وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : المؤلفة قلوبهم .
و أما المؤلفة قلوبهم : فقد قيل : أنهم كانوا قوما من رؤوساء قريش و صناديد العرب مثل : أبي سفيان بن حرب و صفوان بن أمية و الأقرع بن حابس و عينيه بن حصن الفزاري و العباس بن مرداس السلمي حرب و صفوان بن أمية و الأقرع بن حابس و عيينة بن الحصين الفرازي و العباس بن مرداس السلمي و مالك بن عوف النضري و حكيم بن حزام و غيرهم و لهم شوكة و قوة و أتباع كثيرة بعضهم أسلم حقيقة و بعضهم أسلم ظاهرا لا حقيقة و كان من المنافقين و بعضهم كان من المسالمين فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعطيهم من الصدقات تطيبا لقلوب المسلمين منهم و تقريرا لهم على الإسلام و تحريضا لأتباعهم على أتباعهم و تأليفا لمن لم يحسن إسلامه و قد حسن إسلام عامتهم إلا من شاء الله تعالى لحسن معاملة النبي صلى الله عليه و سلم معهم و جميل سيرته حتى روي عن صفوان بن أمية قال : أعطاني رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنه لأبغض الناس إلي فما زال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إلي .
و اختلف في سهامهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عامة العلماء : إنه انتسخ سهمهم و ذهب و لم يعطوا شيئا بعد النبي صلى الله عليه و سلم و لا يعطى الآن لمثل حالهم و هو أحد قولي الشافعي .
و قال بعضهم : و هو أحد قولي الشافعي Bه أن حقهم بقي و قد أعطي من بقي من أولئك الذين أخذوا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم و الآن يعطى لمن حدث إسلامه من الكفر تطيبا لقلبه و تقريرا له على الإسلام و تعطي الرؤساء من أهل الحرب إذا كانت لهم غلبة يخاف على المسلمين من شرهم لأن المعنى الذي له كان يعطي النبي صلى الله عليه و سلم أولئك موجود في هؤلاء .
و الصحيح قول العامة لإجماع الصحابة على ذلك فإن أبا بكر و عمر Bهما ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا من الصدقات و لم ينكر عليهما أحد من الصحابة Bهم فإنه روي أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم جاؤوا إلى أبي بكر و استبدلوا الخط ممنه لسهامهم فبدل لهم الخط ثم جاؤوا إلى عمر Bه و أخبروه بذلك فأخذ من أيديهم و مزقه و قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعطيكم ليؤلفكم على الإسلام فأما اليوم فقد أعز الله دينه فإن ثبتم على الإسلام و إلا فليس بيننا و بينكم إلا السيف فانصرفوا إلى أبي بكر فأخبروه بما صنع عمر Bهما و قالوا : أنت الخليفة أم هو فقال : إن شاء الله هو و لم ينكر أبو بكر قوله و فعله و بلغ ذلك الصحابة فلم ينكروا فيكون إجماعا منهم على ذلك .
و لأنه ثبت باتفاق الأمة أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما كان يعطيهم ليتألفهم على الإسلام و لهذا سماهم الله المؤلفة قلوبهم و الإسلام يومئذ في ضعف و أهله في قلة و أولئك كثير ذو قوة و عدد و اليوم بحمد الله عز الإسلام و كثر أهله و اشتدت دعمائه و رسخ بنيانه و صار أهل الشرك أذلاء و الحكم متى معقولا بمعنى خاص ينتهي بذهاب ذلك المعنى .
و نظيره ما كان عاهد رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيرا لحاجته إلى معاهدتهم و مداراتهم لقلة أهل الإسلام و ضعفهم فلما أعز الله الإسلام و كثر أهله أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يرد إلى أهل العهود عهودهم و أن يحارب المشركين جميعا بقوله عز و جل : { براءة من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين } إلى قوله : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .
و أما قوله تعالى : { و في الرقاب } فقد قال بعض أهل التأويل معناه : و في عتق الرقاب و يجوز إعتاق الرقبة بنية الزكاة و هو قول مالك و قال عامة أهل التأويل : الرقاب المكاتبون قوله تعالى : { و في الرقاب } أي و في فك الرقاب و هو أن يعطي المكاتب شيئا من الصدقة يستعين به على كتابة لما روي [ أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : علمني عملا يدخلني الجنة فقال صلى الله عليه و سلم : أعتق النسمة و فك الرقبة فقال الرجل : أليسا سواء قال : لا عتق النسمة أن تنفرد بعتقها و فك الرقبة أن تعين في عتقها ] و إنما جاز دفع الزكاة إلى المكاتب لاعانته على كتابته فيعتق و لا يجوز ابتداء الاعتاق بنية الزكاة لوجهين : .
أحدهما : ما ذكرنا أن الواجب إيتاء الزكاة و الإيتاء هو : التمليك و الدفع إلى المكاتب تمليك فأما الإعتاق بتمليك .
و الثاني : ما أشار إليه سعيد بن جبير فقال : لا يعتق من الزكاة مخافة جر الولاء و معنى هذا الكلام أن الإعتاق يوجب الولاء للعتق فكان حقه فيه باقيا و لم ينقطع من كل وجه فلا يتحقق الإخلاص فلا يكون عبادة و الزكاة عبادة فلا تتأدى بما ليس بعبادة فأما الذي يدفع إلى المكاتب فينقطع عنه حق المؤدي من كل وجه و لا يرجع إليه بذلك نفع فيتحقق الإخلاص .
و أما قوله تعالى : { و الغارمين } قيل : الغارم الذي عليه الدين أكثر من المال الذي في يده أو مثله أو أقل منه لكن ما وراءه ليس بنصاب .
و أما قوله تعالى : { و في سبيل الله } عبارة عن جميع القرب فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله تعالى و سبيل الخيرات إذا كان محتاجا .
و قال أبو يوسف : المراد منه فقراء الغزاة لن سبيل الله إذا أطلق في عرف الشرع يراد به ذلك .
و قال محمد : المراد منه الحاج المنقطع لما روي أن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يحمل عليه الحاج .
و قال الشافعي : يجوز دفع الزكاة إلى الغازي و إن كان غنيا و أما عندنا : فلا يجوز إلا عند اعتبار حدوث الحاجة و احتج بما روي عن أبي سعيد الخدري Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله أو ابن السبيل أو رجل له جار مسكين تصدق عليه فأعطاها له ] .
و عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحل الصدقة إلا لخمس : العامل عليها و رجل اشتراها و غارم و غاز في سبيل الله و فقير تصدق فأهداها إلى غني ] نفى حل الصدقة للأغنياء و استثنى الغازي منهم و الاستثناء من النفي إثبات فيقتضي حل الصدقة للغازي الغني .
و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا تحل الصدقة لغني ] .
و قوله A : [ أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم و أردها إلى فقرائكم ] جعل الناس قسمين قسما يؤخذ منهم و قسما يصرف إليهم فلو جاز صرف الصدقة إلى الغني لبطلت القسمة و هذا لا يجوز .
و أما استثناء الغازي فمحمول على حال حدوث الحاجة و سماه غنيا على اعتبار ما كان قبل حدوث الحاجة و هو أن يكون غنيا ثم تحدث له الحاجة بأن كان له دار يسكنها و متاع يمتهنه و ثياب يلبسها و له مع ذلك فضل مائتي درهم حتى لا تحل له الصدقة ثم يعزم على الخروج في سفر غزو فيحتاج إلى آلات سفره و سلاح يستعمله في غزوة و مركب يغزو عليه و خادم يستعين بخدمته على ما لم يكن محتاجا إليه في حال إقامته فيجوز أن يعطي من الصدقات ما يستعين به في حاجته التي تحدث له في سفره و هو في مقامه غني بما يملكه لأنه غير محتاج في حال سفره فيحمل قوله لا تحل الصدقة لغني إلا لغاز في سبيل الله على من كان غنيا في حال مقامه فيعطي بعض ما يحتاج إليه لسفره لم أحدث السفر له من الحاجة إلا أنه يعطي حين يعطي و هو غني .
