وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان ما يسقط في الترتيب .
و الثاني : يكون تطوعا و لو كانت المغرب لجازت لقعوده على الثلاث و لو كانت من ذوات الأربع كانت كلها فرضا و خرج عن العهدة بيقين إلا أن ما قلناه أحوط لأن من الجائز أن يكون عليه صلاة أخرى كان تركها في وقت آخر و لو نوى ما عليه ينصرف إلى تلك الصلاة أو يقع التعارض فلا ينصرف إلى هذه التي يصلي فيعيد صلاة يوم و ليلة ليخرج عن عهدة ما عليه بيقين و على هذا لو ترك سجدة من صلب صلاة مكتوبة ولم يدر أية صلاة هي يؤمر بإعادة خمس صلوات لأنها من أركان الصلاة فصار الشك فيها كالشك في الصلاة .
و أما بيان ما يسقط به الترتيب فالترتيب بين قضاء الفائتة و أداء الوقتية يسقط بأحد خصال ثلاث : .
أحدها : ضيق الوقت بأن يذكر في آخر الوقت بحيث لو اشتغل بالفائتة يخرج الوقت قبل أداء الوقتية سقط عنه الترتيب في هذه الحالة لما ذكرنا أن في مراعاة الترتيب فيها إبطال العمل بالدليل المقطوع به بدليل فيه شبهة و هذا لا يجوز و لو تذكر صلاة الظهر في آخر وقت العصر بعد ما تغيرت الشمس فإنه يصلي العصر و لا يجزئه قضاء الظهر لما ذكرنا فيما تقدم أن قضاء الصلاة في هذا الوقت قضاء الكامل بالناقص بخلاف عصر يومه و أما إذا تذكرها قبل تغير الشمس لكنه بحال لو اشتغل بقضائها لدخل عليه وقت مكروه لم يذكر في ظاهر الرواية .
و اختلف المشايخ فيه : .
قال بعضهم : لا يجوز له أن يؤدي العصر قبل أن يراعي الترتيب فيقضي الظهر ثم يصلي العصر لأنه لا يخاف خروج الوقت فلم يتضيق الوقت فبقي وجوب الترتيب .
و قال بعضهم : لا بل يسقط الترتيب فيصلي العصر قبل الظهر ثم يصلي الظهر بعد غروب الشمس .
و ذكر الفقيه أبو جعفر الهندواني : و قال : هذا عندي على الاختلاف الذي في صلاة الجمعة و هو أن من تذكر في صلاة الجمعة أنه لم يصل الفجر و لو اشتغل بالفجر يخاف فوت الجمعة و لا يخاف فوت الوقت على قول أبي حنيفة و أبي يوسف يصلي الفجر ثم الظهر فلم يجعلا فوت الجمعة عذرا في سقوط الترتيب و على قول محمد يصلي الجمعة ثم الفجر فجعل فوت الجمعة عذرا في سقوط الترتيب فكذا في هذه المسألة على قولهما يجب أن لا يجوز العصر و عليه الظهر فيصلي الظهر ثم العصر و على قول محمد يمضي على صلاته .
و لو افتتح العصر في أول الوقت و هو ذاكر أن عليه الظهر .
و أطال القيام و القراءة حتى دخل عليه وقت مكروه لا تجوز صلاته لأن شروعه في العصر مع ترك الظهر لم يصح فيقطع ثم يفتتحها ثانيا ثم يصلي الظهر بعد الغروب .
و لو افتتحها و هو لا يعلم أن عليه الظهر فأطال القيام و القراءة حتى دخل وقت مكروه ثم تذكر يمضي على صلاته لأن المسقط للترتيب قد وجد عند افتتاح الصلاة و اختتامها و هو النسيان و ضيق الوقت .
و لو افتتح العصر في حال ضيق الوقت و هو ذاكر للظهر فلما صلى منها ركعة أو ركعتين غربت الشمس القياس أن يفسد العصر لأن العذر قد زال و هو ضيق الوقت فعاد الترتيب و في الاستحسان يمضي فيها ثم يقضي الظهر ثم يصلي المغرب ذكره في نوادر الصلاة .
