وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما تظهر الحدود عند القاضي .
فصل : و أما بيان ما تظهر به الحدود عند القاضي فنقول و بالله التوفيق : الحدود كلها تظهر بالبينة و الإقرار لكن عند استجماع شرائطها أما شرائط البينة القائمة على الحد فمنها ما يعلم الحدود كلها و منها ما يخص البعض دون البعض أما الذي يعم الكل فالذكورة و الأصالة فلا تقبل شهادة النساء و لا الشهادة على الشهادة و لا كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود كلها لتمكن زيادة شبهة فيها ذكرناها في كتاب الشهادات و الحدود لا تثبت مع الشبهات .
و لو ادعى القاذف أن المقذوف صدقة و أقام على ذلك رجلا و امرأتين جاز و كذلك الشهادة على الشهادة و كتاب القاضي إلى القاضي لأن الشهادة ههنا قامت عاى إسقاط الحد لا على إثباته و الشبهة تمنع من إثبات الحد من إسقاطه و أما الذي يخص البعض دون البعض فمنها عدم التقادم و أنه شرط في حد الزنا و السرقة و شرب الخمر و ليس بشرط في حد القذف و الفرق أن الشاهد إذا عاين الجريمة فهو مخير بين أداء الشهادة حسبه الله تعالى لقوله D : { و أقيموا الشهادة لله } و بين التستر على أخيه المسلم لقوله E [ من ستر على أخيه المسلم ستر الله عليه فيه الآخرة ] فلما لم يشهد على فور المعاينة حتى تقادم العهد دل ذلك على اختيار جهة الستر فإذا شهد بعد ذلك دل على أن الضغينة حملته على ذلك فلا تقبل شهادته لما روى عن سيدنا عمر Bه أنه قال : أيما قوم شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرته فإنما شهدوا عن ضغن و لا شهادة لهم و لم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون إجماعا .
فدل قول سيدنا عمر Bه على أن مثل هذه الشهادة شهادة ضغينة و أنها غير مقبولة و لأن التأخير و الحالة هذه يورث تهمة و لا شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم بخلاف حدالقذف لأن التأخير ثمة لا يدل على الضغينة و التهمة لأن الدعوى هناك شرط فاحتمل أن التأخير كان لتأخير الدعوى من المدعي و الدعوى ليست بشرط في الحدود الثلاثة فكان التأخير لما قلنا و يشكل على هذا فصل السرقة فإن الدعوى هناك شرط و مع هذا التقادم مانع .
و اختلفت عبارات مشايخنا في الجواب عن هذا الإشكال فقال بعضهم : إن معنى الضغينة و التهمة حكمة المنع من قبول الشهادة و السبب الظاهر هو كان الحد خالص حق الله تعالى و الحكم يدار على السبب الظاهر لا على الحكمة و قد وجد السبب الظاهر في السرقة فيوجب المنع من قبول الشهادة و هذا ليس بسديد لأن الأصل تعليق الحكم بالحكمة إلا إذا كان وجه الحكمة خفيا لا يوقف عليه إلا بحرج فيقام السبب الظاهر مقامه و تجعل الحكمة موجودة تقديرا و ههنا يمكن الوقوف عليه من غير حرج و لم توجد في السرقة لما بينا فيجب أن تقبل الشهادة بعد التقادم .
و قال بعضهم : إنما لا تقبل الشهادة في السرقة لأن دعوى السرقة بعد التقادم لم تصح لأن المدعي في الابتداء مخير بين أن يدعي السرقة و يقطع طمعه عن ماله احتسابا لإقامة الحد و بين أن يدعي أخذ المال سترا على أخيه المسلم فلما أخر دل تأخيره على اختيار جهة الستر و الإعراض عن جهة الحسبة فلما شهد بعد ذلك فقد قصد الإغراض عن جهة الستر فلا يصح إعراضه و لم يجعل قاصدا جهة الحسبة لأن قد كان أعرض عنها عند اختياره جهة الستر فلم تصح دعواه السرقة فلم تقبل الشهادة على السرقة لأن قبول الشهادة يقف على دعوى صحيحة فيما تشترط فيه الدعوى فبقي مدعيا أخذ المال لا غير فتقبل الشهادة حسبه إذ التقادم لا يمنع قبول الشهادة على الأموال بخلاف حد القذف لأن المقذوف ليس بمخير بين بدل النفس و بين إقامة الحد بالدعوى بل الواجب عليه دفع العار عن نفسه و دعوى القذف فلا يتهم بالتأخير فكانت الدعوى صحيحة منه .
و الشيخ منصور الماتريدي C أشارإلى معنى آخر في شرح الجامع الصغير حكيته بلفظه و هو أن عادة السراق الإقدام على السرقة في حال الغفلة و انتهاز الفرصة في موضع الخيفة و صاحب الحق لا يطلع على من شهد ذلك و لا يعرفهم إلا بهم و بخبرهم فإذا كتموا أثموا و قد يعلم المدعي شهوده في غير ذلك من الحقوق و يطلبها إذا احتاج إليها فكانوا في سعة من تأخيرها و إذا بطلت الشهادة على السرقة بالتقدم قبلت في حق المال لأن بطلانها في حق الحد لتمكن الشبهة فيها و الحد لا يثبت مع الشبهة و أما المال فيثبت معها ثم التقادم إنما يمنع قبول الشهادة في الحدود الثلاثة إذا كان التقادم في التأخير من غير عذر ظاهر فأما إذا كان لعذر ظاهر بأن كان المشهود عليه في موضع ليس فيه حاكم فحمل إلى بلد فيه حاكم فشهدوا عليه جازت شهادتهم و إن تأخرت لأن هذا موضع العذر فلا يكون التقادم فيه مانعا ثم لم يقدر أبي حنيفة C للتقادم تقديرا و فوض ذلك إلى اجتهاد كل في زمانه روى عن أبي يوسف C أنه قال : كان أبي حنيفة C لا يوقت في التقادم شيئا و جهدنا به أن يوقت فأبى و أبو يوسف و محمد رحمهما الله قدراه بشهر فإن كان شهرا أو أكثر فهو متقادم و إن كان دون شهر فليس بمتقادم لأن الشهر أدنى الأجل فكان ما دونه في حكم العاجل .
و لأبي حنيفة C : أن التأخير قد يكون لعذر و الأعذار في اقتضاء التأخير مختلفة فتعذر التوقيت فيه مفوض إلى اجتهاد القاضي فيما يعد إبطال و ما لا يعد و إذا لم تقبل شهادة بزنا متقادم هل يحدون حد القذف .
حكى الحسن بن زياد : أنهم يحدون و تأخيرهم محمول على اختبار جهة الستر فخرج كلامهم عن كونه شهادة فبقي قذفا فيوجب الحد .
و قال الكرخي C : الظاهر أنه لا يجب عليهم الحد و هكذا ذكر القاضي في شرحه أنه لا حد عليهم لأن تأخيرهم و إن أورث تهمة و شبهة في الأصل الشهادة باق فلما اعتبرت الشبهة في إسقاط حد الزنا عن المشهود عليه فلأن تعتبر حقيقة الشهادة حد القذف عن الشهود أولى .
و منها : قيام الرائحة و قت أداء الشهادة في حدالشرب في قولهما و عند محمد ليس بشرط و الحجج ستأتي في موضعها