وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

مطلب مسح الرأس .
و الثالث : مسح الرأس مرة واحدة لقوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم } و الأمر المطلق بالفعل لا يوجب التكرار و اختلف في المقدار المفروض مسحه ذكره في الأصل وقدره بثلاث أصابع اليد و روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قدره بالربع و هو قول زفر و ذكر الكرخي و الطحاوي عن أصحابنا مقدار الناصية و قال مالك : لا يجوز حتى يمسح جميع الرأس أو أكثره و قال الشافعي : إذا مسح ما يسمى مسحا يجوز و إن كان ثلاث شعرات .
وجه قول مالك : أن الله تعالى ذكر الرأس و الرأس اسم للجملة فيقتضي وجوب مسح جميع الرأس و حرف الباء لا يقتضي التبعيض لغة بل هو حرف إلصاق الفعل بالمفعول و هو المسح بالرأس و الرأس اسم لكله فيجب مسح كله إلا أنه إذا مسح الأكثر جاز لقيام الأكثر مقام الكل .
وجه قول الشافعي : أن الأمر تعلق بالمسح بالرأس والمسح بالشيء لا يقتضي استيعابه في العرف .
يقال : مسحت يدي بالمنديل و إن لم يمسح بكله و يقال : كتبت بالقلم و ضربت بالسيف و إن لم يكتب بكل القلم و لم يضرب بكل السيف فيتناول أدنى ما ينطلق عليه الاسم .
و لنا : أن الأمر بالمسح يقتضي آلة المسح إذ المسح لا يكون إلا بآلة وآلة المسح هي أصابع اليد عادة و ثلاث أصابع اليد أكثر الأصابع و للأكثر حكم الكل فصار كأنه نص على الثلاث و قال : { وامسحوا برؤوسكم } بثلاث أصابع أيديكم .
و أما وجه التقدير بالناصية فلأن مسح جميع الرأس ليس بمراد من الآية بالإجماع ألا ترى أن عند مالك إن مسح جميع الرأس إلا قليلا منه جائز فلا يمكن حمل الآية على جميع الرأس و لا على بعض مطلق و هو أدنى ما ينطلق عليه الاسم كما قاله الشافعي لأن ماسح شعرة أو ثلاث شعرات لا يسمى ماسحا في العرف فلا بد من الحمل على مقدار يسمى المسح عليه مسحا في المتعارف و ذلك غير معلوم .
و قد [ روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه و سلم : أنه بال وتوضأ ومسح على ناصيته ] فصار فعله عليه الصلاة و السلام بيانا لمجمل الكتاب إذ البيان يكون بالقول تارة و بالفعل أخرى كفعله في هيئة الصلاة و عدد ركعاتها و فعله في مناسك الحج و غير ذلك فكان المراد من المسح بالرأس مقدار الناصية ببيان النبي صلى الله عليه و سلم .
و وجه التقدير بالربع : أنه قد ظهر اعتبار الربع في كثير من الأحكام كما في حلق ربع الرأس أنه يحل به المحرم و لا يحل بدونه و يجب الدم إذا فعله في إحرامه و لا يجب بدونه و كما في انكشاف الربع من العورة في باب الصلاة إنه يمنع جواز الصلاة و ما دونه لا يمنع كذا ههنا و لو وضع ثلاث أصابع وضعا ولم يمدها جاز على قياس رواية الأصل و هي التقدير بثلاث أصابع لأنه أتى بالقدر المفروض و على قياس رواية الناصية و الربع لا يجوز لأنه ما استوفى في ذلك القدر و لو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة و لا ممدودة لم يجز لأنه لم يأت بالقدر المفروض و لو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر و على هذا الخلاف إذا مسح بأصبع أو بأصبعين و مدهما حتى بلغ مقدار الفرض .
وجه قول زفر : أن الماء لا يصير مستعملا حالة المسح كما لا يصير مستعملا حالة الغسل فإذا مد فقد مسح غير مستعمل فجاز و الدليل عليه أن سنة الاستيعاب تحصل بالمد و لو كان مستعملا بالمد لما حصلت لأنها لا تحصل بالماء المستعمل .
و لنا : أن الأصل أن يصير الماء مستعملا بأول ملاقاته العضو لوجود زوال الحدث أو قصد القربة إلا أن في باب الغسل لم يظهر حكم الاستعمال في تلك الحالة للضرورة و هي أنه لو أعطى له حكم الاستعمال في تلك الاستعمال لهذه الضرورة و لا ضرورة في المسح لأنه يمكنه أن يمسح دفعة واحدة فلا ضرورة إلى المد لإقامة الفرض فظهر حكم الاستعمال فيه و به حاجة إلى إقامة سنة الاستيعاب فلم يظهر حكم الاستعمال فيه كما في الغسل و لو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات و أعادها إلى الماء في كل مرة جاز .
هكذا روى ابن رستم عن محمد في النوادر لأن المفروض هو المسح قدر ثلاث أصابع و قد وجد و إن لم يكن بثلاث أصابع ألا ترى أنه لو أصاب رأسه هذا القدر من ماء المطر سقط عنه فرض المسح وإن لم يوجد منه فعل المسح رأسا ولو مسح بإصبع واحدة ببطنها و بظهرها و بجانبيها لم يذكر في ظاهر الرواية و اختلف المشايخ فقال بعضهم : لا يجوز و قال بعضهم : يجوز وهو الصحيح لأن ذلك في معنى المسح بثلاث أصابع .
و إيصال الماء إلى أصول الشعر ليس بفرض لأن فيه حرجا فأقيم المسح على الشعر مقام المسح على أصوله و لو مسح على شعره و كان شعره طويلا فإن مسح على ما تحت أذنه لم يجز و إن مسح على ما فوقها جاز لأن المسح على الشعر كالمسح على ما تحته و ما تحت الأذن عنق و ما فوقه رأس