و الثاني : النسيان لما ذكرنا أن خبر الواحد جعل وقت التذكر وقتا للفائتة ولا تذكر ههنا فوجب العمل بالدليل المقطوع به و روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى المغرب يوما ثم قال : هل رآني أحد منكم صليت العصر فقالوا : لا فصلى العصر و لم يعد المغرب ] و لو وجب الترتيب لأعاد و على هذا لو صلى الظهر على غير وضوء و صلى العصر بوضوء و هو ذاكر لما صنع فأعاد الظهر ولم يعد العصر و صلى المغرب و هو يظن أن العصر تجزئه أعاد العصر و لم يعد المغرب لأن أداء الظهر على غير وضوء و الامتناع عنه بمنزلة فوات شرط أهلية الصلاة فحين صلى العصر صلى و هو يعلم أن الظهر غير جائزة و لو لم يعلم و كان يظن أنها جائزة لم يكن هذا الظن معتبرا لأنه نشأ عن جهل و الظن إنما يعتبر إذا نشأ عن دليل أو شبهة دليل ولم يوجد فكان هذا جهلا محضا فقد صلى العصر و هو عالم أن عليه الظهر فكان مصليا العصر في وقت الظهر فلم يجز و لو صلى المغرب قبل إعادتهما جميعا لا يجوز لأنه صلى المغرب و هو يعلم أن عليه الظهر فصار المغرب في وقت الظهر فلم يجز فأما لو كان أعاد الظهر ولم يعد العصر فظن جوازها ثم صلى المغرب فإنه يؤمر بإعادة العصر و لا يؤمر بإعادة المغرب لأن ظنه إن عصره جائز ظن معتبر لأنه نشأ عن شبهة دليل و لهذا خفي على الشافعي فحين صلى المغرب صلاها و عنده أن لا عصر عليه لأنه أداها بجميع أركانها و شرائطها المختصة بها إنما خفي عليه ما يخفى بناء على شبهة دليل و من صلى المغرب و عنده أن لا عصر عليه حكم بجواز المغرب كما لو كان ناسيا للعصر بل هذا فوق النسيان لأن ظن الناسي لم ينشأ عن شبهة دليل بل عن غفلة طبيعة و هذا الظن نشأ عن شبهة دليل فكان هذا فوق ذلك ثم هناك حكم بجواز المغرب فههنا أولى .
ثم العلم بالفائته كما هو شرط لوجوب الترتيب فالعلم بوجوبها حال الفوات شرط لوجوب قضائها حتى إن الحربي إذا أسلم في دار الحرب و مكث فيها سنة ولم يعلم أن عليه الصلاة فلم يصل ثم علم لا يجب عليه قضاؤها في قول أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : عليه قضاؤها و لو كان هذا ذميا أسلم في دار الإسلام فعليه قضاؤها استحسانا و القياس أن .
لا قضاء عليه و هو قول الحسن .
وجه قول زفر : أنه بالإسلام التزم أحكامه و وجوب الصلاة من أحكام الإسلام فيلزمه و لا يسقط بالجهل كما لو كان هذا في دار الإسلام .
و لنا : أن الذي أسلم في دار الحرب منع عنه العلم لانعدام سبب العلم في حقه و لا وجوب على من منع عنه العلم كما لا وجوب على من منع عنه القدرة بمنع سببها بخلاف الذي أسلم في دار الإسلام لأنه ضيع العلم حيث لم يسأل المسلمين عن شرائع الدين مع تمكنه من السؤال و الوجوب متحقق في حق من ضيع العلم كما يتحقق في حق من ضيع القدرة و لم يوجد التضييع ههنا إذ لا يوجد في الحرب من يسأله عن شرائع الإسلام حتى لو وجد ولم يسأله يجب عليه ويؤاخذ بالقضاء إذا علم بعد ذلك لأنه ضيع العلم و ما منع منه كالذي أسلم في دار الإسلام و قد خرج الجواب عما قاله زفر أنه التزم أحكام الإسلام لأنا نقول نعم لكن حكمنا له سبيل الوصول إليه ولم يوجد فإن بلغه فى دار الحرب رجل واحد فعليه القضاء فيما يترك بعد ذلك في قول أبي يوسف و محمد و هو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة و في رواية الحسن عنه لا يلزمه ما لم يخبره رجلان أو رجل و امرأتان .
وجه هذه الرواية : أن هذا خبر ملزم و من أصله اشترط العدد في الخبر الملزم كما في الحجر على المأذون و عزل الوكيل و الإخبار بجناية العبد .
وجه الرواية الأخرى و هي الأصح : أن كل واحد مأمور من صاحب الشرع بالتبليغ .
قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ ألا فليبلغ الشاهد الغائب ] و قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ نضر الله أمرا أسمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من لم يسمعها ] فهذا المبلغ نظير الرسول من المولى و الموكل و خبر الرسول .
هناك ملزم فههنا كذلك و الله أعلم .
الثالث : كثرة الفوائت و قال بشر المريسي : الترتيب لا يسقط بكثرة الفوائت حتى إن من ترك صلاة .
واحدة فصلى في جميع عمره و هو ذاكر للفائتة فصلاة عمره على الفساد ما لم يفض الفائتة .
وجه قوله : أن الدليل الموجب للترتيب لا يوجب الفصل بين قليل الفائت و كثيره و لأن كثرة الفوائت تكون عن كثرة تفريطه فلا يستحق به التخفيف .
و لنا : أن الفوائت إذا كثرت لو وجب مراعاة الترتيب معها لفاتت الوقتية عن الوقت و هذا لا يجوز لما ذكرنا أن فيه إبطال ما ثبت بالدليل المقطوع به بخبر الواحد ثم اختلف في حد أدنى الفوائت الكثيرة في ظاهر الرواية أن تصير الفوائت ستا فإذا خرج وقت السادسة سقط الترتيب حتى يجوز أداء السابعة قبلها و روى ابن سماعة عن محمد هو أن تصير الفوائت خمسا فإذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب حتى يجوز أداء السادسة .
و عن زفر : أنه يلزمه مراعاة الترتيب في صلاة شهر ولم يرو عنه أكثر من شهر فكأنه جعل حد الكثرة أن يزيد على شهر .
وجه ما روي عن محمد : أن الكثير في كل باب كل جنسه كالجنون إذا استغرق الشهر في باب الصوم و الصحيح جواب ظاهر الرواية لأن الفوائت لا تدخل في حد التكرار بدخول وقت السادسة و إنما تدخل بخروج وقت السادسة لأن كل واحدة منها تصير مكررة فعلى هذا لو ترك صلاة ثم صلى بعدها خمس صلوات و هو ذاكر للفائتة فإنه يقضيهن لأنهن في حد القلة بعد و مراعاة الترتيب واجبة عند قلة الفوائت لأنه يمكن جعل الوقت وقتا لهن على وجه لا يؤدي إلى إخراجه من أن يكون وقتا للوقتية فصار مؤديا كل صلاة منها في وقت المتروكة و المتروكة قبل المؤداة فصار مؤديا المؤداة قبل وقتها فلم يجز .
و على قياس ما روي عن محمد يقضي المتروكة و أربعا بعدها لأن السادسة جائزة و لو لم يقضها حتى .
صلى السابعة فالسابعة جائزة بالإجماع لأن وقت السابعة و هي المؤداة السادسة لم يجعل وقتا للفوائت لأنه لو جعل وقتا لهن لخرج من أن يكون وقتا للوقتية لاستيعاب تلك الفوائت هذا الوقت وفيه إبطال العمل بالدليل المقطوع به بخبر الواحد على ما بينا فبقي وقتا للوقتية فإذا أداها حكم بجوازها لحصولها في وقتها بخلاف ما إذا كانت المؤديات بعد المتروكة خمسا لأن هناك أمكن أن يجعل الوقت وقتا للفائتة على وجه لا .
يخرج من أن يكون وقتا للوقتية فيجعل عملا بالدليلين .
ثم إذا صلى السابعة تعود المؤديات الخمس إلى الجواز في قول أبي حنيفة و عليه قضاء الفائتة وحدها استحسانا و على قولهما عليه قضاء الفائتة و خمس صلوات بعدها و هو القياس و على هذا إذا ترك خمس صلوات ثم صلى السادسة و هو ذاكر للفوائت فالسادسة موقوفة عند أبي حنيفة حتى لو صلى السابعة تنقلب السادسة إلى الجواز عنده و عليه قضاء الخمس و عندهما : لا تنقلب و عليه قضاء الست و كذلك لو ترك صلاة ثم صلى شهرا و هو ذاكر للفائتة فعليه قضاؤها لا غير عند أبي حنيفة و عندهما عليه قضاة الفائتة و خمس بعدها إلا على قياس ما روي عن محمد أن عليه قضاء الفائتة و أربع بعدها و على قول زفر يعيد .
الفائتة و جميع ما صلى بعدها من صلاة الشهر .
و هذه هي المسألة التي يقال لها واحدة تصحح خمسا و واحدة تفسد خمسا لأنه إن صلى السادسة قبل القضاء صح الخمس عند أبي حنيفة و إن قضى المتروكة قبل أن يصلي السادسة فسدت الخمس .
وجه قولهما : أن كل مؤداة إلى الخمس حصلت قي وقت المتروكة لأنه يمكن جعل ذلك الوقت وقتا للمتروكة لكون المتروكة في حد القلة و وقت المتروكة قبل وقت هذه المؤادة فحصلت المؤداة قبل وقتها ففسدت فلا معنى بعد ذلك للحكم بجوازها ولا للحكم بتوقفها للحال .
و أما وجه قول أبي حنيفة فقد اختلف فيه عبارات المشايخ قال مشايخ بلخ : إنا وجدنا صلاة بعد المتروكة جائزة و هي السادسة و قد أداها على نقص التركيب و ترك التأليف فلذا يحكم بجواز ما قبلها و إن أداها على ترك التأليف و نقص التركيب و هذه نكتة واهية لأنه جمع بين السادسة و بين ما قبلها في الجواز من غير جامع بينهما بل مع قيام المعنى المفرق لما ذكرنا أن وقت السادسة ليس بوقت المتروكة على ما قررنا و وقت كل صلاة مؤداة قبل السادسة وقت للمتروكة فكان أداء السادسة أداء في وقتها فجازت و أداء كل مؤداة أداء قبل وقتها فلم تجز .
و قال مشايخ العراق : إن الكثرة علة سقوط الترتيب فإذا أدى السادسة فقد ثبتت الكثرة و هي صفة للكل لا محالة فاستندت إلى أول المؤديات فتستند لحكمها فيثبت الجواز للكل و هذه نكتة ضعيفة أيضا لأن .
الكثرة و إن صارت صفة للكل لكنها تثبت للحال إلا أن يتبين أن أول المؤديات كما أديت تثبت لها صفة الكثرة قبل وجود ما يتعقبها لاستحالة كثرة الوجود بما هو في حيز العدم بعد و لو اتصفت هي بالكثرة و لا تتصف الذات بها وحدها لاستحالة كون الواحد كثيرا بما يتعقبها من المؤديات و تلك معدومة فيؤدي إلى اتصاف المعدوم بالكثرة و هو محال فدل أن صفة الكثرة تثبت للكل مقتصرا على وجود الأخيرة منها كما إذا خلق الله تعالى جوهرا واحدا لم يتصف بكونه مجتمعا فلو خلق منضما إليه جوهرا آخر لا يطلق اسم المجتمع على كل واحد منهما مقتصرا على الحال لما بينا فكذا هذا .
على أنا إن سلمنا هذه الدعوى الممتنعة على طريق المساهلة فلا حجة لهم فيها أيضا لأن المؤداة الأولى و إن اتصفت بالكثرة من وقت وجودها لكن لا ينبغي أن يحكم بجوازها و سقوط الترتيب لأن سقوط الترتيب كان متعلقا لمعنى و هو استيعاب الفوائت وقت الصلاة و تفويت الوقتية عن وقتها عند وجوب .
مراعاة الترتيب فلم تجب المراعاة لئلا يؤدي إلى إبطال ما ثبت بالدليل المقطوع به بما ثبت بخبر الواحد و هذا المعنى منعدم في المؤديات الخمس و إن اتصفت بالكثرة و لأن هذا يؤدي إلى الدور فإن الجواز وسقوط الترتيب بسبب صفة كثرة الفوائت و متى حكم بالجواز لم تبق كثرة الفوائت فيجيء الترتيب و متى جاء الترتيب جاء الفساد فلا يمكن القول بالجواز فثبت أن الوجهين غير صحيحين .
