وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : بيان من يستحق القصاص .
وأما بيان من يستحق القصاص فنقول ولا قوة إلا بالله المقتول لا يخلو إما أن يكون حرا وإما أن يكون عبدا فإن كان حرا لا يخلو إما أن يكون له وارث وإما أن لم يكن فإن كان له وارث فالمستحق للقصاص هو الوارث كالمستحق للمال لأنه حق ثابت والوارث أقرب الناس إلى الميت فيكون له ثم إن كان الوارث واحدا استحقه وإن كان جماعة استحقوه على سبيل الشركة كالمال الموروث عنه .
وجه قولهما في تمهيد هذا الأصل : أن القصاص موجب الجناية وإنها وردت على المقتول فكان موجبها حقا له إلا أنه بالموت عجز عن الاستيفاء بنفسه فتقوم الورثة مقامه بطريق الإرث عنه ويكون مشتركا بينهم ولهذا تجري فيه سهام الورثة من النصف والثلث والسدس وغير ذلك كما تجري في المال وهذا آية الشركة .
و لأبي حنيفة Bه : أن المقصود من القصاص هو التشفي وأنه لا يحصل للميت ويحصل للورثة فكان حقا لهم ابتداء والدليل على أنه يثبت لكل واحد منهم على الكمال كأن ليس معه غيره لا على سبيل الشركة أنه حق لا يتجزأ والشركة فيما لا يتجزأ محال إذ الشركة المعقولة هي أن يكون البعض لهذا والبعض لذلك كشريك الأرض والدار وذلك فيما لا يتبعض محال والأصل أن ما لا يتجزأ من الحقوق إذا ثبت لجماعة وقد وجد سبب ثبوته في حق كل واحد منهم يثبت لكل واحد منهم على سبيل الكمال كأن ليس معه غيره كولاية الإنكاح وولاية الأمان .
وعلى هذا يخرج ما إذا قتل إنسان عمدا وله وليان أحدهما غائب فأقام الحاضر البينة على القتل ثم حضر الغائب أنه يعيد البينة عنده وعندهما لا يعيد ولا خلاف في أن القتل إذا كان خطأ لا يعيد وكذلك الدين بأن كان لأبيهما دين على إنسان .
ووجه البناء على هذا الأصل : أن عند أبي حنيفة لما كان القصاص حقا ثابتا للورثة ابتداء كان كل واحد منهما أجنبيا عن صاحبه فيقع إثبات البينة له لا للميت فلا يكون خصما عن الميت في الإثبات فتقع الحاجة إلى إعادة البينة ولما كان حقا موروثا على فرائض الله تبارك وتعالى عندهما والورثة خلفاؤه في استيفاء الحق يقع الإثبات للميت وكل واحد من آحاد الورثة خصم عن الميت في حقوقه كما في الدية والدين فيصح منه إثبات الكل للميت ثم يخلفونه كما في المال .
ولو قتل إنسان وله وليان وأحدهما غائب وأقام القاتل البينة على الحاضر أن الغالب قد عفا فالشاهد خصم لأن تحقق العفو من الغائب يوجب بطلان حق الحاضر عن القصاص فكان القاتل مدعيا على الحاضر بطلان حقه فكان خصما له ويقضى عليه ومتى قضي عليه يصير الغائب مقضيا عليه تبعا له والله تعالى أعلم .
وإن لم يكن للقاتل بينة لم يكن له أن يستحلف الحاضر لأن الإنسان قد ينتصب خصما عن غيره في إقامة البينة ما لا ينتصب خصما عن غيره في اليمين وعلى هذا يخرج القصاص إذا كان بين صغير وكبير أن للكبير ولاية الاستيفاء عنده وعندهما ليس له ذلك وينتظر بلوغ الصغير .
ووجه البناء أن عند أبي حنيفة C لما كان القصاص حقا ثابتا للورثة ابتداء لكل واحد منهم على سبيل الاستقلال لاستقلال سبب ثبوته في حق كل واحد منهم وعدم تجزئه في نفسه ثبت لكل واحد منهم على الكمال كأن ليس معه غيره فلا معنى لتوقف الاستيفاء على بلوغ الصغير وعندهما لما كان حقا مشتركا بين الكل فأحد الشريكين لا ينفرد بالتصرف في محل مشترك بدون رضا شريكه إظهارا لعصمة المحل وتحرزا عن الضرر والصحيح أصل أبي حنيفه Bه لما ذكرنا أن القصاص لا يحتمل التجزئة والشركة في .
غير المتجزئ محال وإنما تثبت الشركة إذا انقلب مالا لأن المال محل قابل للشركة على أن أبا حنيفة إن سلم أن القصاص مشترك بين الصغير والكبير فلا بأس بالتسليم لأنه يمكن القتل بثبوت ولاية الاستيفاء للكبير في نصيبه بطريق الأصالة وفي نصيب الصغير بطريق النيابة شرعا كالقصاص إذا كان بين إنسان وابنه الصغير والجامع بينهما حاجتهما إلى استيفاء القصاص لاستيفاء النفس وعجز الصغير عن الاستيفاء بنفسه وقدرة الكبير على ذلك وكون تصرفه في النظر والشفقة في حق الصغير مثل تصرف الصغير بنفسه لو كان أهلا ولهذا يلي الأب والجد استيفاء قصاص وجب كله للصغير فهذا أولى و لأبي حنيفة C إجماع الصحابة Bهم فإنه روي أنه لما جرح ابن ملجم لعنه الله عليا كرم الله وجهه فقال للحسن Bه إن شئت فاقتله وإن شئت فاعف عنه وإن تعفو خير لك فقتله سيدنا الحسن Bه وكان في ورثة سيدنا علي Bه صغار والاستدلال من وجهين : .
أحدهما : بقول سيدنا علي Bه .
والثاني : بفعل سيدنا الحسن Bه .
أما الأول فلأنه خير سيدنا الحسن Bه حيث قال : إن شئت فاقتله مطلقا من غير التقييد ببلوغ الصغار .
وأما الثاني فلأن الحسن Bه قتل ابن ملجم لعنه الله ولم ينتظر بلوغ الصغار وكل ذلك بمحضر من الصحابة الكرام Bهم ولم ينقل أنه أنكر عليهما أحد فيكون إجماعا وإن لم يكن له وارث وكان له مولى العتاقة وهو المعتق فالمستحق للقصاص هو لأن مولى العتاقة آخر العصبات ثم إن كان واحدا استحق كله وإن كانوا جماعة استحقوه .
وإن كان للمقتول وارث ومولى العتاقة أيضا فلا قصاص لأن الولي مشتبه لاشتباه سبب الولاية فالسبب في حق الوارث هو القرابة وفي حق المولى الولاء وهما سببان مختلفان واشتباه الولي يمنع الوجوب للقصاص وكذلك إن لم يكن له مولى العتاقة وله مولى الموالاة لأنه أخر الورثة فجاز أن يستحق القصاص كما يستحق المال وإن لم يكن له وارث ولا له مولى العتاقة ولا مولى الموالاة كاللقيط وغيره فالمستحق هو السلطان في قولهما .
وقال أبو يوسف C : لا يستحقه إذا كان المقتول في دار الإسلام والحجج تأتى في موضعها إن شاء الله تعالى .
وإن كان المقتول عبدا فالمستحق هو المولى لأن الحق قد ثبت وأقرب الناس إلى العبد مولاه ثم إن كان المولى واحد استحق كله وإن كان جماعة استحقوه لوجود سبب الاستحقاق في حق الكل وهو الملك والله تعالى أعلم