وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أحكام شبه العمد .
وأما شبه العمد فيتعلق به أحكام : منها وجوب الدية المغلظة على العاقلة أما وجوب الدية فلأن القصاص امتنع وجوبه مع وجود القتل العمد للشبهة فتجب الدية وأما صفة التغليظ فلإجماع الصحابة .
Bهم لأنهم اختلفوا في كيفية التغليظ على ما نذكر إن شاء الله تعالى واختلافهم في الكيفية دليل ثبوت الأصل .
وأما الوجوب على العاقلة فلأن العاقلة إنما تعقل الخطأ تخفيفا على القاتل نظرا له لوقوعه فيه لا عن قصد وفي هذا القتل شبهة عدم القصد لحصوله بآلة لا يقصد بها القتل عادة فكان مستحقا لهذا النوع من التخفيف .
ومنها : حرمان الميراث .
ومنها : عدم جواز الوصية لأنه قتل مباشرة بغير حق وهل تجب الكفارة في هذا القتل ؟ .
ذكر الكرخي C أنها تجب وألحقه بالقتل الخطأ المحض في وجوب الكفارة وقال بعض مشايخنا : لا تجب وألحقه بالعمد المحض في عدم وجوب الكفارة وجه ما ذكره الكرخي C أن الكفارة إنما وجبت في الخطأ لما لحق الشكر أو لحق التوبة على ما بينا والداعي إلى الشكر والتوبة ههنا موجود وهو سلامة البدن وكون الفعل جناية فيها نوع خفة لشبهة عدم القصد فأمكن أن يجعل التحرير فيه توبة .
وجه القول الآخر أن هذه جناية متغلظة ألا ترى أن المؤاخذة فيها ثابتة بخلاف الخطأ فلا يصلح التحرير توبة بها كما في العمد والله تعالى أعلم .
وأما القتل الخطأ فيختلف حكمه باختلاف حال القاتل والمقتول فنفصل الكلام فيه فنقول : .
القاتل والمقتول إما أن يكونا جميعا حرين وإما أن كان القاتل حرا والمقتول عبدا وإما أن كان القاتل عبدا والمقتول حرا وإما أن كانا جميعا عبدين فإن كانا حرين فيتعلق به أحكام منها وجوب الكفارة عند وجود شرائط الوجوب وهي نوعان : بعضها يرجع إلى القاتل وبعضها إلى المقتول أما الذي يرجع إلى القاتل فالإسلام والعقل والبلوغ فلا تجب الكفارة على الكافر والمجنون والصبي لأن الكفار غير مخاطبين بشرائع هي عبادات والكفارة عبادة والصبي والمجنون لا يخاطبا بالشرائع أصلا .
وأما الذي يرجع إلى المقتول فهو أن يكون المقتول معصوما فلا تجب بقتل الحربي والباغي لعدم العصمة وأما كونه مسلما فليس بشرط فيجب سواء كان مسلما أو ذميا أو مستأمنا وسواء كان مسلما أسلم في دار الإسلام أو في دار الحرب ولم يهاجر إلينا لقوله سبحانه وتعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } إلى قوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } ولأن القاتل قد سلم له الحياة في الدنيا وهي من أعظم النعم ورفعت عنه المؤاخذة في الآخرة مع جواز المؤاخذة في الحكمة لما في وسع الخاطئ في الجملة حفظ نفسه عن الوقوع في الخطأ وهذا أيضا نعمة فكان وجوب الشكر لهذه النعمة موافقا للعقل فبين الله تعالى مقداره وجنسه بهذه الآية ليقدر العبد على أداء ما وجب عليه من أصل الشكر بتعضية العقل ولأن فعل الخطأ جناية ولله تعالى المؤاخذة عليه بطريق العدل لأنه مقدور الامتناع بالتكلف والجهد وإذا كان جناية فلا بد لها من التكفير والتوبة فجعل التحرير من العبد بحق التوبة عن القتل الخطأ بمنزلة التوبة الحقيقية في غيره من الجنايات إلا أنه جعل التحرير أو الصوم توبة له دون التوبة الحقيقية لخفة الجناية بسبب الخطأ إذ الخطأ معفو في الجملة وجائز العفو عن هذا النوع فخفت توبته لخفة في الجناية فكان التحرير في هذه الجناية بمنزلة التوبة في سائر الجنايات ومنها حرمات الميراث لأنه وجد القتل مباشرة بغير حق أما المباشرة فلا شك فيها وأما الخطر والحرمة فلأن فعل الخطأ جناية جائز المؤاخذة عليها عقلا لما بينا والدليل عليه قوله عز اسمه : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ولو لم يكن جائز المؤاخذة لكان معنى الدعاء اللهم لا تجر علينا وهذا محال وإنما رفع حكمها شرعا ببركة دعاء النبي E .
