وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ركن العقد في الأمان المؤبد و شرائطه .
أما ركن العقد فهو نوعان : نص ودلالة .
أما النص : فهو لفظ يدل عليه وهو لفظ العهد والعقد على وجه مخصوص وأما الدلالة : فهي فعل يدل على قبول الجزية نحو أن يدخل حربي في دار الإسلام بأمان فإن أقام بها سنة بعدما تقدم إليه في أن يخرج أو يكون ذميا والأصل أن الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان ينبغي للإمام أن يتقدم إليه فيضرب له مدة معلومة على حسب ما يقتضي رأيه ويقول له : إن جاوزت المدة جعلتك من أهل الذمة فاذا جاوزها صار ذميا لأنه لما قال له ذلك فلم يخرج حتى مضت المدة فقد رضي بصيرورته ذميا فاذا أقام سنة من يوم قال له الإمام أخذ منه الجزية ولا يتركه يرجع إلى وطنه قبل ذلك وإن خرج بعد تمام السنة فلا سبيل عليه ولو .
قال الإمام عند الدخول ادخل ولا تمكث سنة فمكث سنة صار ذميا ولا يمكن من الرجوع إلى وطنه لما قلنا .
ولو اشترى المستأمن أرضا خراجية فإذا وضع عليه الخراج صار ذميا لأن وظيفة الخراج يختص بالمقام في دار الإسلام فإذا قبلها فقد رضي بكونه من أهل دار الإسلام فيصير ذميا ولو باعها قبل أن يجبي خراجها لا يصير ذميا لأن دليل قبول الذمة وجوب الخراج لا نفس الشراء فما لم يوضع عليه الخراج لا يصير ذميا .
ولو استأجر أرضا خراجية فزرعها لم يصر ذميا لأن الخراج على الآجر دون المستأجر فلا يدل على التزام الذمة إلا إذا كان خراج مقاسمة فاذا أخرجت الأرض وأخذ الإمام الخراج من الخارج وضع عليه الجزية وجعله ذميا ولو اشترى المستأمن أرض المقاسمة وأجرها من رجل من المسلمين فأخذ الإمام الخراج من ذلك لا يصير المستأمن ذميا لما بينا أن نفس الشراء لا يدل على الالتزام بل دليل الالتزام هو : وجوب الخراج عليه ولم يجب ولو اشترى الحربي المستأمن أرض خراج فزرعها فأخرجت زرعا فأصاب الزرع آفة أنه لا يصير ذميا لأنه إذا أصاب الزرع آفة لم يجب الخراج فصار كأنه لم يزرعها فبقي نفس الشراء وأنه لا يصلح دليل قبول الذمة .
ولو وجب على المستأمن الخراج في أقل من سنة منذ يوم ملكها صار ذميا حين وجوب الخراج ويؤخذ منه خراج رأسه بعد سنة مستقبلة لأنه بوجوب خراج الأرض صار ذميا كان عقد الذمة نصا فيعتبر ابتداء العقد من حين وجوب الخراج فيؤخذ خراج الرأس بعد تمام السنة من ذلك الوقت .
ولو تزوجت الحربية المستأمنة في دار الإسلام ذميا صارت ذمية ولو تزوج الحربي المستأمن في دار الإسلام ذمية لم يصر ذميا ووجه الفرق : أن المرأة تابعة لزوجها فإذا تزوجت بذمي فقد رضيت بالمقام في دارنا فصارت ذمية تبعا لزوجها فأما الزوج فليس بتابع للمرأة فلا يكون تزوجه إياها دليل الرضا بالمقام في دارنا فلا يصير ذميا والله تعالى أعلم .
وأما شرائط الركن فأنواع .
منها : أن لا يكون المعاهد من مشركي العرب فإنه لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف لقوله تعالى : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } إلى قوله تعالى : { فخلوا سبيلهم } أمر سبحانه وتعالى بقتل المشركين ولم يأمر بتخلية سبيلهم إلا عند توبتهم وهي الإسلام ويجوز عقد الذمة مع أهل الكتاب لقول الله تبارك وتعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } - إلى قوله تعالى - { من الذين أوتوا الكتاب } الآية وسواء كانوا من العرب أو من العجم لعموم النص ويجوز مع المجوس لأنهم ملحقون بأهل الكتاب في حق الجزية لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب ] .
وكذلك فعل سيدنا عمر Bه بسواد العراق وضرب الجزية على جماجمهم والخراج على أرا ضيهم .
ثم وجه الفرق بين مشركي العرب وغيرهم من أهل الكتاب ومشركي العجم : أن أهل الكتاب إنما تركوا بالذمة وقبول الجزية لا لرغبة فيما يؤخذ منهم أو طمع في ذلك بل للدعوة إلى الإسلام ليخالطوا المسلمين فيتأملوا في محاسن الإسلام وشرائعه وينظروا فيها فيروها مؤسسة على ما تحتمله العقوله وتقبله فيدعوهم ذلك إلى الإسلام فيرغبون فيه فكان عقد الذمة لرجاء الإسلام وهذا المعنى لا يحصل بعقد الذمة مع مشركي العرب لأنهم أهل تقليد وعادة لا يعرفون سوى العادة وتقليد الآباء بل يعدون ما سوى ذلك سخرية وجنونا فلا يشتغلون بالتأمل والنظر في محاسن الشريعة ليقفوا عليها فيدعوهم إلى الإسلام فتعين السيف داعيا لهم إلى الإسلام ولهذا لم يقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم الجزية ومشركوا العجم ملحقون بأهل الكتاب في هذا الحكم بالنص الذي روينا ومنها أن لا يكون مرتدا فإنه لا يقبل من المرتد أيضا إلا الإسلام أو السيف لقول الله تبارك وتعالى : { تقاتلونهم أو يسلمون } قيل : إن الآية نزلت في أهل الردة هن بني حنيفة ولأن العقد في حق المرتد لا يقع وسيلة إلى الإسلام لأن الظاهر أنه لا ينتقل عن دين الإسلام بعدما عرف محاسنه وشرائعه المحمودة في العقول إلا لسوء اختياره وشؤم طبعه فيقع اليأس عن فلاحه فلا يكون عقد الذمة وقبول الجزية في حقه وسيلة إلى الإسلام والله تعالى أعلم .
وأما الصابئون فيعقد لهم عقد الذمة لما ذكرنا في كتاب النكاح : عند أبي حنيفة هم قوم من أهل الكتاب يقرؤون الزبور وعندهما قوم يعبدون الكواكب فكانوا في حكم عبدة الأوثان فتؤخذ منهم الجزية إذا كانوا من العجم والله تعالى أعلم .
ومنها : أن يكون مؤبدا فإن وقت له وقتا لم يصح عقد الذمة لأن عقد الذمة في إفادة العصمة كالخلف عن عقد الإسلام وعقد الإسلام لا يصح إلا مؤبدا فكذا عقد الذمة والله تعالى أعلم