وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل في سنة الدفن .
فصل : و أما سنة الدفن : فالسنة عندنا أن يدخل الميت من قبل القبلة و هو أن توضع الجنازة في جانب القبلة من القبر و يحمل منه الميت فيوضع في اللحد و قال الشافعي C تعالى : السنة أن يسل إلى قبره و صورة السل أن توضع الجنازة على يمين القبلة و تجعل رجلا الميت إلى القبر طولا ثم تؤخذ رجله و تدخل رجلاه في القبر و يذهب به إلى أن تصير رجلاه إلى موضعهما و يدخل رأسه القبر احتج بما روي عن ابن عباس Bهما أن النبي صلى الله عليه و سلم أدخل في القبر سلا .
و قال الشافعي C تعالى في كتابه و هذا أمر مشهور يستغنى فيه عن رواية الحديث نقلته العامة عن العامة بلا خلاف بينهم .
و لنا ما روي [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ أبا دجانة من قبل القبلة ] و روي [ عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم أدخل في القبر من قبل القبلة ] فصار هذا معارضا لما رواه الشافعي على أنا نقول : : أنه صلى الله عليه و سلم إنما أدخل إلى القبر سلا لأجل الضرورة لأن النبي صلى الله عليه و سلم مات في حجرة عائشة من قبل الحائط و كانت السنة في دفن الأنبياء عليهم السلام في الموضع الذي قبضوا فيه فكان قبره لزيق الحائط و اللحد تحت الحائط فتعذر إدخاله من قبل القبلة فسل إلى قبره سلا لهذه الضرورة .
و عن ابن عباس و ابن عمر Bهما قالا : يدخل الميت قبره من قبل القبلة و لأن جانب القبلة مكان معظم فكان إدخاله من هذا الجانب أولى و قول الشافعي هذا أمر مشهور .
قلنا : روي عن أبي حنيفة عن حماد رحمهما الله تعالى عن إبراهيم النخعي أنه قال : حدثني من رأى أهل المدينة في الزمن الأول أنهم كانوا يدخلون الميت من قبل القبلة ثم أحدثوا السل لضعف أراضيهم بالبقيع فإنها كانت أرضا سبخة و الله أعلم و لا يضر وتر دخل قبره أم شفع عندنا .
و قال الشافعي C تعالى : السنة هي الوتر اعتبارا بعدد الكفن و الغسل و الأجمار .
و لنا : ما روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم لما دفن أدخله العباس و الفضل بن العباس و صهيب Bهم ] و قيل : في الرابع إنه المغيرة بن شعبة و قيل إنه أبو رافع فدل أن الشفع سنة و لأن الدخول في القبر للحاجة إلى الوضع فيقدر بقدر الحاجة و الوتر و الشفع فيه سواء و لأنه مثل حمل الميت و يحمله على الجنازة أربعة عندنا و عنده : اثنان و إن كان شفعا فكذا ههنا .
و ما ذكر من الاعتبار غير سديد لانتقاضه بحمل الجنازة و مخالفته فعل الصحابة Bهم مع أنه لا يظن بهم ترك السنة خصوصا في دفن النبي صلى الله عليه و سلم و يكره أن يدخل الكافر قبر أحد من قرابته من المؤمنين لأن الموضع الذي فيه الكافر تنزل فيه السخطة و اللعنة فينزه قبر المسلم عن ذلك و إنما يدخل قبره المسلمون ليضعوه على سنة المسلمين و يقولوا عند وضعه باسم الله و على ملة رسول الله و إذا وضع في اللحد قال واضعه : باسم الله و على ملة رسول الله .
و ذكر الحسن في المجرد عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أن يقول : باسم الله و في سبيل الله و على ملة رسول الله لما روي [ عن عبد الله بن عمر أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل ميتا قبره وضعه في اللحد قال : باسم الله و على ملة رسول الله ] .
و هكذا روي عن علي أنه كان إذا دفن ميتا أو نام قال : باسم الله و بالله و على ملة رسول الله و كان يقول : النوم وفاة .
قال الشيخ أبو منصور الماتريدي معنى هذا : باسم الله دفناه و على ملة رسول الله دفناه و ليس هذا بدعاء للميت لأنه إذا مات على ملة رسول الله لم يجز أن تبدل عليه الحالة و إن مات على غير ذلك لم يبدل إلى ملة رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و لكن المؤمنين شهداء في الأرض فيشهدون بوفاته على الملة و على هذا جرت السنة و يوضع على شقه الأيمن متوجها إلى القبلة لما روي عن علي عن علي Bه أنه قال : شهد رسول الله صلى الله عليه و سلم جنازة رجل فقال : يا علي استقبل به استقبالا و قولوا جميعا : باسم الله و على ملة رسول الله وضعوه لجنبه و لا تكبوه لوجهه و لا تلقوه لظهره و تحل عقد أكفانه إذا وضع في القبر لأنها عقدت لأنها لئلا تنتشر أكفانه و قد زال هذا المعنى بالوضع .
