وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : بيان ما يسن و ما يستحب للصائم و ما يكره .
و أما بيان ما يسن و ما يستحب للصائم و ما يكره له أن يفعله فنقول : يسن للصائم السحور لما روي عن عمرو بن العاص Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إن فصلا بين صيامنا و صيام أهل الكتاب أكلة السحور ] و لأنه يستعان به على صيام النهار و إليه أشار النبي صلى الله عليه و سلم في الندب إلى السحور فقال : [ استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل و بأكل السحور على صيام النهار ] .
و السنة فيها هو التأخير لأن معنى الاستعانة فيه أبلغ و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ثلاث من سنن المرسلين : تأخير السحور و تعجيل الإفطار و وضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة ] و في رواية قال : [ ثلاث من أخلاق المرسلين ] .
و لو شك في طلوع الفجر فالمستحب له أن لا يأكل هكذا روى أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه قال إذا شك في الفجر فأحب إلي أن يدع الأكل لأنه يحتمل أن الفجر قد طلع فيكون الأكل إفسادا للصوم فيتحرز عنه و الأصل فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لوابصة بن معبد [ الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك ] و لو أكل و هو شاك لا يحكم عليه بوجوب القضاء عليه لأن فساد الصوم مشكوك فيه لوقوع الشك في طلوع الفجر مع أن الأصل هو بقاء الليل فلا يثبت النهار بالشك و هل يكره الأكل مع الشك ؟ .
روى هشام عن أبي يوسف : أنه يكره .
و روى ابن سماعة عن محمد أنه : لا يكره .
و الصحيح قول أبي يوسف و هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا شك فلا يأكل و إن أكل فقد أساء لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ألا إن لكل ملك حمى ألا و إن حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ] و الذي يأكل مع الشك في طلوع الفجر يحوم حول الحمى فيوشك أن يقع فيه فكان بالأكل معرضا صومه للفساد فيكره له ذلك .
و عن الفقيه أبي جعفر الهندواني : أنه لو ظهر على أمارة الطلوع من ضرب الدبداب و الأذان يكره و إلا فلا و لا تعويل على ذلك لأنه مما يتقدم و يتأخر .
هذا إذا تسحر و هو شاك في طلوع الفجر فأما إذا تسحر و أكبر رأيه أن الفجر طالع فذكر في الأصل و قال : إن الأحب إلينا أن يقضي .
و روى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقضي و ذكر القدوري : أن الصحيح أنه لا قضاء عليه .
وجه رواية الأصل : أنه على يقين من الليل فلا يبطل إلا بقين مثله .
وجه رواية الحسن : أن غالب الرأي دليل واجب العمل به بل هو حق وجوب العمل في الأحكام بمنزلة اليقين و على رواية الحسن اعتمد شيخنا C و يسن تعجيل الإفطار إذا غربت الشمس هكذا روي عن أبي حنيفة أنه قال : و تعجيل الإفطار إذا غربت الشمس أحب إلينا لما روينا من الحديث و هو قوله صلى الله عليه و سلم : [ ثلاث من سنن المرسلين ] و ذكر من جملتها : [ تعجيل الإفطار ] .
و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تزال أمتي بخير ما لم ينتظروا للإفطار طلوع النجوم ] و التأخير يؤدي إليه و لو شك في غروب الشمس لا ينبغي له أن يفطر لجواز أن الشمس لم تغرب فكان الإفطار إفسادا للصوم .
و لو أفطر و هو شاك في غروب الشمس و لم يتبين الحال بعد ذلك أنها غربت أم لا لم يذكره في الأصل و لا القدوري في شرحه مختصرالكرخي .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه يلزمه القضاء فرق بينه و بين التسحر .
و وجه الفرق : أن هناك الليل أصل فلا يثبت النهار بالشك فلا يبطل المتيقن به بالمشكوك فيه و ههنا النهار أصل فلا يثبت الليل بالشك فكان الإفطار حاصلا فيما له حكم النهار فيجب قضاؤه و يجوز أن يكون ما ذكره القاضي جواب الاستحسان احتياطا فأما في الحكم المروي هو القياس أن لا يحكم بوجوب القضاء لأن وجوب القضاء حكم حادث لا يثبت إلا بسبب حادث و هو إفساد الصوم و في وجوده شك و على هذا يحمل اختلاف الروايتين في مسألة التسحر بأن تسحر و أكبر رأيه أن الفجر طالع .
و لو أفطر و أكبر رأية الشمس قد غربت فلا قضاء عليه لما ذكرنا أن غالب الرأي حجة موجبة للعمل به و أنه في الأحكام بمنزلة اليقين و إن كان غالب رأيه انها لم تغرب فلا شك في وجوب القضاء عليه لأنه انصاف إلى غلبة الظن حكم الأصل و هو بقاء النهار فوقع إفطار في النهار فيلزمه القضاء و اختلف المشايخ في وجوب الكفارة .
قال بعضهم : تجب لما ذكرنا أن غالب الرأي نزل منزلة اليقين في وجوب العمل كيف و قد انضم إليه شهادة الأصل و هو بقاء النهار .
و قال بعضهم : لا تجب و هو الصحيح لأن احتمال الغروب قائم فكانت الشبهة ثابتة و هذه الكفارة لا تجب مع الشبهة و الله أعلم .
و لا بأس أن يكتحل الصائم بالإثمد و غيره و لو فعل لا يفطره و إن و جد طعمه في حلقه عند عامة العلماء لما روينا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم [ اكتحل و هو صائم ] .
و لما ذكرنا أنه ليس للعين منفذ إلى الجوف و إن وجده في خلقه فهو أثره لا عينه و لا بأس أن يدهن لما قلنا .
و كره أبي حنيفة : أن يمضغ الصائم العلك لأنه لا يؤمن أن ينفصل شيء منه فيدخل حلقه فكان المضغ تعريضا لصومه للفساد فيكره و لو فعل لا يفسد صومه لأنه لا يعلم وصول شيء منه إلى الخوف .
و قيل : هذا إذا كان معجونا فأما إذا لم يكن يفطره لأنه يتفتت فيصل شيء منه إلى جوفه ظاهرا و غالبا .
و يكره للمرأة أن تمضغ لصبيتها طعاما و هي صائمة لأنه لا يؤمن أن يصل شيء منه إلى جوفها إلا إذا كان لا بد لها من ذلك فلا يكره للضرورة و يكره للصئم أن يذوق العسل أو السمن أو الزيت و نحو ذلك بلسانه ليعرف أنه جيد أو رديء و إن لم يدخل حلقه ذلك و كذا يكره للمرأة أن تذوق المرقة لتعرف طعمها لأنه يخاف وصول شيء منه إلى الحلق فتفطر و لا بأس للصائم ان يستاك سواء كان السواك يابسا أو رطبا مبلولا أو غير مبلول .
و قال أبي يوسف : إذا كان مبلولا : يكره .
و قال الشافعي : يكره السواك في آخر النهار كيفما كان .
و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لخوف فم الصائم أطيب من ريح المسك ] و الاستياك يزيل الخلوف فيكره .
وجه قول أبي يوسف : أن الاستياك بالمبلول من السواك إدخال الماء في الفم من غير حاجة فيكره .
و لنا : ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ خير خلال الصائم السواك ] و الحديث حجة على أبي يوسف و الشافعي لأنه وصف الاستياك بالخيرية مطلقا من غير فصل بين المبلول و غير المبلول و بين أن يكون في أول النهار و آخره لأن المقصود منه تطهير الفم فيستوي فيه المبلول و غيره و أول النهار و آخره كالمضمضة .
و أما الحديث فالمراد منه تفخيم شأن الصائم و الترغيب في الصوم و التنبيه على كونه محبوبا لله تعالى و مرضيه و نحن به نقول أو يحمل على أنهم كانوا يتحرجون عن الكلام مع الصائم لتغير فمه بالصوم فمنعهم عن ذلك و دعاهم إلى الكلام .
و لا بأس للصائم أن يقبل و يباشر إذا أمن على نفسه ما سوى ذلك أما القبلة فلما روى : [ أن عمر Bه سأل رسول الله A عن القبلة للصائم فقال : أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان يضرك قال : لا قال : فصم إذا ] .
و في رواية أخرى عن عمر Bه أنه قال : [ هششت إلى أهلي ثم أتيت رسول الله A فقلت : إني عملت اليوم عملا عظيما إني قبلت و أنا صائم فقال : أرأيت لو تمضمضت بماء أكان يضرك قلت : لا قال : فصم إذا ] .
و عن عائشة Bها أنها قالت : [ كان رسول الله A يقبل و هو صائم ] و روي : [ أن شابا و شيخا سألا رسول الله A عن القبلة للصائم ؟ فنهى الشاب و رخص للشيخ و قال : الشيخ أملك لإربه و أنا أملككم لإربي ] و في رواية : [ الشيخ يملك نفسه ] .
و أما المباشر فلما روي عن عائشة Bها : [ أن رسول الله A كان يباشر و هو صائم و كان أملككم لإربه ] .
و روي عن أبي حنيفة : أنه كره المباشرة .
و وجه هذه الرواية : أن عند المباشرة لا يؤمن على ما سوى ذلك ظاهرا و غالبا بخلاف القبلة و في حديث عائشة Bها إشارة إلى أن رسول الله A كان مخصوصا بذلك حيث قالت [ و كان أملككم لإربه ] .
قال أبي يوسف : و يكره للصائم أن يتمضمض لغير الوضوء لأنه يحتمل أن يسبق الماء إلى حلقه و لا ضرورة فيه و إن كان للوضوء لا يكره لأنه محتاج إليه لإقامة السنة و أما الاستنشاق و الاغتسال و صب الماء على الرأس و التلفف بالثوب المبلول فقد قال أبي حنيفة : أنه يكره .
و قال أبي يوسف : لا يكره و احتج بما روي : [ أن رسول الله A صب على رأسه ماء من شدة الحر و هو صائم ] .
و عن ابن عمر Bهما أنه كان يبل الثوب و يتلفف به و هو صائم و لأنه ليس فيه إلا دفع أذى الحر فلا يكره كما لو استظل .
و لأبي حنيفة : أن فيه إظهار الضجر من العبادة و الامتناع عن تحمل مشقتها و فعل رسول الله A محمول على حال مخصوصة و هي حال خوف الإفطار من شدة الحر و كذا فعل ابن عمر Bه محمول على مثل هذه الحالة و لا كلام فيه .
و لا تكره الحجامة للصائم لما روي عن ابن عباس Bهما : [ أن رسول الله A احتجم و هو صائم ] .
و عن أنس Bه : [ أن رسول الله A احتجم و هو صائم محرم ] .
و لو احتجم لا يفطره عند عامة العلماء و عند أصحاب الحديث يفطره .
و احتجوا بما روي [ أن رسول الله A مر على معقل بن يسار و هو يحتجم في رمضان فقال : أفطر الحاجم و المحجوم ] .
و لنا : ما روي عن ابن عباس و أنس Bهما : [ أن رسول الله A احتجم و هو صائم ] و لو كان الاحتجام يفطر لما فعله و روينا عن رسول الله A أنه قال : [ ثلاث لا يفطرون الصائم : القيء و الحجامة و الاحتلام ] .
و أما ما روي من الحديث فقد قيل : أنه كان ذلك في الابتداء ثم رخص بعد ذلك .
و الثاني : أنه ليس في الحديث إثبات الفطر بالجحامة فيحتمل أنه كان منهما ما يوجب الفطر و هو ذهاب ثواب الصوم كما روي عن ابن عباس Bه : [ أن رسول الله A مر برجل يحجم رجلا و هما يغتابان فقال : أفطر الحاجم و المحجوم ] أي بسبب الغيبة منهما على ما روي [ الغيبة تفطر الصائم ] و لأن الجحامة ليست إلا إخراج شيء من الدم [ و الفطر مما يدخل و الوضوء مما يخرج ] كذا قال رسول الله A .
و ليس للمرأة التي لها زوج أن تصوم تطوعا إلا بأذن زوجها و لأن له حق الاستمتاع بها و لا يمكنه ذلك منعها فغن كان صيامها لا يضره بأن كان صائما أو مريضا لا يقدر على الجماع فليس له أن يمنعها لأن المنع كان لاستيفاء حقه فإذا لم يقدر على الاستمتاع فلا معنى للمنع .
و ليس لعبد و لا أمة و لا مدبر و لا مدبرة و أم ولد أن تصوم بغير إذن المولى لأن منافعه مملوكة للمولى إلا في القدر المستثنى و هو الفرائض فلا يملك صرفها إلى التطوع و سواء كان ذلك يضر المولى أو لا يضره بخلاف المرأة لأن المنع ههنا لمكان الملك فلا يقف على الضرر .
و للزوج أن يفطر المرأة إذا صامت بغير إذنه و كذا للمولى و تقضي المرأة .
إذا أذن زوجها أو بانت منه و يقضي العبد إذا أذن له المولى أو أعتق لأن الشروع في التطوع قد صح منهما إلا أنهما منعا من المضي فيه لحق الزوج و المولى فإذا أفطر لزمهما القضاء .
و أما الأجير الذي استأجره الرجل ليخدمه فلا يصوم تطوعا إلا بإذنه لأن صومه يضر المستأجر حتى كان لا يضره فله أن يصوم بغير إذنه لأن حقه في منافعه بقدر ما يتأدى به الخدمة و الخدمة حاصلة له من غير خلل بخلاف العبد أن له أن يمنعه و إن كان لا يضره صومه لأن المانع هناك ملك الرأس و أنه يظهر في حق جميع المنافع سوى القدر المستثنى و ههنا المانع ملك بعض المنافع و هو قدر ما تتأدى به الخدمة و ذلك القدر حاصل من غير خلل فلا يملك منعه .
و أما بنت الرجل و أمه و أخته فلها أن تطوع بغير إذنه لأنه لا حق له في منافعها فلا يملك منعها كما لا يملك منع الأجنبية .
و لو أراد المسافر دخول مصره أو مصرا آخر ينوي فيه الإقامة يكره له أن يفطر في ذلك اليوم و إن كان مسافرا في أوله اجتمع المحرم للفطر و هو الإقامة و المرخص و المبيح و هو السفر في يوم واحد فكان الترجيح للمحرم احتياطا فإن كان أكبر رأية أن لا يتفق دخوله المصر حتى تغيب الشمس فلا بأس بالفطر فيه .
و لا بأس بقضاء رمضان في عشر ذي الحجة و هو مذهب عمر و عامة الصحابة Bهم إلا شيئا حكي عن علي Bه أنه قال : يكره فيها لما روي عن النبي A : [ أنه نهى عن قضاء رمضان في العشر ] و الصحيح قول العامة لقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } .
مطلقا من غيار فصل و لأنها وقت يستحب فيها الصوم فكان القضاء فيها أولى من القضاء في غيرها و ما روي من الحديث غريب في حد الحاديث فلا يجوز تقييد مطلق الكتاب و تخصيصه بمثله أو نحمله على الندب في حق من اعتاد التنفل بالصوم في هذه الأيام فالأفضل في حقه أن يقضي في غيرها لئلا تفوته فضيلة صوم هذه الأيام و يقضي صوم رمضان في وقت آخر و الله أعلم بالصواب