وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

صفة الواجب .
وأما صفة الواجب فهي : أن يجب عليه حالا لا على العاقلة مؤجلا لأن الحكم الأصلي في جناية العبد هو الدفع وهذا كالخلف عنه والدفع يجب عليه حالا لا مؤجلا فكذا الخلف والله تعالى أعلم .
هذا إذا كان المقتول أجنبيا فأما إذا كان مولى القاتل فالقاتل لا يخلو إما أن كان قنا وإما أن كان مدبرا وإما أن كان أم ولد وإما أن كان مكاتبا فإن كان قنا فقتل مولاه خطأ فجنايته هدر لأن المولى لا يجب له على عبده دين وإن قتله عمدا فعليه القصاص لما مر ولو قتله عمدا وله وليان فعفا أحدهما حتى سقط القصاص بطلت الجناية ولا يجب للذي لم يعف شيء في قولهما وقال أبو يوسف C : يقال للذي عفا إما أن تدفع نصف نصيبك وهو ربع العبد إلى الذي لم يعف أو تفديه بربع الدية .
وجه قوله : أن القصاص كان مشتركا بينهما لكل واحد منهما النصف فإذذا عفا أحدهما فقط سقط نصف القصاص وانقلب نصيب صاحبه وهو النصف مالا شائعا في النصفين نصفه وهو الربع في نصيبه ونصفه في نصيب الشريك فما كان في نصيبه يسقط وما كان في نصيب الشريك يثبت .
وجه قولهما : أن الدية إما أن تجب حقا للمولى والوارث يقوم مقامه في استيفاء حق وجب له وإما أن تجب حقا للورثة بانتقال الملك إليهم بطريق الوراثة وكيفما كان فالمولى لا يجب له على عبده دين .
وان كان مدبرا فقتل مولاه خطأ فجنايته هدر وعليه السعاية في قيمته لأنه لو وجبت الدية لوجبت على المولى لأنه لو جنى على أجنبي لوجبت الدية عليه فههنا أولى ولا سبيل إلى الإيجاب له وعليه إلا أنه يسعى في قيمة نفسه لأن العتق يثبت بطريق الوصية .
ألا ترى أنه يعتبر من الثلث والوصية لا تسلم للقاتل إلا أن العتق بعد وقوعه لا يحتمل الفسخ فوجب عليه قيمة نفسه ولو قتله عمدا فعليه القصاص ويسعى في قيمته لما قلنا وورثته بالخيار إن شاؤوا عجلوا استيفاء القصاص وبطلت السعاية وإن شاؤوا استوفوا السعاية ثم قتلوه قصاصا لأنهما حقان ثبتا لهم واختيار السعاية لا يكون مسقطا للقصاص لأن السعاية ليست بعوض عن المقتول بل هي بدل عن الرق .
ولو كان للمولى وليان عفا أحدهما ينقلب نصيب الآخر مالا بخلاف القن لأن هناك لا يمكن إيجاب الضمان لأنه لو وجب لوجب للمولى على عبده وليس يجب للمولى على عبده دين وههنا يمكن لأن المدبر يعتق بموت سيده فيسعى وهو حر فلم يكن في إيجاب الدية عليه إيجاب الدين للمولى على عبده فهو الفرق .
وإن كان أم ولد فقتلت مولاها خطأ أو عمدا فحكمها حكم المدبر وإنما يختلفان في السعاية فأم الولد لا سعاية عليها والمدبر يسعى في قيمته لأن العتق هناك يثبت بطريق الوصية وعتق أم الولد ليس بوصية حتى لا يعتبر من الثلث .
ولو قتلت أم الولد مولاها عمدا وله ابنان من غيرها فعفا أحدهما سعت في نصف قيمتها للذي لم يعف لأن القصاص قد سقط بعفو أحدهما وانقلب نصيب الآخر مالا وإنما وجب عليها السعاية في نصف قيمتها لا في نصف الدية وإن كانت هي حرة وقت وجوب السعاية لأنها عتقت بموت سيدها وتسعى وهي حرة لأنها كانت مملوكة وقت الجناية فيجب اعتبار الحالين حال وجود الجناية وحال وجوب السعاية .
