وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما بيان حكم فوات الحج .
و أما بيان حكم فوات الحج عن العمرة فنقول من عليه الحج إذا مات قبل أدائه فلا يخلو إما إن مات من غير وصية و إما إن مات عن وصية فإن مات من غير وصية يأثم بلا خلاف .
أما على قول من يقول بالوجوب على الفور فلا يشكل .
و أما على قول من يقول بالوجوب على التراخي فلأن الوجوب يضيق عليه في آخر العمر في وقت يحتمل الحج و حرم عليه التأخير فيجب عليه أن يفعل بنفسه إن كان قادرا و إن كان عاجزا عن الفعل بنفسه عجزا مقررا و يمكنه الأداء بماله بإنابة غيره مناب نفسه بالوصية فيجب عليه أن يوصي به فإن لم يوص به حتى مات أثم بتفويته الفرض عن وقته مع إمكان الداء في الجملة فيأثم لكن يسقط عنه في حق أحكام الدينا عندنا حتى لا يلزم الوارث الحج عنه من تركته لأنه عبادة و العبادات تسقط يموت من عليه سواء كانت بدينة أو مالية في حق أحكام الدنيا عندنا .
و عند الشافعي : لا تسقط و يؤخذ من تركته قدر ما يحج به و يعتبر ذلك من جميع المال و هذا على اختلاف في الزكاة و الصوم و العشر و النذور و الكفارات و نحو ذلك .
و قد ذكرنا المسألة في كتاب الزكاة و إن أحب الوارث أن يحج عنه حج و أرجو أن يجزيه ذلك إن شاء الله تعالى كذا ذكر أبي حنيفة .
أما الجواز : فلما روى [ أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إن أمتي ماتت و لم يحج أفاحج عنها ؟ فقال : نعم ] فقد أجاز النبي صلى الله عليه و سلم حج الرجل عن أمه و لم يستفسر أنها ماتت عن وصية أو لا عن و صية و لو كان الحكم يختلف لا ستفسر .
و أما قران الاستثناء بالأجزاء فلأن الحج كان واجبا على الميت قطعا و الواجب على الإنسان قطعا لا يسقط إلا بدليل موجب للسقوط قطعا و الموجب لسقوط الحج عن الميت بفعل الوارث بغير أمره من أخبار الآحاد و خبر الواحد يوجب علم العمل لا علم الشهادة لا حتمال عدم الثبوت و إن كان احتمالا مرجوحا لكن الاحتمال المرجوح يعتبر في علم الشهادة و إن كان لا يعتبر في علم العمل فعلق الأجزاء و السقوط بمشيئة الله تعالى احترازا عن الشهادة على الله تعالى من غير علم قطعي و هذا من كمال الورع و الاحتياط في دين الله تعالى و لأن الظاهر من حال من عليه الحج إذا عجز عن الأداء بنفسه حتى أدركه الموت و له مال أنه يأمر وارثه بالحج عنه تفريغا لذمته عن عهدة الواجب فكانت الوصية موجودة دلالة و الثابت كالثابت نصا لكن ألحق الاستثناء به لاحتمال العدم .
فإن قيل : لو كان الأمر على ما ذكرتم هلا ألحق الاستثناء بكل ما يثبت بخبر الواحد فالجواب : أنك أبعدت في القياس إذ لا كل خبر يرد بمثل هذا الحكم و هو سقوط الفرض و محل سقوط الاستثناء هذا فإن ثبت الإطلاق منه في ثمله في موضع من غير تصريح بالاستثناء فذلك لوجود النية منه عليه في الحج فتقع الغنية عن الإفصاح به في كل موضع و إن مات عن وصية لا يسقط الحج عنه ويجب أن يحج عنه لأن الوصية بالحج قد صحت و إذا حج عنه يجوز عند استجماع شرائط الجواز و هي نية الحج عنه و أن يكون الحج بمال الموصي أو بأكثره إلا تطوعا و أن يكون راكبا لا ماشيا لما ذكرنا فيما تقدم و يحج عنه من ثلث ماله سواء قيد الوصية بثلث بأن يحج عنه بثلث ماله أو اطلق بأن أوصى أن يحج عنه أما إذا قيد فظاهر و كذا إذا طلق لأن الوصية تنفذ من الثلث و يحج عنه من بلده الذي يسكنه لأن الحج مفروض عليه من بلده فمطلق الوصية ينصرف إليه و لهذا قال محمد C : روى ابن رستم عنه في خراساني أدركه الموت بمكة فأوصى أن يحج عنه يحج عنه من خراسان .
و روى هشام عن أبي يوسف في مكي قدم الري فحضره الموت فاوصى أن يحج عنه يحج عنه من مكة فإن أوصى أن يقرن عنه قرن عنه من الري لأنه لا قران لأهل مكة فتحمل الوصية على ما يصح و هو القران من حيث مات هذا إذا كان ثلث المال يبلغ أن يحج عنه من بلده حج عنه فإن كان لا يبلغ يحج من حيث يبلغ استحسانا و كذا إذا أوصى أن يحج عنه بمال سمى مبلغه إن كان يبلغ أن يحجح عنه من بلده حج عنه و إلا فيحج عنه من حيث يبلغ استحسانا و القياس : أن تبطل الوصية لأنه تعذر تنفيذها على ما قصده الموصي و هذا يوجب بطلان الوصية كما إذا أوصى بعتق نسمة فلم يبلغ ثلث المال ثمن النسمة .
وجه الاستحسان : أن غرض الموصي من الوصية بالحج تفريغ ذمته عن عهدة الواجب و ذلك في التصحيح لا في الإبطال و لو حمل ذلك على الوصية بالحج من بلده لبطلت و لو حمل على الوصية حيث يبلغ لصحت فيحمل عليه تصحيحا لها و في الوصية بعتق النسمة تعذر التصحيح أصلا و رأسا فبطلت فإن خرج من بلده إلى بلد أقرب من مكة فإن كان أخرج لغير الحج و حج عنه من بلده في قولهم جميعا و إن كان خرج للحج فمات في بعض الطريق و أوصى أن يحج عنه فكذلك في قول أبي حنيفة و قال أبي يوسف و محمد يحج عنه من حيث بلغ .
و جه قولهما : أن قدر ما قطع من المسافة في سفره بنية الحج معتد به من الحج لم يبطل بالموت لقوله تعالى : { و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله } فسقط عنه ذلك القدر من فرض الحج و بقي عليه اتمامه .
و لأبي حنيفة : أن القدر الموجود من السفر يعتبر لكن في حق الأحكام الآخرو و هو الثواب لا في حق أحكام الدنيا إن لم يبطل به في حق حكام الآخرة و كلامنا في حق أحكام الدنيا لأن ذلك يتعلق بأداء الحج و لم يتصل به الأداء فبطل بالموت في حق الأحكام الدينا و لو خرج للحج فأقام في بعض البلاد حتى دارت السنة ثم مات و قد أوصى أن يحج عنه من بلده بلا خلاف .
أما عند أبي حنيفة فظاهر .
و أما عندهما : فلأن ذلك السفر لم يتصل به عمل الحجة التي سافر لها فلم يعتد به عن الحج و إن كان ثلث ماله لا يبلغ أن يحج به عنه إلا ماشيا فقال رجل : أنا أحج عنه من بلده ماشيا روى هشام عن محمد C أنه : لا يجزئه و لكن يحج عنه من حيث يبلغ راكبا .
و روى الحسن عن أبي حنيفة إن أحجوا عنه من بلبده ماشيا جازك و إن أحجوا من حيث يبلغ راكبا جاز و أصل هذه المسألة أن الموصي بالحج إذا اتسعت نفقته للركوب فأحجوا عنه ماشيا لم يجز لأن المفروض هو الحج راكبا فإطلاق الوصية ينصرف إلى ذلك كأنه أوصاه بذلك و قال : أحجوا عني راكبا و لو كان كذلك لا يجوز ماشيا كذا هذا .
وجه رواية الحسن : أن فرض الحج له تعلق بالركوب و له تعلق ببلده و لا يمكن مراعاتهما جميعا و في كل واحد منهما كمال من وجه و نقصان من وجه فيجوز أيهما كان و إن كان ثلث ماله لا يبلغ أن يحج عنه من بلده فحج عنه من موضع يبلغ و فضل من الثلث و تبين أنه كان يبلغ من موضع أبعد منه يضمنه الوصي و يحج عن الميت من حيث يبلغ لأنه تبين أنه خالف إلا إذا كان الفاضل شيئا يسيرا من زاد أو كسوة فلا يكون مخالفا و لا ضامنا و يرد الفضل إلى الورثة لأن ذلك ملكهم .
و إن كان للموصي و طنان فأوصي أن يحج عنه من أقرب الوطنين لأن الأقرب دخل في الوصية بيقين و في دخول الأبعد شك فيؤخذ باليقين و فيما ذكرنا من المسائل التي وجب الحج من بلده إذا أحج الوصي من غير بلده يكون ضامنا و يكون الحج له و يحج عن الميت ثانيا لأنه خالف إلا إذا كان المكان الذي أحج عنه قريبا إلى وطنه بحيث يبلغ إلى الوطن قبل الليل فحينئذ لا يكون مخالفا و لا ضامنا و يكون كاختلاف المحل و لو مات في محله فأعجبوا عنه من محلة أخرى جاز كذا هذا .
فإن قال الموصي : أحجوا عني بثلث مالي و ثلث ماله يبلغ حججا حج عنه حججا كذا روى القدوري في شرحه مختصر الكرخي .
و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه إذا أوصى أن يحج عنه ثلث ماله و ثلث ماله يبلغ حججا يحج عنه حجة واحدة من وطنه و هي حجة الإسلام إلا إذا أوصى أن يحج عنه بجميع الثلث فيحج عنه حججا بجميع الثلث و ما ذكره القاضي أثبت لأن الوصية بالثلث و يجمع الثلث واحد لأن الثلث اسم لجميع هذا السهم ثم الوصي بالخيار إن شاء أحج عنه الحجج في سنة واحدة و إن شاء أحج عنه في كل سنة واحدة .
و الأفضل أن يكون في سنة واحدة لأن فيه تعجيل تنفيذ الوصية و التعجيل في هذا أفضل من التأخير و إن أوصى أن يحج عنه من موضع كذا من غير بلده يحج عنه من ثلث ماله من ذلك الموضع االذي بين قرب من مكة أو بعد عنها لأن الإحجاج لا يجوز إلا بأمره فيتقدر بقدر أمره و ما فضل في يد الحاج عن الميت بعد النفقة في ذهابه و رجوعه فإنه يرده على الورثة لا يسعه أن يأخذ شيئا مما فضل لأن النفقة لا تصير ملكا للحاج بالإحجاج و إنما يتفق قد رما يحتاج إليه في ذهابه و إيابه على حكم ملك الميت لأنه لو ملك إنما يملك بالاستئجار و الاستئجار على الطاعات : لا يجوز عندنا فكان الفاضل ملك الورثة فيجب عليه رده إليهم و لو قاسم الورثة و عزل قدر نفقة الحج و دفع بقية التركة إلى الورثة فهلك المعزول في يد الموصي أو في يد الحاج قبل الحج بطلت القسمة في قول أبي حنيفة و هلك ذلك القدر من الجملة و لا تبطل الوصية و يحج له من ثلث المال الباقي حتى يحصل الحج أو ينوي المال في قول أبي حنيفة و جعل أبي حنيفة الحج بمنزلة الموصى له الغائب و قسمة الوصي مع الورثة على الموصي له الغائب لا يجوز حتى لو قاسم مع الورثة و عزل نصيب الموصي له ثم هلك في يده قبل أن يصل إلى الموصى له الغائب يهلك من الجملة و يأخذ الموصي له ثلث الباقي كذلك الحج و عند أبي يوسف إن بقي من ثلث ماله شيء يحج عنه مما بقي من ثلثه من حيث يبلغ و أنه لم يبق من ثلثه شيء بطلت الوصية .
و قال محمد : قسمة الوصية جائزة و تبطل الوصية بهلاك المعزول سواء بقي من المعزول شيء أو لم يبق شيء فإن لم يهلك ذلك المال و لكن مات المجهز في بعض طريق مكة فما أنفق المجاهز إلى وقت الموت نفقة مثله فلا ضمان عليه لأنه لم ينفق على الخلاف بل على الوفاق و ما بقي في يد المجهز القياس أن يضم إلى مال الموصي فيعزل ثلث ماله و يحج عنه من وطنه و هو قول أبي حنيفة و في الاستحسان يحج الباقي من حيث تبلغ و هو قولهما