وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بيان من له المطالبة بأداء الواجب في السوائم و الأموال الظاهرة .
فصل : و أما بيان من له المطالبة بأداء الواجب في السوائم و الأموال الظاهرة فالكلام فيه يقع في مواضع في بيان من له ولاية الأخذ و في بيان شرائط ثبوت ولاية الأخذ و في بيان القدر المأخوذ .
أما الأول : فمال الزكاة نوعان : ظاهر و هو المواشي و المال الذي يمر به التاجر على العاشر و باطن : و هو الذهب و الفضة و أموال التجارة في مواضعها أما الظاهر فللإمام و نوابه و هم المصدقون من السعاة و العشار ولاية الأخذ و الساعي هو الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقة المواشي في أماكنها و العاشر هو الذي يأخذ الصدقة من التاجر الذي يمر عليه و المصدق اسم جنس و الدليل على أن للإمام ولاية الأخذ في المواشي و الأموال الظاهرة الكتاب و السنة و الإجماع و إشارة الكتاب .
أما الكتاب فقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } و الآية نزلت في الزكاة عليه عامة أهل التأويل أمر الله عز و جل نبيه بأخذ الزكاة فدل أن للإمام المطالبة بذلك و الأخذ قال الله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها } فقد بين الله تعالى ذلك بيانا شافيا حيث جعل للعاملين عليها حقا فلو لم يكن للإمام أن يطالب أرباب الأموال بصدقات الأنعام في أماكنها و كان أداؤها إلى أرباب الأموال لم يكن لذكر العاملين وجه .
و أما السنة [ فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يبعث المصدقين إلى أحياء العرب و البلدان لأخذ الصدقات من الأنعام و المواشي في أماكنها ] و على ذلك فعل الأئمة من بعده من الخلفاء الراشدين أبي بكر و عمر و عثمان و علي Bهم حتى قال الصديق Bه لما امتنعت العرب عن أداء الزكاة : و الله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاربتهم عليه و ظهر العمال بذلك من بعدهم إلى يومنا هذا .
و كذا المال الباطن إذا مر به التاجر على العاشر كان له أن ياخذ في الجملة لأنه لما سافر به و أخرجه من العمران صار ظاهرا و التحق بالسوائم و هذا لأن الإمام إنما كان له المطالبة بزكاة المواشي في أماكنها لمكان الحماية لأن المواشي في البراري لا تصير محفوظة إلا بحفظ السلطان و حمايته و هذا المعنى موجود في مال يمر به التاجر على العاشر فكان كالسوائم و عليه إجماع الصحابة Bهم فإن عمر Bه نصب العشار و قال لهم : خذوا من المسلم ربع العشر و من الذمي نصف العشر و من الحربي العشر و كان ذلك بمحضر من الصحابة Bهم و لم ينقل أنه أنكر عليه واحد منهم فكان إجماعا .
و روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله بذلك و قال : أخبرني بهذا من سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم و أما المال الباطن الذي يكون في المصر فقد قال عامة مشايخنا : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم طالب بزكاته و أبو بكر و عمر طالبا و عثمان طالب زمانا و لما كثرت أموال الناس و رأى أن في تتبعها حرجا على الأمة و في تفتيشها ضررا بأرباب الأموال فوض الأداء إلى أربابها .
و ذكر إمام الهدى الشيخ أبو منصور الماتريدي السمرقندي C و قال : لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث في مطالبة المسلمين بزكاة الورق و أموال التجارة و لكن الناس كانوا يعطون ذلك و منهم من كان يحمل إلى الأئمة فيقبلون منه ذلك و لا يسألون أحدا عن مبلغ ماله و لا يطالبونه بذلك إلا ما كان من توجيه عمر Bه المشار إلى الأطراف و كان ذلك منه عندنا و الله أعلم عمن بعد داره و شق عليه أن يحمل صدقته إليه و قد جعل في كل طرف من الأطراف عاشر التجار أهل الحرب و الذمة و أمر أن يأخذوا من تجار المسلمين ما يدفعونه إليه و كان ذلك من عمر تخفيفا على المسلمين إلا أن على الإمام مطالبة أرباب الأموال العين و أموال التجارة بأداء الزكاة إليهم سوى المواشي و الأنعام و أن مطالبة ذلك إلى الأئمة إلا أن يأتي أحدهم إلى الإمام بشيء من ذلك فيقبله و لا يتعدى عما جرت به العادة و السنة إلى غيره .
و أما سلاطين زماننا الذين إذا أخذوا الصدقات و العشور و الخراج لا يضعونها مواضعها فهل تسقط هذه الحقوق عن أربابها ؟ اختلف المشايخ فيه : ذكر الفقيه أبو جعفر الهندواني : أنه يسقط ذلك كله و إن كانوا لا يضعونها في أهلها لأن حق الأخذ لهم فيسقط عنا بأخذهم ثم إنهم إن لم يضعوها مواضعها فالوبال عليهم .
و قال الشيخ أبو بكر بن سعيد : إن الخراج يسقط و لا تسقط الصدقات لأن الخراج يصرف إلى المقاتلة و هم يصرفون إلى المقاتلة و يقاتلون العدو ألا ترى أنه لو ظهر العدو فإنهم يقاتلون و يذبون عن حريم المسلمين فأما الزكوات و الصدقات فإنهم لا يضعونها في أهلها .
و قال أبو بكر الإسكاف : إن جميع ذلك يسقط و يعطي ثانيا لأنهم لا يضعونها مواضعها و لو نوى صاحب المال وقت الدفع أنه يدفع إليهم ذلك عن زكاة ماله قيل : يجوز لأنهم فقراء في الحقيقة ألا ترى أنهم لو أدوا ما عليهم من التبعات و المظالم صاروا فقراء .
و روي عن أبي مطيع البلخي : أنه قال : تجوز الصدقة لمعلي بن عيسى بن هامان و كان والى خراسان و إنما قال ذلك لما ذكرناه .
و حكي أن أميرا ببلخ سأل واحدا من الفقهاء عن كفارة يمين لزمته فأمره بالصيام فبكى الأمير و عرف أنه يقول : لو أديت ما عليك من التبعات و المظلمة لم يبق لك سيء .
و قيل : إن السلطان لو أخذ مالا من رجل بغير حق مصادرة فنوى صاحب المال وقت الدفع أن يكون ذلك عن زكاة ماله و عشر أرضه يجوز ذلك و الله أعلم