وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان من يكون شهيدا .
و في الجملة كل قتل يتعلق به وجوب القصاص كان شهيدا .
و قال الشافعي C تعالى : لا يكون شهيدا و احتج بما روي أن عمر و عليا غسلا و لأن هذا قتيل أخلف بدلا و هو المال أو القصاص فما هو في معنى شهداء أحد كالقتيل خطأ أو شبه عمد .
و لنا : أن وجوب هذا البدل دليل انعدام الشبهة و تحقق الظلم من جميع الوجوه إذ لا يجب القصاص مع الشبهة فصار في معنى شهداء أحد بخلاف ما إذا أخلف بدلا هو مال لأن ذلك أمارة خفة الجناية لأن المال لا يجب إلا عند تحقق الشبهة في القتل فلم يكن في معنى شهداء أحد و لأن الدية بدل عن المقتول فإذا وصل إليه البدل صار المبدل كالباقي من وجه لبقاء بدله فأوجب خللا في الشهادة فأما القصاص فليس ببدل عن المحل بل هو جزاء الفعل على طريق المساواة فلا يسقط به حكم الشهادة و إنما غسل عمر و علي لأنهما ارتثا و الارتثاث يمنع الشهادة على ما نذكر .
و لو وجد قتيل في محلة أو موضع يجب فيه القسامة و الدية لم يكن شهيدا لما قتلنا و لو وجب القصاص ثم انقلب مالا بالصلح لا تبطل شهادته لأنه لم يتبين أنه أخلف بدلا هو مال و كذا الأب إذا قتل ولده عمدا كان شهيدا لأن أخلف القصاص ثم انقلب مالا و فائدة الوجوب شهادة المقتول .
و منها : أن لا يكون مرتثا في شهادته و هو أن لا يخلق شهادته مأخوذ من الرث و هو الخلق و الأصل فيه ما روي : أن عمر Bه لما طعن حمل إلى بيته فعاش يومين ثم مات فغسل و كان شهيدا و كذا علي حمل حيا بعد ما طعن ثم مات فغسل و كان شهيدا و عثمان أجهز عليه في مصرعه و لم يرتث فلم يغسل و سعد بن معاذ ارتث فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ بادروا إلى غسل صاحبكم سعد كيلا تسبقنا الملائكة بغسله كما سبقتنا بغسل حنظلة ] و لأن شهداء أحد ماتوا على مصارعهم و لم يرتثوا حتى روي أن الكأس كان يدار عليهم فلم يشربوا خوفا من نقصان الشهادة فإذا ارتث لم يكن في معنى شهداء أحد و هذا لأنه لم ارتث و نقل من مكانه يزيده النقل ضعفا و يوجب حدوث آلام لم تحدث لولا النقل و الموت يحصل عقيب ترادف الآلام فيصير النقل مشاركا للجراحة في إثارة الموت و لو تم الموت بالنقل لسقط الغسل و لو تم بإيلام سوى الجرح لا يسقط فلا يسقط بالشك و لأن القتل لم يتمحض بالجرح بل حصل به و بغيره و هو النقل و الجرح محظور و النقل مباح فلم يمتب سبب تمحض حراما فلم يصر في معنى شهداء أحد ثم المرتث من خرج عن صفة القتلى و صار إلى حال الدنيا بأن جرى عليه شيء من أحكامها أو وصل إليه شيء من منافعها و إذا عرف هذا فنقول : من حمل من المعركة حيا ثم مات في بيته أو على أيدي الرجال فهو مرتث و كذلك إذا أكل أو شرب أو باع أو ابتاع أو تكلم بكلام طويل أو قام من مكانه ذلك أو تحول من مكانه إلى مكان آخر و بقي على مكانه ذلك حيا يوما كاملا أو ليلة كاملة و هو يعقل فهو مرتث .
و روي عن أبي يوسف C تعالى إذا بقي وقت صلاة كامل حتى صارت الصلاة دينا في ذمته و هو يعقل فهو مرتث و إن بقي في مكانه لا يعقل فليس بمريث .
