وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شرائط جواز إقامتها .
فصل : و أما شرائط جوار إقامتها فمنها ما يعلم الحدود كلها و منها ما يخص البعض دون البعض أما الذي يعم الحدود كلها فهو الإمامة و هو أن يكون المقيم للحد هو الإمام أو من و لاه الإمام و هذا عندنا و عند الشافعي : هذا ليس بشرط و للرجل أن يقيم الحد عنده بالإقرار أربعا عندنا و مرة عنده و بالمعاينة بأن رأى عبده زنى بأجنبية و لو ظهر عنده بالشهود بأن شهدوا عنده و المولى من أهل القضاء فله فيه قولان و كذا في إقامة المرأة الحد على مملوكها و إقامة المكاتب الحد على عبد من أكسابه له فيه قولان احتج بما روي عن سيدنا علي Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أقيموا الحدود على ماملكت أيمانكم ] و هذا النص .
و روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ إذا زنت أمة أحدكم فليجدها فإن عادت فليجلدها فإن عادت فليجلدها فإن عادت فليبعها و لو بضفير ] أي بحبل و هذا أيضا نص في الباب و لأن السلطان إنما ملك الإقامة لتسلطه على الرعية و تسلط المولى على مملوكه فوق تسلط السلطان على رعيته ألا ترى أنه يملك الإقرار عليه بالدين و يملك عليه التصرفات و الإمام لا يملك شيئا من ذلك فلما ثبت الجواز للسلطان فالمولى أولى و لهذا ملك إقامة التعزير عليه كذا الحد .
و لنا أن ولاية إقامة الحدود ثابتة للإمام بطريق التعيين و المولى لا يساويه فيما شرع له بهذه الولاية فلا يثبت له و لاية الإقامة استدلالا بولاية إنكاح الصغار و الصغائر لأنها لما ثبتت للأقرب لم تثبت لمن لا يساويه فيما شرع له الولاية و هو الأبعد .
و بيان ذلك ان ولاية إقامة الحد إنما ثبتت الإمام لمصلحة العباد و هي صيانة أنفسهم و أموالهم و أعراضهم لأن القضاء يمتنعون من التعرض خوفا من إقامة الحد عليهم و المولى لا يساوي الإمام في هذا المعنى لأن ذلك يقف على الإمامة و الإمام قادر على الإقامة لشوكته و منعته و انقياد الرعية له قهرا و جبرا و لا يخاف تبعه الجناة و أتباعهم لانعدام المعارضة بينهم و بين الإمام و تهمة الميل و المحاباة و التواني عن الإقامة منتفية في حقه فيقيم على و جهها فيحصل الغرض المشروع له الولاية بيقين و أما المولى فربما يقدر على الإقامة نفسها و ربما لا يقدر لمعارضة العبد إياه و لأنه رقباني مثله يعارضه فيمنعه عن الإقامة خصوصا عند خوف الهلاك على نفسه فلا يقدر على الإقامة و كذا المولى يخاف على .
نفسه و ماله من العبد الشرير لو قصد إقامة الحد عليه أن يأخذ بعض أمواله و يقصد إهلاكه و يهرب منه فيمتنع عن الإقامة و لوقدر على الإقامة فقد يقيم و قد لا يقيم لما في الإقامة من نقصان قيمته بسبب عيب الزنا و السرقة أو يخاف سراية الجلدات إلى الهلاك و المرء مجبول على حب المال و لو أقام فقد يقيم على الوجه و قد لا يقيم على الوجه بل من حيث الصورة فلا يحصل الزجر فثبت أن المولى لا يساوي الإمام في تحصيل ما شرع له إقامة الحد فلا يزاحمه في الولاية بخلاف التعزير من و جهين : .
أحدهما : أن التعزير هو التعيير و التوبيخ و ذلك غير مقدر فقد يكون بالحبس و قد يكون برفع الصوت و تعبيس الوجه و قد يكون بضرب أسواط على حسب الجناية و حال الجاني لما نذكره في موضعه و المولى يساوي الإمام في هذا لأنه من باب التأديب فله قدرة التأديب و العبد ينقاد لمثله للمولى و لا يعارضه فالمولى أيضا لا يمتنع عن هذا القدر من الإيلام لأنه لا يوجب نقصانا في مالية العبد و لا تعيينا فيه بخلاف الحد .
و الثاني : أن في التعزير ضرورة ليست في الحد لأن أسباب التعزير مما يكثر وجودها فيحتاج المولى إلى أن يعزر مملوكه في كل يوم و في كل ساعة و في الرفع إلى الإمام في كل حين و زمان حرج عظيم على الموالي ففوضت إقامة الحد إلى الموالي شرعا أو صار المولى مأذونا في ذلك من حهة الإمام دلالة و صار نائبا عن الإمام فيه و لا حرج في الحد لأنه لا يكثر أسباب وجوبه .
و أما الحديثان فيحتمل أن يكون خطابا لقوم معلومين علم E منهم من طريق الوحي أنهم يقيمون الحدود من غير تقصير مثل الأمير و السلطان و يحتمل أن يكون ذلك خطابا للأئمة في حق عبيدهم و التخصيص للترغيب في إقامة الحد لما أن الأئمة و السلاطين لا يباشرون الإقامة بأنفسهم عادة بل يفوضونها إلى الحكام و المحتسبين و قد يجيء منهم في ذلك تقصير و يحتمل الإقامة بطريق التسبب بالسعي لرفع ذلك إلى الإمام بطريق الحسبة و تخصيص المولى للترغيب لهم في الإقامة لا حتمال الميل و التقصير في ذلك و يحتمل أن يكون المراد من الحد المذكور في الحديث التعزير أو جود معنى الحد فيه و هو المنع فلا يصح الاحتجاج بهما مع الاحتمال و الله تعالى أعلم .
و للإمام أن يستخلف على إقامة الحدود لأنه لا يقدر على استيفاء الجميع بنفسه لأن أسباب وجوبها توجد في أقطار دار الإسلام و لا يمكنه الذهاب إليها و في الإحضار إلى مكان الإمام حرج عظيم فلو لم يجز الاستخلاف لتعطلت الحدود و هذا لا يجوز و [ لهذا كان E يجعل إلى الخلفاء تنفيذ الأحكام و إقامة الحدود ] ثم الاستخلاف نوعان : تنصيص و تولية أما التنصيص فهو أن ينص على إقامة الحدود فيجوز للخليفة إقامتها بلا شك و أما التولية فعلى ضربين : عامة و خاصة فالعامة هي أن يولي رجلا ولاية عامة مثل إمارة إقليم أو بلد عظيم فيملك المولى إقامة الحدود و إن لم ينص عليها لأنه لما قلده إمارة ذلك البلد فقد فوض إليه القيام بمصالح المسلمين و إقامة الحدود معظم مصالحهم فيملكها و الخاصة هي أن يولي رجلا ولية خاصة مثل جباية الخراج و نحو ذلك فلا يملك إقامة الحدود لأن هذه التولية لم تتناول إقامة الحدود .
و لو استعمل أمير على الجيش الكبير فإن كان أمير مصر أو مدينة فغزا بجنده فإنه يملك إقامة الحدود في معسكره لأنه كان يملك الإقامة في بلده فإذا خرج بأهله أو ببعضهم ملك عليهم ما كان يملك فيهم قبل الخروج و أما من أخرجه أمير البلد غازيا فما كان يملك إقامة الحد عليهم قبل الخروج و بعد الخروج لم يفوض إليه الإقامة فلا يملك الإقامة و الإمام العدل له أن يقيم الحدود و ينفذ القضاء في معسكره لما له أن يفعل ذلك في المصر لأن للإمام و لاية على جميع دار الإسلام ثابتة و كذا إذا استعمل قاضيا له أن يفعل ذلك في المعسكر لأنه نائب الإمام و الله تعالى أعلم .
و أما الذي يخص البعض دون البعض فمنها البداية من الشهور في حد الرجم إذا ثبت بالشهادة حتى لو امتنع الشهود عن البداية أو ماتوا أو غابوا كلهم أو بعضهم لا يقام الرجم على المشهود عليه و هذا قول أبي حنيفة و محمد و إحدى الروايتين عن أبي يوسف استحسانا .
و روى عن أبي يوسف رواية آخرى : أنها ليست بشرط و يقام الرجم على المشهود عليه و هو قول الشافعي C و هو القياس .
وجه القياس : أن الشهود فيما و راء الشهادة و سائر الناس سواء ثم لا تشترط البداية من أحد منهم فكذا من الشهود و لأن الرجم أحد نوعي الحد فيعتبر بالنوع الآخر و هو الجلد و البداية من الشهود ليست بشرط فيه كذا في الرجم .
و لنا : ما روى عن سيدنا علي Bه أنه قال : يرجم الشهود أولا ثم الناس و كلمة ثم للترتيب و كان ذلك بمحضر من الصحابة Bهم و لم ينقل أنه أنكر عليه أحد فيكون إجماعا و لأن في اعتبار الشرط احتياطا في ردىء الحد لأن الشهود إذا بدؤا بالرجم ربما استعظموا فعله فيحملهم ذلك على الرجوع عن الشهادة فيسقط الحد عن المشهود عليه بخلاف الجلد لأنا إنما عرفنا البداية شرطا استحسانا بالأثر فيسقط الحد عليه و الأثر ورد في الرجم خاصة فيبقى أمر الجلد على أصل القياس و لأن الجلد لا يحسنه كل أحد ففوض استيفاؤه إلى الأئمة بخلاف الرجم و الله تعالى أعلم .