و الوجه الصحيح لتصحيح مذهب أبي حنيفة ما ذكره الشيخ الإمام أبو المعين و هو أن أداء السادسة من المؤديات حصل في وقت و هو وقتها بالدلائل أجمع و ليس بوقت للفائتتة بوجه من الوجوه لما ذكرنا أن في جعل هذا الوقت وقتا للفائتة إبطال العمل بالدليل المقطوع به فسقط العمل بخبر الواحد أصلا و انتهى ما هو وقت الفائتة فإذا قضيت الفائتة بعد أداء السادسة من المؤديات التحقت بمحلها الأصلي و هو وقتها الأصلي لأنه لا بد لها من محل فالتحاقها بمحلها أولى لوجهين .
أحدهما : أنه لا مزاحم لها في ذلك الوقت لأنه وقت متعين له و له في هذا الوقت مزاحم لأنه وقت خمس صلوات و ليس البعض في القضاء في هذا الوقت أولى من البعض فالتحاقها بوقت لا مزاحم لها فيه أولى .
و الثاني : أن ذلك وقته بالدليل المقطوع به و هذا وقت غيره بالدليل المقطوع به و إنما يجعل وقتا له بخبر الواحد فيرجح ذلك على هذا فالتحقت بمحلها الأصلي حكما و الثابت حكما كالثابت حقيقة و إذا التحقت بمحلها الأصلي تبين أن الخمس المؤديات أديت في أوقاتها فحكم بجوازها بخلاف ما إذا قضيت المتروكة قبل أداء السادسة لأنها قضيت في وقت هو وقتها من حيث الظاهر لأن خبر الواحد أوجب كونه وقتا لها فإذا قضيت فيما هو وقتها ظاهرا تتقرر فيه و لا تلتحق بمحلها الأصلي فلم يتبين أن المؤديات الخمس أديت بعد الفائتة بل تبين أنها أديت قبل الفائتة لاستقرار الفائتة بمحل قضائها و عدم التحاقها بمحلها الأصلي فحكم بفساد المؤديات و بخلاف حال النسيان و ضيق الوقت إذا أدى الوقتية ثم قضى الفائتة حيث لا تجب إعادة الوقتية .
و لو التحقت الفائتة بمحلها الأصلي لوجب إعادة الوقتية لأنه تبين أنها حصلت قبل وقت الفائتة لأن هناك المؤدي حصل في وقت هو وقت لها من جميع الوجوه على ما مر فأداء الفائتة بعد ذلك لا يخرج هذا الوقت من أن يكون وقتا للمؤداة فتقررت المؤداة في محلها من جميع الوجوه و التحقت الفائتة في حق المؤداة بصلاة وقتها بعد وقت المؤداة فلم يؤثر ذلك في إفساد المؤداة .
و هذا بخلاف ما إذا قام المصلي و قرأ و سجد ثم ركع حيث لم يلتحق الركوع بمحله و هو قبل السجود حتى كان لا يجب إعادة السجود و مع ذلك لم يلتحق حتى يجب إعادة السجود لأن الشيء إنما يجعل حاصلا في محله أن لو وجد شيء آخر في محله بعده و وقع ذلك الشيء معتبرا في نفسه فإذا حصل هذا التحق بمحله و هناك السجود وقع قبل أوانه فما وقع معتبرا فلغا فبعد ذلك كان الركوع حاصلا في محله .
فلا بد من تحصيل السجدة بعد ذلك في محلها و الله الموفق .
و قالوا فيمن ترك صلوات كثيرة مجانة ثم ندم على ما صنع و اشتغل بأداء الصلوات في مواقيتها قبل أن يقضي شيئا من الفوائت فترك صلاة ثم صلى أخرى و هو ذاكر لهذه الفائتة الحديثة أنه لا يجوز و يجعل الفوائت الكثيرة القديمة كأنها لم تكن و يجب عليه مراعاة الترتيب .