و قال محمد C تعالى : إن بقي يوما فهو مرتث و لو أوصى كان ارتثاثا عند أبي يوسف C تعالى خلافا لمحمد و قيل لا خلاف بينهما في الحقيقة فجواب أبي يوسف C تعالى خرج فيما إذا أوصى بشيء من أمور الدنيا و ذلك يوجب الارتثاث بالإجماع لأن الوصية بأمور الدنيا من أحكام الدنيا و مصالحها فينقض ذلك معنى الشهادة .
و جواب محمد C تعالى محمول على ما إذا أوصى بشيء من أمور الآخرة و ذلك لا يوجب الارتثاث بالإجماع كوصية سعد بن الربيع و هو ما روي أنه لما أصيب المسلمون يوم أحد و وضعت الحرب أوزارها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ هل من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع فنظر عبد الله بن عبد الرحمن من بني النجار فوجده جريحا في القتلى و به رمق فقال له : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات فقال : أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم عني السلام و قل له إن سعد بن الربيع يقول : جزاك الله عنا خير ما يجزي نبي عن أمته و أبلغ قومك عني السلام و قل لهم : إن سعدا يقول : لا عذر لكم عند الله تعالى أن يخلص إلى نبيكم و فيكم عين تطرف قال : ثم لم أبرح حتى مات فلم يغسل و صلي عليه ] .
و ذكر في الزيادات أنه إن أوصى بمثل وصية سعد بن معاذ فليس بارتثاث و الصلاة ارتثاث لأنها من أحكام الدنيا و لو جر برجله من بين الصفين حتى تطؤه الخيول فمات مرتثا لأنه ما نال شيئا من راحة الدنيا بخلاف ما إذا مرض في خيمته أو في بيته لأنه قد نال الراحة بسبب ما مرض فصار مرتثا ثم المرتث و إن لم يكن شهيدا في حكم الدنيا فهو شهيدا في حكم الدنيا فهو شهيد في حق الثواب حتى أنه ينال ثواب الشهداء كالغريق و الحريق و المبطون و الغريب أنهم شهداء بشهادة رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم بالشهادة و إن لم يظهر حكم شهادتهم في الدنيا .
و منها : كون المقتول مسلما فإن كان كافرا كالذمي إذا خرج مع المسلمين للقتال فقتل يغسل لأن سقوط الغسل عن المسلم إنما ثبت كرامة له و الكافر لا يستحق الكرامة .
و منها : كون المقتول مكلفا هو شرط صحة الشهادة في قول أبي حنيفة C تعالى فلا يكون الصبي و المجنون شهدين عنده و عند أبي يوسف و محمد رحمهما الله تعالى ليس بشرط و يلحقهما حكم الشهادة .
وجه قولهما : أنه مقتول ظلما و لم يخلف بدلا هو مال فكان شهيدا كالبالغ العاقل و لأن القتل ظلما لما أوجب تطهير من ليس بطاهر لارتكابه المعاصي و الذنوب فلأن يوجب تطهير من هو طاهر أولى .
و لأبي حنيفة C تعالى : أن النص ورد بسقوط الغسل في حقهم كرامة لهم فلا يجعل واردا فيمن لا يساويهم في استحقاق الكرامة و ما ذكروا من معنى الطهارة غير سديد لأن سقوط الغسل غير مبني على الطهارة بدليل أن الأنبياء صلوات الله عليهم غسلوا و رسولنا سيد البشر صلى الله عليه و سلم غسل و الأنبياء أطهر خلق الله تعالى فلا وجه لتعليق ذلك بالتطهير مع أنه لا ذنب للصبي يطهره السيف فكان القتل في حقه و الموت حتف أنفه سواء .
و منها : الطهارة عن الجنابة شرط في قول أبي حنيفة C تعالى و عندهما : ليس بشرط حتى لو قتل جنبا لم يكن شهيدا عنده خلافا لهما .
وجه قولهما : أن القتل على طريق الشهادة أقيم مقام الغسل كالذكاة أقيمت مقام غسل العروق بدليل أنه يرفع الحدث .
