وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقت النية .
و أما الثالث : و هو وقت النية فالأفضل في الصيامات كلها أن ينوي وقت طلوع الفجر إن أمكنه ذلك أو من الليل لأن النية عند طلوع الفجر تقارن أول جزء من العبادة حقيقة و من الليل تقديرا و إن نوى بعد طلوع الفجر فإن الصوم دينا لا يجوز بالإجماع و إن كان عينا و هو صوم رمضان و صوم التطوع خارج رمضان و المنذور المعين يجوز .
و قال زفر : إن كان مسافرا لا يجوز صومه عن رمضان بنية من النهار .
و قال الشافعي : لا يجوز بنية من النهار إلا التطوع .
و قال مالك : لا يجوز التطوع أيضا و لا يجوز صوم التطوع بنية من النهار بعد الزوال عندنا .
و للشافعي فيه قولان .
أما الكلام مع مالك فوجه قوله : أن التطوع تبع للفرض ثم لا يجوز صوم الفرض بنية من النهار فكذا التطوع .
و لنا : ما روي عن ابن عباس Bه أنه قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصبح لا ينوي الصوم ثم يبدو له فيصوم ] .
و عن عائشة Bها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ كان يدخل على أهله فيقول : هل عندكم من غداء ؟ فإن قالوا لا قال : فإني صائم ] و صوم التطوع بنية من النهار قبل الزوال مروي عن علي و ابن مسعود و ابن عباس و أبي طلحة .
و أما الكلام فيما بعد الزوال فبناء على صوم النفل عندنا غير متجزىء كصوم الفرض .
و عند الشافعي في أحد قوليه : متجزئ حتى قال : يصير صائما من حين نوى لكن بشرط الإمساك في أول النهار و حجته ما روينا عن ابن عباس و عائشة Bهما مطلقا من غير فصل بين ما قبل الزوال و بعده .
و أما عندنا : فالصوم لا يتجزأ فرضا كان أو نفلا و يصير صائما من أول النهار لكن بالنية الموجود وقت الركن و هو الإمساك وقت الغداء المتعارف لما نذكر فإذا نوى بعد الزوال فقد خلا بعض الركن عن الشرط فلا يصير صائما شرعا و الحديثان محمولان على ما قبل الزوال بدليل ما ذكرنا .
و أما الكلام مع الشافعي في رمضان فهو يحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا صيام لمن لم يعزم الصوم من الليل ] و لأن الإمساك من أول النهار إلى آخره ركن فلا بد له من النية ليصير لله تعالى وقد اعدمت في أول النهار فلم يقع الإمساك في أول النهار لله تعالى لفقد شرطه فكذا الباقي لأن صوم الفرض لا يتجزأ و لهذا لا يجوز صوم القضاء و الكفارات و النذور المطلقة بنية من النهار و كذا صوم رمضان .
و لنا : قوله تعالى : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } ـ إلى قوله ـ { ثم أتموا الصيام إلى الليل } أباح للمؤمنين الأكل و الشرب و الجماع في ليالي رمضان إلى طلوع الفجر و أمر بالصيام عنها بعد طلوع الفجر متأخرا عنه لأن كلمة ثم للتعقيب مع التراخي فكان هذا أمرا بالصوم متراخيا عن أول النهار و الأمر بالصوم أمر بالنية إذ لا صحة للصوم شرعا بدون النية فكان أمرا بالصوم بنية متأخرة عن أول النهار و قد أتى به بالمأمور به فيخرج عن العهدة و فيه دلالة أن الإمساك في أول النهار يقع صوما وجدت فيه النية أو لم توجد لأن إتمام الشيء يقتضي سابقية وجود بعض منه و لأنه صام رمضان في وقت متعين شرعا لصوم رمضان لوجود ركن الصوم مع شرائطه التي التي ترجع إلى الأهلية و المحلية و لا كلام في سائر الشرائط و إنما الكلام في النية و وقتها وقت وجود الركن و هو الإمساك وقت الغداء المتعارف و الإمساك في أول النهار شرط و ليس بركن لأن ركن العبادة ما يكون شاقا على البدن مخالفا للعادة و هوى النفس و ذلك هو الإمساك وقت الغداء المتعارف فأما الإمساك في أول النهار فمعتاد فلا يكون ركنا بل يكون شرطا لأنه وسيلة إلى تحقيق معنى الركن إلا أنه لا يعرف كونه وسيلة للحال لجواز أن ينوي وقت الركن فإذا نوى ظهر كونه وسليه من حين وجوده و النية تشترط لصيرورة الإمساك الذي هو ركن عبادة لا لما يصير عبادة بطريق الوسيلة على ما قررنا في الخلافيات .
و أما الحديث فهو من الآحاد فلا يصلح ناسخا للكتاب لكنه يصلح مكملا له فيحمل على نفي الكمال كقوله : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ليكون عملا بالدليلين بقدر الإمكان .
و أما صيام القضاء و النذور و الكفارات فما صامها في وقت متعين لها شرعا لأن خارج رمضان متعين للنفل موضوع له شرعا إلا أن يعينه لغيره فإذا لم ينو من الليل صوما آخر بقي الوقت متعينا للتطوع متعينا للتطوع شرعا فلا يملك تغييره فأما ههنا فالوقت متعين لصوم رمضان و قد صامه لوجود ركن الصوم و شرائطه على ما بينا .
و أما الكلام مع زفر في المسافر إذا صام رمضان بنية من النهار فوجه قوله : أن الصوم غير واجب على المسافر في رمضان حتما ألا ترى أن له أن يفطر و الوقت غير متعين لصوم رمضان في حقه فإن له أن يصوم عن واجب آخر فأشبه صوم القضاء خارج رمضان و ذا لا يتأدى بنية من النهار كذا هذا .
