وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما الذي يرجع إلى نفس التصرف .
فهو أن يكون التصرف نافعا في حق المولى عليه لا ضارا في حقه فليس للأب و الوصي و الجد أن يزوج عبد الصغير و الصغيرة حرة و لا أمة لغيرهما لأن هذا التصرف ضار في حق المولة عليه لأن المهر و النفقة يتعلقان برقبة العبد من غير أن يحصل للصغير مال في مقابلته و الإضرار لا يدخل تحت ولاية الولي كالطلاق و العتاق و التبرعات و كذا كل من يتصرف على غيره بالإذن لا يملك إنكاح العبد كالمكاتب و الشريك و المضارب والمأذون لأن إطلاق التصرف لهؤلاء مقيد بالنظر .
و أما تزويج الأمة حرا أو عبدا لغيرها فملكه الأب و الجد الوصي و المكاتب و المفاوض و القاضي و أمين القاضي لأنه نفع محض لكونه تحصيل ماله من غير أن يقابله مال فيملكه هؤلاء ألا ترى أنهم يملكون البيع مع أنه مقابلة المال بالمال فهذا أولى فأما شريك العنان و المضارب و اامأذون فلا يملكون تزويج الأمة في قول أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف يملكون .
وجه قول أبي يوسف : أن هذا التصرف نافع لأنه تحصيل مال لا يقابله مال فيملكونه كشريك المفاوضة .
وجه قولهما : أن تصرف هؤلاء يختص بالتجارة و النكاح ليس من التجارة بدليل أن المأذونة لا تزوج نفسها و لو كان النكاح تجارة لملكت لأن التجارة معاوضة المال بالمال و النكاح معاوضة البضع بالمال فلم يكن تجارة فلا يدخل تحت ولايتهم بخلاف المفاوض لأن تصرفه مختص بالنفع لا بالتجارة و هذا نافع و لو زوج أمته من عبد ابنه قال أبو يوسف : يجوز و قال زفر : لا يجوز .
وجه قول زفر : أن تزويج عبده الصغير لم يدخل تحت ولاية الأب فكان الأب فيه كالأجنبي و احتمال الضرر ثابت لجواز أن يبيع الأمة فيتعلق المهر و النفقة برقبة العبد فيتضرر به الصغير فيصير كأنه زوجه أمة الغير .
و لنا : أن ثبوت الولاية موجود فلا يمتنع الثبوت إلا لمكان الضرر و هذا نفع لا مضرة فيه لأن الأولاد له ولا يتعلق المهر و النفقة برقبة العبد فكان نفعا محضا فيملكه .
قوله : يحتمل أن يبيعه .
قلنا : و يحتمل أن لا يبيعه فلا يجوز تعطيل الولاية المخففة للحال لأمر يحتمل الوجود و العدم .
و على هذا يخرج ما إذا زوج الأب أو الجد الصغيرة من كفء بدون مهر المثل أو زوج ابنه الصغير امرأة بأكثر من مهر مثلها أنه إن كان ذلك مما يتغابن الناس في مثله لا يجوز بالإجماع و إن كان مما لا يتغابن الناس في مثله يجوز في قول أبي حنيفة .
و في قول أبي يوسف و محمد : لا يجوز .
و ذكر هشام عنهما : أن النكاح باطل و لو زوج ابنته الصغيرة بمهر مثلها من غير كفء فهو على هذا الخلاف و لو فعل غير الأب و الجد شيئا مما ذكرنا لا يجوز في قولهم جميعا .
وجه قولهما : أن ولاية الإنكاح تثبت نظرا في حق المولى عليه و لا نظر في الحط على مهر المثل في إنكاح الصغيرة و لا في الزيادة على مهر المثل في إنكاح الصغير بل في ضرر بهما و الإضرار لا يدخل تحت ولاية الولي و لهذا لا يملك غير الأب و الجد كذا هذا .
و لأبي حنيفة : ما روي أن أبا بكر الصديق Bه [ زوج عائشة Bها و هي صغيرة من رسول الله صلى الله عليه و سلم على خمسمائة درهم و تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم على ذلك ] و معلوم أن مهر مثلها كان أضعاف ذلك و لأن الأب وافر الشفقة على ولده ينظر له مالا ينظر له ما لا ينظر لنفسه و الظاهر أنه لا يفعل ذلك إلا لتوفير مقصود من مقاصد النكاح هو أنفع و أجدى من كثير من المال من موافقة الأخلاق و حسن الصحية و المعاشرة بالمعروف و نحو ذلك من المعاني المقصودة بالنكاح فكان تصرفه و الحالة هذه نظرا للصغير و الصغيرة لا ضررا بهما .
بخلاف غير الأب و الجد لأن وجه الضرر في تصرفهما ظاهر و ليس ثمة دليل على اشتغاله على المصلحة الباطنة الخفيفة التي تزيد على الضرر الظاهر لأن ذلك إنما يعرف الشفقة و لم يوجد بخلاف ما إذا باع الأب الأمة لهما بأقل من قيمتها بما لا يتغابن الناس فيه أنه لا يجوز لأن البيع معاوضة المال بالمال و المقصود من المعاوضات المالية هو الوصول إلى العوض المالي و لم يوجد و بخلاف ما إذا زوج أمتهما بأقل من مهر مثلها لا يجوز لأنه أنفع لهما فيما يحصل للأمة من حفظ الزوج و إنما منفتعهما في حصول عوض بضع الأمة لهما و هو مهر المثل و لم يحصل .
و على هذا الخلاف التوكيل بأن و كل رجل رجلا بأن يزوجه امراة فزوجه امرأة بأكثر من مهر مثلها مقدار ما لا يتغابن الناس في مثله أو وكلت امرأة رجلا بأن يزوجها من رجل فزوجها من رجل بدون صداق مثلها أو من غير كفء فهو على اختلاف الوكيل بالبيع المطلق و نذكر المسألة إن شاء الله تعالى في كتاب الوكالة و على هذا الوكيل بالتزويج من جانب الرجل أو المرأة إذا زوج الموكل من لا تقبل شهادة الوكيل له فهو على الاختلاف في البيع و نذكر ذلك كله إن شاء الله تعالى في كتاب الوكالة .
و على هذا الخلاف الوكيل من جانب الرجل بالتزويج إذا زوجه أمة لغيره أنه يجوز عند أبي حنيفة لإطلاق اللفظ و لسقوط اعتبار الكفاءة من جانب النساء .
و عندهما : لا يجوز لأن المطلق ينصرف إلى التعارف و تعتبر الكفاءة من جانبين عندهما في مثل هذا الموضع لمكان العرف استحسانا على ما نذكر إن شاء الله تعالى في موضعه و لو أقر الأب على ابنته الصغيرة بالنكاح أو على ابنه الصغير لا يصدق في إقراره حتى يشهد شاهدان على نفس النكاح في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد يصدق من غير شهود .
و صورة المسألة في موضعين : .
أحدهما : أن تدعي امرأة نكاح الصغير أو يدعى رجل نكاح الصغيرة و الأب ينكر ذلك فيقيم المدعي بينة على إقرار الأب بالنكاح فعند أبي حنيفة لا تقبل هذه الشهادة حتى يشهد شاهدان على نفس العقد و عندهما تقبل و يظهر النكاح .
و الثاني : أن يدعي رجل نكاح الصغيرة أو امرأة نكاح الصغير بعد بلوغهما و هما منكران ذلك فأقام المدعي البينة على إقرار الأب بالنكاح في حال الصغر و على هذا الخلاف الوكيل بالنكاح إذا أقر على موكله أو على موكلته بالنكاح و المولى إذا أقر على عبده بالنكاح أنه لا يقبل عند أبي حنيفة و عندهما : يقبل و أجمعوا على أن المولى إذا أقر على أمته بالنكاح أنه يصدق من غير شهادة .
وجه قولهما : أنه إن أقر بعقد يملك إنشاءه فيصدق فيه من غير شهود كما لو أقر بتزويج أمته و لا شك أنه أقر بعقد يملك إنشاءه لأنه يملك إنشاء النكاح على الصغير و الصغيرة و العبد و نحو ذلك و إذا ملك إنشاءه لم يكن متهما في الإقرار فيصدق كالمولى إذا أقر بالفيء في مدة الإيلاء و زوج المعتدة إذ قال في العدة راجعتك لما قلنا كذا هذا .
و لأبي حنيفة قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا نكاح إلا بشهود ] نفي النكاح بغير شهود من غير فصل بين الانعقاد و الظهور بل الحمل على الظهور أولى لأن فيه عملا بحقيقة اسم الشاهد إذ هو لفاعل الشهادة و هو المؤدي لها و الحاجة إلى الأداء عند الظهور لا عند الانعقاد و لأنه أقر على الغير فيما لا يملكه بعقد لا يتم به وحده و إنما يتم به و بشهادة الآخرين فلا يصدق إلا بمساعدة آخرين قياسا على الوكلاء الثلاثة في النكاح و البيع و دلالة الوصف أنه أقر بالنكاح و الإقرار بالنكاح إقرار بمنافع البضع و إنها غير مملوكة ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة كان المهر لها لا للأب بخلاف الأمة فإن منافع بضعها مملوكة فكان ذلك إقرارا بما ملك فأبو حنيفة اعتبر ولاية العقد و ملك العقود عليه و هما اعتبرا ولاية العقد فقط و الله عز و جل أعلم