وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يرجع إلى مال المرتد .
وأما الذي يرجع إلى ماله فثلاثة أنواع : حكم الملك وحكم الميراث وحكم الدين .
أما الأول : فنقول : لا خلاف في أنه إذا أسلم تكون أمواله على حكم ملكه ولا خلاف أيضا في أنه إذا مات أو قتل أو لحق بدار الحرب تزول أمواله عن ملكه واختلف في أنه تزول بهذه الأسباب مقصورا على الحال أم بالردة من حين وجودها على التوقف فعند أبي يوسف و محمد رحمهما الله ملك المرتد لا يزول عن ماله بالردة وإنما يزول بالموت أو القتل أو باللحاق بدار الحرب وعند أبي حنيفة Bه : الملك في أمواله موقوف على ما يظهر من حاله .
وعلى هذا الأصل بني حكم تصرفات المرتد إنها جائزة عندهما كما تجوز من المسلم حتى لو أعتق أو دبر أو كاتب أو باع أو اشترى أو وهب نفذ ذلك كله وعقدت تصرفاته موقوفة لوقوف أملاكه فإن أسلم جاز كله وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطل كله .
وجه قولهما : أن الملك كان ثابتا له حالة الإسلام لوجود سبب الملك وأهليته وهي الحرية والردة لا تؤثر في شيء من ذلك ثم اختلفا فيما بينهما في كيفية الجواز فقال أبو يوسف C : جوازها جواز تصرف الصحيح وقال محمد C : جواز تصرفات المريض مرض الموت .
وجه قول محمد C : أن المرتد على شرف التلف لأنه يقتل فأشبه المريض مرض الموت .
وجه قول أبي يوسف : إن اختيار الإسلام بيده فيمكنه الرجوع إلى الإسلام فيخلص عن القتل والمريض لا يمكنه دفع المرض عن نفسه فأنى يتشابهان وجه فول أبي حنيفة C : أنه وجد سبب زوال الملك وهو الردة لأنها سبب لوجوب القتل والقتل سبب لحصول الموت فكان زوال الملك عند الموت مضافا إلى السبب السابق وهو الردة ولا يمكنه اللحاق بدار الحرب بأمواله لأنه لا يمكن من ذلك بل يقتل فيبقي ماله فاضلا عن حاجته فكان ينبغي أن يحكم بزوال ملكه للحال إلا أنا توقفنا فيه لاحتمال العود إلى الإسلام لأنه إذا عاد ترتفع الردة من الأصل ويجعل كأن لم يكن فكان التوقف في الزوال للحال لاشتباه العاقبة فإن أسلم تبين أن الردة لم تكن سببا لزوال الملك لارتفاعها من الأصل فتبين أن تصرفه صادف محله فيصح وإن قتل أو مات أو لحق بدار الحرب تبين أنها وقعت سببا للزوال من حين وجودها فتبين أن الملك كان زائلا من حين وجود الردة لأن الحكم لا يتخلف عن سببه فلم يصادف التصرف محله فبطل فأما قبل ذلك كان ملكه موقوفا فكانت تصرفاته المبنية عليه موقوفة ضرورة وأجمعوا على أنه يصح استيلاده حتى إنه لو استولد أمته فادعى ولدها أنه يثبت النسب وتصير الجارية أم ولد له أما عندهما فلأن المحل مملوك له ملكا تاما وأما عند أبي حنيفة C فلأن الملك الموقوف لا يكون أدنى حالا من حق الملك ثم حق الملك يكفي لصحة الاستيلاد فهذا أولى وأجمعوا على أنه يصح طلاقه وتسليمه الشفعة لأن الردة لا تؤثر في ملك النكاح والثابت للشفيع حق لا يحتمل الإرث ومعاوضته موقوفة بالإجماع لأنها مبنية على المساواة .
وأما المرتدة فلا يزول ملكها عن أموالها بلا خلاف فتجوز نصرفاتها في مالها بالإجماع لأنها لا تقتل فلم تكن ردتها سببا لزوال ملكها عن أموالها بلا خلاف فتجوز تصرفاتها وإذا عرف حكم ملك المرتد وحال تصرفاته المبنية عليه فحال المرتد لا يخلو من أن يسلم أو يموت أو يقتل أو يلحق بدار الحرب فإن أسلم فقد .
عاد على حكم ملكه القديم لأن الردة ارتفعت من الأصل حكما وجعلت كأن لم تكن أصلا وإن مات أو قتل صار ماله لورثته وعتق أمهات أولاده ومدبروه ومكاتبوه إذا أدى إلى ورثته وتحل الديون التي عليه وتقضى عنه لأن هذه أحكام الموت وكذلك إذا لحق بدار الحرب مرتدا وقضى القاضي بلحاقه لأن اللحاق بدار الحرب بمنزلة الموت في حق زوال ملكه عن أمواله المتروكة في دار الإسلام لأن زوال الملك عن المال بالموت حقيقة لكونه مالا فاضلا عن حاجته لانتهاء حاجته بالموت وعجزه عن الانتفاع به وقد وجد هذا المعنى في اللحاق لأن المال الذي في دار الإسلام خرج من أن يكون منتفعا به في حقه لعجزه عن الانتفاع به فكان في حكم المال الفاضل عن حاجته لعجزه عن قضاء حاجته به فكان اللحاق بمنزلة الموت في كونه مزيلا للملك فإذا قضى القاضي باللحاق يحكم بعتق أمهات أولاده ومدبريه ويقسم ماله بين ورثته وتحل ديونه المؤجلة لأن هذه أحكام متعلقة بالموت وقد وجد معنى .
وأما المكاتب فيؤدي إلى ورثته فيعتق وإذا عتق فولاؤه للمرتد لأنه المعتق ولو لحق بدار الحرب ثم عاد إلى دار الإسلام مسلما فهذا لا يخلو من أحد وجهين : .
أحدهما : أن يعود قبل قضاء القاضي بلحاقه بدار الحرب .
والثاني : أن يعود بعد ذلك فإن عاد قبل أن يقضي القاضي بلحاقه عاد على حكم أملاكه في المدبرين وأمهات الأولاد وغير ذلك لما ذكرنا أن هذه الأحكام متعلقة بالموت واللحوق بدار الحرب ليس بموت حقيقة لكنه يلحق بالموت إذا اتصل به قضاء القاضي باللحاق فإذا لم يتصل به لم يلحق فإذا عاد يعود على حكم ملكه وإن عاد بعد ما قضى القاضي باللحاق فما وجد من ماله في يد ورثته بحاله فهو أحق به لأن ولده جعل خلفا له في ماله فكان تصرفه في ماله بطريق الخلافة له كأنه وكيله فله أن يأخذ ما وجده قائما على حاله وما زال ملك الوارث عنه بالبيع أو بالعتق فلا رجوع فيه لأن تصرف الخلف كثصرف الأصل بمنزلة تصرف الوكيل .
وأما ما أعتق الحاكم من أمهات أولاده ومدبريه فلا سبيل عليهم لأن الإعتاق مما لا يحتمل الفسخ وكذا المكاتب إذا كان أدى المال إلى الورثة لا سبيل عليه أيضا لأن المكاتب عتق بأداء المال والعتق لا يحتمل الفسخ وما أدى إلى الورثة إن كان قائما أخذه وإن زال ملكهم عنه لا يجب عليهم ضمانه كسائر أمواله لما بينا وإن كان لم يؤد بدل الكتابة بعد يؤخذ بدل الكتابة وإن عجز عاد رقيقا له ولو رجع كافرا إلى دار الإسلام وأخذ طائفة من ماله وأدخلها إلى دار الحرب ثم ظهر المسلمون عليه فإن رجع بعد ما قضى بلحاقه فالورثة أحق به وإن وجدته قبل القسمة أخذته مجانا بلا عوض وإن وجدته بعد القسمة أخذته بالقيمة في ذوات القيم لأنه إذا لحق وقضى بلحاقه فقد زال ملكه إلى الورثة فهذا مال مسلم استولى عليه الكافر وأحرزه بدار الحرب ثم ظهر المسلمون على الدار فوجده المالك القديم فالحكم فيه ما ذكرنا وإن رجع قبل الحكم باللحاق ففيه روايتان في رواية هذا ورجوعه بعد الحكم باللحاق سواء وفي رواية أنه يكون فيئا لا حق للورثة فيه أصلا والله سبحانه وتعالى أعلم .
