وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

محظورات الخطبة .
وأما محظورات الخطبة فمنها : أنه يكره الكلام حالة الخطبة وكذا قراءة القرآن وكذا الصلاة وقال الشافعي إذا دخل الجامع والإمام في الخطبة ينبغي أن يصلي ركعتين خفيفتين تحية المسجد احتج الشافعي بما روي [ عن جابر بن عبد الله Bه أنه قال : دخل سليك الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه و سلم يخطب فقال له أصليت ؟ قال : لا قال : فصل ركعتين ] فقد أمره بتحية المسجد حالة الخطبة .
ولنا : قوله تعالى : { فاستمعوا له وأنصتوا } والصلاة تفوت الاستماع والإنصات فلا يجوز ترك الفرض لإقامة السنة والحديث منسوخ كان ذلك قبل وجود الاستماع ونزول قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } دل عليه ما روى [ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر سليكا أن يركع ركعتين ثم نهى الناس أن يصلوا والإمام يخطب ] فصار منسوخا أو كان سليك مخصوصا بذلك والله أعلم .
وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها بل يجب عليه أن يستمع ويسكت وأصله قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } قيل نزلت الآية في شأن الخطبة أمر بالاستماع والإنصات ومطلق الأمر للوجوب وروى [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : من قال لصاحبه والإمام يخطب : انصت فقد لغا ومن لغا فلا صلاة له ] ثم ما ذكرنا من وجوب الاستماع والسكوت في حق القريب من الخطيب .
فأما البعيد منه إذا لم يسمع الخطبة كيف يصنع ؟ .
اختلف المشايخ فيه : قال محمد بن سلمة البلخي الإنصات له أولى من قراءة القرآن وهكذا روى المعلى عن أبي يوسف وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري .
ووجهه : ما روي عن عمر وعثمان أنهما قالا : إن أجر المنصت الذي لا يسمع مثل أجر المنصت السامع ولأنه في حال قربه من الإمام كان مأمورا بشيئين الاستماع والإنصات وبالبعد إن عجز عن الاستماع .
لم يعجز عن الإنصات فيجب عليه وعن نصير بن يحي أنه أجاز له قراءة القرآن سرا وكان الحكم بن زهير من أصحابنا ينظر في كتب الفقه .
ووجهه : أن الاستماع والإنصات إنما وجب عند القرب ليشتركوا في ثمرات الخطبة بالتأمل والتفكر فيها وهذا لا يتحقق من البعيد عن الإمام فليحرز لنفسه ثواب قراءة القرآن ودراسة كتب العلم ولأن الإنصات لم يكن مقصودا بل ليتوصل به إلى الاستماع فإذا سقط عنه فرض الاستماع سقط عنه الإنصات أيضا والله أعلم .
ويكره تشميت العاطس ورد السلام عندنا .
وعند الشافعي : لا يكره وهو رواية عن أبي يوسف لأن رد السلام فرض .
ولنا : إنه ترك الاستماع المفروض والإنصات وتشميت العاطس ليس بفرض فلا يجوز ترك الفرض لأجله وكذا رد السلام في هذه الحالة ليس بفرض لأنه يرتكب بسلامه مأثما فلا يجب الرد عليه كما في حالة الصلاة ولأن السلام في حالة الخطبة لم يقع تحية فلا يستحق الرد ولأن رد السلام مما يمكن تحصيله في كل حالة أما سماع الخطبة لا يتصور إلا في هذه الحالة فكان إقامته أحق ونظيره ما قال أصحابنا إن الطواف تطوعا بمكة في حق الآفاقي أفضل من صلاة التطوع والصلاة في حق المكي أفضل من الطواف لما قلنا .
وعلى هذا قال أبو حنيفة : إن سماع الخطبة أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فينبغي أن يستمع ولا .
يصلي عليه عند سماع اسمه في الخطبة لما أن إحراز فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم مما يمكن في كل وقت وإحراز ثواب سماع الخطبة يختص بهذه الحالة فكان السماع أفضل .
وروى عن أبي يوسف أنه ينبغي أن يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم في نفسه عند سماع اسمه لأن ذلك مما لا .
يشغله عن سماع الخطبة فكان إحراز الفضيلتين أحق .
وأما العاطس فهل يحمد الله تعالى ؟ .