و لنا : أن الصوم واجب على المسافر في رمضان و هو العزيمة في حقه إلا أن له أن يترخص بالإفطار و له أن يصوم عن واجب آخر عند أبي حنيفة بطريق الرخصة و التيسير أيضا لما فيه من إسقاط الفرض عن ذمته على ما بينا فيما تقدم فإذا لم يفطر و لم ينو واجبا آخر بقي صوم رمضان واجبا عليه و قد صامه فيخرج عن العهدة كالمقيم سواء .
و يتصل بهذين الفصلين و هو بيان كيفية النية و وقت مسألة الأسير في يد العدو إذا اشتبه عليه شهر رمضان فتحرى و صام شهرا عن رمضان و جملة الكلام فيه أنه إذا صام شهرا عن رمضان لا يخلو إما إن وافق شهر رمضان أو لم يوافق بأن تقدم أو تأخر فإن وافق جاز و هذا لا يشكل لأنه أدى ما عليه و إن تقدم لم يجز لأنه أدى الواجب قبل وجوبه و قبل وجود سبب وجوبه و إن تأخر فإن وافق شوال يجوز لكن يراعى فيه موافقة الشهرين في عدد الأيام و تعيين النية و وجودها من الليل .
و أما موافقة العدد فلأن صوم شهر آخر بعده يكون قضاء و القضاء يكون على قدر الفائت و الشهر قد يكون ثلاثين يوما و قد يكون تسعة و عشرين يوما .
و أما تعيين النية و وجودها من الليل فلأن صوم القضاء لا يجوز بمطلق النية و لا بنية من النهار لما ذكرنا فيما تقدم و هل تشترط نية القضاء ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي أنه لا يشترط و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه يشترط و الصحيح ما ذكره القدوري لأنه نوى ما عليه من صوم رمضان و عليه القضاء فكان ذلك منه تعيينا لنية القضاء .
و بيان هذه الجملة : أنه إذا وافق صومه شهر شوال ينظر إن كان رمضان كاملا و شوال كاملا قضى يوما واحدا لأجل يوم الفطر لأن صوم القضاء لا يجوز فيه و إن كان رمضان كاملا و شوال ناقصا قضى يومين يوما لأجل يوم الفطر و يوما لأجل النقصان لأن القضاء يكون على قدر الفائت و إن كان رمضان ناقصا و شوال كاملا لا شيء عليه لأنه أكمل عدد الفائت و إن وافق صومه هلال ذي الحجة فإن كان رمضان كاملا و ذو الحجة كاملا قضى أربعة أيام يوما لأجل يوم النحر و ثلاثة أيام لأجل أيام التشريق لأن القضاء لا يجوز في هذه الأيام و إن كان رمضان كاملا و ذو الحجة ناقصا قضى خمسة أيام يوما للنقصان و أربعة أيام ليوم النحر و أيام التشريق و إن كان رمضان ناقصا و ذو الحجة كاملا قضى ثلاثة أيام لأن الفائت ليس إلا هذا القدر و إن وافق صومه شهرا آخر سوى هذين الشهرين فإن كان الشهران كاملين أو ناقصين أو كان رمضان ناقصا و الشهر كاملا فلا شيء عليه و إن كان رمضان كاملا و الشهر الآخر ناقصا قضى يوما واحدا لأن الفائت يوم واحد .
و لو صام بالتحري سنين كثيرة ثم تبين أنه صام في كل سنة قبل شهر رمضان فهل يجوز صومه في السنة الثانية عن الأولى و في الثالثة عن الثانية و في الرابعة عن الثالثة هكذا قال بعضهم : يجوز لأنه في كل سنة من الثانية و الثالثة و الرابعة صام صوم رمضان الذي عليه و ليس عليه إلا القضاء فيقع قضاء عن الأول .
و قال بعضهم : لا يجوز و عليه قضاء الرمضانات لأنه صام في كل سنة عن رمضان قبل دخول رمضان .
و فصل الفقيه أبو جعفر الهنداوي C في ذلك تفصيلا فقال : إن صام في السنة الثانية عن الواجب عليه إلا أنه ظن أنه من رمضان يجوز و كذا في الثالثة و الرابعة لأنه صام عن الواجب عليه و الواجب عليه قضاء صوم رمضان الأولى دون الثاني و لا يكون عليه إلا قضاء رمضان الأخير خاصة لأنه ما قضاه فعليه قضاؤه و إن صام في السنة الثانية عن الثالثة و في السنة الثالثة عن الرابعة لم يجز و عليه قضاء الرمضانات كلها .
أما عدم الجواز عن الرمضان الأول فلأنه مانوى عنه و تعيين النية في القضاء شرط و لا يجوز عن لثاني لأنه صام قبله متقدما عليه و كذا الثالث و الرابع .
و ضرب له مثلا و هو رجل اقتدى بالإمام على ظن أنه زيد فإذا هو عمرو صح اقتداؤه به و لو اقتدى بزيد فإذا هو عمرو لم يصح اقتداؤه به لأنه في الأول نوى الاقتداء بالإمام إلا أنه ظن أن الإمام زيد فأخطأ في ظنه فهذا لا يقدح في صحة اقتدائه بالإمام و في الثاني نوى الاقتداء بزيد فإذا لم يكن زيدا تبين أنه ما اقتدى بأحد كذلك ههنا إذا نوى في صوم كل سنة عن الواجب عليه تعلقت نيته بالواجب عليه لا بالأول و الثاني إلا أنه ظن أنه الثاني فأخطأ في ظنه فيقع عن الواجب عليه لا عما ظن و الله أعلم