ولو جنى المرتد جناية ثم لحق بدار الحرب ثم عاد إلينا ثانيا فما كان من حقوق العباد كالقتل والغصب والقذف يؤخذ به وما كان من حقوق الله تبارك وتعالى كالزنا والسرقة وشرب الخمر يسقط عنه لأن اللحاق يلتحق بالموت فيورث شبهة في سقوط ما يسقط بالشبهات ولو فعل شيئا من ذلك بعد اللحاق بدار الحرب .
ثم مات لم يؤخذ بشيء منه لأن فعله لم ينعقد موجبا لصيرورته في حكم أهل الحرب .
هذا الذي ذكرنا حكم ماله الذي خلفه في دار الإسلام وأما الذي لحق به في دار الحرب فهو ملكه حتى لو ظهر المسلمون عليه يكون فيئا لأن ملك الورثة لم يثبت في المال المحمول إلى دار الحرب فبقي على ملك المرتد وهو غير معصوم فكان محل التملك بالاستيلاء لسائر أموال أهل الحرب .
وأما حكم الميراث فنقول : لا خلاف بين أصحابنا Bهم في أن المال الذي اكتسبه في حالة الإسلام يكون ميراثا لورثته المسلمين إذا مات أو قتل أو لحق وقضي باللحاق .
وقال الشافعي C : هو فيء واحتج بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ] نفى أن يرث المسلم الكافر ووارثه مسلم فيجب أن لا يرثه .
ولنا : ما روي أن سيدنا عليا Bه قتل المستورد العجلي بالردة وقسم ماله بين ورثته المسلمين وكان ذلك بمحضر من الصحابة Bهم ولم ينقل أنه أنكر منكر عليه فيكون إجماعا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولأن الردة في كونها سببا لزوال الملك كالموت على أصل أبي حنيفة Bه على ما قررناه فإذا ارتد فهذا مسلم مات فيرثه المسلم فكان هذا إرث المسلم من المسلم لا من الكافر فقد قلنا بموجب الحديث بحمد الله تعالى وأما على أصلهما فالردة إن كانت لا توجب زوال الملك يمكن احتمال العود إلى الإسلام ألا ترى أنه يجبر على الإسلام فيبقى على حكم الإسلام في حق حكم الإرث وذلك جائز ألا ترى أنه بقي على حكم الإسلام في حق المنع من التصرف في الخمر والخنزير فجاز أن يبقى عليه في حق حكم الإرث أيضا فلا يكون إرث المسلم من الكافر فيكون عملا بالحديث أيضا .
واختلفوا في المال الذي اكتسبه في حال الردة قال أبو حنيفة Bه هو فيء وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله هو ميراث .
وجه قولهما : أن كسب الردة ملكه لوجود سبب الملك من أهل الملك في محل قابل ولا شك أن المرتد أهل الملك لأن أهلية الملك بالحرية والردة لا تنافيها بل تنافي ما ينافيها وهو الرق إذ المرتد لا يحتمل الاسترقاق وإذا ثبت ملكه فيه احتمل الانتقال إلى ورثته بالموت أو ما هو في معنى الموت على ما بينا .
وجه قول أبي حنيفة C ما ذكرنا : أن الردة سبب لزوال الملك من حين وجودها بطريق الظهور على ما بينا ولا وجود للشيء مع وجود سبب زواله فكان الكسب في الردة مالا لا مالك له فلا يحتمل الإرث فيوضع في بيت مال المسلمين كاللقطة .
ثم اختلفوا فيما يورث من مال المرتد أنه يعتبر حال الوارث وهي أهلية الوراثة وقت الردة أم وقت الموت أم من وقت الردة إلى وقت الموت فعند أبي يوسف و محمد رحمهما الله تعتبر أهلية الوراثة وقت الموت لأن ملك المرتد إنما يزول عندهما بالموت فتعتبر الأهلية في ذلك الوقت لا غير وعن أبي حنيفة Bه روايتان : في رواية يعتبر وقت الردة لا غير حتى لو كان أهلا وقت الردة ورث وإن زالت أهليته بعد ذلك .
وفي رواية : يعتبر دوام الأهلية من وقت الردة إلى وقت الموت .
وجه هذه الرواية : أن الإرث يثبت بطريق الإسناد لا بطريق الظهور لأن الموت أمر لا بد منه للأرث والقول بالإرث بطريق الظهور إيجاب الإرث قبل الموت ولا سبيل إليه فإذا وجد الموت يثبت الإرث ثم يستند إلى وقت وجود الردة وزوال الأهلية فيما بين الوقتين يمنع من الإسناد فيشترط دوام الأهلية من وقت الردة إلى وقت الموت حتى لو كان بعض الورثة مسلما وقت الردة ثم ارتد عن الإسلام قبل موت المرتد لا يورث وكذا إذا مات قبل موته أو المرأة انقضت عدتها قبل موته .
