وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما بيان أنواعه .
و أما بيان أنواعه و بيان ما يحل للمحرم اصطياده و ما يحرم عليه من كل نوع فنقول : و بالله التوفيق الصيد في الأصل نوعان : بري و بحري هو الذي توالده في البحر سواء كان لا يعيش إلا في البحر أو يعيش في البحر و البر و البري ما يكون توالده في البر سواء كان لا يعيش إلا في البر أو يعيش في البر و البحر فالعبرة للتوالد .
أما صيد البحر فيحل اصطياده للحلال و المحرم جميعا مأكولا كان أو غير ماكول لقوله تعالى : { حل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم و للسيارة } و المراد منه اصطياد ما في البحر لأن الصيد مصدر يقال : صاد يصيد صيدا و استعماله في المصيد مجاز و الكلام بحقيقيته إباحة اصطياد ما في البحر عاما .
و أما صيد البر فنوعان مأكول و غير مأكول أما المأكول فلا يحل للمحرم اصطياده نحو الظبي و الأرنب و حمار الوحش و بقر الوحش و الطيور التي يؤكل لحومها برية كانت أو بحرية لأن الطيور كلها برية لأن توالدها في البر و إنما يدخل بعضها في البحر لطلب الرزق .
و الأصل فيه قوله تعالى : { و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } و قوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم } ظاهر الآيتين يقتضي تحريم صيد البر للمحرم عاما أو مطلقاص إلا ما خص أو قيد بدليل .
و قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم و رماحكم } و المراد منه الابتلاء بالنهي قوله تعالى في سياق الآية : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } أي اعتدت بالاصطياد بعد تحريمه والمراد منه صيد البر لأن صيد البحر مباح بقوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر } و كذا لا يحل له الدلالة عليه و الإشارة إليه بقوله صلى الله عليه و سلم : [ الدال على الخير كفاعله على الشر كفاعله ] و لأن الدلالة و الإشارة سبب إلى القتل و تحريم الشيء تحريم لأسبابه و كذا لا يحل له الإعادة على قتله لأن الإعانة فوق الدلالة و الإشارة و تحريم الأدنى تحريم الأعلى من طريق الأولى كالتأفيف مع الضرب و الشتم .
و أما غير المأكول فنوعان : نوع يكون مؤذيا بالأذى غالبا و نوع لا يبتدئ بالأذى غالبا أما الذي يبتدئ بالأذى غالبا فللمحرم أن يقتله و لا شيء عليه و ذلك نحو الأسد و الذئب و النمر و الفهد لأن دفع الأذى من غير سبب موجب للأذى واجب فضلا عن الإباحة و لهذا أباح رسول الله صلى الله عليه و سلم قتل الخمس الفواسق للمحرم في الحل و الحرم بقوله صلى الله عليه و سلم [ خمس من الفواسق يقتلهن المحرم في الحل و الحرم : الحية و العقرب و الفأرة و الكلب العقور و الغراب و روى و الحدأة ] .
و روى عن ابن عمر Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ خمس يقتلهن المحل و المحرم في الحل و الحرم : الحدأة و الغراب و العقرب و الفأرة و الكلب العقور ] .
و روي عن عائشة Bها قالت : [ أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقتل خمس فواسق في الحل و الحرم : الحدأة و الفأرة و الغراب و العقرب و الكلب العقور ] و على الإباحة فيها هي الابتداء بالأذى و العدو على الناس غالبا فإن من عادة الحدأة أن تغير علىاللحج و الكرش و العقرب تقصد من تلدغه و تتبع حسه و كذا الحية و الغراب يقع على دبر البعير و صاحبه قريب منه و الفأرة تسرق أموال الناس و الكلب العقور من شأنه العدو على الناس و عقرهم ابتداء من حيث الغالب و لا يكاد يهرب من بني آدم و هذا المعنى موجود في الأسد و الذئب و الفهد و النمر فكان ورد النص في تلك الأشياء و رودا في هذه دلالة .
قال أبي يوسف : الغراب المذكور في الحديث هو الغراب الذي يأكل الجيف أو يخلط مع الجيف إذ هذا النوع هو الذي يبتدئ بالأذى و العقعق ليس في معناه لأنه لا يأكل الجيف و لا يبتدئ بالأذى و أما الذي لا يبتدئ بالأذى غالبا كالضبع و الثعلب و غيرهما فله أن يقتله إن عدى عليه و لا شيء عليه إذا قتله و هذا قول أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : يلزمه الجزاء .
وجه قوله : أن المحرم للقتل و هو الإحرام فلو سقطت الحرمة إنما تسقط بفعله و فعل العجماء جبار فبقي محرم القتل كما كان كالجمول الصؤل إذا قتله إنسان أنه يضمن لما قلنا كذا هذا .
و لنا : أنه لما عدا عليه و ابتدأ التحق بالمؤذيات طبعا فسقطت عصمته و قد روي عن عمر Bه أنه ابتدأ قتل ضبع فأدى جزاءها و قال : إنا ابتدأناها فتعليه بابتدائه قتله إشارة إلى أنها لو ابتدأت لا يلزمه الجزاء و قوله الإحرام قائم مسلم لكن أثره في أن لا يتعرض للصيد لا في وجوب تحمل الأذى بل يجب عليه دفع الأذىلأنه من صيانة نفسه عن الهلاك و أنه أوجب فسقطت عصمته في حال الأذى فلم يجب الجزاء بخلاف الجمل الصائل لأن عصمته ثبتت حقا لمالكه و لم يوجد منه ما يسقط العصمة فيضمن القاتل و إن لم يعد عليه لا يباح له أن يبتدئه بالقتل و إن قتله فعليه الجزاء عندنا و عند الشافعي : يباح له قتله ابتداء و لا جزاء إذا قتله .
وجه قوله : أن النبي صلى الله عليه و سلم أباح للمحرم قتل خمس من الدواب و هي لا يؤكل لحمها و الضبع و الثعلب ما لا يؤكل لحمه فكان ورود النص هناك و رودا ههنا .
و لنا : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم } و قوله { و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } و قوله : { يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم و رماحكم } عاما أو مطلقا من غير فصل بين المأكول و غيره و اسم الصيد يقع على المأكول و غير المأكول لوجود الصيد فيهما جميعا و الدليل عليه قول الشاعر : .
( صيد الملوك أرانب و ثعالب ... و إذا ركبت فصيدي الأبطال ) .
أطلق اسم الصيد على الثعلب إلا أنه خص منها الصيد العادي المبتدئ بالأذى غالبا أو قيدت بدليل فمن ادعى تخصيص غيره أو التقيد فعليه الدليل و قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ الضبع صيد و فيه شاة إذا قتله المحرم ] و عن عمر و ابن عباس Bهما أنهما اوجبا في قتل المحرم الضبع جزاء و عن علي Bه أنه قال في الضبع إذا عدا علىالمحرم فليقتله فإن قتل قبل أن يعدو عليه فعليه شاة مسنة و لا حجة للشافعي في حديث الخمس الفواسق لأنه ليس فيه أن إباحة قتلهن لأجل أنه لا يؤكل لحمها بل فيه إشارة إلى أن علة الإباحة فيها الابتداء بالأذى غالبا و لا يوجد ذلك في الضبع والثعلب بل من عادتها الهرب من بني آدم و لا يؤذيان أحدا حتى يبتدئهما بالأذى فلم توجد علة الإباحة فيهما فلم تثبت الإباحة .
و على هذا الخلاف الضب و اليربوع و السنور و الدلف و القرد و الفيل و الخنزير لأنها صيد لوجود معنى الصيد فيها و هو الامتناع و التوحش و لا تبتدئ بالأذى غالبا فتدخل تحت ما تلونا من الآيات الكريمة .
و قال زفر في الخنزير إنه لا يجب الجزاء فيه لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ بعثت بكسر المعازف و قتل الخنازير ] ندبنا صلى الله عليه و سلم إلى قتله و الندب فوق الإباحة فلا يتعلق به الجزاء و الحديث محمول على غير حال الإحرام أو على حال العدو و الابتداء بالأذى حملا لخبر الواحد على موافقة الكتاب العزيز و على هذا الاختلاف سباع الطير و الله أعلم