وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما بيان حكم المحرم .
فصل : و أما بيان حكم إذا منع عن المضي في الإحرام و هو المسمى بالمحصر في عرف الشرع فالكلام في الإحصار في الإصل في ثلاث مواضع في تفسير الإحصار و مم يكون و في بيان حكم الإحصار و في بيان حكم زوال الإحصار .
أما الأول : فالمحصر في اللغة هو الممنوع و الإحصار هو المنع و في عرف الشرع هو اسم لمن احرم ثم منع عن المضي في موجب الإحرام سواء كان المنع من العدو أو المرض أو الحبس أو الكسر أو العرج و غيرها من الموانع من إتمام ما أحرم به حقيقة أو شرعا و هذا قول أصحابنا .
و قال الشافعي : لا إحصار إلا من العدو و وجه قول أن آية الإحصار و هي قوله تعالى : { إن أحصرتم فما استيسر من الهدي } نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أحصروا من العدو و في آخر الآية الشريفة دليل عليه و هو قوله D : { فإذا أمنتم } و الأمان من العدو يكون و روي عن ابن عباس و ابن عمر Bهما أنهما قالا : لا حصر إلا من عدو .
و لنا : عموم قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } و الإحصار هو المنع و المنع كما تكون من العدو يكون من المرض و غيره و العبرة بعموم اللفظ عندنا لا بخصوص السبب إذ الحكم يتبع اللفظ السبب .
و عن الكسائي و أبي معاذ أن الإحصار من المرض و الحصر من العدو فعلى هذا كانت الآية خاصة فلي الممنوع بسب المرض و أما قوله D : { فإذا أمنتم } فالجواب عن التعلق من وجهين .
أحدهما : أن الأمن كما يكون من العدو يكون من زوال المرض لأنه إذا زال مرض الإنسان أمن الموت منه أو أمن زيادة المرض و كذا بعض الأمراض قد تكون أمانا من البعض كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ الزكام أمان من الجذام ] .
و الثاني : أن هذا يدل على أن المحصر من العدو مراد من الآية الشريفة و هذا لا ينفي كون المحصر من المرض مرادا منها .
و ما روي عن ابن عباس و ابن عمر Bهما أنه إن ثبت فلا يجوز أن ينسخ به مطلق الكتاب كيف و أنه لا يرى نسخ الكتاب بالسنة و قد روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ من كسرأو عرج فقد حل و عليه الحج من قابل ] و قوله : [ حل أيجاز له أن يحل بغير دم ] لأنه يؤذن له بذلك شرعا و هو كقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ إذا أقبل الليل من ههنا و أدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم ] .
و معناه أي حل له الإفطار فكذا ههنا معناه حل له أن يحل و لأنه إنما صار محصرا من العدو و من خصاله التحلل لمعنى هو موجود في المرض و غيره و هو الحاجة إلى الترفية و التيسر لما يلحقه من الضرر و الحرج بإتقائه على لإحرام مدة مديدة و الحاجة إلى الترفية و التيسر متحققة في المريض و نحوه فيتحقق الإحصار و يثبت موجبة بل أولى لأنه يملك دفع شر العدو عن نفسه بالقتال فيدفع الإحصار عن نفسه و لا يمكنه دفع المرض عن نفسه فلما جعل ذلك عذرا فلأن يجعل هذا عذرا أولى و الله أعلم .
و سواء كان العدو المانع كافرا أو مسلما لتحقيق الإحصار منها و هو المنع عن المضي في موجب الإحرام فيدخل تحت عموم الآية و كذا ما ذكرناه من المعنى الموجب لثبوت حكم الإحصار و هو إباحة التحلل و غيره لا يوجب الفضل بين الإحصار من المسلم و من الكافر و لو سرقت نفقته أو هلكت راحلته فإن كان لا يقدر على المشي فهو حصر لأنه منبع من المضي في موجب الإحرام فكان محصرا كما لو معنه المرض و إن كان يقدر على المشي فليس بمحصر لأنه قادر على الضمي في موجب الإحرام فلا يجوز له التحلل ابتداء يجب عليه بعد الشروع فيه كالفقير الذي لا زاد له و لا راحلة شرع في الحج أنه يجب عليه المشي و إن كان لا يجب عليه ابتداء قبل الشروع كذا هذا .
