي حنيفة C : أن حرمة الوطء ههنا ثابتة بالإجماع إلا أن الإثم منتف و الإثم ليس من لوازم الحرمة على ما عرف و إذا كانت الحرمة ثابتة بيقين سقطت العفة و لو قبل امرأة بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة ثم تزوج بابنتها فوطئها أو تزوج بأمها فوطئها لا تسقط عفته في قول أبي حنيفة C و عندهما تسقط .
وجه قولهما : أن التقبيل أو النظر أوجب حرمة المصاهرة و أنها حرمة مؤبدة فتسقط العصمة كحرمة الرحم المحرم و لأبي حنيفة C : أن هذه الحرمة ليست مجمعا عليها بل هي محل الاجتهاد في السلف فلا تسقط العفة .
فأما إذا تزوج امرأة فوطئها ثم تزوج ابنتها أو أمها فوطئها سقطت عفته بالإجماع لأن النكاح مجمع على فساده فلم يكن محل الاجتهاد و لو تزوج امرأة بغير شهود فوطئها سقطت عفته لأن فساد هذا النكاح مجمع عليه لا اختلاف فيه في السلف إذ لا يعرف الخلاف فيه بين الصحابة فلا يعتد بخلاف مالك فيه .
و لو تزوج أمة و حرة في عقده واحدة فوطئهما أو تزوج أمة على حرة فوطئهما لم تسقط عفته لأن فساد هذا النكاح ليس مجمعا عليه في السلف بل هو محل الاجتهاد فالوطء فيه لا يوجب سقوط العفة و لو تزوج ذمي امرأة ذات رحم محرم منه ثم أسلم فقذفه رجل إن كان قد دخل بها بعد الإسلام سقطت عفته بالإجماع و إن كان الدخول في حال الكفر لم تسقط في أبي حنيفة و عندهما تسقط هكذا ذكر الكرخي .
و ذكر محمد C في الأصل : أنه يشترط إحصانه و لم يذكر الخلاف و هو الصحيح لأن هذا النكاح مجمع على فساده و إنما سقط الحد على أصل أبي حنيفة عليه الرحمة لنوع شبهة و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و لا حد على من قذف امرأة محدودة في الزنا أو معها ولد لا يعرف له أن أو لاعنت بولد لأن إمارة الزنا معها ظاهرة فلم تكن عفيفة فإن لاعنت بغير الولد أو مع الولد لكنه لم يقطع النسب أو قطع لكن الزوج عاد و أكذب نفسه و ألحق النسب بالأب حد لأنه لم يظهر منها علامة الزنا فكانت عفيفة .
و الثاني : أن يكون المقذوف معلوما فإن كان مجهولا لا يجب الحد كما إذا قال لجماعة : كلكم زان إلا واحدا أو قال : ليس فيكم زان إلا واحد أو قال لرجلين : أحدكما زان لأن المقذوف مجهول .
و لو قال لرجلين : أحدكما زان فقال له رجل : أحدهما هذا ؟ فقال : لا لا حد للآخر لأنه لم يقذف بصريح الزنا و لا بما هو في معنى الصريح و لو قال لرجل : جدك زان لا حد عليه لأن اسم الجد ينطلق على الأسفل و على الأعلى فكان المقذوف مجهولا و لو قال لرجل : أخوك زان فإن كان له إخوة أو أخوان سواه لا حد على القاذف لأن المقذوف مجهول و إن لم يكن له إلا أخ واحد فعليه الحد إذا حضر و طالب لأن المقذوف معلوم و ليس لهذا الأخ و لاية المطالبة لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى .
و أما حياة المقذوف وقت القذف فليس بشرط لوجوب الحد على القاذف حتى يجب الحد بقذف الميت اما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى