وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ركن السرقة .
فصل : أما ركن السرقة فهو الأخذ على سبيل الاستخفاء قال الله تعالى و تبارك : { إلا من استرق السمع } سمى سبحانه و تعالى أخذ المسموع على وجه الاستخفاء استراقا و لهذا يسمى الأخذ على سبيل المجاهرة مغالبة أو نهبة أو خلسة أو غصبا أو انتهابا و اختلاسا لا سرقة .
و روى عن سيدنا علي Bه أنه سئل عن المختلس و المنتهب فقال : [ تلك الدعاية لا شيء فيها ] .
و روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ لا قطع على على نباش و لا منتهب و لاخائن ] ثم الأخذ على وجه الاستخفاء نوعان : مباشرة و تسبب .
أما المباشرة فهو أن يتولى السارق أخذ المتاع و إخراجه من الحرز بنفسه حتى لو دخل الحرز و أخذ متاعا أو لم يحمله حتى ظهر عليه و هو في الحرز قبل أن يخرجه فلا قطع عليه لأن الأخذ إثبات اليد و لا يتم ذلك إلا بالإخراج من الحرز و لم يوجد .
و إن رمى به خارج الحرز ثم ظهر عليه قبل أن يخرج هو من الحرز فلا قطع عليه لأن يده ليست بثابتة عليه عند الخروج من الحرز فإن لم يظهر عليه حتى خرج و أخذ ما كان رمى به خارج الحرز يقطع و روي عن زفر C أنه لا يقطع .
وجه قوله : أنه الأخذ من الحرز لا يتم إلا بالإخراج منه و الرمي ليس بإخراج و الأخذ من الخارج ليس أخذ من الحرز فلا يكون سرقة .
و لنا أن المال في حكم يده ما لم تثبت عليه يد غيره فقد وجد منه الأخذ و الإخراج من الحرز .
و لو رمى به إلى صاحب له خارج الحرز فأخذه المرمي إليه فلا قطع على واحد منهما أما الخارج فلأنه لم يوجد منه الأخذ من الحرز و أما الداخل فلأنه لم يوجد منه الإخراج من الحرز لثبوت يد الخارج عليه و لو ناول صاحبا له مناولة من وراء الجدار و لم يخرج هو فلا قطع على واحد منهما عند أبي حنيفة C و عندهما يقطع الداخل و لا يقطع الخارج إذا كان الخارج لم يدخل يده إلى الحرز .
وجه قولهما : أن الداخل لما ناول صاحبه فقد أقام يد صاحبه مقام يده فكأنه خرج و المال في يده .
وجه قوله : على نحو ما ذكرنا في المسألة المتقدمة أنه لا سبيل إلى إيجاب القطع على الخارج لانعدام فعل السرقة منه و هو الأخذ من الحرز و لا سبيل إلى إيجابه على الداخل لانعدام ثبوت يده عليه حالة الخروج من الحرز لثبوت يد صاحبه بخلاف ما إذا رمى به إلى السكة ثم خرج وأخذه لأنه لما تثبت عليه يد غيره فهو في حكم يده فكأنه خرج به حقيقة و إن كان الخارج أدخل يده في الحرز فأخذه من يد الداخل فلا قطع على واحد منهما في قول أبي حنيفة و قال أبو يوسف أقطعهما جميعا .
أما عدم وجوب القطع على الداخل على أصل أبي حنيفة C فلعدم الإخراج من الحرز يحققه أنه لو خرج يده و ناول صاحبا له لم يقطع فعند عدم الإخراج أولى و الوجوب عليه على أصل أبي يوسف C لما ذكرنا في المسألة المتقدمة .
و أما الكلام في الخارج فمبني على مسألة أخرى و هي أن السارق إذا نقب منزلا و أدخل يده فيه و أخرج المتاع و لم يدخل فيه هل يقطع ؟ ذكر في الأصل و في الجامع الصغير أنه لا يقطع و لم يحك خلافا .
و قال أبو يوسف في الإملاء : أقطع و لا أبالي دخل الحر أو لم يدخل و على هذا الخلاف إذا نقب و دخل و جمع المتاع عند النقب ثم خرج و أدخل يده فرفع .
وجه قوله : أن الركن في السرقة هو الأخذ من الحرز فأما الدخول في الحرز فليس بركن ألا ترى أنه لو أدخل يده في الصندوق أو في الجوالق و أخرج المتاع يقطع و إن لم يوجد الدخول .