ولو كانت مملوكة في الحالين بأن قتلت أجنبيا خطأ لوجبت القيمة وكانت على المولى لا عليها فإن كانت مملوكة حال الجناية حرة حال السعاية اعتبرنا بالحالين فأوجبنا نصف القيمة اعتبارا إلى وجود الجناية وأوجدنا ذلك عليها لا على المولى اعتبارا بحال وجوب السعاية اعتبارا للحالين بقدر الإمكان ولو كان أحد الابنين منها لا يجب القصاص عليها وسعت في جميع قيمتها .
أما عدم وجوب القصاص فلأنه لو وجب لوجب مشتركا بينهما ولا يمكن الإيجاب في نصيب ولدها إذ لا يجب للولد على أمه قصاص لتعذر الاستيفاء احتراما للأم .
وأما لزوم السعاية فلأن القصاص سقط للتعذر ولا تعذر في القيمة فتسعى في جميع قيمتها وتكون بينهما وإن كان مكاتبا فقتل مولاه خطأ فعليه الأقل من قيمته أو الدية لأن جناية المكاتب على مولاه لازمة كجناية مولاه عليه لأنه فيما يرجع إلى إكسابه وأرش في جناياته كالأجنبي لأنه أحق بأكسابه من المولى وتجب القيمة حالة لأنها تجب بالمنع من الدفع فتكون حالة كما تجب على المولى بجناية مدبرة وإن كان عمدا فعليه القصاص والله أعلم .
هذا إذا كان القاتل والمقتول حرين أو كان القاتل حرا والمقتول عبدا أو كان القتال عبدا والمقتول حرا .
فأما إذا كانا عبدين بأن قتل عبد عبدا خطأ فالمقتول لا يخلو إما أن كان عبدا لأجنبي وإما أن كان عبدا لمولى القاتل فإن كان عبدا لأجنبي : بأن كان القاتل قنا يخاطب المولى بالدفع أو الفداء سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا وهذا وما إذا كان المقتول حرا أجنبيا سواء إلا أن هناك يخاطب المولى بالدفع أو بالفداء بالدية وههنا يخاطب بالدفع أو الفداء بالقيمة وإن كان القاتل مدبرا أو أم ولد فعلى المولى قيمة الولد والمدبر وأم الولد سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو مكاتبا كما إذا كان المقتول حرا أجنبيا وإن كان القاتل مكاتبا فعليه قيمة نفسه سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا كما إذا كان المقتول حرا أجنبيا .
هذا إذا كان المقتول عبدا لأجنبي فإن كان عبدا لولي القاتل فجناية القاتل عليه هدر وإن كان القاتل قنا أو مدبرا أو أم ولد سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا وإن كان القاتل مكاتبا فجنايته عليه لازمة كائنا من كان المقتول لما ذكرنا فيما تقدم والله تعالى أعلم بالصواب .
هذا إذا قتل عبد عبدا خطأ فإن قتل عمدا فعليه القصاص كائنا من كان المقتول والله جل شأنه الموفق .
وأما القتل الذي هو في معنى القتل الخطأ فنوعان : نوع هو في معناه من كل وجه وهو أن يكون على طريق المباشرة ونوع هو في معناه من وجه وهو أن يكون من طريق التسبيب .
أما الأول فنحو النائم ينقلب على إنسان فيقتله فهذا القتل في معنى القتل الخطأ من كل وجه لوجوده لا عن قصد لأنه مات بثقله فترتب عليه أحكامه من وجوب الكفارة والدية وحرمان الميراث والوصية لأنه إذا كان في معناه من كل وجه كان ورود الشرع بهذه الأحكام هناك ورودا ههنا دلالة وكذلك لو سقط إنسان من سطح على قاعد فقتله .
