وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

القسم الثالث ـ فصل : بيان سنن الحج و بيان ترتيبه .
و يقطع التلبية مع أول حصاة يرمي بها جمرة العقبة لما روى أسامة بن زيد و الفضل بن عباس : [ أن النبي A قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمر العقبة و كان أسامة رديف رسول الله A من عرفات إلى مزدلفة و الفضل كان رديفة من مزدلفة إلى منى ] .
و روي أن ابن عباس سئل عن ذلك فقال : [ أخبرني أخي الفضل أن النبي A قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة و كان رديف رسول الله A ] و سواء كان في الحج الصحيح أو في الحج الفاسد إنه يقطع التلبية مع أول حصاة يرمي بها جمرة العقبة لأن أعمالها لا تختلف وقت قطع التلبية و سواء كان مفردا بالحج أو قارنا أو متمتعا لأن القارن و المتمتع كل واحد منهما بالحج فكان كالمفرد به .
و لا يقطع القارن التلبية إذا أخذ في طواف العمرة لأنه محرم بإحرام الحج و إنما يقطع عندما يقطع المفرد بالحجة لأنه بعد إتيانه بالعمرة كالمفرد بالحج فأما المحرم بالعمرة المفردة فإنه يقطع التلبية إذا استلم الحجر و أخذ في طواف العمرة و الفرق بين المحرم بالحج و بين المحرم بالعمرة المفردة ذكرناه فيما تقدم و قال مالك في المفرد بالعمرة يقطع التلبية إذا رأى البيت و هذا غير سديد لأن قطع التلبية يتعلق بفعل هو نسك كالرمي في حق المحرم بالحج و رؤية البيت ليس بنسك فلا يقطع عندنا .
فأما استلام الحجر فنسك كالرمي فيقطع عنده لا عند الرؤية قال محمد إن فاتت الحج إذا تحلل بالعمرة يقطع التلبية حين يأخذ في الطواف كذا هذا .
و القارن إذا فاته الحج يقطع التلبية في الطواف الثاني الذي يتحلل به من حجته لأن العمرة ما فاتته إذ ليس لها وقت معين فيأتي بها فيطوف و يسعى كما كان يفعل لو لم يفتحه الحج و إنما فاته الحج فيفعل ما يفعله فائت الحج و هو أن يتحلل بأفعال العمرة و هي الطواف و السعي كالمقيم فيقطع التلبية إذا أخذ في طواف الحج .
و المحصر يقطع التلبية إذا ذبح عنه هديه لأنه إذا ذبح هديه فقد تحلل و لا تلبية بعد التحلل فإن حلق الحاج قبل أن يرمي جمرة العقبة يقطع التلبية لأنه بالحلق تحلل من الإحرام لكا روينا عن النبي A أنه قال : [ لمن حلق قبل الرمي ارم و لا حرج ] فثبت أن التحلل من الإحرام يحصل بالحلق قبل الرمي و لا تلبية بعد التحلل فإن زار البيت قبل أن يرمي و يحلق و يذبح قطع التلبية في قول أبي حنيفة .
و روي عن أبي يوسف : إنه يلبي ما لم يحلق أو تزول الشمس من يوم النحر و عن محمد ثلاث روايات في رواية مثل قول أبي حنيفة و رورى هشام عنه و رورى ابن سماعة عنه : أن من لم يرم قطع التلبية إذا غربت الشمس من يوم النحر و روى هشام عنه رواية أخرى أنه يقطع التلبية إذا مضت أيام النحر فظاهر روايته مع أبي حنيفة .
وجه قول أبي يوسف : أنه و إن طاف فإحرامه قائم لم يتحلل بهذا الطواف إذا لم يحلق بدليل أنه لا يباح له الطيب و اللبس فالتحق الطواف بالعدم و صار كأنه لم يطف فلا يقطع التلبية إلا إذا زالت الشمس لأن من أصله أن هذا الرمي مؤقت بالزوال فإذا زالت الشمس يفوت وقته و يفعل بعده قضاء فصار فواته عن وقته بمنزلة فعله في وقته و عند فعله في وقته يقطع التلبية كذا عند فواته عن وقته بخلاف ما إذا حلق قبل الرمي لأنه تحلل بالحلق و خرج عن إحرامه حتى يباح له الطيب و اللبس لذلك افترقا .
