وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

حكم الموادعة .
وأما حكم الموادعة فما هو حكم الأمان المعروف وهو أن يأمن الموادعون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وذراريهم لأنها عقد أمان أيضا .
ولو خرج قوم من الموادعين إلى بلدة أخرى ليست بينهم وبين المسلمين موادعة فغزا المسلمون تلك البلدة فهؤلاء آمنون لا سبيل لأحد عليهم لأن عقد الموادعة أفاد الأمان لهم فلا ينتقض بالخروج إلى موضع آخر كما في الأمان المؤبد وهو عقد الذمة أنه لا يبطل بدخول الذمي دار الحرب كذا هذا وكذلك لو دخل .
في دار الموادعة رجل من غير دارهم بأمان ثم خرج إلى دار الإسلام بغير أمان فهو آمن لأنه لما دخل دار الموادعين بأمانهم صار كواحد من جملتهم فلو عاد إلى داره ثم دخل دار الإسلام بغير أمان كان فيئا لنا أن نقتله ونأسره لأنه لما رجع إلى داره فقد خرج من أن يكون من أهل دار الموادعة فبطل حكم الموادعة في .
حقه فإذا دخل دار الإسلام فهذا حربي دخل دار الإسلام ابتداء بغير أمان ولو أسر واحدا من الموادعة أهل دار أخرى فغزا المسلمون على تلك الدار كان فيئا وقد ذكرنا أنه لو دخل إليهم تاجرا فهو آمن .
ووجه الفرق : أنه لما أسر فقد انقطع حكم الموادعة في حقه وإذا دخل تاجرا لم ينقطع والله تعالى أعلم .
وأما صفة عقد الموادعة فهو أنه عقد غير لازم محتمل للنقض فللإمام أن ينبذ إليهم لقوله سبحانه وتعالى : { و إما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } فإذا وصل النبذ إلى ملكهم فلا بأس للمسلمين أن يغزوا عليهم لأن الملك يبلغ قومه ظاهرا إلا إذا استيقن المسلمون أن خبر النبذ لم يبلغ قومه و لم يعلموا به فلا أحب أن يغزوا عليهم لأن الخبر إذا لم يبلغهم فهم على حكم الأمان الأول فكان قتالهم منا غدرا وتعزيرا وكذلك إذا كان النبذ من جهتهم بأن أرسلوا إلينا رسولا بالنبذ وأخبروا الإمام بذلك فلا بأس للمسلمين أن يغزوا عليهم لما قلنا إلا إذا استيقن المسلمون أن أهل ناحية منهم لم يعلموا بذلك لما بينا .
ولو وادع الإمام على جعل أخذه منهم ثم بدا له أن ينقض فلا بأس به لما بينا أنه عقد غير لازم فكان محتملا للنقض ولكن يبعث إليهم بحصة ما بقي من المدة من الجعل الذي أخذه لأنهم إنما أعطوه ذلك بمقابلة الأمان في كل المدة فإذا فات بعضها لزم الرد بقدر الفائت .
هذا إذا وقع الصلح على أن يكونوا مستبقين على أحكام الكفر فإما إذا وقع الصلح على أنه يجري عليهم أحكام الإسلام فهو لازم لا يحتمل النقض لأن الصلح الواقع على هذا الوجه عقد ذمة فلا يجوز للإمام أن ينبذ إليهم والله سبحانه وتعالى أعلم .
وأما بيان ما ينقض به عقد الموادعة فالجملة فيه : أن عقد الموادعة إما إن كان مطلقا عن الوقت وإما إن كان موقتا بوقت معلوم فإن كان مطلقا عن الوقت فالذي ينتقض به نوعان : نص ودلالة فالنص هو النبذ من الجانبين صريحا وأما الدلالة فهي أن يوجد منهم ما يدل على النبذ نحو أن يخرج قوم من دار الموادعة بإذن الإمام ويقطعوا الطريق في دار الإسلام لأن إذن الإمام بذلك دلالة النبذ ولو خرج قوم من غير إذن الإمام فقطعوا الطريق في دار الإسلام فإن كانوا جماعة لا منعة لهم لا يكون ذلك نقضا للعهد لأن قطع الطريق بلا منعة لا يصلح دلالة للنقض ألا ترى أنه لو نص واحد منهم على النقض لا ينتقض كما في الأمان المؤبد وهو عقد الذمة وإن كانوا جماعة لهم منعة فخرجوا بغير إذن الإمام ولا إذن أهل مملكته فالملك وأهل مملكته على موادعتهم لانعدام دلالة النقض في حقهم ولكن ينتقض العهد فيما بين القطاع حتى يباح قتلهم واسترقاقهم لوجود دليل النقض منهم وإن كان مؤقتا بوقت معلوم ينتهي العهد بانتهاء الوقت من غير الحاجة إلى النبذ حتى كان للمسلمين أن يغزوا عليهم لأن العقد المؤقت إلى غاية ينتهي بانتهاء الغاية من غير الحاجة إلى الناقض ولو كان واحد منهم دخل الإسلام بالموادعة المؤقتة فمضى الوقت وهو في دار الإسلام فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه لأن التعرض له يوهم الغدر والتعزير فيجب التحرز عنه ما أمكن والله تعالى أعلم