وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

سبب وجوب الحبس .
أما سبب وجوب الحبس فهو الدين قل أو كثر وأما شرائط الوجوب فأنواع بعضها يرجع إلى الدين وبعضها يرجع إلى المديون وبعضها يرجع إلى صاحب الدين .
أما الذي يرجع إلى الدين فهو أن يكون حالا فلا يحبس في الدين المؤجل لأن الحبس لدفع الظلم المتحقق بتأخير قضاء الدين ولم يوجد من الديون لأن صاحب الدين هو الذي أخر حق نفسه بالتأجيل وكذا لا يمنع من السفر قبل حلول الأجل سواء بعد محله أو قرب لأنه لا يملك مطالبته قبل حل الأجل ولا يمكن منعه ولكن له أن يخرج معه حتى إذا حل الأجل منعه من المضي في سفره إلى أن يوفيه دينه .
وأما الذي يرجع إلى المديون فمنها القدرة على قضاء الدين حتى لو كان معسرا لا يحبس لقوله سبحانه وتعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ولأن الحبس لدفع الظلم بإيصال حقه إليه ولا ظلم فيه لعدم القدرة ولأنه إذا لم يقدر على قضاء الدين لا يكون الحبس مفيدا لأن الحبس شرع للتوسل إلى قضاء الدين لا لعينه .
ومنها : المطل وهو تأخير قضاء الدين لقوله صلى الله عليه و سلم : [ مطل الغني ظلم ] فيحبس دفعا للظلم لقضاء الدين بواسطة الحبس .
وقوله صلى الله عليه و سلم : [ لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ] والحبس عقوبة وما لم يظهر منه المطل لا يحبس لانعدام المطل واللي منه .
ومنها : أن يكون من عليه الدين ممن سوى الوالدين لصاحب الدين فلا يحبس الوالدون وإن علوا بدين المولودين وإن سفلوا لقوله تبارك وتعالى : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وقوله تعالى : { وبالوالدين إحسانا } وليس من المصاحبة بالمعروف والإحسان حبسهما بالدين إلا أنه إذا امتنع الوالد من الإنفاق على ولده الذي عليه نفقته فإن القاضي يحبسه لكن تعزيرا لا حبسا بالدين وأما الولد فيحبس بدين الوالد لأن المانع من الحبس حق الوالدين وكذا سائر الأقارب يحبس المديون بدين قريبه كائنا من كان ويستوي في الحبس الرجل والمرأة لأن الموجب للحبس لا يختلف بالذكورة والأنوثة ويحبس ولي الصغير إذا كان .
كان ممن يجوز له قضاء دينه لأنه إذا كان الظلم بسبيل من قضاء دينه صار بالتأخير ظالما فيحبس ليقضي الدين فيندفع الظلم .
وأما الذي يرجع إلى صاحب الدين فطلب الحبس من القاضي فما لم يطلب لا يحبس لأن الدين حقه والحبس وسيلة إلى حقه ووسيلة حق الإنسان حقه وحق المرء إنما يطلب بطلبه فلا بد من الطلب للحبس .
وإذا عرف سبب وجوب الدين وشرائطه فإن ثبت عند القاضي السبب مع شرائطه بالحجة حبسه لتحقق الظلم عنده بتأخير حقه من غير ضرورة والقاضي نصب لدفع الظلم فيندفع الظلم عنه .
وإن اشتبه على القاضي حاله في يساره وإعساره ولم يقم عنده حجة على أحدهما وطلب الغرماء حبسه فإنه يحبسه ليتعرف عن حاله أنه فقير أم غني فإن علم أنه غني حبسه إلى أن يقضي الدين لأنه ظهر ظلمه بالتأخير وإن علم أنه فقير خلى سبيله لأنه ظهر أنه لا يستوجب الحبس فيطلقه ولكن لا يمنع الغرماء عن ملازمته عند أصحابنا الثلاثة Bهم إلا إذا قضى القاضي بالإنظار لاحتمال أن يرزقه الله سبحانه وتعالى مالا إذ المال غاد ورائح وعند زفر C لا يلازمونه لقوله تبارك وتعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ذكر النظرة بحرف الفاء فثبت من غير قضاء القاضي .
