وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

دين الزكاة .
و أما الزكاة الواجبة في النصاب أو دين الزكاة بأن أتلف مال الزكاة حتى انتقل من العين إلى الذمة فكل ذلك يمنع وجوب الزكاة في قول أبي حنيفة و محمد سواء كان في الأموال الظاهرة أو الباطنية .
و قال زفر : لا يمنع كلاهما .
و قال أبو يوسف : وجوب الزكاة في النصاب يمنع فأما دين الزكاة فلا يمنع هكذا ذكر الكرخي قول زفر و لم يفصل بين الأموال الظاهرة و الباطنة .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أن هذا مذهبه في الأموال الباطنة من الذهب و الفضة و أموال التجارة و وجه هذا القول ظاهر لأن الأموال الباطنة الإمام لا يطالب الإمام بزكاتها فلم يكن لزكاتها مطالب من جهة العباد سواء كانت في العين أو في الذمة فلا يمنع وجوب الزكاة كديون الله تعالى من الكفارات و النذور و غيرها بخلاف الأموال الظاهرة لأن الإمام يطالب بزكاتها و أما وجه قوله الآخر فهو أن الزكاة قربة فلا يمنع وجوب الزكاة كدين النذور و الكفارات .
و لأبي يوسف : الفرق بين وجوب الزكاة و بين دينها هو : أن دين الزكاة في الذمة لا يتعلق بالنصاب فلا يمنع الوجوب كدين الكفارات و النذور و أما وجوب الزكاة فمتعلق بالنصاب إذ الواجب جزء من النصاب و استحقاق جزء من النصاب يوجب النصاب إذ المستحق كالمصروف .
و حكي أنه قيل لأبي يوسف : ما حجتك على زفر ؟ فقال : ما حجتي على من يوجب في مائتي درهم أربعمائة درهم و الأمر على ما قاله أبو يوسف لأنه إذا كان له مائتا درهم فلم يؤد زكاتها سنين كثيرة يؤدي إلى إيجاب الزكاة في المال أكثر منه بأضعافه و أنه قبيح و لأبي حنيفة و محمد أن كل ذلك دين مطالب به من جهة العباد .
أما زكاة السوائم : فلأنها يطالب بها من جهة السلطان عينا كان أو دينا و لهذا يستحلف إذا أنكر الحول أو أنكر كونه للتجارة أو ما أشبه ذلك فصار بمنزلة ديون العباد .
و أما زكاة التجارة : فمطالب بها تقديرا لأن حق للسلطان و كان يأخذها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر Bهما إلى زمن عثمان Bه فلما كثرت الأموال في زمانه و علم أن في تتبعها زيادة ضرر بأربابها رأى المصلحة في أن يفوض الأداء إلى أربابها بإجماع الصحابة فصار أرباب الأموال كالوكلاء عن الإمام .
ألا ترى أنه قال : من كان عليه دين فليؤده و ليزك ما بقي من ماله فهذا توكيل لأرباب الأموال بإخراج الزكاة فلا يبطل حق الإمام عن الأخذ .
و لهذا قال أصحابنا : إن الإمام إذا علم من أهل بلدة أنهم يتركون أداء الزكاة من الأموال الباطنة فإنه يطالبهم بها لكن إذا أراد الإمام أن يأخذها بنفسه من غير تهمة الترك من أربابها ليس له ذلك لما فيه من مخالفة إجماع الصحابة Bهم .
و بيان ذلك : أنه إذا كان لرجل مائتا درهم أو عشرون مثقال ذهب فلم يؤد زكاته سنتين يزكي السنة الأولى و ليس عليه للسنة الثانية شيء عند أصحابنا الثلاثة .
و عند زفر : يؤدي زكاة سنتين و كذا هذا في مال التجارة و كذا في السوائم إذا كان له خمس من الإبل السائمة مضى عليها سنتان و لم يؤد زكاتها أنه يؤدي زكاة السنة الأولى و ذلك شاه و لا شيء عليه للسنة الثانية و لو كانت عشرا و حال عليها حولان يجب للسنة الأولى شاتان و للسنة الأولى شاتان و للثانية شاة و لو كانت الإبل خمسا و عشرين يجب للسنة الأولى بنت مخاض و للسنة الثانية أربع شياه و لو كان له ثلاثون من البقر السوائم يجب للسنة الأولى تبيع أو تبيعة و لا شيء للسنة الثانية و إن كانت أربعين يجب للسنة الأولى مسنة و للثانية تبيع أو تبيعة و إن كان له أربعون من الغنم عليه للسنة الأولى شاة و لا شيء للسنة الثانية و إن كانت مائة و إحدى و عشرين عليه للسنة الأولى شاتان و للسنة الثانية شاة .
و لو لحقه دين مطالب به من جهة العباد في خلال الحول هل ينقطع حكم الحول ؟ .
قال أبو يوسف : لا ينقطع حتى إذا سقط بالقضاء أو بالإبراء قبل تمام الحول تلزمه الزكاة إذا تم الحول .
و قال زفر ينقطع الحول بلحوق الدين و المسألة مبنية على نقصان النصاب في خلال الحول لأن بالدين ينعدم كون المال فاضلا عن الحاجة الأصلية فتنعدم صفة الغنى في المالك فكان نظير نقصان النصاب في أثناء الحول و عندنا نقصان النصاب في خلال الحول لا يقطع الحول و عند زفر يقطع على ما نذكر فهذا مثله .