أما وجوب الدية : فلوجود معنى الخطأ وهو عدم القصد وأما وجوب الكفارة وحرمان الميراث والوصية فلوجود القتل مباشرة لأنه مات بثقله سواء كان القاعد في طريق العامة أو في ملك نفسه ولو مات الساقط دون القاعد ينظر إن كان في ملك نفسه أو في موضع لا يكون قعوده فيه جناية لا شيء على القاعد لأنه ليس بمتعد في القعود فما تولد منه لا يكون مضمونا عليه ويهدر دم الساقط وإن كان في موضع يكون قعوده فيه جناية فدية الساقط على القاعد تتحملها العاقلة لأنه متعد في القعود فالمتولد منه يكون مضمونا عليه كما في حفر البئر ولا كفارة عليه لحصول القتل بطريق التسبيب كما في البئر وكذلك إذا كان يمشي في الطريق حاملا سيفا أو حجرا أو لبنة أو خشبة فسقط من يده فقتله لوجود معنى الخطأ فيه وحصوله على سبيل المباشرة لوصول الآلة لبشرة المقتول .
ولو كان لابسا سيفا فسقط على غيره فقتله أو سقط عنه ثوبه أو رداؤه أو طيلسانه أو عمامته وهو لابسه على إنسان فتعقل به فتلف فلا ضمان عليه أصلا لأن في اللبس ضرورة إذ الناس يحتاجون إلى لبس هذه والتحرز عن السقوط ليس في وسعهم فكانت البلية فيه عامة فتعذر التضمين ولا ضرورة في الحمل والاحتراز عن سقوط المحمول ممكن أيضا وإن كان الذي لبسه مما لا يلبس عادة فهو ضامن وكذلك الراكب إذا كان يسير في الطريق العامة فوطئت دابته رجلا بيدها أو برجلها لوجود معن الخطأ في هذا القتل وحصوله على سبيل المباشرة لأن ثقل الراكب على الدابة والدابة آلة له فكان القتل الحاصل بثقلها مضافا إلى الراكب فكان قتلا مباشرة .
ولو كدمت أو صدمت أو خبطت فهو ضامن إلا أنه لا كفارة عليه ولا يحرم الميراث والوصية لحصول القتل على سبيل التسبب دون المباشرة ولا كفارة على السائق والقائد ولا يحرمان الميراث والوصية لأن فعل السوق والقود يقرب الدابة من القتل فكان قتلا تسبيبا لا مباشرة وهو لا يتعلق بهذه الأحكام بخلاف الراكب لأنه قاتل مباشرة على ما بينا .
والرديف والراكب سواء وعليهما الكفارة ويحرمان الميراث والوصية لأن ثقلهما على الدابة والدابة آلة لهما فكانا قاتلين على طريق المباشرة .
ولو نفحت الدابة برجلها أو بذنبها وهو يسير فلا ضمان في ذلك على راكب ولا سائق ولا قائد .
والأصل أن السير والسوق والقود في طريق العامة مأذون فيه بشرط سلامة العاقبة فما لم تسلم عابقته لم يكن مأذونا فيه فالمتولد منه يكون مضمونا إلا إذا كان مما لا يمكن الاحتراز عنه بسد باب الاستطراق على العامة ولا سبيل إليه والوطء والكدم والصدم والخبط في السير والسوق والقود مما يمكن الاحتراز عنه بحفظ الدابة وذود الناس والنفح مما لا يمكن التحرز عنه وكذا البول والروث واللعاب فسقط اعتباره والتحق بالعدم وقد روي أن النبي E قال : [ الرجل جبار ] أي نفحها ولهذا سقط اعتبار ما ثار من الغبار من مشي الماشي حتى لو أفسد متاعا لم يضمن وكذا ما أثارت الدابة بسنابكها من الغبار أو الحصى الصغار لا ضمان فيه لما قلنا كذا هذا .