و لهما ما روي عن سيدنا علي Bه أنه قال : [ إذا كان اللص ظريفا لم يقطع قيل و كيف يكون ظريفا : قال : يدخل يده إلى الدار و يمكنه دخولها ] و لم ينقل أنه أنكر عليه منكر فيكون إجماعا و لأن هتك الحرز على سبيل الكمال شرط لأن به تتكامل الجناية و لا يتكامل الهتك فيما يتصور فيه الدخول إلا بالدخول و لم يوجد بخلاف الأخذ من الصندوق و الجوالق لأن هتكهما بالدخول متعذر فكان الأخذ بإدخال اليد فيها هتكا متكاملا فيقطع .
و لو أخرج السارق المتاع من بعض بيوت الدار إلى الساحة لا يقطع ما لم يخرج من الدار لأن الدار مع اختلاف بيوتها حرز واحد ألا ترى أنه إذا قيل لصاحب الدار : احفظ هذه الوديعة في هذا البيت فحفظ في بيت آخر فضاعت لم يضمن و كذا إذا أذن الإنسان في دخول الدار فدخلها فسرق من البيت لا يقطع و إن لم يأذن له بدخول البيت دل أن الدار مع اختلاف بيوتها حرز واحد فلم يكن الإخراج إلى صحن الدار إخراجا من الحرز بل هو نقل من بعض الحرز إلى البعض بمنزلة النقل من زاوية إلى زاوية أخرى .
هذا إذا كانت الدار مع بيوتها لرجل واحد فأما إذا كان كل منزل فيها لرجل فأخرج المتاع من البيت إلى الساحة يقطع لأن كل بيت حرز على حدة فكان الإخراج منه إخراجا من الحرز .
و كذلك إذا كان في الدار حجر و مقاصير فسرق من مقصورة منها و خرج به إلى صحن الدار قطع لأن كل مقصورة منها حرز على حدة فكان الإخراج منها إخراجا من الحرز بمنزلة الدار المختلفة في محلة واحدة .
و لو نقب رجلان و دخل أحدهما فاستخرج المتاع فلما خرج به إلى السكة حملاه جميعا ينظر إن عرف الداخل منهما بعينه قطع لأنه هو السارق لوجود الأخذ و الإخراج منه و يعزر الخارج لأنه أعانه على المعصية و هذه معصية ليس فيها حد مقدر فيعزر .
و إن لم يعرف منهما لم يقطع واحد منهما لأن من عليه القطع مجهول و يعزران أما الخارج فلما ذكرنا و أما الداخل فلارتكابه جناية لم يستوف فيها الحد لعذر فتعين التعزير .
و لو نقب بيت رجل و دخل عليه مكابرة ليلا حتى سرق منه متاعه يقطع لأنه إن لم يوجد الأخذ على سبيل الاستخفاء من المالك فقد وجد من الناس لأن الغوث لا يلحق بالليل لكونه وقت نوم و غفلة فتحققت السرقة و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و أما التسبب فهو أن يدخل جماعة من اللصوص منزل رجل و يأخذوا متاعا و يحملوه على ظهر واحد و يخرجوه من المنزل فالقياس أن لا يقطع إلا الحامل خاصة و هو قول زفر و في الاستحسان يقطعون جميعا .
وجه القياس : أن ركن السرقة لا يتم إلا بالإخراج من الحرز و ذلك وجد منه مباشرة فأما غيره فمعين له و الحد يجب على المباشرة لا على المعين كحد الزنا و الشرب .
وجه الاستحسان : أن الإخراج حصل من الكل معنى لأن الحامل لا يقدر على الإخراج إلا بإعانة الباقين و ترصدهم للدفع فكان الإخراج من الكل من حيث المعنى و لهذا ألحق المعين بالمباشر في قطع الطريق و في الغنيمة كذا هذا و لأن الحامل عامل لهم فكأنهم حملوا المتاع على حمار و ساقوه حتى أخرجوه من الحرز و لأن السارق لا يسرق وحده عادة بل مع أصحابه و من عادة السراق أنهم كلهم لا يشتغلون بالجمع و الإخراج بل يرصد البعض فلو جعل ذلك مانعا من وجوب القطع لا نسد باب القطع و انفتح باب السرقة و هذا لا يجوز و لهذا ألحقت الإعانة بالمباشرة في باب قطع الطريق كذا هذا و الله سبحانه و تعالى أعلم