و لهما : أن الطواف و إن كان قبل الرمي و الحلق و الذبح فقد وقع التحلل به في حق النساء بدليل أنه لو جامع بعده لا يلزمه بدنه فكان التحلل بالطواف كالتحلل بالحلق فيقطع التلبية به كما يقطع بالحلق و قد خرج الجواب عن قوله إن أحرمه قائم بعد الطواف لنا نقول نعم لكن فيحق الطيب و اللبس لا في حق النساء فلم يكن قائما مطلقا و التلبية لم تشرع إلا في الإحرام المطلق .
و لو ذبح قبل الرمي يقطع التلبية في قول أبي حنيفة إذا كان قارنا أو متمتعا و هو إحدى الروايتين عن محمد و إن كان مفردا بالحج لا يقطع لأن الذبح من القارن و المتمتع محلل كالحلق و لا تلبية بعد التحلل فأما المفرد فتحلله لا يقف على ذبحه ألا ترى أنه ليس بواجب عليه فلا يقطع عنده تلبية و رورى ابن سماعة عن محمد أنه لا يقطع التلبية و التحلل لا يقع بالذبح على هذه الرواية عنده و إنما يقع بالرمي بالحلق .
و يرمي سبع حصيات مثل حصى الخزف لما روي عن النبي A أنه قال لعبد الله بن عباس Bهما : [ ائتني بسبع حصيات مثل حصى الخزف فأتاه بهن فجعل يقلبهن بيده و قول : مثلهن بمثلهن لا تغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين ] .
و قد قالوا : لا يزيد على ذلك لما روي عن معاذ Bه أنه قال خطبنا رسول الله A بمنى و علمنا المناسك و قال : [ ارموا سبع حصيات مثل حصى الخزف و وضع إحدى سبابيته على الأخرى كأنه بخذف ] و لأنه لو كان أكبر من ذلك فلا يؤمن أن يصيب غيره لا زدحام الناس فيتأذى به .
و يرمي من بطن الوادي و يكبر مع كل حصاة يرميها لما روي عن عبد الله بن مسعود Bه أنه رمى جمرة العقبة سبع حصيات من بطن الوادي يكبر مع كل حصاة يرميها فقيل له : إن ناسا يرمون من فوقها فقال عبد الله Bه : هذا و الذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة و كذا روي عن ابن عمر Bهما : أنه كان يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات يتبع كل حصاة بتكبيرة و يقول إن النبي A كان يفعل ذلك .
و عن ابنه سالم بن عبد الله أنه استبطن الوادي فرمى الجمرة سبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرور ا و ذنبا مغفورا و عملا مشكورا و قال : [ حدثني أبي أن النبي A كان يرمي جمرة من هذا المكان و يقول كلما رمى بحصاة مثل ما قلت ] و إن رمى من فوق العقبة أجزأه لكن السنة ما ذكرنا و كذا لو جعل بدل التكبيير تسبيحا أو تهليلا جاز و لا يكون مسيأ و قد قالوا إذا رمى للعقبة يجعل الكعبة عن يساره و منى عن يمينه و بقوم فيها حيث يرى موقع حصاة لما روي عن عبد الله بن مسعود Bه أنه لما انتهى إلى الجمرة الكبرى جعل الكعبة عن يساره و منى عن يمينه .
و بأي شيء أجزأه حجرا كان أو طينا أو غيرهما هم جنس الأرض و هذا عندنا .
و قال الشافعي : لا يجوز إلا بالحجر .
وجه قوله : أن هذا أمر يعرف بالتوقيف و رد الحصى هي الأحجار الصغار .
و لنا : ما روينا عن النبي A أنه قال : [ ارم و لا حرج ] .