وأما الحصى الكبار فيجب الضمان فيها لأنه يمكن التحرز عن إثارتها إذ لا يكون ذلك إلا بتعنيف في السوق .
ولو كبح الدابة باللجام فنفحت برجلها أو بذنبها فهو هدر لعموم البلوى به ولو أوقف الدابة في الطريق فقتلت إنسانا فإن كان ذلك في غير ملكه كطريق العامة فهو ضامن لذلك كله سواء وطئت بيدها أو برجلها أو كدمت أو صدمت أو خبطت بيدها أو نفحت برجلها أو بذنبها أو عطب شيء بروثها أو بولها أو لعابها كل ذلك مضمون عليه وسواء كان راكبا أو لا لأن روث الدابة في طريق العامة ليس بمأذون فيه شرعا إنما المأذون فيه هو المرور لا غير إذ الناس يتضررون بالوقوف ولا ضرورة فيه فكان الوقوت فيه تعديا من غير ضرورة فما تولد منه يكون مضمونا عليه سواء كان مما يمكن التحرز عنه أو لا يمكن غير أنه إن كان راكبا فعليه الكفارة في الوطء باليد والرجل لكونه قاتلا من طريق المباشرة وإن لم يكن راكبا لا كفارة عليه لوجود القتل منه تسبيبا لا مباشرة .
وكذلك لو أوقف دابة على باب المسجد فهو مثل وقفه في الطريق لأنة متعد في الوقف إلا أن يكون الإمام جعل للمسلمين عند باب المسجد موقفا يقفون فيه دوابهم فلا ضمان عليه فيما أصابت في وقوفها لأن .
للإمام أن يفعل ذلك إذا لم يتضرر الناس به فلم يكن متعديا في الوقوف فأشبه الوقوف في ملك نفسه إلا إذا كان راكبا فوطئت دابته إنسانا فقتلته لأن ذلك قتل بطريق المباشرة فيستوي في المواضع كلها ألا ترى أنه لو كان في ملكه يضمن وكذلك لو أوقف دابته في موضع أذن الإمام بالوقوف فيه كما في سوق الخيل والبغال لما قلنا .
وكذلك إذا أوقف دابته في الفلاة لأن الوقوف في الفلاة مباح لعدم الإضرار بالناس فلم يكن متعديا فيه وكذلك في الطريق إن كان وقف في المحجة فالوقوف فيها كالوقوف في سائر الطرق العامة .
ولو كان سائرا في هذه المواضع التي أذن الإمام فيها بالوقوف للناس أو سائقا أو قائدا فهو ضامن لأن أثر الإذن في سقوط ضمان الوقف لا في غيره لأن إباحة الوقف فيها أستفيد بالإذن لأنه لم يكن ثابتا قبله .
فأما إباحة السير والسوق والقود فلم يثبت بالإذن من الإمام لأنه كان ثابتا قبله فبقي الأمر فيها على ما كان قبل الإذن .
وإن كان الوقف أو السير أو السوق أو القود في ملكه فلا ضمان عليه في شيء مما ذكر إلا فيما وطئت دابته بيدها أو برجلها وهو راكب لأن هذه الأفعال تقع تعديا في الملك والتسبيب إذا لم يكن تعديا لا .
يكون سببا لوجوب الضمان فأما الوطء باليد والرجل في حال السير أو الوقوف فهو قتل مباشرة لا تسبيبا حتى تجب الكفارة لوجود الضمان على كل سواء كان في ملكه أو في غير ملكه وسواء كان الذي لحقته الجناية مأذونا في الدخول أو غير مأذون لأن التلف حصل بفعله مباشرة ومن دخل ملك غيره بغير إذنه لا يباح إتلافه .
ولو ربط الدابة في غير ملكه فما دامت تجول في رباطها إذا أصابت شيئا بيدها أو برجلها أو راثت أو بالت فعطب به شيء فذلك كله مضمون عليه لأنه متعد في الوقوف في غير ملكه .