و لأبي حنيفة : ما روي أن حنظلة استشهد جنبا فغسلته الملائكة حتى قال [ رسول الله صلى الله عليه و سلم إن صاحبكم لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما باله ؟ فسئلت صاحبته فقالت : خرج و هو جنب حين سمع الهيعة فقال صلى الله عليه و سلم لذلك غسلته الملائكة ] أشار إلى أن الجنابة علة الغسل و المعنى فيه إن الشهادة عرفت مانعة من حلول نجاسة الموت لا رافعة لنجاسة كانت كالذكاة فإنها تمنع من حلول نجاسة الموت فيما كان حلالا إما لا ترفع حرمة كانت ثابتة و هذا لأنها عرفت مانعة بخلاف القياس فلا تكون رافعة لأن المنع أدون من الرفع فأما الحدث فإنما تعرفه ضرورة المنع لأن الموت لا يخلو عن الحدث إذا لا بد من زوال العقل سابقا على الموت فيثبت الحدث لا محالة و الشهادة مانعة من نجاسة الموت فلو لم يرتفع الحدث بالشهادة لاحتيج إلى غسل أعضاء الطهارة فلم يظهر أثر منع الشهادة حلول النجاسة فقلنا : إن الشهادة ترفع ذلك الحدث لهذه الضرورة و لا ضرورة في الجناية لأنها لا توجد لا محالة لينعدم أثر الشهادة بل يوجد في الندرة فلم يرفع .
و أما الحائض و النفساء إذا استشهدتا فإن كان ذلك بعد انقطاع الدم و طهارتهما قبل الاغتسال فالكلام فيهما و في الجنب سواء و إن كان قبل انقطاع الدم فعن أبي حنيفة C تعالى فيه روايتان في رواية يغسلان كالجنب لوجود شرط الاغتسال و هو الحيض و النفاس و في رواية : لا يغسلان لأنه لم يكن وجب بعد قبل الموت قبل انقطاع الدم فلو وجب وجب بالموت و الاغتسال الذي يجب بالموت يسقط بالشهادة و لا تشترط الذكورة لصحة الشهادة بالإجماع لأن النساء مخاطبات يخاصمن يوم القيامة من قتلهن فيبقى عليهن أثر الشهادة ليكون شاهدا لهن كالرجال و الله أعلم .
و إذا عرف شرائط فنقول : إذا قتل الرجل في المعركة أو غيرها و هو يقاتل أهل الحرب أو قتل مدافعا عن نفسه أو ماله أو أهله أو واحد من المسلمين أو أهل الذمة فهو شهيد سواء قتل بسلاح أو غيره لاستجماع شرائط الشهادة في حقه فالتحق بشهداء أحد و كذلك إذا صار مقتولا من جهة قطاع الطريق لأنه قتل ظلما لم يخلف بدلا هو مال دل عليه قوله عليه الصلاة و السلام [ من قتل دون ماله فهو شهيد ] و هذا قتل دون ماله فيكون شهيدا بشهادة النبي صلى الله عليه و سلم و كذا إذا قتل في محاربة أهل البغي و عند الشافعي C تعالى يغسل في أحد قوليه لأن على أحد قوليه يجب القصاص على الباغي فهذا قتيل أخلف بدلا و هو القصاص و هذا يمنع الشهادة عنده على ما مر .
و لنا : ما روي عن عمار أنه لما استشهد بصفين تحت راية علي فقال : لا تغسلوا عني دما و لا تنزعوا عني ثوبا فإني ألتقي و معاوية بالجادة و كان قتيل أهل البغي على ما قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ تقتلك الفئة الباغية ] و روي ان ابن زيد بن صوحان لما استشهد يوم الجمل فقال : لا تغسلوا عني دما و لا تنزعوا عني ثوبا فإني رجل محاج أحاج يوم القيامة من قتلني .