و روي عن النبي A أنه قال : [ أول نسكنا في يومنا هذا الرمي ثم الذبح ثم الحلق ] و روي عنه A أنه قال : [ من رمى و ذبح و حلق فقد حل له كل شيء إلا النساء ] مطلقا عن صفة الرمي و الرمي بالحصى من النبي A و أصحابه Bهم محمول على الأفضلية لا الجواز توفيقا بين الدلائل لما صح من مذهب أصحابنا أن المطلق لا يحمل على المقيد بل يجري المطلق على إطلاقه و المقيد على تقييده ما أمكن و ههنا أمكن بأن يحصل المطلق على أصل الجواز و المقيد على الأفضلية .
و لا يقف عند هذه الجمرة للدعاء بل ينصرف إلى رحله و الأصل أن كل رمي ليس بعده رمي في ذلك اليوم لا يقف عنده و كل رمي بعدهىرمي في دلك اليوم يقف عنده لأن النبي A لم يقف عند جمرة العقبة و وقف عند الجمرتين ثم الرمي ماشيا أفضل أو راكبا فقد روي عن أبي يوسف أنه فصل في ذلك تفصيلا فغنه حكى أن إبراهيم بن الجراح دخل على أبي يوسف و هو مريض في المرض الذي مات فيه فسأله أبو يوسف فقال أيهما أفضل الرمي ماشيا أو راكبا فقال ماشيا فقال أخطأت ثم قال راكبا فقال أخطأت و قال كل رمي بعده رمى فالماشي أفضل و كل رمي بعده فالراكب أفضل قال فخرجت من عنده فسمعت الناعي بموته قبل أن أبلغ الباب .
ذكرنا هذه الحكاية ليعلم أنه بلغ حرصه في التعليم حتى لم يسكت عنه في رمقه فيقتدى به في التحريض على التعليم و هذا لما ذكرنا أن كل رمي فالسنة فيه هو الوقوف للدعاء و الماشي أمكن للوقوف و الدعاء و كل رمي لا رمي بعده فالسنة فيه هو الانصراف لا الوقوف و الراكب أمكن من الانصراف لا الوقوف و الراكب أمكن من الانصراف .
فإن قيل أليس أنه روي عن النبي A أنه رمى راكبا فقال A : [ خذوا عني مناسككم لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا ] .
فالجواب : أن ذلك محمول على رمي بعده أو على التعليم ليراه الناس فيتعلموا منه مناسك الحج فإن رمى إحدى الجمار بسبع حصيات جميعا دفعة واحدة و يرمي ستة أخرى لأن التوقيف ورد بتفريق الرميات فوجب اعتباره و هذا بخلاف الاستنجاء أنه إذا استنجى بحجر واحد و أنقاه كفاه و لا يراعي فيه العدد عندنا لأن وجوب الاستنجاء ثبت معقولا بمعنى التطهير فإذا حصلت الطهارة بواحد اكتفى به فأما الرمي وجب تعبدا محضا فيراعي فيه مورد التعبد و انه ورد بالتفريق فيقتصر عليه .
فإن رمى أكثر من سبع حصيات لم تضره الزيادة لأنه أتى بالواجب و زيادة و السنة أن يرمي بعد طلوع الشمس من يوم النحر قبل الزوال لما روى [ جابر Bه : أن النبي A لم يرم يوم النحر ضحى و رمى بعد ذلك بعد الزوال ] و لو رمى قبل طلوع الشمس بعد انفجار الصبح أجزأه خلافا لسفيان و المسألة ذكرناها فيما تقدم و لا يرمي يومئذ غيرها لما روي : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يرم يوم النحر إلا جمرة العقبة ] .
فإذا فرغ من هذا الرمي لا يقف و ينصرف إلى رحله فإن كان منفردا بالحج يحلق أو يقصر و الحلق أفضل لما ذكرنا فيما تقدم و لا ذبح عليه و إن كان قارنا أو متمتعا يجب عليه أن يذبح و يحلق و يقدم الذبح على الحلق لقوله تعالى : { و يذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير } { ثم ليقضوا تفثهم } رتب قضاء التفث و هو الحلق على الذبح .
و روي عن النبي A أنه قال : [ أول نسكنا في يومنا هذا الرمي ثم الذبح ثم الحلق ] و روي عنه A : [ أنه رمى ثم ذبح ثم دعا بالحلاق ] فإن حلق قبل الذبح من غير أحصار فعليه لحقه قبل الذبح دم في قول أبي حنيفة و قال أبي يوسف و محمد و جماعة من أهل العلم إنه لا شيء عليه .
و أجمعوا على أن المحصر إذا حلق قبل الذبح أنه تجب عليه الفدية احتج من خالفه بما روي عن النبي A : أنه سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح فقال : [ اذبح و لا حرج ] و لو كان الترتيب واجبا لكان في تركه حرج .
و لأبي حنيفة الاستدلال بالمحصر إذا حلق قبل الذبح لأذى في رأسه أنه تلزمه الفدية بالنص فالذي يحلق رأسه بغير أذي به أولى و لهذا قال أبو حنيفة بزيادة التغليظ في حق من حلق رأسه قبل الذبح بغير أذي حيث قال : لا يجزئه غير الدم و صاحب الأذي مخير بين الدم و الطعام و الصيام كما خيره الله تعالى و هذا هو المعقول لأن الضرورة سبب لتخفيف الحكم و تسيره فالمعقول أن يجب في حال الاختيار بذلك السبب زيادة غلظ لم يكن في حال العذر فأما أن يسقط من الأصل في غير حالة العذر و يجب في حالة العذر فممتنع .
و لا حجة لهم في الحديث لأن قوله لا حرج المراد منه الإثم لا الكفارة و ليس من ضرورة انتفاء الإثم انتفاء الكفارة ألا ترى أن الكفارة تجب على من حلق رأسه لأذى به و لا إثم عليه و كذا يجب على الخاطئ .
فإذا حلق الحاج أو قصر حل له كل شيء حظر عليه الإحرام إلا النساء عند عامة العلماء لما ذكرنا فيما تقدم ثم يزور البيت من يومه ذلك أو من الغد و لا يؤخرها عنها و أفضلها أولها روي : [ أن النبي A طاف في أول أيام النحر فيطوف أسبوعا لأن النبي A هكذا طاف و عليه عمل المسلمين ] و لا يرمل في هذا الطواف لأنه لا سعى عقيبه لأنه قد طاف اللقاء و سعى عقيبه حتى لو يكن طاف طواف اللقاء و لا سعى فإنه يرمل في طواف الزيارة .
و يسعى بين الصفا و المروة عقيب الزيارة و لو أخره عن أيام النحر فعليه دم في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد لا شيء عليه و المسألة قد مضت فإذا طاف طواف الزيارة كله أو أكثره حل له النساء أيضا لنه قد خرج من العبادة و ما بقي عليه شيء من أركانها و الأصل أن في الحج إحلالين و الإحلال الأول بالحلق أو بالتقصير و يحل به كل شيء إلا النساء و الإحلال الثاني بطواف الزيارة و يحل به النساء أيضا ثم يرجع إلى منى و لا يبيت بمكة و لا في الطريق هو السنة لأن النبي A هكذا فعل و يكره أن يبيت في غير منى في أيام فإن فعل لا شيء عليه و يكون مسيا لأن البيتوتة بها ليست بواجبة بل هي سنة و عند الشافعي يجب عليه الدم لأنها واجبة عنده و اجتح بفعل النبي A و أفعاله على الوجوب في الأصل .
و لنا ما روي : [ أن رسول الله A أرخص للعباس أن يبيت بمكة للسقاية ] و لو كان واجبا لم يكن العباس يترك الواجب لأجل السقاية و لا كان النبي A يرخص في ذلك و فعل النبي A محمول على السنة توفيقا بين الدليلين .
و إذا بات بمنى فإذا كان من الغد و هو اليوم الأول من أيام التشريق و الثاني من أيام الرمي فإنه يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في ثلاث مواضع : .