ولو انفتح الرباط وذهبت من ذلك الموضع فما عطب به شيء فهو هدر لأن معنى التعدي قد زال بزوالها من موضع الوقوف وإن أوقفها غير مربوطة فزالت عن موضعها بعدما أوقفها ثم جنت على إنسان أو عطب بها شيء فهو هدر لأنها لما زالت عن موضع الوقف فقد زال التعدي فكأنها دخلت في هذه المواضع بنفسها وجنت .
ولو نفرت الدابة من الرجل أو انفلتت منه فما أصابت في فورها ذلك فلا ضمان عليه لقوله E : [ العجماء جبار ] أي البهيمة جرحها جبار ولأنه لا صنع له في نفارها وانفلاتها ولا يمكنه الاحتراز عن فعلها فالمتولد منه لا يكون مضمونا .
ولو أرسل دابته فما أصابت من فورها ضمن لأن سيرها في فورها مضاف إلى إرسالها فكان متعديا في الإرسال فصار كالدافع لها أو كالسائق فإن عطفت يمينا وشمالا ثم أصابت فإن لم يكن لها طريق إلا ذلك فذلك مضمون على المرسل لأنها باقية على حكم الإرسال وإن كان لها طريق آخر لا يضمن لأنها عطفت باختيارها فينقطع حكم الإرسال وصارت كالمنفلتة .
ولو أرسل طيرا فأصاب شيئا في فوره ذلك لا يضمن ذلك بالإجماع ذكره في الزيادات فيمن أرسل بازيا في الحرم فأتلف طيبة الحرم أنه لا يضمن لأنه يفعل باختياره وفعله جبار .
ولو أغرى به كلبا حتى عقر رجلا فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة Bه كما لو أرسل طيرا وعند أبي يوسف C يضمن كما لو أرسل البهيمة .
وقال محمد C : إن كان سائقا له أو قائدا يضمن وإن لم يكن سائقا له ولا قائدا لا يضمن وبه أخذ الطحاوي C .
وجه قول محمد : أن العقر فعل الكلب باختياره فالأصل هو الاقتصار عليه وفعله جبار إلا أنه بالسوق أو القود يصير مغريا إياه إلى الإتلاف فيصير سببا للتلف فأشبه سوق الدابة وقودها .
وجه قول أبي يوسف : أن إغرار الكلب بمنزلة إرسال البهيمة فالمصاب على فور الإرسال مضمون على المرسل فكذا هذا و لأبي حنيفة Bه أن الكلب يعقر باختياره والإغراء للتحريض وفعله جبار ولو دخل رجل دار غيره فعقره كلبه لا يضمن سواء دخل داره بإذنه أو بغير إذنه لأن فعل الكلب جبار ولم يوجد من صاحبه التسبيب إلى العقر إذ لم يوجد منه إلا الإمساك في البيت وإنه مباح قال الله تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين { مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم } ولو ألقى حية أو عقربا في الطريق فلدغت إنسانا فضمانه على الملقي لأنه متعد في الإلقاء إلا إذا عدلت عن ذلك الموضع إلى موضع آخر فلا يضمن لارتفاع التعدي بالعدول .
إذا اصطدم فارسان فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر في قول أصحابنا الثلاثة رحمهم الله .
وعند زفر C : على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر وهو قول الشافعي C .
وجه قول زفر : أن كل واحد منهما مات بفعلين : فعل نفسه وفعل صاحبه وهو صدمة صاحبه وصدمة نفسه فيهدر ما حصل بفعل نفسه ويعتبر ما حصل بفعل صاحبه فيلزم أن يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر كما لو جرح نفسه وجرحه أجنبي فمات أن على الأجنبي نصف الدية لما قلنا كذا هذا ولنا ما روي عن سيدنا علي Bه أنه قال مثل مذهبنا ولأن كل واحد منهما مات من صدم صاحبه إياه فيضمن صاحبه كمن بنى حائطا في الطريق فصدم رجلا فمات أن الدية على صاحب الحائط كذا .