و أما الديون التي لا مطالب لها من جهة العبادات كالنذور و الكفارات و صدقة الفطر و وجوب الحج لا يمنع وجوب الزكاة لأن أثرها في حق أحكام الآخرة و هو الثواب بالأداء و الإثم بالترك فأما لا أثر له في أحكام الدنيا ألا ترى أنه لا يجبر و لا يحبس فلا يظهر في حق حكم من أحكام الدنيا فكانت ملحقة بالعدم في حق أحكام الدنيا .
ثم إذا كان على الرجل دين و له مال الزكاة و غيره من عبيد الخدمة و ثياب البذلة و دور السكنى فإن الدين يصرف إلى مال الزكاة عندنا سواء كان من جنس الدين أو لا و لا يصرف إلى غير مال الزكاة و إن كان من جنس الدين .
و قال زفر : يصرف الدين إلى الجنس و إن لم يكن مال الزكاة حتى أنه لو تزوج امرأة على خادم بغير عينة و له مائتا درهم و خادم فدين المهر يصرف إلى المائتين دون الخادم عندنا و عنده يصرف إلى الخادم .
وجه قول زفر : أن قضاء الدين من الجنس أيسر فكان الصرف إليه أولى .
و لنا : أن عين مال الزكاة مستحق كسائر الحوائج و مال الزكاة فاضل عنها فكان الصرف غليه أيسر و أنظر بأرباب الأموال و لهذا لا يصرف إلى ثياب بدنه و قوته و قوت عياله و إن كان من جنس الدين لما قلنا .
و ذكر محمد في الأصل أرأيت لو تصدق عليه لم يكن موضعا للصدقة و معنى هذا الكلام إن مال الزكاة مشغول بحاجة الدين فكان ملحقا بالعدم و ملك الدار و الخادم لا يحرم عليه أخذ الصدقة فكان فقيرا و لا زكاة على الفقير و لو كان في يده من أموال الزكاة أنواع مختلفة من الدراهم و الدنانير و أموال التجارة و السوائم فإنه يصرف الدين إلى الدراهم و الدنانير و أموال التجارة دون السوائم لأن زكاة هذه الجملة يؤديها أرباب الأموال و زكاة السوائم يأخذها الإمام و ربما يقصرون في الصرف إلى الفقراء ضنا بمالهم فكان صرف الدين إلى الأموال الباطنة ليأخذ السلطان زكاة السوائم نظرا للفقراء و هذا أيضا عندنا .
و على قول زفر : يصرف الدين إلى الجنس و إن كان من السوائم حتى إن من تزوج امرأة على خمس من الإبل السائمة بغير أعيانها و له أموال التجارة و إبل سائمة فإن عنده يصرف المهر إلى الإبل و عندنا يصرف إلى مال التجارة لما مر .
و ذكر الشيخ الإمام السرخسي : أن هذا إذا حضر المصدق فإن لم يحضر فالخيار لصاحب المال إن شاء صرف الدين إلى السائمة و أدى الزكاة من الدراهم و إن شاء صرف الدين إلى الدراهم و أدى الزكاة من السائمة لأن في حق صاحب المال هما سواء لا يختلف و إنما الاختلاف في حق المصدق فإن له ولاية أخذ الزكاة من السائمة دون الدراهم فلهذا إذا حضر صرف الدين إلى الدراهم و أخذ الزكاة من السائمة فأما إذا لم يكن له مال الزكاة سوى السوائم فإن الدين يصرف إليها و لا يصرف إلى أموال البذلة لما ذكرنا ثم ينتظر إن كان له أنواع مختلفة من السوائم فإن الدين يصرف إلى أقلها زكاة حتى يجب الأكثر نظرا للفقراء بأن كان له خمس من الإبل و ثلاثون من البقر و أربعون شاة فإن الدين يصرف إلى الإبل أو الغنم دون البقر حتى يجب التبيع لأنه أكثر قيمة من الشاة و هذا إذا صرف الدين إلى الإبل و الغنم بحيث لا يفضل شيء منه فأما إذا استغرق أحدهما و فضل منه شيء و إن صرف إلى البقر لا يفضل منه شيء فإنه يصرف إلى البقر لأنه إذا فضل شيء منه يصرف إلى الغنم فانتقص النصاب بسبب الدين فامتنع وجوب شاتين و لو صرف إلى البقر و امتنع وجوب التبيع تجب الشاتان لأنه لو صرف الدين إلى الغنم يبقى نصاب الإبل السائمة كاملا و التبغ أقل قيمة من شاتين .
و لو لم يكن له إلا الإبل و الغنم ذكر في الجامع أن لصاحب المال أن يصرف الدين إلى أيهما شاء لاستوائهما في قدر الواجب و هو الشاة و ذكر في نوادر الزكاة أن للمصدق أن يأخذ الزكاة من الإبل دون الغنم لأن الشاة الواجبة في الإبل ليست من نفس النصاب فلا ينتقص النصاب يأخذها و لو صرف الدين إلى الإبل يأخذ الشاة من الأربعين فينتقص النصاب فكان هذا أنفع للفقراء و لو كان له خمس و عشرون من الإبل و ثلاثون بقرا و أربعون شاة فإن كان الدين لا يفضل عن الغنم يصرف إلى الشاة لأنه أقل زكاة فإن فضل منه ينظر إن كان بنت مخاض وسط أقل قيمة من الشاه و تبيع وسط يصرف إلى الإبل و إن كان أكثر قيمة منها يصرف إلى الغنم و البقر لأن هذا أنفع للفقراء فالمدار على هذا الحرف فأما إذا لم يكن له مال للزكاة فإنه يصرف الدين إلى عروض البذلة و المهنة أولا ثم إلى العقار لأن الملك مما يستحدث في العروض ساعة فساعة فأما العقار فمما لا يستحدث فيه الملك غالبا فكان فيه مراعاة النظر لهما جميعا و الله أعلم