و منها : أهلية أداء الشهادة للشهود عند الإقامة في الحدود كلها حتى لو بطلت الأهلية بالفسق أو الردة أو الجنون أو العمى أو الخرس أو حد القذف بأن فسق الشهود أو ارتدوا أو جنوا أو عموا أو خرسوا أو ضربوا حد القذف كلهم أو بعضهم لا يقام الحد على المشهود عليه لأن اعتراض أسباب الجرح على الشهادة عند إمضاء الحد بمنزلة اعتراضها عند القضاء به واعتراضها عند القضاء يبطل الشهادة فكذا عند الإمضاء في باب الحدود عن القضاء و أما موت الشهود و غيبتهم عند الإقامة فلا يمنعان من الإقامة في سائر الحدود إلا الرجم حتى لو ماتوا كلهم أو غابوا كلهم أو بعضهم يقام الحد على الشهود عليه إلا الرجم لأنهما ليسا من أسباب الجرح لأن أهلية الشهادة لا تبطل بالموت و الغيبة بل تتناها و تتقرر و تختم بها العدالة على و جه لا يحتمل الجرح و في حد الرجم إنما يمنعان الإقامة لا لأنهما يجرحان في الشهادة بل لأن البداية من الشهود شرط جواز الإقامة و لم توجد .
و روى عن محمد في الشهود إذا كانوا مقطوعي الأيدي أو بهم مرض لا يستطيعون الرمي : أن الإمام يرمي ثم الناس و جعل قطع اليد أو المرض عذرا في فوات البداية و لم يجعل الموت عذرا فيه و إن ثبت الرجم بالإقرار يبدأ به الإمام ثم الناس و الله أعلم .
و منها : أن لا يكون في إقامة الجلدات خوف الهلاك لأن هذا الحد شرع زاجرا لا مهلكا فلا يجوز الإقامة في الحر الشديد و البرد لما في الإقامة فيهما من خوف الهلاك و لا يقام على مريض حتى يبرأ لأنه يجتمع عليه و جع المرض و ألم الضرب فيخاف الهلاك و لا يقام على النفساء لأن النفاس نوع مرض و يقام على الحائض لأن الحيض ليس بمرض و لا يقام على الحامل حتى تضع و تطهر من النفاس لأن فيه خوف هلاك الولد و الوالدة و يقام الرجم في هذا كله إلا على الحامل لأن ترك الإقامة في هذه الأحوال للاحتراز عن الهلاك و الرجم حد مهلك فلا معنى للاحتراز عن الهلاك فيه إلا أنه لا يقام على الحامل لأن فيه إهلاك الولد بغير إهلاك الولد بغير حق و لا يجمع الضرب في عضو واحد لأنه يفضي إلى تلف ذلك العضو أو إلى تمزيق جلده و كل ذلك لا يجوز بل يفرق الضرب على جميع الأعضاء من الكتفين و الذراعين و العضدين و الساقين و القدمين إلا الوجه و الفرج و الرأس لأن الضرب على الفرج مهلك عادة و قد روى عن سيدنا علي Bه موقفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ اتق و جهه و مذاكيره ] و الضرب على الوجه يوجب المثلة و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المثلة و الرأس مجمع الحواس و فيه العقل فيخاف من الضرب عليه فوات العقل أو فوات بعض الحواس و فيه إهلاك الذات من وجه .
و قال أبي يوسف C أيضا : لا يضرب الصدر و البطن و يضرب الرأس سوطا أو سوطين .
أما الصدر و البطن فلأن فيه خوف الهلاك و أما الرأس فلقول سيدنا عمر Bه اضربوا الرأس فإن فيه شيطانا .
و الجواب أن الحديث ورد في قتل أهل الحرب خصوصا قوما كانوا بالشأم يحلقون أوساط رؤوسهم ثم تفريق الضرب على الأعضاء مذهبنا .
و قال الشافعي عليه الرحمة : يضرب كله على الظهر و هذا ليس بسديد لأن المأموربه هو الجلد و أنه مأخوذ من ضرب الجلد و الضرب على عضو واحد ممزق للجلد و بعد تمزيق الجلد لا يمكن الضرب على الجلد بعد ذلك و لأن في الجمع على عضو واحد خوف الهلاك و هذا الحد شرع زاجرا لا مهلكا و الله سبحانه و الله تعالى أعلم