أحدها : المسمى بالجمرة الأولى و هي التي تلي مسجد الخيف و هو مسجد إبراهيم عليه الصلاة و السلام فيرمي عندها سبع 0حصيات مثل حصى الخزف يكبر مع كل حصاة فإذا فرغ منها يقف عندها فيكبر و يهلل و يحمد الله تعالى و يثني عليه و يصلي على النبي A و يسأل الله تعالى حوائحه .
ثم يأتي الجمرة الوسطى فيفعل بها ما فعل بالأولى و يرفع يديه عند بسطا ثم يأتي جمرة العقبة فيفعل مثل ما فعل بالجمرتين الأولتين إلا أنه لا يقف للدعاءبعد هذه الجمرة بل ينصرف إلى رحله لما روي : [ أن رسول الله A رمى الجمار الثلاث في أيام التشريق و ابتدأ بالتي تلي مسجد الخيف و وقف عند الجمرتين و لم يقف عند الثالثة ] و أما رفع اليدين فلقول النبي A : [ لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن و ذكر من جملتها و عند المقامين عند الجمرتين ] .
فإذا كان اليوم الثاني من أيام التشريق و هو اليوم الثالث من أيام الرمي رمي الجمار الثلاث بعد الزوال ففعل مثل فعل ما فعل أمس فإذا رمى فإن أراد أن ينفر من منى و يدخل مكة نفر قبل غروب الشمس ولا شيء عليه لقوله تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } و إن أقام و لم ينفر حتى غربت الشمس يكره له أن ينفر حتى تطلع الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق و هو اليوم الرابع من أيام الرمي و يرمي الجمار الثلاث و لو نفر قبل طلوع الفجر لا شيء عليه و قد أساء .
أما الجواز فلأنه نفر في وقت لم يجب فيه الرمي بعد بدليل أنه لو رمي فيه عن اليوم الرابع لم يجز فجاز فيه النفر كما لو رمى الجمار في الأيام كلها ثم نفر و أما الإساءة فلأنه ترك السنة فإذا طلع الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق رمى الجمار الثلاث ثم ينفر فإن قبل الرمي فعليه دم لأنه ترك الواجب و إذا أراد أن ينفر في النفر الأول أو في النفر الثاني فإنه يحمل ثقله معه و يكره تقديمه لما روي عن النبي A أنه قال : [ المرء من حيث رحله ] و روي : [ المرء من حيث أهله ] و لأنه لو فعل ذلك يشتغل قبله بذلك و لا يخلو من ضرر و قد روي عن عمر Bه أنه كان يضرب على ذلك و حكي عن إبراهيم النخعي أن عمر Bه إنما كان يضرب على تقديم الثل مخافة السرقة .
ثم يأتي الأبطح و يسمى المحصب و هو موضع بين منى و بين مكة فينزل به ساعة فإنه سنة عندنا لما [ روي عن نافع عن عبد الله بن عمر Bهم أن النبي A و أبا بكر و عمر و عثمان Bهم : نزلوا بالأبطح ] ثم يدخل مكة فيطوف طواف الصدر توديعا للبيت و لهذا يسمى طواف الوداع و إنه واجب على أهل الآفاق عندنا لما ذكرنا فيما تقدم فيطوف سبعة أشواط لا رمل فيها لأنه طواف لا سعي بعده و يصلي ركعتين ثم يرجع إلى أهله لأنه لم يبق عليه شيء من الأركان و الواجبات كذا ذكر في الأصل .
و ذكر الطحاوي في مختصره عن أبي حنيفة أنه إذا فرغ من طواف الصدر يأتي المقام فيصلي عنده ركعتين ثم يأتي زمزم فيشرب من مائها و يصب على وجههى ثم يأتي الملتزم و هو ما بين الحجر الأسود و الباب فيضع صدره وجبهته عليه و يتشبث بأستار الكعبة و يدعو ثم يرجع و ذكر في العيون كذلك إلا أنه قال : في آخره و يستلم الحجر و يكبر ثم يرجع و روي عن أبي حنيفة أنه قال : إن دخل البيت فحسن و إن لم يدخل لم يضره و يقول عند رجوعه آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله و عده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده و الله الموفق