هذا وبه تبين أن صدمة نفسه مع صدم صاحبه إياه فيه غير معتبر إذ لو اعتبر لما لزم باني الحائط على الطريق جميع الدية لأن الرجل قد مشى إليه وصدمه وكذلك حافر البئر يلزمه جميع الدية وإن كان الماشي قد مشى إليها .
رجلان مدا حبلا حتى انقطع فسقط كل واحد منهما فإن سقطا على ظهرهما فماتا فلا ضمان فيه أصلا لأن كل واحد منهما لم يمت من فعل صاحبه إذ لو مات من فعل صاحبه لخر على وجهه فلما سقط على قفاه علم أنه سقط بفعل نفسه وهو مده فقد مات كل واحد منهما من فعل نفسه فلا ضمان على أحد وإن سقطا على وجهيهما فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر لأنه لما خر على وجهه علم أنه مات من جذبه وإن سقط أحدهما على ظهره والآخر على وجهه فماتا جميعا فدية الذي سقط على وجهه على .
عاقلة الآخر لأنه مات بفعله وهو جذبه ودية الذي سقط على ظهره هدر لأنه مات من فعل نفسه ولو قطع قاطع الحبل فسقطا جميعا فماتا فالضمان على القاطع لأنه تسبب في إتلافهما والإتلاف تسبيبا يوجب الضمان كحفر البئر ونحو ذلك .
صبي في يد أبيه جذبه رجل من يده والأب يمسكه حتى مات فديته على الذي جذبه ويرثه أبوه لأن الأب محق في الإمساك والجاذب متعد في الجذب فالضمان عليه .
ولو تجاذب رجلان صبيا وأحدهما يدعي أنه ابن والآخر يدعي أنه عبده فمات من جذبهما فعلى الذي يدعي أنه عبده ديته لأنه متعد في الجذب لأن المتنازعين في الصبي إذا زعم أحدهما أنه أبوه فهو أولى به من الذي يدعي أنه عبده فكان إمساكه بحق وجذب الآخر بغير حق فيضمن .
رجل في يده ثوب تشبث به رجل فجذبه صاحب الثوب من يده فخرق الثوب ضمن الممسك نصف الخرق لأن حق صاحب الثوب في دفع الممسك وعليه دفعه بغير جذب فإذا جذب فقد حصل التلف من فعلهما فانقسم الضمان بينهما .
رجل عض ذراع رجل فجذب المعضوض ذراعه من فيه فسقطت أسنان العاض وذهب لحم ذراع هذا تهدر دية الأسنان ويضمن العاض أرش الذراع لأن العاض متعد في العض والجاذب غير متعد في الجذب لأن العض ضرر وله أن يدفع الضرر عن نفسه .
رجل جلس إلى جنب رجل فجلس على ثوبه وهو لا يعلم فقام صاحب الثوب فانشق ثوبه من جلوس هذا عليه يضمن الجالس نصف ذلك لأن التلف حصل من الجلوس والجذب والجالس متعد في الجلوس إذ لم يكن له أن يجلس عليه فكان التلف حاصلا من فعليهما فينقسم الضمان عليهما .
رجل أخذ بيد إنسان فصافحه فجذب يده من يده فانقلب فمات فلا شيء عليه لأن الآخذ غير متعد في الأخذ للمصافحة بل هو مقيم سنة وإنما الجاذب هو الذي تعدى على نفسه حيث جذب يده لا لدفع ضرر لحقه من الآخذ وإن كان أخذ يده ليعصرها فآذاه فجر يده ضمن الآخذ ديته لأنه هو المتعدي وإنما صاحب اليد دفع الضرر عن نفسه بالجر وله ذلك فكان الضمان على المتعدي فان انكسرت يد الممسك وهو الآخذ بالجذب لم يضمن الجاذب لأن التعدي من الممسك فكان جانيا على نفسه فلا ضمان على غيره والله سبحانه وتعالى أعلم