قال أبي يوسف : فإن قدر على المشي في الحال و خاف أن يعجز له التحلل لأن المشي الذي لا يوصله إلى المناسك وجوده و العدم بمنزلة واحدة فكان محصرا فيجوز له التحلل كما لو لم يقدر على المشي أصلا و علىهذا يخرج المرأة إذا أحرمت و لا زوج لها و معها محرم فمات محرمها أو أحرمت و لا محرم معها و لكن معها زوجها فمات زوجها أنها محصرة لأنها ممنوعة شرعا من المضي في موجب الإحرام بلا زوج و لا محرم و على هذا يخرج ما إذا أحرمت بحجة التطوع و لها محرم زوج فمنعها زوجها إنها محصرة لأن الزوج أن يمنعها من حجة التطوع كما أن له أن يمنعها عن صوم فصارت ممنوعة شرعا يمنع الزوج فصارت محصرة كالممنوع حقيقة بالعدو و غيره .
و إن أحرمت و معها محرم و ليس لها زوج فأحرمت بإذن الزوج إنها لا تكون محصرة و تمضي في إحرمها لأن الزوج أسقط حق نفسه بالإذن و إن حرمت و ليس لها محرم فإن لم يكن لها زوج فهي محصورة لأنها ممنوعة عن المضي في موجب الإحرام بغير زوج و لا محرم و إن كان لها زوج فإن أحرمت بغير إذنه فكذلك لأنها ممنوعة من المضي بغير إذن الزوج و إن أحرمت بإذنه لا تكون محصورة لأنها غير ممنوعة و إن حرمت بحجة الإسلام و لا محرم لها و لا زوج فهي محصرة لأنها ممنوعة عن المضي في موجب الإحرام لحق الله تعالى و هذا المنع أقوى من منع العباد .
و إن كان لها محرم و زوج و لها استطاعة عند خروج أهل بلدها فليست بمحصرة لأنه ليس للزوج أن يمنعها من الفرائض كالصلوات المكتوبة و صوم رمضان و إن كان زوج و لا محرم معها فمنعها الزوج فهي محصرة فبظاهر الرواية لأن الزوج لا يجبر على الخروج و لا يجوز لها الخروج بنفسها و لا يجوز للزوج أن يأذن لها بالخروج ولو أذن لا يعمل إذنه فكانت محصرة و هل للزوج أن يحللها روي عن أبي حنيفة أن له أن يحللها لأنها صارت محصرة ممنوعة عن الخروج و المضي بمنع الزوج صار هذا كحج التطوع و هناك للزوج أن يحللها فكذا هذا .
و لو أحرم العبد و الأمة بغير إذا المولى فهو محصر لأنه ممنوع عن المضي بغير إذنه و للمولى أن يحلل هو إن كان بإذنه فللمولى أن يمنعه إلا أنه يكره له ذلك لأنه خلف في الوعد و لا يكون الحاج محصرا بعدما وقف بعرفة و يبقى محرما عن النساء إلى أن يطوف الزيارة و إنما قلنا إنه لا يكون محصرا لقوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } أي فان أحصرتم عن إتمام الحج و العمرة لأنه مبنى على قوله : { و أتموا الحج و العمرة لله } و قد تم حجه بالوقوف لقوله صلى الله عليه و سلم : [ الحج عرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجه ] و بعد تمام الحج لا يتحقق الإحصار و لأن المحصر اسم لفائت الحج و بعد وجود الركن الأصلي و هو الوقوف لا يتصور الفوات فلا يكون محصرا و لكنه يبقى محرما عن النساء إلى أن يطوف طواف الزيارة لأن التحلل عن النساء لا يحصل بدون طواف الزيارة .
فإن منع حتى مضى أيام النحر و التشريق ثم خلى سبيله يسقط عنه الوقوف بمزدلفة و رمى الجمار و عليه دم لترك الرمي لأن كل واحد منهما واجب و عليه أن يطوف طواف الزيارة و طواف الصدر و عليه لتأخير طواف أيام النحر دم عند أبي حنيفة و كذا عليه لتأخير الحلق عن أيام النحر دم عنده و عندهما لا شيء عليه و المسألة مضت في موضعها