و عن علي Bه أنه كان لا يغسل من قتل من أصحابه و لأنه في معنى شهداء أحد لأنه قتل قتلا تمحض ظلما و لم يخلف بدلا هو مال و وجوب القصاص في قتل الباغي ممنوع و عليه إجماع الصحابة Bهم إن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو باطل و قتيل غير الباغي و إن وجب عليه القصاص لكن ذلك أمارة تغلظ الجناية على ما مر فلا يوجب قدحا في الشهادة بخلاف وجوب الدية و لو وجد في المعركة فإن لم يكن به أثر القتل من جراحة أو خنق أو ضرب أو خروج دم لم يكن شهيدا لأن المقتول إنما يفارق الميت حتف أنفه بالأثر فإذا لم يكن به أثر فالظافر أنه لم يكن بفعل مضاف إلى العدو بل لما التقى الصفان انخلع قناع قلبه من شدة الفزع و قد يبتلى الجبان بهذا فإن كان به أثر القتل كان شهيدا لأن الظاهر أن موته كان بذلك السبب و إنه كان من العدو .
و الأصل : أن الحكم متى ظهر عقيب سبب يحال عليه وإن كان الدم يخرج من محارقه ينظر إن كان موضعا يخرج الدم منه من غير آفة في الباطن كالأنف والذكر و الدبر لم يكن شهيدا لأن المرء قد يبتلى بالرعاف و قد يبول دما لشدة الفزع و قد يخرج الدم من الدبر من غير جرح في الباطن فوقع الشك في سقوط الغسل فلا يسقط بالشك و إن كان الدم يخرج من أذنه أو عينه كان شهيدا لأن الدم لا يخرج من هذين الموضعين عادة إلا لآفة في الباطن فالظاهر أنه ضرب على رأسه حتى خرج الدم من أذنه أو عينه و إن كان الدم يخرج من فمه فإن كان ينزل من رأسه لم يكن شهيدا لأن ما ينزل من الرأس فنزوله من جانب الفم أو من جانب الأنف سواء و إن كان شهيدا لأن الدم لا يصعد من الجوف إلا لجرح في الباطن و إنما نميز بينهما بلون الدم و الله أعلم .
و لو وجد في عسكر المسلمين فإن كانوا لقوا العدو فهو شهيد و ليس فيه قسامة و لا دية لأنه قتيل العدو ظاهرا كما لو وجد قتيلا في المعركة و إن كانوا لم يلقوا العدو لم يكن شهيدا لأنه ليس قتيل العدو .
ألا ترى أن فيه القسامة و الدية و لو وطئته دابة العدو و هم راكبوها أو سائقوها أو قائدوها فمات أو نفر العدو دابته أو نخسها فألقته فمات أو رماه العدو بالنار فاحترق أو كان المسلمون في سفينة فرماهم العدو بالنار فاحترقوا أو تعدى هذا الحريق إلى سفينة أخرى فيها مسلمون فاحترقوا أو سيلوا عليهم الماء حتى غرقوا أو ألقوهم في الخندق أو من السور بالطعن بالرمح و الدفع حتى ماتوا أو ألقوا عليهم الجدار كانوا شهداء لأن موتهم حصل بفعل مضاف إلى العدو فيلحقهم حكم الشهادة .
و لو نفرت دابة مسلم من دابة العدو أو من سوادهم من غير تنفير منهم فألقته فمات أو انهزم المسلمون فالقوا أنفسهم في الخندق أو من السور حتى ماتوا لم يكونوا شهداء لأن موتهم غير مضاف إلى فعل العدو و كذلك إذا حمل على العدو فسقط عن فرسه أو كان المسلمون ينقبون عليهم الحائط فسقط عليهم فماتوا لم يكونوا شهداء عند محمد خلافا لأبي يوسف و أصل محمد C تعالى في الزيادات في هذه المسائل أصلا فقال : إذا صار مقتولا بفعل ينسب إلى العدو كان شهيدا و إلا فلا و الأصل عند أبي يوسف أنه إذا صار مقتولا بعمل الحراب و القتال كان شهيدا و إلا فلا سواء كان منسوبا إلى العدو أو لا و الأصل عند الحسن بن زياد أنه صار مقتولا بمباشرة العدو بحيث لو وجد ذلك القتل فيما بين المسلمين في دار الإسلام لا يخلو عن وجوب قصاص أو كفارة كان شهيدا و إذا صار مقتولا بالتسبب لم يكن شهيدا و جنس هذه المسائل في الزيادات