و القياس : أن يجوز لأن الترتيب قد سقط عنه لكثرة الفوائت و تضم هذه المتروكة إلى ما مضى إلا أن المشايخ استحسنوا فقال : إنه لا يجوز احتياطا زجرا للسفهاء عن التهاون بأمر الصلاة و لئلا تصير المقضية وسيلة إلى التخفيف .
ثم كثرة الفوائت كما تسقط الترتيب في الأداء تسقطه في القضاء لأنها لما عملت في إسقاط الترتيب في غيرها فلأن تعمل في نفسها أولى حتى لو قض فوائت الفجر كلها ثم الظهر كلها ثم العصر كلها هكذا جاز .
و روى ابن سماعة عن محمد فيمن ترك صلاة يوم و ليلة و صلى من الغد مع كل صلاة صلاة قال : الفوائت كلها جائزة سواء قدمها أو أخرها و أما الوقتية فإنه قدمها لم يجز شيء منها لأنه متى صلى واحدة منها صارت الفوائت ستا لكنه متى قضى فائتة بعدها عادت خمسا ثم و ثم فلا تعود إلى الجواز و إن أخرها لم يجز شيء منها إلا العشاء الأخيرة لأنه كلما قضى فائتة عادت الفوائت أربعا و فسدت الوقتية إلا العشاء لأنه صلاها و عنده أن جميع ما عليه قد قضاه فأشبه الناسي و أما الترتيب في أفعال الصلاة فإنه ليس بشرط عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر شرط و بيان ذلك في مسائل : .
إذا أدرك أول صلاة الإمام ثم نام خلفه أو سبقه الحدث فسبقه الإمام ببعض الصلاة ثم انتبه من نومه أو عاد من وضوئه فعليه أن يقضي ما سبقه الإمام به ثم يتابع إمامه لما يذكر و لو تابع إمامه أولا ثم قضى ما فاته بعد تسليم الإمام جاز عندنا و عند زفر : لا يجوز .
و كذلك إذا زحمه الناس في صلاة الجمعة و العيدين فلم يقدر على أداء الركعة الأولى مع الإمام بعد الاقتداء به و بقي قائما و أمكنه أداء الركعة الثانية مع الإمام قبل أن يؤدي الأولى ثم قضى الأولى بعد تسليم الإمام أجزأه عندنا .
و عند زفر : لا يجزئه .
و كذلك لو تذكر سجدة في الركوع و قضاها أو سجدة في السجدة و قضاها فالأفضل أن يعيد الركوع أو السجود الذي هو فيهما و لو اعتد بهما ولم يعد أجزأه عندنا و عند زفر : لا يجوز له أن يعتد بهما و عليه إعادتهما .
وجه قول زفر : أن المأتي به في هذه المواضع وقع في غير محله لأن محله بعد إذا ما عليه فإذا أتى به قبله لم يصادفه محله فلا يقع معتدا به كما إذا قدم السجود على الركوع وجب عليه إعادة السجود لما قلنا كذا هذا و لنا : قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ ما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فاقضوا ] و الاستدلال به من وجهين : .
أحدهما : أنه أمر بمتابعة الإمام فيما أدرك بحرف الفاء المقتضي للتعقيب بلا فصل ثم أمر بقضاء الفائتة و الأمر دليل الجواز و لهذا يبدأ المسبوق بما أدرك الإمام فيه لا بما سبقه و إن كان ذلك أول صلاته و قد أخره .
و الثاني : أنه جمع بينهما في الأمر بحرف الواو وأنه للجمع المطلق فأيهما فعل يقع مأمورا به فكان معتدا به إلا أن المسبوق صار مخصوصا بقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ سن لكم معاذ سنة حسنة فاستنوا بها ] و الحديث حجة في المسألتين الأوليين بظاهره و بضرورته في المسألة الثالثة لأن الركوع و السجود من أجزاء الصلاة فإسقاط الترتيب في نفس الصلاة إسقاط فيما هو من أجزائها ضرورة إلا أنه لا يعتد بالسجود قبل الركوع لأن السجود لتقييد الركعة بالسجدة و ذلك لا يتحقق قبل الركوع على ما يذكر في سجود السهو إن شاء الله تعالى .
هذا الذي ذكرنا بيان شرائط أركان الصلاة و هي الشرائط العامة التي تعم المنفرد و المقتدي جميعا