وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ما يفارق التطوع الفرض .
فصل : و أما بيان ما يفارق التطوع الفرض فيه فنقول : إنه يفارقه في أشياء : .
منها : أنه يجوز التطوع قاعدا مع القدرة على القيام و لا يجوز ذلك في الفرض لأن التطوع خير دائم فلو ألزمناه القيام يتعذر عليه إدامة هذا الخير فأما الفرض فإنه يختص ببعض الأوقات فلا يكون في إلزامه مع القدرة عليه حرج و الأصل في جواز النفل قاعدا مع القدرة على القيام ما روي عن عائشة Bها [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي قاعدا فإذا أراد أن يركع قام فقرأ آيات ثم ركع و سجد ثم عاد إلى القعود ] و كذا لو افتتح الفرض قائما ثم أراد أن يقعد ليس له ذلك بالإجماع و لو افتتح التطوع قائما ثم أراد أن يقعد من غير عذر فله ذلك عند أبي حنيفة C تعالى استسحانا .
و عند أبي يوسف و محمد رحمهما الله تعالى : لا يجوز و هو القياس لأن الشروع ملزم كالنذر و لو نذر أن يصلي ركعتين قائما لا يجوز له القعود من غير عذر فكذا إذا شرع قائما و لأبي حنيفة C تعالى أنه متبرع و هو مخير بين القيام و القعود في الابتداء فكذا بعد الشروع لكونه متبرعا ايضا .
و أما قولهما : إن الشروع ملزم فنقول : إن الشروع ليس بملزم وضعا و إنما يلزم لضرورة صيانة انعقد عبادة عن البطلان و ما انعقد يتعلق بقاؤه عبادة بوجود أصل ما بقي بوجود أصل ما بقي من الصلاة لا بوجود وصف ما بقي فإن التطوع قاعدا جائز في الجملة فلم يلزم تحصيل وصف القيام فيما بقي لأن لزوم ما بقي لأجل الضرورة و لا ضرورة في حق وصف القيام و لهذا لا يلزمه أكثر من ركعتين لاستغناء المؤدى عن الزيادة بخلاف النذر فإنه موضوع للإيجاب شرعا فإذا أوجب مع الوصف وجب كذلك حتى لو أطلق النذر لا رواية فيه فقيل أنه على هذا الخلاف الذي ذكرنا في الشروع و قيل لا يلزمه بصفة القيام لأن التطوع لم يتناول القيام فلا يلزمه إلا بالتنصيص عليه كالتتابع في باب الصوم و قيل يلزمه قائما لأن النذر وضع للإيجاب فيعتبر ما أوجبه على نفسه بما أوجبه الله عليه مطلقا و هناك يلزمه بصفة القيام إلا من عذر فكذا ههنا .
و أما الشروع فليس بموضوع للوجوب و إنما جعل موجبا بطريق الضرورة و الضرورة في حق الأصل دون الوصف على ما مر و لو افتتح التطوع قاعدا فأدى بعضها قاعدا و بعضها قائما أجزأه لما روي عن [ عائشة Bها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات أو نحوها قام فأتم قراءته ثم ركع و سجد و هكذا كان يفعل في الركعة الثانية ] فقد انتقل من القعود إلى القيام و من القيام إلى القعود فدل أن ذلك جائز في صلاة التطوع .
و منها أن يجوز التنقل على الدابة على النزول و أداء الفرض على الدابة مع القدرة على النزول لا يجوز لما ذكرنا فيما تقدم .
و منها : أن القراءة في التطوع في الركعات كلها فرض و المفروض من القراءة في ذوات الأربع من المكتوبات في ركعتين منها فقط حتى لو ترك القراءة في الشفع من الفرض لا يفسد الشفع الثاني بل يقضيها في الشفع الثاني أو يؤديها بخلاف التطوع لما ذكرنا أن كل شفع من التطوع صلاة على حدة و قد روى عن عمر و ابن مسعود وزيد بن ثابت موقوفا عليهم و مرفوعا إلى سول الله A أنه قال : [ لا يصلى بعد صلاة مثلها ] .