فالصحيح : أنه يقول ذلك في نفسه لأن ذلك مما لا يشغله عن سماع الخطبة وكذا السلام حالة الخطبة مكروه لما قلنا .
هذا الذي ذكرنا في حالة الخطبة فأما عند الأذان الأخير حين خرج الإمام إلى الخطبة وبعد الفراغ من الخطبة حين أخذ المؤذن في الإقامة إلى أن يفرغ هل يكره ما يكره في حال الخطبة ؟ على قول أبي حنيفة يكره وعلى قولهما : لا يكره الكلام وتكره الصلاة .
واحتجا بما روى في الحديث خروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام جعل القاطع للكلام .
هو الخطبة فلا يكره قبل وجودها ولأن النهي عن الكلام لوجوب استماع الخطبة وإنما يجب حالة الخطبة بخلاف الصلاة لأنها تمتد غالبا فيفوت الاستماع وتكبيرة الافتتاح .
و لأبي حنيفة ما روى [ عن ابن مسعود و ابن عباس Bهما موقوفا عليهما ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام ] .
وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس الأول فالأول فإذا خرج الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر ] فقد أخبر عن طي الصحف عند خروج الإمام وإنما يطوون الصحف إذا طوى الناس الكلام لأنهم إذا تكلموا يكتبونه عليهم لقوله تعالى : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ولأنه إذا خرج للخطبة كان مستعدا لها والمستعد للشيء كالشارع فيه ولهذا ألحق الاستعداد بالشروع في كراهة الصلاة فكذا في كراهة الكلام وأما الحديث فليس فيه أن غير الكلام يقطع الكلام فكان تمسكا بالسكوت وأنه لا يصح ويكره للخطيب أن يتكلم في حالة الخطبة ولو فعل لا تفسد الخطبة لأنها ليست بصلاة فلا يفسدها كلام الناس لكنه يكره لأنها شرعت منظومة كالأذان والكلام يقطع النظم إلا إذا كان الكلام أمرا بالمعروف فلا يكره .
لما روي [ عن عمر أنه كان يخطب يوم الجمعة فدخل عليه عثمان فقال له : أية ساعة هذه ؟ .
فقال : ما زدت حين سمعت النداء يا أمير المؤمنين على أن توضأت فقال : والوضوء أيضا : وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بالاغتسال ] وهذا لأن الأمر بالمعروف يلتحق بالخطبة لأن الخطبة فيها وعظ فلم يبق مكروها .
ولو أحدث الإمام بعد الخطبة قبل الشروع في الصلاة فقدم رجلا يصلي بالناس إن كان ممن شهد الخطبة أو شيئا منها جاز وإن لم يشهد شيئا من الخطبة لم يجز ويصلي بهم الظهر أما إذا شهد الخطبة فلأن الثاني قام مقام الأول والأول يقيم الجمعة فكذا الثاني .
وكذا إذا شهد شيئا منها لأن ذلك القدر لو وجد وحده وقع معتدا به فكذا إذا وجد مع غيره ويستوي الجواب بين ما إذا كان الإمام مأذونا في الاستخلاف أو لم يكن بخلاف القاضي فإنه لا يملك الاستخلاف إذا لم يكن مأذونا فيه والفرق أن الجمعة مؤقتة تفوت بتأخيرها عند العذر إذا لم يستخلف فالأمر بإقامتها مع علم الوالي أنه قد يعرض له عارض يمنعه من الإقامة يكون إذنا بالاستخلاف دلالة بخلاف القاضي لأن القضاء غير مؤقت لا يفوت بتأخيره عند العذر فانعدم الإذن نصا ودلالة فهو الفرق وأما إذا لم يشهد الخطبة فلأنه منشىء للجمعة وليس ببان تحريمته على تحريمة الإمام والخطبة شرط إنشاء الجمعة ولم توجد ولو شرع الإمام في الصلاة ثم أحدث فقدم رجلا جاء ساعتئذ أي لم يشهد الخطبة جاز وصلى بهم الجمعة لأن تحريمة الأول انعقدت للجمعة لوجود شرطها وهو الخطبة .
والثاني : بنى تحريمته على تحريمة الإمام والخطبة شرط انعقاد الجمعة في حق من ينشىء التحريمة .
في الجمعة لا في حق من يبني تحريمته على تحريمة غيره بدليل أن المقتدي بالإمام تصح جمعته وإن لم يدرك الخطبة لهذا المعنى فكذا هذا .