وقوله E : [ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] مع بقاء وصف الفعل على حاله وهو كونه جناية .
ومنها : وجوب الدية والكلام في الدية في مواضع : في بيان شرائط وجوب الدية وفي بيان ما تجب منه الدية من الأجناس وفي بيان مقدار الواجب من كل جنس وفي بيان صفته وفي بيان من تجب عليه الدية وفي بيان كيفية الوجوب .
أما الشرائط فبعضها شرط أصل الوجوب وبعضها شرط كمال الواجب أما شرط أصل الوجوب فنوعان : أحدهما العصمة وهو أن يكون المقتول معصوما فلا دية في قتل الحربي والباغي لفقد العصمة فأما الإسلام فليس من شرائط وجوب الدية لا من جانب القاتل ولا من جانب المقتول فتجب الدية سواء كان القاتل أو المقتول مسلما أو ذميا أو حربيا مستأمنا وكذلك العقل والبلوغ حتى تجب الدية في مال الصبي والمجنون والأصل فيه قوله سبحانه وتعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } ولا خلفت في أنه إذا قتل ذميا أو حربيا مستأمنا تجب الدية لقوله تبارك وتعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } والثاني التقوم وهو أن يكون المقتول متقوما وعلى هذا يبنى أن الحربي إذا أسلم في دار الحرب فلم يهاجر إلينا فقتله مسلم أو ذمي خطأ أنه لا تجب الدية عند أصحابنا خلافا للشافعي بناء على أن التقوم بدار الإسلام عندنا وعنده بالإسلام وقد ذكرنا تقرير هذا الأصل في كتاب السير ثم نتكلم في المسألة ابتداء احتج الشافعي C بقوله تبارك وتعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } وهذا مؤمن قتل خطأ فتجب الدية .
ولنا : قوله جلت عظمته وكبرياؤه { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } والاستدلال به من وجهين : .
أحدهما : أنه جعل التحرير جزاء القتل والجزاء يقتضي الكفاية فلو وجبت الدية معه لا تقع الكفاية بالتحرير وهذا خلاف النص .
والثاني : أنه سبحانه وتعالى جعل التحرير كل الواجب بقتله لأنه كل المذكور فلو أوجبنا معه الدية لصار بعض الواجب وهذا تغيير حكم النص وأما صدر الآية الكريمة فلا يتناول هذا المؤمن لوجهين : .
أحدهما : أنه سبحانه وتعالى ذكر المؤمن مطلقا فيتناول المؤمن من كل وجه وهو المستأمن دينا ودارا وهذا مستأمن دينا لا دارا لأنه مكثر سواد الكفرة [ ومن كثر سواد قوم فهو منهم ] على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم .
والثاني : أنه أفرد هذا المؤمن بالذكر والحكم ولو تناوله صدر الآية الشريفة لعرف حكمه به فكان الثاني تكرارا ولو حمل على المؤمن المطلق لم يكن تكرارا فكان الحمل عليه أولى أو يحتمل ما ذكرنا فيحمل عليه توفيقا بين الدليلين عملا بهما جميعا ثم عصمة المقتول تعتبر وقت القتل أم وقت الموت أم في الوقتين جميعا على أصل أبي حنيفة Bه تعتبر وقت القتل لا غير وعلى أصلهما تعتبر وقت القتل والموت جميعا وعلى قول زفر C تعتبر وقت الموت لا غير وعلى هذا تخرج مسائل الرمي إذا رمى مسلما فارتد المرمي إليه ثم وقع به السهم وهو مرتد فمات فعلى الرامي الدية في قول أبي حنيفة C إن كان خطأ تتحمله العاقلة وإن كان عمدا يكون في ماله وعندهما لا شيء عليه وكذا عند زفر وإن رمى مرتدا أو حربيا فأسلم ثم وقع السهم به ومات لا شيء عليه عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر عليه الدية .
وجه قوله : أن الضمان إنما يجب بالقتل والفعل إنما يصير قتلا بفوات الحياة ولا عصمة للمقتول وقت فوات الحياة فكان دمه هدرا كما لو جرحه ثم ارتد فمات وهو مرتد .
لهما : أن للقتل تعلقا بالقاتل والمقتول لأنه فعل القاتل وأثره يظهر في المقتول بفوات الحياة فلا بد من اعتبار العصمة في الوقتين جميعا و لأبي حنيفة Bه أن الضمان إنما يجب على الإنسان بفعله ولا فعل منه سوى الرمي السابق فكان الرمي السابق عند وجود زهوق الروح قتلا من حين وجوده والمحل كان معصوما في ذلك الوقت فكان ينبغي أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فتجب الدية ولهذا لو كان مرتدا أو حربيا وقت الرمي ثم أسلم فأصابه السهم وهو مسلم أنه لا شيء عليه عندهما وهذه المسألة حجة .
قوية لأبي حنيفة Bه عليهما في اعتبار وقت الرمي لا غير والدليل عليه أن في باب الصيد يعتبر وقت الرمي في قولهم جميعا حتى لو كان الرامي مسلما وقت الرمي ثم ارتد فأصاب السهم الصيد وهو مرتد يؤكل وإن كان الباب باب الاحتياط وبمثله لو كان مجوسيا وقت الرمي ثم أسلم ثم وقع السهم بالصيد وهو مسلم لا يؤكل وكذلك حلال رمى صيدا ثم أحرم ثم أصابه لا شيء عليه وإن رمى وهو محرم ثم حل فأصابه فعليه الجزاء .
فهذه المسائل حجج أبي حنيفة Bه في اعتبار وقت الفعل والأصل أن ما يرجع إلى الأهلية تعتبر فيه أهلية الفاعل وقت الفعل بلا خلاف وما كان راجعا إلى المحل فهو على الاختلاف الذي ذكرنا بخلاف ما إذا جرح مسلما ثم ارتد المجروح فمات وهو مرتد أنه يهدر دمه لأن الجرح السابق انقلب قتلا بالسراية وقد تبدل المحل حكما بالردة فيوجب انقطاع السراية عن ابتداء الفعل كتبدل المحل حقيقة ولم يوجد هذا المعنى في مسألتنا .
ولو رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع به السهم فمات فلا دية عليه وعليه قيمته لمولاه في قوله أبي حنيفة عليه الرحمة .
وقال محمد : على الرامي لمولى العبد فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمي لا شيء عليه غير ذلك .
وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي C قول أبي يوسف مع قول محمد أنه لما رمى إليه فقد صار ناقصا بالرمي في ملك مولاه قبل وقوع السهم به لأنه أشرف على الهلاك بتوجه السهم إليه فوجب عليه ضمان النقصان فصار كما لو جرحه ثم أعتقه مولاه ولو كان كذلك لانقطعت السراية ولا يضمن الدية ولا القيمة وإنما يضمن النقصان كذا هذا و أبو حنيفة Bه مر على أصله وهو اعتبار وقت الفعل لأنه صار قاتلا بالرمي السابق وهو كان ملك المولى حينئذ .
وأما بيان ما تجب فيه الدية فقد اختلف أصحابنا فيه قال أبو حنيفة C : الذي تجب منه الدية وتقضى منه ثلاثة أجناس : الإبل والذهب والفضة وعندهما ستة أجناس : الإبل والذهب والفضة والبقر والغنم والحلل واحتجا بقضية سيدنا عمر Bه فإنه روي أنه قضى بالدية من هذه الأجناس بمحضر من الصحابة Bهم و [ لأبي حنيفة Bه قوله E : في النفس المؤمنة مائة من الإبل ] جعل E الواجب من الإبل على الإشارة إليها فظاهره يقتضي الوجوب منها على التعيين إلا أن الواجب من الصنفين الأخيرين ثبت بدليل آخر فمن ادعى الوجوب من الأصناف الآخر فعليه الدليل .
وأما قضية سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه فقد قيل إنه إنما قضى بذلك حين كانت الديات على العواقل فلما نقلها إلى الديوان قضى بها من الأجناس الثلاثة وذكر في كتاب المعاقل ما يدل على أنه لا خلاف بينهم فإنه قال : لو صالح الولي على أكثر من مائتي بقرة أو مائتي حلة لم يجز بالإجماع ولو لم يكن ذلك من جنس الدية لجاز والله أعلم بالصواب