ولنا : أن النظرة هي التأخير فلا بد وأن يؤخر وهو أن يؤخره القاضي أو صاحب الحق ولا يمنعونه من التصرف ولا من السفر فإذا اكتسب يأخذون فضل كسبه فيقتسمونه بينهم بالحصص وإذا مضى على حبسه شهر أو شهران أو ثلاثة ولم ينكشف حاله في اليسار والإعسار خلى سبيله لأن هذا الحبس كان لاستبراء حاله و إبلاء عذره والثلاثة الأشهر مدة صالحة لاشتهار الحال وإبلاء العذر فيطلقه لكن الغرماء لا يمنعون من ملازمته فيلازمونه لكن لا يمنعونه من التصرف والسفر على ما ذكرنا .
ولو اختلفا في اليسار والإعسار فقال الطالب : هو موسر وقال المطلوب : أنا معسر فإن قامت لأحدهما بينة قبلت بينته وإن أقاما جميعا البينة فالبينة بينة الطالب لأنها تثبت زيادة وهي اليسار .
وإن لم يقم لهما بينة فقد ذكر محمد في الكفالة والنكاح والزيادات أنه ينظر إن ثبت الدين بمعاقدة كالبيع والنكاح والكفالة والصلح عن دم العمد والصلح عن المال والخلع أو ثبت تبعا فيما هو معاقدة كالنفقة في باب النكاح فالقول قول الطالب وكذا في الغصب والزكاة وإن ثبت الدين بغير ذلك كإحراق الثوب أو .
القتل الذي لا يوجب القصاص ويوجب المال في مال الجاني وفي الخطأ فالقول قول المطلوب .
وذكر الخصاف C في آداب القاضي أنه إن وجب الذين عوضا عن مال سالم للمشتري نحو ثمن المبيع الذي سلم له البيع والقرض والغصب والسلم الذي أخذ المسلم إليه رأس المال فالقول قول الطالب وكل دين ليس له عوض أصلا كإحراق الثوب أو له عوض ليس بمال كالمهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم العمد والكفالة فالقول قول المطلوب .
واختلف المشايخ فيه : .
قال بعضهم : القول قول المطلوب على كل حال ولا يحبس لأن الفقر أصل في بني آدم والغنا عارض فكان الظاهر شاهدا للمطلوب فكان القول قوله مع يمينه .
وقال بعضهم : القول قول الطالب على كل حال لقوله صلى الله عليه و سلم : [ لصاحب الحق اليد واللسان ] .
وقال بعضهم : يحكم زيه إذا كان زيه زي الأغنياء فالقول قول الطالب وإن كان زيه زي الفقراء فالقول قول المطلوب .
وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني C : أنه يحكم زيه فيؤخذ بحكمه في الفقر والغنا إلا إذا كان المطلوب من الفقهاء أو العلوية أو الأشراف لأن من عاداتهم التكلف في اللباس والتجمل بدون الغنا فيكون القول قول المديون أنه معسر وجه ما ذكره الخصاف C : أن القول في الشرع قول من يشهد له الظاهر وإذا وجب الدين بدلا عن مال سلم له كان الظاهر شاهدا للطالب لأنه ثبتت قدرة المطلوب بسلامة المال وكذا في الزكاة أنها لا تجب إلا على الغني فكان الظاهر شاهدا للطالب .
وجه قول محمد C وهو ظاهر الرواية : أن الظاهر شاهد للطالب فيما ذكرنا أيضا من طريق الدلالة وهو إقدامه على المعاقدة فإن الإقدام على التزوج دليل القدرة إذ الظاهر أن الإنسان لا يتزوج حتى يكون له شيء ولا يتزوج أيضا حتى يكون له قدرة على المهر وكذا الإقدام على الخلع لأن المرأة لا تخالع عادة حتى يكون عندها شيء وكذا الصلح لا يقدم الإنسان عليه إلا عند القدرة فكان الظاهر شاهدا للطالب في هذه المواضع فكان القول قوله والله تعالى أعلم