وجه الرواية الأولى أن الإرث يتبع زوال الملك والملك زال بالردة من وقت وجودها فيثبت الإرث في ذلك الوقت بطريق الظهور قوله هذا إيجاب الإرث فبل الموت قلنا : هذا ممنوع بل هذا إيجاب الإرث بعد الموت لأن الردة في معنى الموت لأنها تعمل عمل الموت في زوال الملك على ما بينا قكانت الردة موتا معنى .
وكذا اختلف أبو يوسف و محمد رحمهما الله فيما إذا لحق بدار الحرب وقضى القاضي باللحاق أنه تعتبر أهلية الوراثة وقت القضاء باللحاق أم وقت اللحاق فعند أبي يوسف C وقت القضاء وعند محمد C تعتبر وقت اللحاق .
وجه قول محمد : أن وقت الإرث وقت زوال الملك وملك المرتد إنما يزون باللحاق لأن به يعجز عن الانتفاع بماله المتروك في دار الإسلام إلا أن العجز قبل القضاء غير متقرر لا حتمال العود فإذا قضى تقرر العجز وصار العود بعده كالممتنع عادة فكان العامل في زوال الملك هو اللحاق فتعتبر الأهلية وقتئذ .
وجه قول أبي يوسف : أن الملك لا يزول إلا بالقضاء فكان المؤثر في الزوال هو القضاء وعلى هذا الاختلاف المرتدة إذا لحقت بدار الحرب لأن المعنى لا يوجب الفصل .
ولو ارتد الزوجان معا ثم جاءت بولد ثم قتل الأب على ردته فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من حين الردة يرثه لأنه علم أن العلوق حصل في حالة الإسلام قطعا وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا من حين الردة لم يرثه لأنه يحتمل أنه علق في حالة الردة فلا يرث مع الشك .
ولو ارتد الزوج دون المرأة أو كانت له أم ولد مسلمة ورثه مع ورثته المسلمين وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لأن الأم مسلمة فكان الولد على حكم الإسلام تبعا لأمه فيرث أباه .
ولو مات مسلم عن امرأته وهي حامل فارتدت ولحقت بدار الحرب فولدت هناك ثم ظهرنا على الدار فإنه لا يسترق ويرث أباه لأنه مسلم تبعا لأبيه ولو لم تكن ولدته حتى سبيت ثم ولدته في دار الإسلام فهو مسلم مرقوق : مسلم تبعا لأبيه مرقوق تبعا لأمه ولا يرث أباه لأن الرق من أسباب الحرمان ولو تزوج المرتد مسلمة فولدت له غلاما أو وطىء أمة مسلمة فولدت له فهو مسلم تبعا للأم ويرث أباه لثبوت النسب وإن كانت الأم كافرة لا يحكم بإسلامه لأنه لم يوجد إسلام أحد الأبوين والله سبحانه أعلم .
وأما حكم الدين فعند أبي يوسف و محمد ديون المرتد في كسب الإسلام والردة جميعا لأن كل ذلك عندهما ميراث وأما عند أبي حنيفة عليه الرحمة فقد ذكر أبو يوسف عنه أنه في كسب الردة إلا أن لا يفي به فيقضي الباقي من كسب الإسلام .
وروى الحسن C عنه : أنه في كسب الإسلام إلا أن لا يفي به فيقضي الباقي من كسب الردة وقال الحسن C : دين الإسلام في كسب الإسلام ودين الردة قي كسب الردة وهو قول زفر 4 C والصحيح رواية الحسن لأن دين الإنسان يقضى من ماله لا من مال غيره وكذا دين الميت يقضى من ماله لا من مال وارثه لأن قيام الدين يمنع زوال ملكه إلى وارثه بقدر الدين لكون الدين مقدما على الإرث فكان قضاء دين كل ميت من ماله لا من مال وارثه وماله كسب الإسلام .
فأما كسب الردة فمال جماعة المسلمين فلا يقض منه الدين إلا لضرورة فإذا لم يف به كسب الإسلام مست الضرورة فيقضى الباقي منه والله أعلم