ولو تكلم الخليفة بعد ما شرع الإمام في الصلاة فإنه يستقبل بهم الجمعة إن كان ممن شهد الخطبة وإن كان لم يشهد الخطبة فالقياس أن يصلي بهم الظهر وفي الاستحسان يصلي بهم الجمعة وجه القياس ظاهر لأنه ينشىء التحريمة في الجمعة والخطبة شرط انعقاد الجمعة في حق المنشىء لتحريمة الجمعة .
وجه الاستحسان : أنه لما قام مقام الأول التحق به حكما ولو تكلم الأول استقبل بهم الجمعة فكذا الثاني .
وذكر الحاكم في المختصر إن الإمام إذا أحدث وقدم رجلا لم يشهد الخطبة فأحدث قبل الشروع لم يجز ولو قدم هذا الرجل محدثا آخر قد شهد الخطبة لم يجز لأنه ليس من أهل إقامة الجمعة بنفسه فلا يجوز منه الاستخلاف و بمثله لو قدم جنبا قد شهد الخطبة فقدم هذا الجنب رجلا طاهرا قد شهد الخطبة جاز لأن الجنب الذي شهد الخطبة من أهل الإقامة بواسطة الاغتسال فيصح منه الاستخلاف ولو كان المقدم صبيا أو معتوها أو امرأة أو كافرا فقدم غيره ممن شهد الخطبة لم يجز تقديمه بخلاف الجنب .
والفرق أن الجنب أهل لأداء الجمعة لأنه قادر على اكتساب أهلية الأداء بإزالة الجنابة والحدث عن نفسه فكان هذا استخلافا لمن له قدرة القيام بما استخلف عليه فصح كما في سائر المواضع التي يستخلف فيها فإذا قدم هو غيره صح لأنه استخلفه بعد ما صار خليفة فكان له ولاية الاستخلاف بخلاف الصبي والمعتوه والمرأة فإن الصبي والمعتوه ليسا من أهل أداء الجمعة والمرأة ليست من أهل إمامة الرجال ولا قدرة لهم على اكتساب شرط الأهلية فلم يصح استخلافهم إذ الاستخلاف شرع إبقاء للصلاة على الصحة و استخلاف من لا قدرة له على اكتساب الأهلية غير مفيد فلم يصح وإذا لم يصح استخلافهم كيف يصح منهم استخلاف ذلك الغير ؟ .
فإذا تقدم ذاك الغير فكأنه تقدم بنفسه لالتحاق تقدمهم بالعدم شرعا ولو تقدم بنفسه في هذه الصلاة لا يجوز بخلاف سائر الصلوات حيث لا يحتاج فيها إلى التقديم .
والفرق : أن إقامة الجمعة متعلقة بالإمام والمتقدم ليس بمأمور من جهة السلطان أو نائبه فلم يجز تقدمه .
فأما سائر الصلوات فإقامتها غير متعلقة بالإمام وبخلاف ما إذا استخلف الكافر مسلما فأدى الجمعة لا يجوز وإن كان الكافر قادرا على اكتساب الأهلية بالإسلام لأن هذا من أمور الدين وهو يعتمد ولاية السلطنة ولا يجوز أن يثبت للكافر ولاية السلطنة على المسلمين فلم يصح استخلافه بخلاف المحدث والجنب والله أعلم .
ولو قدم مسافرا أو عبدا أو مكاتبا وصلى بهم الجمعة جاز عندنا خلافا لزفر لأن هؤلاء من أهل إقامة الجمعة على ما بينا هذا إذا تدم الإمام أحدا فإن لم يقدم وتقدم صاحب الشرط والقاضي جاز لأن هذا من أمور العامة وقد قلدهما الإمام ما هو من أمور العامة فنزلا منزلة الإمام ولأن الحاجة إلى الإمام لدفع التنازع في التقدم وذا يحصل بتقدمهما لوجود دليل اختصاصهما من بين سائر الناس وهو كون كل واحد منهما نائبا للسلطان وعاملا من عماله وكذا لو قدم أحدهما رجلا قد شهد الخطبة جاز لأنه ثبت لكل واحد منهما ولاية التقدم على ما مر فتثبت ولاية التقديم لأن كل من يملك إقامة الصلاة يملك إقامة غيره مقامه والله أعلم