و كذا تسمية الغارم غنيا في الحديث على اعتبار ما كان قبل حلول الغرم به و قد حدثت له الحاجة بسبب الغرم و هذا لأن الغنى اسم لمن يستغني عما يملكه و إنما كان كذلك قبل حدوث الحاجة فأما بعده فلا .
و أما قوله تعالى : { و ابن السبيل } فهو الغريب المنقطع عن ماله و إن كان غنيا في وطنه لأنه فقير في الحال و قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله و ابن السبيل ] الحديث و لو صرف إلى واحد من هؤلاء الأصناف يجوز عند أصحابنا .
و عند الشافعي : لا يجوز إلا أن يصرف إلى ثلاثة من كل صنف و احتج بقوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء و المساكين } إلى آخر الأصناف أخبر الله تعالى أن الصدقات للأصناف المذكورين في الآية على الشركة فيجب إيصال كل صدقة إلى كل صنف إلا أن الاستيعاب غير ممكن فيصرف إلى ثلاثة من كل صنف إذ الثلاثة أدنى الجمع الصحيح .
و لنا : السنة المشهورة و إجماع الصحابة و عمل الأئمة إلى يومنا هذا و الاستدلال .
أما السنة [ فقول النبي A لمعاذ حين بعثه إلى اليمن فإن أجابوك لذلك فأعلمهم : إن الله تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم و ترد في فقرائهم ] و لم يذكر الأصناف الأخر .
و عن أبي سعيد الخدري Bه أنه قال : بعث علي Bه و هو باليمن إلى النبي صلى الله عليه و سلم مذهبه في ترابها فقسمها النبي صلى الله عليه و سلم بين الأقرع بن حابس و بين زيد الخيل و عيينة بن حصن و علقمة بن علاثة فغضبت قريش و الأنصار و قالوا : تعطي صناديد أهل نجد فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ إنما أتألفهم ] و لو كان كل صدقة مقسومة على الثمانية بطريق الاستحقاق لما دفع النبي صلى الله عليه و سلم المذهبة إلى المؤلفة قلوبهم دون غيرهم .
و أما إجماع الصحابة : فإنه روي عن عمر Bه أنه كان إذا جمع صدقات المواشي من البقر و الغنم نظر منها ما كان منيحة اللبن فيعطيها لأهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم و كان يعطي العشرة للبيت الواحد ثم يقول : عطية تكفي خير من عطية لا تكفي أو كلام نحو هذا .
و روى عن علي Bه أنه أتي بصدقة فبعثها إلى أهل بيت واحد .
و عن حذيفة Bه أنه قال : هؤلاء أهلها ففي أي صنف وضعتها أجزأك و كذا روي عن ابن عباس Bه أنه قال كذلك .
و أما عمل الأئمة : فإنه لم يذكر عن أحد من الأئمة أنه تكلف طلب هؤلاء الأصناف فقسمها بينهم مع ما أنه لو تكلف الإمام أن يظفر بهؤلاء الثمانية ما قدر ذلك و كذلك لم يذكر عن أحد من أرباب الأموال أنه فرق صدقة واحدة على هؤلاء و لو كان الواجب هو القسمة على السوية بينهم لا يحتمل أن يقسموها كذلك و يضيعوا حقوقهم .
و أما الاستدلال : فهو أن الله تعالى أمر بصرف الصدقات إلى هؤلاء بأسامي منبئة عن الحاجة فعلم أنه إنما أمر بالصرف إليهم لدفع حاجتهم و الحاجة في الكل واحدة و إن اختلفت الأسامي