قال محمد : تأويله لا يصلي بعد صلاة مثلها من التطوع على هيئة الفريضة في القراءة أي ركعتان بقراءة و ركعتان بغير قراءة أي لا يصلي بعد أربعة الفريضة أربعا من التطوع يقرأ في ركعتين ولا يقرأ في ركعتين و النهي عن الفعل أمر بضده فكان هذا أمرا بالقراءة في الركعات كلها في التطوع و لا يحمل على الممائلة في أعداد الركعات لأن ذلك غير منهي بالإجماع كالفجر بعد الركعتين والظهر بعد الأربع في حق المقيم و الركعتين بعد الظهر في حق المسافر .
و تأويل أبي يوسف : أي لا تعاد الفرائض الفوائت لأنه في بداية الإسلام كانت الفرائض تقضى ثم تعاد من الغد لوقتها فنهى النبي عن ذلك و مصداق هذا التأويل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها أو استيقظ من الغد لوقتها ] ثم نسخ هذا الحديث بقوله : [ لا يصلى بعد صلاة مثلها ] و يمكن حمل الحديث على النهي عن قضاء الفرض بعد أدائه مخافة دخول فساد فيه بحكم الوسوسة و تكون فائدة الحديث على هذا التأويل وجوب دفع الوسوسة و النهي عن اتباعها و يجوز أن يحمل الحديث على النهي عن تكرار الجماعة في مسجد واحد و على هذا التأويل يكون الحديث حجة لنا على الشافعي C تعالى في تلك المسألة و الله أعلم .
و منها : أن القعدة على رأس الركعتين في ذوات الأربع في الفرائض ليست بفرض بلاخلاف حتى لا يفسد تركها و في التطوع اختلاف على ما مر و لو قام إلى الثالثة قبل أن يقعد ساهيا في الفرض فإن استتم قائما لم يعد و إن لم يستتم قائما عاد و سجد سجدتي السهو .
و أما في التطوع فقد ذكر محمد C تعالى أنه إذا نوى أن يتطوع أربع ركعات و قام و لم يستتم قائما أنه يعود و لم يذكر أنه إذا استتم قائما هل يعود أم لا ؟ .
قال بعض مشايخنا : لا يعود استحسانا لأنه لما نوى الأربع التحق بالظهر و بعضهم قال : يعود لأن كل شفع صلاة على حدة و الأول أوجه و لو كان نوى أن يتطوع بركعتين فقام من الثانية إلى الثالثة قبل أن يقعد فيعود ههنا بلا خلاف بين مشايخنا لأن كل شفع بمنزلة صلاة الفجر .
و منها : أن الجماعة في التطوع ليست بسنة إلا في قيام رمضان و في الفرض واجبة أو سنة مؤكدة لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجده إلا المكتوبة ] .
و روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي ركعتي الفجر في بيته ثم يخرج إلى السمجد ] و لأن الجماعة من شعائر الإسلام و ذلك مختص بالفرائض أو الواجبات دون التطوعات و إنما عرفنا الجماعة سنة في التراويح بفعل رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى و إجماع الصحابة Bهم فإنه روي [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى التراويح في المسجد ليلتين و صلى الناس بصلاته ] و عمر Bه في خلافته استشار الصحابة أن يجمع الناس على قارئ واحد فلم يخالفوه فجمعهم على أبي بن كعب .
و منها : أن التطوع غير مؤقت بوقت خاص و لا مقدر بمقدار مخصوص فيجوز في أي وقت كان على أي مقدار كان إلا أنه يكره في بعض الأوقات و على بعض المقادير على ما مر و الفرض مقدر بمقدار خاص مؤقت بأوقات مخصوصة فلا يجوز الزيادة على قدره و تخصيص جوازه ببعض الأوقات دون بعض على ما مر في موضعه .
و منها : أن التطوع يتأدى بمطلق النية والفرض لا يتأدى إلا بتعيين النية و قد ذكرنا الفرق في موضعه .
و منها : أن مراعاة الترتيب يختص بالفرائض دون التطوعات حتى لو شرع في التطوع ثم تذكر فائته مكتوبة لم يفسد تطوعه و لو كان في الفرض تفسد الفريضة لأن المفسد للفرض كونه مؤديا للفرض قبل وقته و ليس للتطوع وقت مخصوص بخلاف الفرض و لأنه لو تذكر فائتة عليه في صلاة الفرض ينقلب فرضه تطوعا و لا يبطل أصلا فإذا تذكر في التطوع لأن يبقى تطوعا و لا يبطل كان أولى و الله أعلم