وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما يملكه الإمام من التصرف في الغنائم .
وأما بيان ما يملكه الإمام من التصرف في الغنائم فجملة الكلام فيه : أنه إذا ظهر الإمام على بلاد أهل الحرب فالمستولى عليه لا يخلو من أحد أنواع ثلاثة : المتاع والأراضي والرقاب أما المتاع فإنه يخمس ويقسم الباقي بين النائمين ولا خيار للإمام فيه .
وأما الأراضي فللإمام فيها خياران إن شاء خمسها ويقسم الباقي بين الغانمين لما بينا وإن شاء تركها في يد أهلها بالخراج وجعلهم ذمة إن كانوا بمحل الذمة بأن كانوا من أهل الكتاب أو من مشركي العجم ووضع الجزية على رؤوسهم والخراج على أراضيهم وهذا عندنا وعند الشافعي C ليس للإمام أن يترك الأراضي في أيديهم بالخراج بل يقسمها .
وجه قوله : أن الأراضي صارت ملكا للغزاة بالاستيلاء فكان الترك في أيديهم إبطالا لملك الغزاة فلا يملكه الإمام كالمتاع .
ولنا : إجماع الصحابة Bهم فإن سيدنا عمر Bه : لما فتح سواد العراق ترك الأراضي في أيديهم وضرب على رءوسهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج بمحضر من الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم ولم ينقل أنه أنكر عليه منكر فكان ذلك إجماعا منهم .
وأما الرقاب فالإمام فيها بين خيارات ثلاثة : إن شاء قتل الأسارى منهم وهم الرجال المقاتلة وسبى النساء والذراري لقوله تبارك وتعالى { فاضربوا فوق الأعناق } وهذا بعد الأخذ والأسر لأن الضرب فوق الأعناق هو الإبانة من المفصل ولا يقدر على ذلك حال القتال ويقدر عليه بعد الأخذ والأسر وروي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لما استشار الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم في أسارى بدر فأشار بعضهم الى الفداء وأشار سيدنا عمر Bه إلى القتل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو جاءت من السماء نار ما نجى إلا عمر ] أشار E إلى أن الصواب كان هو القتل و كذا روي أنه E : [ أمر بقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر وبقتل هلال بن خطل ومقيس بن صبابة يوم فتح مكة ] ولأن المصلحة قد تكون في القتل لما فيه من استئصالهم فكان للإمام ذلك وإن شاء استرق الكل فخمسهم وقسمهم لأن الكل غنيمة حقيقة لحصولها في أيديهم عنوة وقهرا بايجاف الخيل والركاب فكان له أن يقسم الكل إلا رجال مشركي العرب والمرتدين فإنهم لا يسترقون عندنا بل يقتلون أو يسلمون وعند الشافعي C : يجوز استرقاقهم .
وجه قوله : إنه يجوز استرقاق مشركي العجم وأهل الكتاب من العجم والعرب فكذا استرقاق مشركي العرب والمرتدين وهذا لأن للاسترقاق حكم الكفر وهم في الكفر سواء فكانوا في احتمال الاسترقاق سواء ولنا قوله سبحانه وتعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } إلى قوله سبحانه وتعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ولأن ترك القتل بالاسترقاق في حق أهل الكتاب ومشركي العجم للتوسل إلى الإسلام ومعنى الوسيلة لا يتحقق في حق مشركي العرب والمرتدين على نحو ما بينا من قبل .
وأما النساء والذراري منهم فيسترقون كما يسترق نساء مشركي العجم وذراريهم لأن النبي صلى الله عليه و سلم : [ استشرق نساء هوازن وذراريهم وهم من صميم العرب ] وكذا الصحابة استرقوا نساء المرتدين من العرب وذراريهم .
وإن شاء من عليهم وتركهم أحرارأ بالذمة كما فعل سيدنا عمر Bه بسواد العراق إلا مشركي العرب والمرتدين فإنه لا يجوز تركهم بالذمة وعقد الجزية كما لا يجوز بالاستقاق لما بينا .
ولو شهدوا بشهادة قبل أن يجعلهم الإمام ذمة لم تجز شهادتهم لأنهم أهل الحرب فإن جعلهم ذمة فأعادوا الشهادة جازت لأن شهادة أهل الذمة مقبولة في الجملة فأما شهادة أهل الحرب فغير مقبولة أصلا وليس للإمام أن يمن على الأسير فيتركه من غير ذمة لا يقتله ولا يقسمه لأنه لو فعل ذلك لرجع إلى المنعة فيصير حربا علينا .
فإن قيل : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم من على الزبير بن باطا من بني قريظة وكذا من على أهل خيبر .
فالجواب : أنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم من على الزبير ولم يقتله إما لأنه لم يثبت أنه ترك بالجزية أم بدونها فاحتمل أنه تركه بالجزية وبعقد الذمة .
وأما أهل خيبر فقد كانوا أهل الكتاب فتركهم ومن عليهم ليصيروا كرة للمسلمين ويجوز المن لذلك لأن ذلك في معنى الجزية فيكون تركا بالجزية من حيث المعنى وهل للإمام أن يفادي الأسارى أما المفاداة بالمال فلا تجوز عند أصحابنا في ظاهر الروايات .
وقال محمد : مفاداة الشيخ الكبير الذي لا يرجى له ولد تجوز وعند الشافعي C : تجوز المفاداة بالمال كيف ما كان .
واحتج بظاهر قوله D : { فإما منا بعد وإما فداء } وقد فادى رسول الله صلى الله عليه و سلم : أسارى بدر بالمال وأدنى درجات فعله E الجواز والإباحة .
ولنا : أن قتل الأسرى مأمور به لقوله تعالى : { فاضربوا فوق الأعناق } وأنه منصرف إلى ما بعد الأخذ والاسترتاق لما قلنا .
وقوله سبحانه وتعالى : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } والأمر بالقتل للتوسل إلى الإسلام فلا يجوز تركه إلا لما شرع له القتل وهو أن يكون وسيلة إلى الإسلام ولا يحصل معنى التوسل بالمفاداة فلا يجوز ترك المفروض لأجله ويحصل بالذمة والاسترقاق لما بينا فكان إقامة للفرض معنى لا تركا له ولأن المفاداة بالمال إعانة لأهل الحرب على الحراب لأنهم يرجعون إلى المنعة فيصيرون حربا علينا وهذا لا يجوز .
و محمد C يقول : معنى الإعانة لا يحصل من الشيخ الكبير الذي لا يرجى منه ولد فجاز فداؤه بالمال ولكنا نقول : إن كان لا يحصل بهذا الطريق يحصل بطريق آخر وهو الرأي والمشورة وتكثير السواد .
وأما قوله تعالى : { فإما منا بعد وإما فداء } فقد قال بعض أهل التفسير : إن الآية منسوخة بقوله تبارك وتعالى : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وقوله تبارك وتعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } الآية لأن سورة براءة نزلت بعد سورة محمد E ويحتمل أن تكون .
الآية في أهل الكتاب فيمن عليهم بعد أسرهم على أن يصيروا كرة للمسلمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم بأهل خيبر أو ذمة كما فعل سيدنا عمر Bه بأهل السواد ويسترقون .
وأما أسارى بدر فقد قيل : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما فعل ذلك باجتهاده ولم ينتظر الوحي فعوتب عليه بقوله سبحانه وتعالى : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } حتى قال عليه السلام : [ لو أنزل الله من السماء نارا ما نجى إلا عمر ] يدل عليه قوله : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } على أحد وجهي التأويل أي ما كان لنبي أن يأخذ الفداء في الأسارى حتى يثخن في الأرض أي حتى يغلب في الأرض منعة عن أخذ الفداء بها وأشار إلى أن ذلك ليغلب في الأرض إذ لو أطلقهم لرجعوا إلى المنعة وصاروا حربا على المسلمين فلا تتحق الغلبة ويحتمل أن المفاداة كانت جائزة ثم انتسخت بقوله تبارك وتعالى : { فاضربوا فوق الأعناق } وقوله تعالى : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وإنما عوتب E بقوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق } لا لخطر المفاداة بل لأنه E لم ينتظر بلوغ الوحي وعمل باجتهاده أي لولا من حكم الله تعالى أن لا يعذب أحدا على العمل بالاجتهاد لمسكم العذاب بالعمل بالاجتهاد وترككم انتظار الوحي والله تعالى أعلم .
وكذا لا يجوز مفاداة الكراع والسلاح بالمال لأن كل ذلك يرجع إلى إعانتهم على الحرب وتجوز مفاداة أسارى المسلمين بالدراهم والدنانير والثياب ونحوها مما ليس فيها إعانة لهم على الحرب ولا يفادون بالسلاح لأن فيه إعانة لهم على الحرب والله تعالى أعلم .
وأما مفاداة الأسير بالأسير فلا تجوز عند أبي حنيفة عليه الرحمة وعند أبي يوسف و محمد : تجوز .
وجه قولهما : أن في المفاداة إنقاذ المسلم وذلك أولى من إهلاك الكافر و لأبي حنيفة ما ذكرنا أن قتل المشركين فرض بقوله تعالى : { اقتلوا المشركين } وقوله تعالى : { فاضربوا فوق الأعناق } فلا يجوز تركه إلا لما شرع له إقامة الفرض وهو التوسل إلى الإسلام لأنه لا يكون تركا معنى وذا لا يحصل بالمفاداة ويحصل بالذمة والاسترقاق فيمن يحتمل ذلك على ما بينا ولما ذكرنا أن فيها إعانة لأهل الحرب على الحرب لأنهم يرجعون إلى المنعة فيصيرون حربا على المسلمين ثم اختلف أبو يوسف و محمد فيما بينهما قال أبو يوسف : تجوز المفاداة قبل القسمة ولا تجوز بعدها وقال محمد : تجوز في الحالين .
وجه قول محمد : أنه لما جازت المفاداة قبل القسمة فكذا بعد القسمة لأن الملك إن لم يثبت قبل القسمة فالحق ثابت ثم قيام الحق لم يمنع جواز المفاداة فكذا قيام الملك .
وجه قول أبي يوسف : أن المفاداة بعد القسمة إبطال ملك المقسوم له من غير رضاه وهذا لا يجوز في الأصل بخلاف ما قبل القسمة لأنه لا ملك قبل القسمة إنما الثابت حق غير متقرر فجاز أن يكون محتملا للإبطال بالمفاداة والله تعالى أعلم .
ولا يجوز أن يعطى رجل واحد من الأسارى ويؤخذ بدله رجلين من المشركين لأن كم من واحد يغلب اثنين وأكثر من ذلك فيؤدي إلى الإعانة على الحرب وهذا لا يجوز .
وإذا عزم المسلمون على قتل الأسارى فلا ينبغي أن يعذبوهم بالجوع والعطش وغير ذلك من أنواع التعذيب لأن ذلك تعذيب من غير فائدة وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في بني قريظة : [ لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح ] ولا تمثلوا بهم لقوله E في وصايا الأمراء ولا تمثلوا ولا ينبغي للرجل أن يقتل أسير صاحبه لأنه لو ضرب اختصاص به حيث أخذه وأسره فلم يكن لغيره أن يتصرف فيه كما لو التقط شيئا والأفضل أن يأتي به الإمام إن قدر عليه حتى يكون الإمام هو الحكم فيه لتعلق حق الغزاة به فكان الحكم فيه للإمام وإنما يقتل من الأسارى من بلغ إما بالسن أو بالاحتلام على قدر ما اختلف فيه فأما من لم يبلغ أو شك في بلوغه فلا يقتل وكذا المعتوه الذي لا يعقل لما بينا من قبل .
فلو قتل رجل من المسلمين أسيرا في دار الحرب أو في دار الإسلام فإن كان قبل القسمة فلا شيء فيه من دية ولا كفارة ولا قيمة لأن دمه غير معصوم قبل القسمة فإن للإمام فيه خيرة القتل وإن كان بعد القسمة أو بعد البيع فيراعى فيه حكم القتل لأن الإمام إذا قسمهم أو باعهم فقد صار دمهم معصوما فكان مضمونا بالقتل إلا أنه لا يجب القصاص لقيام شبهة الإباحة كالحربي المستأمن ثم ما ذكرنا من خيار القتل للإمام في الأسارى قبل القسمة إذا لم يسلموا فإن أسلموا قبل القسمة فلا يباح قتلهم لأن الإسلام عاصم وللإمام خياران فيهم إن شاء استرقهم فقسمهم وإن شاء تركهم أحرارا بالذمة إن كانوا بمحل الذمة والاسترقاق لأن الإسلام لا يرفع الرق إما لا يرفعه لأن الرفع فيه إبطال حق الغزاة وهذا لا يجوز