و لو وضع لغير القبلة فإن كان قبل إهالة التراب عليه و قد سرحوا اللبن أزالوا ذلك لأنه ليس بنبش و إن أهيل عليه التراب ترك ذلك لأن النبش حرام و لا يدفن الرجلان أو أكثر في قبر واحد .
هكذا جرت السنة من لدن آدم إلى يومنا هذا فإن احتاجوا إلى ذلك قدموا أفضلهما و جعلوا بينهما حاجزا من الصعيد لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنه أمر بدفن قتلى أحد ] و كان يدفن في القبر رجلان أو ثلاثة و قال : [ قدموا أكثرهم قرآنا ] و إن رجل و امرأة قدم الرجل مما يلي القبلة و المراة خلفه اعتبارا بحال الحياة .
و لو اجتمع رجل و امرأة و صبي و خنثى و صبية دفن الرجل مما يلي القبلة ثم الصبي خلفه ثم الخثنى ثم الأنثى ثم الصبية لأنهم هكذا يصطفون خلف الإمام حالة الحياة و هكذا توضع جنائزهم عند الصلاة عليها فكذا في القبر و يسجى قبر المرأة بثوب لما روي أن فاطمة Bها سجي قبرها بثوب و نعش على جنازتها .
لأن مبنى حالها على الستر فلو لم يسج ربما انكشفت عورة المرأة فيقع بصر الرجال عليها و لهذا يوضع النعش على جنازتها دون جنازة الرجل و ذو الرحم المحرم أولى بإدخال المرأة القبر من غيره لأنه يجوز له مسها حالة الحياة فكذا بعد الموت و كذا ذو الرحم المحرم منها أولى من الأجنبي و لو لم يكن فيهم ذو رحم فلا بأس للأجانب وضعها في قبرها و لا يحتاج إلى إتيان النساء للوضع .
و أما قبر الرجل فلا يسجى عندنا .
و عند الشافعي C تعالى : يسجى احتج بما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم و قبر سعد بن معاذ و معه أسامة بن زيد فسجى قبره و لنا : ما روي عن علي أنه مر بميت يدفن و قد سجي قبره فنزع ذلك عنه و قال : إنه رجل و في رواية قال : لا تشبهوه بالنساء .
و أما حديث سعد بن معاذ : فيحتمل أنه إنما سجي لأن الكفن كان لا يعمه فستر القبر حتى لا يبدو منه شيء و يحتمل أنه كان لضرورة أخرى من دفع مطر أو حر عن الداخلين في القبر .
و عندنا : لا بأس بذلك في حالة الضرورة و يسنم القبر و لا يرتع .
و قال الشافعي C تعالى : يربع و يسطح لما روى [ المزني بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنه لما توفي ابنه إبراهيم جعل قبره مسطحا ] .
و لنا : ما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال : أخبروني من رأى قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم و قبر أبي بكر و عمر أنها مسنمة .
و روي أن عبد الله بن عباس لما مات بالطائف صلى عليه محمد بن الحنيفة و كبر عليه أربعا و جعل له لحدا و أدخله القبر من قبل القبلة و جعل قبره مسنما و ضرب عليه فسطاطا و لأن التربيع من صنيع أهل الكتاب و التشبيه بهم فيما منه بد مكروه و ما روي من الحديث محمول على أنه سطح قبره أولا ثم جعل التسنيم في وسطه حملناه على هذا الدليل ما روينا و مقار التسنيم أن يكون مرتفعا من الأرض قدر شبر أو أكثر قليلا .
و يكره تجصيص القبر و تطيينه و كره أبو حنيفة البناء على القبر و إن يعلم بعلامة و كره أبو يوسف الكتابة عليه ذكره الكرخي لما روي [ عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا تجصصوا القبور و لا تبنوا عليها و لا تقعدوا و لا تكتبوا عليها ] و لأن ذلك من باب الزينة و لا حاجة بالميت إليها و لأنه تضييع المال بلا فائدة فكان مكروها و يكره أن يزاد على تراب القبر الذي خرج منه لأن الزيادة بمنزلة البناء و لا باس برش الماء على القبر لأنه تسوية له .
و روي عن أبي يوسف C تعالى : أنه كره الرش لأنه يشبه التطيين و كره أبو حنيفة C تعالى أن يوطأ على قبر أو يجلس عليه أو ينام عليه أو تقضى عليه حاجة من بول أو غائط لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أنه نهى عن الجلوس على القبور ] و يكره أن يصلي على القبر لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أنه نهى أن يصلى على القبر ] .
قال أبو حنيفة C تعالى : و لا ينبغي أن يصلي على ميت بين القبور و كان علي و ابن عباس يكرهان ذلك و إن صلوا أجزأهم لما روي أنهم صلوا على عائشة و أم سلمة بين مقابر البقيع و الإمام أبو هريرة و فيهم عمر و لا بأس بزيارة القبور و الدعاء للأموات إن كانوا مؤمنين من غير وطء القبور لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ] و لعمل الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا